ارتفع الدين العالمي إلى مستوى قياسي خلال الربع الثالث من 2017 ليتجاوز نحو 233 تريليون دولار، بزيادة 16 تريليون دولار عن نهاية 2016، ليبلغ حجم الدين العالمي ثلاثة أضعاف حجم الاقتصاد العالمي، حسبما ذكر معهد التمويل الدولي.

ويذهب القدر الأكبر من هذه الديون للشركات غير المالية بنحو 68 تريليون دولار، تليها الحكومات بدين قدره 63 تريليون، ثم المؤسسات المالية التي استحوذت على 58 تريليوناً، والأسر بنحو 44 تريليون دولار.

والمفارقة هنا، في أن نمو الدين العالمي، يعني نمو الثروة العالمية أيضاً. وتكمن وظيفة الدين الاقتصادية، في السماح للجهات الاقتصادية بإنفاق مزيد من المال بما يتجاوز دخولها. وتقترض الأسر والمؤسسات، لتوفير المال لاستهلاك الأسر، أو لاستثمارات المؤسسات. وربما تكون الفكرة صائبة، إذا كان دخل هذه الأسر والمؤسسات محدوداً مؤقتاً، وأن زيادة الإنفاق تساعدها على تعضيد مواقفها المالية.

لكن تكمن المشكلة وفقاً لصحيفة “الاتحاد”، في ما إذا كان الدين مفرطاً، بحيث لا يكون ممكناً خدمة الدفع المبرمج أو الفائدة، ما ينذر بمخاطر إفلاس المدين وفقدان ثروة مفاجئ للدائن. وتكون كذلك مشكلة، عندما لا يستثمر المدين الأموال بطريقة مناسبة.

وفيما يتعلق بالحكومات، التي عادة ما تقترض لسد عجز الميزانية أو لتمويل مشاريع مهمة، فيمكنها جمع الأموال عن طريق الضرائب، ما يجعها قادرة على التحكم في مصادر دخلها. كما تقترض الحكومات بالعملات التي تقوم هي بإصدارها، لتؤكد للجهات التي توفر لها الدين، أن ديونها سيتم تسديدها من خلال إصدار أوراق مالية جديدة. وبما أن الحكومات ليس لديها دورة حياة ثابتة، يمكنها، على العكس من الأفراد، تدوير الدين لأجل غير مسمى. وكل ذلك، يساعد الحكومات على الاقتراض بشروط لا تتوفر للأفراد أو الشركات.

كما يمكن للحكومات، الإفراط في الاقتراض والدخول في أزمات التمويل، مثلما في الدول النامية، التي تهيمن عليها إدارات ممعنة في الفساد والفوضى المالية. وخير مثال لذلك، النموذج اليوناني في 2010، إلا أنه من الضروري إدراك أن الحكومة اليونانية لم تقترض بعملة تقوم هي بإصدارها وهي اليورو.

وتلعب الحكومات أيضاً، دوراً في استقرار الاقتصاد الكلي أوقات الركود. وعندما تفشل الحكومات في زيادة معدلات الاقتراض والإنفاق، ربما يكون ذلك مدمراً للحكومة نفسها وللاقتصاد بشكل عام.

ويدور جدل كبير في أن البنوك الكبيرة بالدول المتقدمة، لا تزال تمول خزائنها بديون ضخمة، بدلاً من الاعتماد على رأسمال الأسهم، ما يهدد بتكرار مخاطر أزمة الدين العالمية في 2008.

وأكد معهد التمويل الدولي أنه ورغم بلوغ الدين مستويات قياسية بالقيمة الاسمية، فإن حصة الدين العالمي بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي، ماضية في التراجع للفصل الرابع على التوالي. كما يسهم ارتفاع الدخول بسرعة أكثر من الدين، في تسهيل خدمة أعباء الاقتراض حتى في حالة ارتفاع أسعار الفائدة.

ويُولي العديد من خبراء الاقتصاد، اهتماماً خاصاً بوضع الصين التي قاربت ديونها 5 تريليونات دولار، حيث بلغ دين الشركات من البنوك أرقاماً قياسية منذ الأزمة المالية العالمية. كما يشكك العديد من هؤلاء في أن هذه الديون تم إهدارها، ما ينذر باندلاع أزمة عدم استقرار مالي لثاني أكبر اقتصاد في العالم.

كما يراقب بنك بريطانيا المركزي، عن كثب، قروض بطاقات الائتمان والسيارات، تخوفاً من تعرض العديد من الأسر لأزمات مالية في حالة وقوع أزمة مالية جديدة.

وفشلت أمريكا التي تحل في المرتبة الأولى عالمياً من حيث حجم الدين، في تحقيق فائض في ميزانيتها منذ عام 2001، عندما لم يتجاوز الدين الاتحادي سوى 6.9 تريليون دولار فقط (54% من الناتج المحلي الإجمالي)، إلا أنه ارتفع إلى 20 تريليون دولار نهاية السنة الماضية (107% من الناتج المحلي الإجمالي)، ما يساوي 31.8% من الدين السيادي الاسمي العالمي.

وفي حين تحل اليابان بدين قدره 11.8 تريليون دولار، في المرتبة الثانية، فإنها الأولى من حيث نسبة الدين للناتج المحلي الإجمالي تليها اليونان. ومن المتوقع، بلوغ دين الحكومة اليونانية، 275% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2060. وتشكل أميركا واليابان والصين وإيطاليا وفرنسا، 66% من نسبة دين الحكومات العالمي بإجمالي 41.6 تريليون دولار.

أما البرازيل، فإنها تنفق البلاد أكثر من أي دولة أخرى في العالم في مدفوعات فائدة الدين كنسبة من العائدات. وأنفقت الحكومة البرازيلية في 2015، وفقا لأحدث البيانات المتوفرة، 42.1% من عائداتها على فوائد الدين، مقارنة مع 28.8% في السنة التي سبقتها. وتلي البرازيل، إسبانيا وآيسلندا، بنحو 15.6% و13.5% من إجمالي عائداتها الحكومية على التوالي.

وارتفعت الديون، كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، في 34 دولة حول العالم، من إجمالي 43 دولة في الفترة من 2006 إلى 2016. وفي دول مجموعة السبع، زاد الدين كحصة من الناتج المحلي الإجمالي في الفترة بين 2008 إلى 2011، بمتوسط قدره 22.2%. ومن بين هذه الدول، كانت ألمانيا في 2016، الوحيدة التي نجحت في إعادة نسبة الدين من الناتج المحلي الإجمالي، لمستويات ما قبل الركود.

وخلال الفترة من 2006 إلى 2016، ارتفع الدين كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 50% في 6 دول، وذلك في اليونان بنحو 77.8% والبرتغال 68.7%، تليها إسبانيا 60.4%، ثم اليابان 54.9%، وسلوفينيا 52.9%، وأخيراً أيرلندا 52.8%. وعموماً، زاد نمو الدين كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي خلال هذه الفترة بنسبة 16.2%.

(عربي 21)