قضية رأي عـــام. عبد الله / الدياه

كنت أستمع وأنا صغير للوالدة وهي تردد أمنيتها بالحج لبيت الله الحرام، وأخذت عهدا على نفسي أن لا أدخر جهدا في تحقيق أمنيتها، مضت الأيام، وبلغت الوالدة من الكبر عتيا، ووهن منها العظم ولازالت متعلقة بالحج، الى أن آل أمرها أن تشارك في قرعة الحج لكل سنة، ليأتي اليوم الذي انتظرته لما يربو على عقدين من الزمن، اذ اتصلت بها اخت تربطنا بها رابطة نسب، وأخبرتها أن اسمها من بين الأسماء التي تم اختيارها للحج هذا العام على مستوى ولاية لبراكنه، فلكم أن تتصوروا مدى الفرحة التي ارتسمت على محياها، هي وجميع أفراد العائلة، أما أنا فيعترصني الألم كوني أقف عاجزا عن دفع تكاليف الحج، وفي نفس الوقت ينتابني فرح شديد برؤيتها فرحة، جلست أفكر في الطريقة التي يمكننا بها تدبير المبلغ، في مدة قصيرة، لاتتجاوز يومين فقط، لكوننا لم نعلم بالخبر الا بعد مرور خمسة أيام على نشر اللائحة، المهم اتصلت بالاخوة، فدبرنا المبلغ، والله وحده يعلم بالطريقة التي تم الحصول بها عليه، وذهبت لادارة الحج والعمرة، وأخبروني أن علي الاتصال بالادارة الجهوية للتوجيه الاسلامي على مستوى” ألاگ” ، اتصلت بها، فوجدت شخصا متعاونا، أعطاني رقم حسابهم البنكي لتحويل المبلغ، واخبرني أن علي التأكد أن اسم الوالدة من بين أسماء الحجاج الذين تم اختيارهم، فكانت الصدمة أنها لم تكن كذلك، احترت في الأمر، لكنه أعاد علي الاتصال، وأخبرني أن اسمها في لائحة الانتظار، وتحمل الرقم 7 ، كان هذا اليوم الأخير بالنسبة للائحة الرسمية، ومازال هناك أحد عشر شخصا لم يأتوا للتسجيل بعد، مما يعني أن لدينا بصيص أمل في التحاقها بالركب، كنت دوما أشكو من قصر النهار إلا ذلك اليوم، كان من أطول الأيام في حياتي، وفي الساعة الخامسة مساء، أي الموعد المحدد للانتهاء من استقبال ملفات الحجاج في اللائحة الرسمية، اتصلت بمندوب الوزارة هناك، واخبرني أن هناك 9 أشخاص غائبين من اللائحة الرسمية، مما يعني أن الوالدة _ وهي صاحبة الرقم 7 في لائحة الانتظار_ قد تم اختيارها للحج رسميا لهذا العام، اتفقنا على تحويل الميلغ المحدد من طرف الدولة كتكلفة للحج هذا العام، وبالفعل قمت بذلك صباح اليوم الموالي وكلفت شخصا بالقيام بالاجراءات رفقة الوالدة، انتهت تلك الاجراءات البنكية، وأصبح المبلغ بعهدتهم، أي الوزارة، ومضت الوالدة رفقة أحد الاخوة في استكمال الاجراءات، وتعبر لي عن غبطتها وسرورها كلما اتصلت عليها بالهاتف، أما أنا فتوجست خيفة عندما أخبرني ممثل الوزارة هناك أن الأشخاص التسعة المتبقين من اللائحة الرسمية أصبحوا ثمانية، ليصبحوا سبعة بعد ذلك، حينها أحسست بداخلي أن التلاعب بلائحة الانتظار قد بدأ، كالعادة في هذا النوع من المسائل، وتعزز ذلك عندما أخبرني أن صاحبة الرقم 6 لديها محرم، مما يعني اقصاء الوالدة، عندها قمت بالاتصال بالسلطات المعنية، ممثلة بشخص الوالي، عن طريق بعض الاخوة علها تنصفني، ولكنني صدمت برد الوالي أن الأمر لايعنيه، فتساءلت عن وال ليست لديه دراية بوظائفه، هل نسي السيد الوالي أنه ممثل رئيس الجمهورية على مستوى ولايته، وهل نسي سيدي الوالي أنه ممثل كل وزير، كل فيما يعنيه، بما في ذلك وزير التوجيه الاسلامي، إنه لأمر مؤسف، أن تضيع حقوق المواطنين، بين وال يدعي أن الأمر لايعنيه، ومدير للتوجيه ” الاسلامي” خبير بالمراوغة والتزوير، دون أن يجدوا آذانا صاغية، تستمع لشكواهم، وترفع عننهم الظلم ان وجد.
ومن كل هذا توصلت لنتيجة مفادها، أنك يا أمي لن تحجي لهذا العام بسبب تلاعب وشجع القائمين على الحج على مستوى لبراكنة، أو بعضهم حتى أكون منصفا.
كم تمنيت أن أهديك شيئا في عيد الأم ذا قيمة بالنسبة لك، ولا أجد ذلك الا في اهدائك تذكرة للحج، لكن خبرة المتلاعبين بأحلام الضعفاء أبت عن ذلك، فحسبنا الله ونعم الوكيل.
أخيرا لدي ثلاث رسائل لكل من والي لبراكنة، ومدير التوجيه “الاسلامي” في لبراكنة، والشخص المستفيد الذي أخذ مكان الوالدة.
_ سيدي الوالي أنتم مسؤولون أمام الله عن ما لحق بي وبوالدتي باعتباركم المسؤول الأول في الولاية، فأتمنى أن تحضروا جوابكم غدا بين يدي الله.
.أما أنتم سيدي مدير التوجيه ” الاسلامي” أين علمكم وورعكم، أما تعلمتم أن العبد لن تزول قدماه حتى يسأل عن أربع، ومن بين ذلك علمه ماذا عمل به، هل تعلمتم في المحاطر الموريتانية العريقة طريقة للتحايل على حقوق الآخرين، لقد أسأتم لأنفسكم، وللقطاع الذي تنتمون اليه.
_ أخي المستفيد، ماهو شعورك وأنت تقف بين يدي الله، وفي أطهر البقاع وأحبها الى الله، وقد وصلت الى هنالك بالنصب والاحتيال، هل تحس فعلا أنك تجد متعة التقرب الى الله، وأنك تؤدي فريضة الحج، وأن حجا كهذا سيكون مبرورا.
أما أنت، والدتي العزيزة، فقد عجزت حروفي عن التعبير عما يختلج في صدري، ولا أملك الا قول ” لمغي الفايت” :
محمد مول المعجزات @ وصان فات أثلت مرات.
اعل لم أمول الصفات @ وص في القرآن اعليه.
وان بعد أم من لمات @ الله اطوله بيه.
الين انكاف ذاك الوسات@ العت انگد انكافيه.
أخيرا متى سيأتي ذلك اليوم الذي يسمع فيه صوت المظلومين، ويجدون آذانا صاغية تستمع لشكواهم وتنصفهم…….عسى أن يكون قريبا.

عبد الله / الدياه