أخبار عاجلة
الرئيسية / آخر الأخبار / حقيقة أدب (التبراع)

حقيقة أدب (التبراع)

000000000000000000000.jpg - 17.45 Kb

كانت المرأة الموريتانية تظهر الكثير من التعفف والمحافظة وكبح الجماح عن مايجعلها ضحية حب الرجل والتفاني في ذكر محاسنه إن كان غير محرم لها، مع أن هذا لايعني عدم إيثار قلبها لهذا الرجل عن ذاك.

 

 

 

ولم تكن تجد أية فرصة للتعبير عن مشاعرها حيال رجل معين غير دقائق معدودة من أول ظلمة الدجي في تجمع تأشرة دخوله إرتداء ملحفة وفنانوه صديقات البنت وصوت مزاميره لاتسمعه اقرب خيام الحي وفنه الأدبي المنعش (التبراع) الذي هو لون أدبي شعبي في قمة الروعة والإختزال، إذ تعبر فيه المرأة عن إحساسها دون تكلف وهذا النمط من الفن يعجبني شخصيا وأتذوقه، فهو رغم قلته من حيث وفرة فنون الإبداع يمتلك مزية لاتقبل التفنيد حيال جذب مشاعر الرجل.

 

ولكي لاأطيل فقد رصدت له مرحلتين بارزتين في تاريخه، مختلفتين في المضمون دون الشكل:

 

المرحلة الأولي: التبراع في مضمونه الأول كان يتضمن وصف العناصر المادية والمعنوية لشخص مبهم في ذاته معروف بملامحه وصفاته من شدة حياء محبوبته، تتردد التبريعة على ألسنة فتيات حيه دون أن يعرف هو نفسه أنه معني بها، وإن عرف فلن يعرف من قائلتها من فتيات الحي إلا بعد حين من الدهر. ومن تطور هذه المرحلة أن يكون (التيكواتن) يتغنين بالتبراع في موطنه دون أن يعرف أهل الحي أن فلانة بنت علان هي قائلة هذه التبريعة، أو أن فلان بن فلان معني بتلك التبريعة، ومن أشهر تبراع هذه المرحلة نعرض تبريعات غنت بها كل من الفنانتين:

 

تكيبر منت أعمر أمبارك، ومحجوب منت الميداح، حيث كان التبراع في ذلك العهد كالتالي:

 

بيات الشعر …. كالعه من كوم حمر

مافي حفره … من حب م الخره

سبل السلام …. لل كامل سوحل ذالعام

البال أتهن …. لمر ألملان ماه أن

ألاء للال ….. كرمك قنط ماه فالِ

حد أبلا فرَ ….. محجوب من تتبرَ

أتفكد يالمجحود …… ليل مثلها لايعود

لا إلاه إلاالله ….. يحدْ أبغ حد ألاراهْ

تبراع كلت …. على الله توكلت

أراهو سلْ …. أدريريع لُ من رُمبلْ

زين الدراع ….. علي مدير الزراع

 

إلى هذا الحد نزرع مرحلة من التبراع كنقطة وصل بين القديم والحديث مجددة لافي الشكل وإنما في المضمون، حيث نجد النعمة منت إشويخ تبرعت بتبراع محجوب وتكيبر، واستجد في تبراعها تبراعا أشد صراحة من سابقه حيث تقني بقول إحداهن:

 

تبراع واف ….. ما كرْ ألاه مكافِ

آن تخراصُ ….. نتراه أيكبضن راصُ

منصاب شفت ….. فاسخ تركيه أكلمت

ليلت وداع …… كلب ولسان ماراع

بال ماينس …… كلمات مع لمس

شواس حد …. أسغام أصبيه ألا تشتد

 

نلاحظ من خلال تبراع النعمة منت اشويخ، تخلي فن التبراع عن بعض القيم الأخلاقية من ما يؤكد أن موجة التجديد تداخلت فيه مع التقليد لتظل سائرة في سبيل التجديد الذي تحقق بالفعل مع ديمي منت آب وكمبان منت إعل وركان، اللتين شكلتا مرحلة التبراع الثانية الجديدة التي تأثرت بتمام التجديد، وفي مايلي نعرض قسطا من حظهن من فن التبراع الجديد:

 

فالح ول أكاه …. غير امعلم يكلع ملاه

أنشتك بالله … طرحيل مارت ول أكاه

مارت ول أكاه …. عرش أخضر ناكع تحت ماه

ألاكد أمنين  ….. يحجل يتفاهُ لخرين

سقم نكر … ماه منكوص أبعين أبر

البال أمسيكين  … لاحك حدود المجانين

 

هكذا نلاحظ أن ديم وكمبان توغلتا في التجديد نظرا لعصرنة هول التبراع في عهدهن ليصل إلي أعلى مستوياته، فهل يصدق القول على أن التبراع بهاتين الفنانتين وصل إلى مرحلة النضج والكمال؟ أم أن الفنانات الموريتانيات الناشئات يحضرن لمرحلة من التبراع تنبثق في القريب العاجل تتجاوز التجديد الجزئي لتصل إلى أبهي تجليات الرومانسية العابثة في أسلوب أدبي شعبي رقيق؟

 

 

المختار ولد محمذن فال

صدقة جارية