أخبار عاجلة
الرئيسية / آخر الأخبار / يوم تم توشيحي/محمد ولد أحمد الميداح

يوم تم توشيحي/محمد ولد أحمد الميداح

أخبرت رسميا بأن وزيرة الثقافة و الشباب و الرياضة ستوشحني، باسم رئيس الجمهورية، بوسام لم أعد أتذكر هل هو من الدرجة الأولى أم الثانية… المهم أني فرحت كثيرا وانهالت علي التبريكات..

 

والتهانئ من طرف عمال الوزارة.

 

كانت تفصلني أيام قليلة عن يوم التوشيح..

 

وقد قضيتها مبتهجا ومزهوا بإحساس جميل مصدره أن الجهود التي أبذلها منذ نعومة أظافري قد أتت أكلها أخيرا و لم تمض أدراج الرياح.

 

وجاء اليوم الموعود فاستيقظت باكرا و ارتديت أجمل ما عندي من البدلات العصرية ثم توجهت إلى المجمع الاوليمبي حيث سيقام حفل التوشيح.

 

وصلت المكان في حدود الثامنة والنصف وكان الموعد العاشرة، فبقيت في السيارة موصدا علي نوافذها خشية أن تتأثر ثيابي بالغبار قبل وصول المصورين.

 

في مخيلتي أن مشاكلي كلها قد وجدت طريقها للحل وأني سأكبر في عيون الناس بمجرد بث العنصر في نشرة الثامنة مساء.

 

وصل كبار المسؤولين تتقدمهم الوزيرة وضابط من مراسيم الرئاسة يحمل معه الأوسمة والنياشين الصفراء وأمرنا -نحن المكرمون- بالاصطفاف.

 

وما إن أخذت مكاني في الصف بجانب صديقي المرحوم محمد كابر هاشم، حتى رن هاتفي فأخرجته من جيبي، فإذا بالسائق يخبرني أن دورية من أمن الطرق قد اقتادت السيارة إلى محشر عرفات بسبب نقص بسيط في الأوراق اللازمة.

 

لم يزعجني الخبر وقلت له بنبرة الواثق من نفسه: “دعهم عنك… سأستردها قبل أن يحرروا محاضرهم… لعلهم لا يعلمون أن الدولة رضيت عني وجعلتني من الموشحين”.

 

ولما انتهى الحفل البهيج، توجهت إلى محل احتجاز السيارة والميدالية الصفراء تزين صدري وكلي ثقة بأنها كفيلة بتلميعي وإبراز مكانتي في عيون وكلاء أمن الطرق.

 

ظننت بداية أنهم لم ينتبهوا إليها “فسَيَّفْتُ الموجب” حتى رأوها ولكنهم واصلوا بكل أدب ومهنية شرح أسباب احتجاز السيارة وما علي فعله لاستردادها.

 

تعجبت من أمرهم وتركتهم في شكلياتهم يعمهون ثم عرجت على الوزارة لعل ميداليتي تشفع لي عند الأمين العام في الحصول على مستحقات مالية تأخر التوقيع عليها منذ أشهر…

 

استقبلني بوجهه المعتاد وردد على مسمعي نفس الأعذار التي أصبحت أحفظها عن ظهر قلب…

 

عدت متعبا إلى المنزل بعد أن أخفيت الميدالية في جيبي.
وما زلت أحتفظ بها، مقدرا قيمتها الرمزية ولكن، منذ ذلك التاريخ، أصبحت كلما رأيت، على شاشة التلفزة، أحدا يمد صدره ليوشح بميدالية، أقول بصوت منخفض: هنيئا لك وكان الله في عونك…

 

محمد ولد أحمد الميداح

صدقة جارية