أخبار عاجلة
الرئيسية / آخر الأخبار / في ذكرى رجل منسي/ الحسين ولد محنض

في ذكرى رجل منسي/ الحسين ولد محنض

أحمد بن المنير بين المختارين: المختار بن حامدن والمختار بن داداه

في مثل هذا اليوم توفي قبل عشرين سنة رحل في صمت أحد بناة موريتانيا وأصحاب التضحيات من أجلها رجل العلم والآداب أحمد بن المنير العلوي دون أن يتذكره إلا القلائل ممن عرفوه عن كثب..
قبل الاستقلال في أربعينات القرن الماضي كان رغم حداثة سنه آنذاك أحد وجوه مدينة شنقيط ومنطقة آدرار البارزين، أشاد به المختار بن حامدن في مقامته الأطارية التي ألفها عن رحلته التعليمية إلى أطار..
وفي الخمسينات ضحى بترشحه من شنقيط لصالح المختار بن داداه لكي يتمكن من الولوج إلى المسار الذي يؤهله لرئاسة الجمهورية. وسبب ذلك أنه كان من الواضح لدى النخبة الموريتانية الممارسة للسياسية في الخمسينات وفي مقدمتها رئيس الجمعية الإقليمية الموريتانية سيدي المختار بن يحيى انجاي رئيس الجمعية الإقليمية الموريتانية (البرلمان آنذاك).أن المختار بن داداه، لمجموعة من الأسباب منها مؤهلاته وكفاءته وصدقه ونزاهته وتواضعه ورؤيته الثاقبة للواقع، هو الأنسب لقيادة دولة موريتانيا المستقلة التي يجري مخاض ولادتها، لكن ذلك كان يتطلب ترشح المختار بن داداه لعضوية الجمعية التأسيسية الممهدة لاستقلال موريتانيا، وكان من البديهي أنه على مستوى بوتلميت الذي كان يفترض أن يترشح منه ولد داداه إذ هو أحد أبنائه، لن يتمكن أحد من التفوق فيه على سليمان بن الشيخ سيديا، فلم يكن أمام سيدي المختار بن يحيى انجاي الذي كان يصر على ترشح ابن داداه إلا أن يصطحبه إلى موطنه الأصلي آدرار، وهكذا سافر به إلى أطار حيث جمع له صهره النافذ همدي وجهاء وكبار شخصيات آدرار، لكنه فوجئ بأن أهل آدرار كانوا قد اتفقوا على ترشيح الدي بن سيدي بابه وابن كعباش على مستوى أطار وأحمد بن المنير على مستوى شنقيط، فضاقت بهم الدنيا ولم يدروا كيف يتصرفون، فقد كان لا بد من تضحية بحجم الحدث لصالح موريتانيا، فتطوع أحمد بن المنير بمقعده للمختار بن داداه الذي ترشح من شنقيط وآزره أهلها حتى نجح، فأصبح المختار بن داده مستشارا في المجلس الإقليمي ثم نائبا لرئيس المجلس؛ فرئيسا لمجلس الوزراء، فرئيسا للجمهورية..
وبعد الاستقلال خدم أحمد ولد في عدة مناصب في الدولة كان فيها مثالا للتفاني والأخلاق والكرم والفضل ونكران الذات..
قلت فيه قبل عشرين سنة بمناسبة وفاته رحمه الله تعالى:

((رحم الله أحمد بن المنير
ذا الهدى المستقيم والمستنير

ذا المدى المستطيل بين النوادي
ذا الندى المستفيض والمستطير

ذا الخصال الغر اللواتي تناهى
دونها كل ماجد نحرير

ذا المزايا الحميدة المقتفى في
دينه ذا الوجه البشوش النضير

ذا المعالي كم من جليل لديه
من ملم الخطوب جد حقير

ذا العلوم المفيدة المرتضى في
طبعه العذب المستساغ النمير

ذا التقى ذا النقا وذا الفضل ذا العلـ
ـياء ذا الجود ذا الندِيِّ الغفير

وخصال تركتها لم أقلها
طلعت لي في الحال فوق الحصير

ليس خوفا من أن يطول رثائي
فرثائي طويله كالقصير

بل لأني فيها سأفني رويي
لم أحط من خصاله بنقير

والقوافي ضئيلة القدر في جنـ
ـب مكان الشيخ الجليل الكبير

غير موف بذلك القولُ حتى
لو أتينا بشاعر كجرير

ومددناه بالذي شاء منا
وأتينا من بعده بالحريري

نضر الله قبره وروته
رحمة الله بالوكوف الغزير

وسقاه الرحمن كأس رحيق
وكساه بسندس وحرير

في جنان الفردوس غير بعيد
من بيوتات الهاشمي البشير

ولنا في ذويه خير عزاء
أول الغيث عندنا كالأخير

لم يزل فينا من بنيه الألى من
يقتفي نهج أحمد بن المنير

يرفع المجد ينشر العلم يهدي
لسواء الصراط أعمى الضمير

يبذل الخير ينصر الحق يدعو
في سبيل الرحمن كل نصير

ونساء بهن أرفع معنى
من معاني العلاء جد جدير

من تقى أو نقا بغير قسيم
أو جدى أو ندى بغير نظير

وجفان في قدرها كالجوابي
وطباع في لينها كالحرير

وأهال مثل الكواكب كلت
عن مداها البعيد عين البصير

كم بصير قد رجع الطرف فيها
رده بعد ذاك شبه حسير

عمر الله ذلك الربع دهرا
هانئا في حمى العلي القدير)).

الحسين بن محنض

صدقة جارية