أخبار عاجلة
الرئيسية / آخر الأخبار / العلامة السالم بن محمدالمصطفى الجكني الشنقيطي (0104)

العلامة السالم بن محمدالمصطفى الجكني الشنقيطي (0104)

هو اﻟﻔﻘﻴﻪ ﺍﻟﻤُﺪَﻗﻖ، ﻭﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺍﻟﻤُﺤﻘﻖ، ﺭﺋﻴﺲ ﺃﻗﺮﺍﻧِﻪ، ﻭﻧﺎﺩِﺭﺓ ﺯﻣﺎﻧِﻪ،
ﺍﻟﺴﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﺑﻦ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ
ﺑﻦ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﺃﺣﻤﺎﺩُ ﺍﻟﺠﻜﻨﻲ ﺍﻻﻟﻔﻐﻲ، ﺩﻓﻴﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﻜﺒﻪ . ﻭﻟﺪ – ﺭﺣﻤﻪ
ﺍﻟﻠﻪ – ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺑﻊ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ 19 ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ، ﺑﻤﻨﻄﻘﺔ ﺍﺭﻛَﻴْﺒﻪ
ﺑﻮﻻﻳﺔ ﻟﻌﺼﺎﺑﺔ، ﻓﻲ ﺃﺳﺮﺓ ﻋﺮﻓﺖ ﺑﺎﻟﻨﺒﻞ ﻭﺍﻟﻜﺮﻡ ﺍﻟﻤﻔﺮﻁ، ﺣﻴﺚ ﻳﻘﺎﻝ
ﺇﻥ ﺃﺣﺪ ﺃﻓﺮﺍﺩﻫﺎ ﺃﻋﻄﻰ 85 ﺟﻤﻼ ﻫﺒﺔ ﻓﻲ ﻣﺪﺓ ﻗﺼﻴﺮﺓ، ﻭﺃﻋﻄﻰ
ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ 135 ﺷﺎﺓ ﺩُﻓﻌﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺪﻓﻌﻮﻥ ﺍﻟﻤﻬﻮﺭ ﻭﻳﺠﻬﺰﻭﻥ
ﺍﻟﺒﻨﺎﺕ ﺇﻥ ﺍﻗﺘﻀﺖ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ، ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﻋﻨﻬﻢ ﺍﻟﻤﺆﺭﺥ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﺍﻟﻤﺨﺘﺎﺭ ﺑﻦ
ﺣﺎﻣﺪٌ . ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﻮ ﺍﻟﻤﻔﻌﻢ ﺑﺎﻟﺸﻬﺎﻣﺔ ﻭﺍﻟﻤﺮﻭﺀﺓ، ﺗﺮﻋﺮﻉ ﺍﻟﺴﺎﻟﻢ –
ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ – ﻭﺗﺮﺑﻰ ﻓﻲ ﺣﻀﻦ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭ ﻭﺍﻟﻮﻟﻲ
ﺍﻟﻤﻜﺎﺷﻒ ﺍﻟﻤﺄﺛﻮﺭ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﺑﻦ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﺃﺣﻤﺎﺩُ . ﺃﺧﺬ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ
ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻭﻋﻠﻮﻣﻪ – ﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﺓ ﻭﺍﻟﺪﻩ – ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻭﺍﻟﺤﺒﺮ ﺍﻟﻔﻬﺎﻣﺔ
ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﺴﻮﻣﻲ، ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺟﺎﺯﻩ ﻓﻲ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻧﺎﻓﻊ،
ﻟﻴَﺤُﺚ ﻣﻄﺎﻳﺎﻩ – ﻣﻦ ﻋﻨﺪﻩ ﻃﻠﺒﺎ ﻟﻠﻌﻠﻢ – ﺣﺘﻰ ﺃﻧﺎﺧﻬﺎ ﺑﻤﺤﻈﺮﺓ
ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻣﺤﻤﺪُ ﺑﻦ ﺻﺎﻟﺢ ﺍﻟﺠﻜﻨﻲ، ﻓﺪﺭﺱ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻭﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ،
ﺛﻢ ﺷﺪ ﺍﻟﺮﺣﺎﻝ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﺇﻟﻰ ﻣﺤﻈﺮﺓ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻟﻤﺮﺍﺑﻂ ﺃﺣﻤﺪُ ﺑﻦ ﻣَﻮْﺩ
ﺍﻟﺠﻜﻨﻲ ﺑﺘﻜﺎﻧﺖ ﺛﻢ ﺗﺎﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺇﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ، ﻓﺤﻠﻖ ﺑﻪ ﺍﻟﻄﻤﻮﺡ
ﺑﻌﻴﺪﺍ ﺣﺘﻰ ﺍﺳﺘﻘﺮ ﺑﻪ ﺍﻟﻨﻮﻯ ﻓﻲ “ﺣﻀْﺮﺓ ” ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺘﺮﺍﺩ ﺑﻦ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ
ﺍﻟﻘﻠﻘﻤﻲ ﺑﺎﻟﺤﻮﺽ ﺍﻟﺸﺮﻗﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳﻤﺾ ﻣﻌﻪ ﺇﻻ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﺣﺘﻰ
ﺗﺼﺪَّﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﻳﺔ، ﻭﺣﻴﻦ ﺳﺌﻞ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﻦ ﺳُﺮﻋﺔ
ﺇﺟﺎﺯﺗﻪ ﻟﻪ ﻗﺎﻝ : ﺇﻧﻪ ﺟﺎﺀﻩ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻗﺮﺑﺔ ﻣﻠﻴﺌﺔ ﻻ ﻳَﺨﺼُﻬﺎ ﺇﻻ ﻭﻛﺎﺀ، ﻭﻗﺪ
ﻭﺿﻌﺘﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻛﻤﺎ ﻧﻘﻠﻪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﻭﻟﺪ ﺁﺩُ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ . ﻭﻟﻤَّﺎ ﻛﺮَّ
ﺭﺍﺟﻌﺎ ﺇﻟﻰ ﺣﻴِّﻪ، ﺯﺍﺭ ﺷﻴﺨﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺻﺎﻟﺢ، ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻧﻜﺮ
ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳُﺮﻯ ﻣُﺘﺼﺪﺭﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺼﻮُﻑ، ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﻀﻠﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺗﻔﻘﻪ
ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﺧﺎﻃﺒﻪ ﻣﺘﻬﻜﻤﺎ: “ ﺍﻣﺪُﺩ ﻳَﺪﻙ ﺃﺑﺎﻳﻌﻚ!” ﻓﻤﻨﻌﻪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﺃﻥ
ﻳﻤُﺪَّ ﻳﺪﻩ ﺇﻟﻰ ﺷﻴﺨﻪ ﺇﺟﻼﻻ ﻟﻪ ﻭﺗﻜﺮﻳﻤﺎ، ﻭﻟﻤَّﺎ ﺗﻨﺎﻫَﺖ ﻣَﻘﺎﻟﺔ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ،
ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺎﻣﻊ ﺍﻟﺸﻴﺦَ ﺍﻟﺼﻮﻓﻲ ﻗﺎﻝ : ‏(ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻟﻮ ﻣﺪَّ ﻳﺪّﻩ ﻟﻮَﺻَﻞ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻝ ‏) ﺃﻱْ ﺑﻠﻎ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ، ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺍﻟﺨﺸﻮﻉ . ﻛﺎﻥ
ﺍﻟﺴﺎﻟﻢ ﻭﻟﺪ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﺃﺣﻤﺎﺩُ -ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ – ﻓﻘﻴﻬﺎ ﻣُﻔﺘﻴﺎ، ﻭﻗﺎﺿﻴﺎ ﻋﺪﻻ،
ﻻ ﻳﺨﺎﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻮﻣﺔ ﻻﺋﻢ، ﻭﻗﺪ ﺑﻠﻎ ﻣﻦ ﺟﺮﺃﺗﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻖ، ﻭﻋﺪﻡ
ﻣﺪﺍﻫﻨﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ، ﺃﻥ ﺭﺩَّ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﻷﺣﺪ ﺃﻋﻴﺎﻥ ﻗﺒﻴﻠﺘﻪ – ﻭﻛﺎﻥ
ﺷﺎﻋﺮﺍ ﻣُﻔﻠﻘﺎ ﻭﺧﻄﻴﺒﺎ ﻣُﻔﻮَّﻫﺎ – ﻟﻌﻠﺔ ﻗﺎﺩﺣﺔ ﻳﺮﺍﻫﺎ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺃﻏﺎﻅ
ﺍﻟﺮﺟﻞ، ﻭﺃﺛﺎﺭ ﺣﻔﻴﻈﺘﻪ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺴﺎﻟﻢ ﻟﻢ ﻳﻜﺘﺮﺙ ﻟﺬﻟﻚ، ﻧﻈﺮﺍ ﻟﻘﺪﺳﻴﺔ
ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻤﻨﺄﻯ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎﺑﺎﺓ ﻭﺍﻟﻌﻮﺍﻃﻒ؟ ! ﻭﺣﻴﻦ
ﺃﺳَّﺲ ﻣﺤﻈﺮﺗﻪ ﻭﺗﻔﺮَّﻍ ﻟﻠﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺪﺭﻳﺲ، ﺗﻘﺎﻃﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﻃﻼﺏ ﺍﻟﻌﻠﻢ
ﻣﻦ ﻛﻞ ﺻﻮﺏ ﻭﺣﺪﺏ، ﻓﻌﻼ ﺷﺄﻧﻪ ﻭﻋﻈﻢ ﻗﺪﺭﻩ، ﺣﺘﻰ ﺗﺼﺪَّﺭ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ
ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﻗﻮﻣﻪ، ﻭﺃﺻﺒﺢ ﻳُﻌﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﺻْﺒُﻊ ﺍﻟﺨِﻨﺼَﺮ ﺿﻤﻦ ﺃﻋﻴﺎﻥ
ﻋﺸﻴﺮﺗﻪ، ﻭﻣﺎ ﺫﻟﻚ ﺇﻻ ﻟﺴﺪﺍﺩ ﺭﺃﻳﻪ ﻭﺭﺷﺎﺩ ﻓﻜﺮﻩ، ﻭﻣﺎ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻪ ﻣﻦ
ﺍﻟﻨﻀﺞ ﻭﺳﺨﺎﺀ ﺍﻟﻜﻒ ﻭﻭﺿﻮﺡ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﻭﻧﻘﺎﺀ ﺍﻟﻀﻤﻴﺮ، ﻭﻫﻮ ﻓﻮﻕ ﻫﺬﺍ
ﻭﺫﺍﻙ ﻗﺮﻳﺒﺎ ﻣﻦ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﻋﺸﻴﺮﺗﻪ ﻧﺼْﺤﺎ ﻭﻣُﻌﺎﻣﻠﺔ ﻭﺇﺭﺷﺎﺩﺍ ﻭﺗﻮﺟﻴﻬﺎ،
ﻳﺠﺪﻭﻧﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺋﺒﺎﺕ، ﺣﺎﺿﺮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﺠﺪﺍﺕ .. ﻣﻊ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻟﻢ
ﻳﺘﻘﻠﺪ ﻣﻨﺼﺐ “ ﻣﺸﻴﺨﺔ ” ﻗﻮﻣﻪ ‏( ﺃﻫﻞ ﻋﻴﺴﻰ ﺃﺣﻤﺪ‏) ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ
ﺃﻥ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺍﺗﻴﺔ ﻟﺬﻟﻚ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻓﺮﺽ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﻈﻞ ﻣﻦ
ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺤﻞ ﻭﺍﻟﻌﻘﺪ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﻛﺎﻥ ﺭﺃﻳﻪ ﻣُﺮﺟِّﺤﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺃﻣﺮ ﺫﻱ ﺑﺎﻝ .
ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻳﺎﻣُﻪ ﺃﻳﺎﻡَ ﻋﺰ ﻭﺭﺧﺎﺀ ﻭﻭﺣﺪﺓ ﻭﺇﺧﺎﺀ، ﺑﻠﻎ ﺍﻟﻤُﺠﺘﻤﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ
ﺍﻟﺘﻜﺎﻓﻞ ﻭﺍﻟﺘﺂﺧﻲ ﻣﺎ ﺟﻌﻠﻪ ﻳُﺘﺨَﻢُ ﺑِﻀِﻠﻊ ﺷَﺎﺓ – ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎﻝ – ﺣﻴﺚ
ﻳَﺸﺘﺮﻙُ ﺍﻟﻤَﺼﺎﻟﺢَ ﻭﻳﺘﺒﺎﺩﻝ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻊ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ . ﻭﻛﺎﻥ – ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ
– ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺟﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺼﻼﺡ ﻭﺍﻟﻔﺘﻮَّﺓ ﻗﻞَّ ﻣﻦ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ
ﻣﻦ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﻋﺼْﺮﻩ ﻭﻣِﺼﺮﻩ، ﻓﻜﺎﻥ ﻓﺎﺭﺳﺎ ﻣِﻐﻮﺍﺭﺍ، ﺧﺒﻴﺮﺍ ﺑﺎﻟﺮﻣﺎﻳﺔ
ﻭﺭﻛﻮﺏ ﺍﻟﺨﻴﻞ، ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﺟﻌﻞ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺗﻨﺴﺞ ﺣﻮﻟﻪ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻣﻦ
ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ﻭﺍﻟﺒﻄﻮﻻﺕ ﺍﻟﻨﺎﺩﺭﺓ . ﻳﻘﺎﻝ ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ،
ﻗﺒﺾ ﻋﻠﻴﻪ ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ – ﻭﻫﻮ ﺷﺎﺏ – ﻭﺳﺎﻗﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﺑﺴﺒﺐ
ﺭﻓﻀﻪ ﺗﺄﺩﻳﺔ ﺍﻟﻤَﻐﺎﺭﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﺗﻔﺮﺿﻬﺎ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻤﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻴﻴﻦ، ﻭﻟﻤَّﺎ ﺃﻭﺩﻋﺘﻪ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﻭﺗﺮﻛﺘﻪ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﻘﻀﺒﺎﻥ، ﺍﺣﺘﺎﻝ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺤﺮﺱ، ﻭﻗﻔﺰ ﻣﻦ ﻣﺤﺒَﺴِﻪ ﻟﻴﻼ، ﻭﺗﺮﻛﻬﻢ ﻳﺘﺤﺮﻗﻮﻥ ﻏﻴﻈﺎ، ﻭﺻﺎﺭﻭﺍ
ﻛﻤﻦ ﻳُﺤﺎﻭﻝ ﺍﻟﻘﺒﺾ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻳﺢ، ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﺑﻤُﺴﺘﻄﻴﻊ .! ﻭﻣﻦ ﻗﺼﺼﻪ
ﺍﻟﻄﺮﻳﻔﺔ ﻣﻊ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮ ﺃﻧﻬﺎ ﺃﻟﺰﻣﺘﻪ ﺑﺪﻓﻊ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻀﺮﺍﺋﺐ ﻋﻦ
ﺟﻤﺎﻋﺘﻪ، ﻭﻫﻮ ﻣﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻡ ﺩﻓﻌﻬﺎ، ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻪ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺟﻠﺲ ﺃﻣﺎﻡ
ﺍﻟﻮﺍﻟﻲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻭﺷﻐﻠﻪ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﺣﺘﻰ ﻏﻔﻞ ﻗﻠﻴﻼ، ﻓﻘﺎﻡ ﺑﻔﺘﺢ
“ﺗﺮﻭﺍﻝ ” ﻣﻜﺘﺒﻪ ﻭﺃﺧﺬ ﻣﻨﻪ ﺣﺰﻣﺔ ﻧﻘﻮﺩ ﻭﻗﺪﻣﻬﺎ ﻟﻪ، ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﺇﺗﺎﻭﺍﺕ
ﻣﺪﻓﻮﻋﺔ ﻋﻦ ﺟﻤﺎﻋﺘﻪ، ﻓﻌﺪَّﻫﺎ ﺍﻟﻮﺍﻟﻲ ﻭﺃﻭﺩﻋﻬﺎ ﻓﻲ “ﺍﻟﺘﺮﻭﺍﻝ ” ، ﺩﻭﻥ
ﺃﻥ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺸﻲﺀ، ﻭﺻﺎﺭ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮﻭﻥ ﻳﻨﻈﺮﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻣﺮ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﻐﺮﺍﺏ
ﻭﺩﻫﺸﺔ ﻣﻦ ﺟﺮﺃﺓ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﺳﺮﻋﺔ ﺣﻴﻠﺘﻪ . ﻧﺰﻝ ﺍﻟﺴﺎﻟﻢ ﺫﺍﺕ ﻣﺮﺓ
ﺿﻴﻔﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺪ ﺍﻷﻋﻴﺎﻥ ﻓﺄﻋﺮﺽ ﻋﻨﻪ ﻭﻧﺄﻯ ﺑﺠﺎﻧﺒﻪ، ﻟﺴﺒﺐ ﻏﻴﺮ
ﻣﻌﺮﻭﻑ، ﻓﻠﻤَّﺎ ﺃﺣﺲَّ ﺑﺬﻟﻚ ﺧﺎﻃﺒﻪ ﻣُﻤﺎﺯﺣﺎ – ﻭﻛﺎﻥ ﻳُﺤﺐ ﻣُﺪﺍﻋﺒﺔ
ﺍﻹﺧﻮﺍﻥ :- ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺮﻋْﺪﻳﺪُ ﺍﻟﺠﺒﺎﻥ، ﺗﺘﺠﺎﻫﻠﻨﻲ ﻭﺗﺼُﺪُ ﻋﻨﻲ ﻭﺃﻧﺎ ﺍﻟﺬﻱ
ﺃﻧﻘﺬﺗﻚ ﻭﻋﻴﺎﻟﻚ ﻳﻮﻡ ﻛﺬﺍ … ﺣﻴﻦ ﺃﻏﺎﺭﺕ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻋﺼﺎﺑﺔ ﻣﻦ ﻗﻄﺎﻉ
ﺍﻟﻄﺮﻕ ﻋﻨﺪ ﺳﻔﺢ ﺍﻟﺠﺒﻞ ﺍﻟﻔﻼﻧﻲ، ﻭﺍﺳﺘﺒﺎﺣﻮﺍ ﻣﺎﻟﻚ ﻭﻋﺮﺿﻚ، ﻓﻮﻟﻴﺖ
ﻣُﺪﺑﺮﺍ ﺗﻬﺰ ﻭﺭﻛَﻴْﻚَ ﻻ ﺗﻠﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ . ﻳﻘﻮﻝ ﻋﻨﻪ ﺻَﺪْﻓﻪ ﻭﻟﺪ ﺍﺧﻴﺎﺭ –
ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ – ﺇﻥ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺧﺼﺎﻝ ﺣﻤﻴﺪﺓ ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ، ﻓﻬﻮﻱ
ﻗﻮﻱ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ، ﺳﺮﻳﻊ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ، ﻓﻄﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ،
ﻓﺎﺭﺱ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ، ﺭﺍﻣﻲ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ … ﺷﻬﺪﺕ ﻟﻪ ﻛﻞ
ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺍﻟﻠﻮﺍﺗﻲ ﺗﺰﻭﺟﻬﻦ ﺑﻠﻴﻦ ﺍﻟﺠﺎﻧِﺐ ﻭﺍﻟﺨﻠﻖ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ، ﺫﻟﻚ ﺃﻥ
ﺇﺣﺪﺍﻫﻦ ﻻ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﻔﺘﻮﺭ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﺰﻭﺟﻴﺔ ﻣﻌﻪ، ﺣﺘﻰ ﻳﻔﺎﺟﺌﻬﺎ ﺑﺎﻟﻄﻼﻕ
ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻀﻌﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺴﺒﺎﻥ، ﻭﻣﺎ ﺫﻟﻚ ﺇﻻ ﻟﺤُﺴﻦ ﻋﺸﺮﺗﻪ،
ﻭﺩﻣﺎﺛﺔ ﺧﻠﻘﻪ، ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻈﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﻣُﺤﻴﺎﻩ ﻣﺎ ﻳَﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺯﻫﺪِﻩ ﻓﻲ
ﺯﻭﺟﺎﺗﻪ ﺣﺘﻰ ﻳُﺴﺮِّﺣُﻬﻦ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ ﻭﺇﻛﺮﺍﻡ . ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﺎﻟﻢ – ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ –
ﻳﻜﺮﻩ ﺍﻟﻐﻴﺒﺔ ﻭﺗﺘﺒﻊ ﻋﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻳﺪﺍﻓﻊ ﻋﻦ ﺃﻋﺮﺍﺿﻬﻢ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ
ﻏﻴﺒﺘﻬﻢ، ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻣَﻺ ﻳﻀﻢُّ ﺷﻴﻮﺥ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﻋﻠﻰ
ﻣﺴﺘﻮﻯ ﻭﻻﻳﺔ ﻟﻌﺼﺎﺑﺔ، ﻓﺎﺳﺘﺒﺎﺡ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺸﻴﻮﺥ ﻋﺮﺽ ﺃﺣﺪ ﺯﻣﻼﺋﻬﻢ
ﻓﻲ ﻏﻴﺒﺘﻪ، ﻓﺮﻓﻊ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴﺎﻟﻢ ﻋﻘﻴﺮﺗﻪ ﻏﺎﺿﺒﺎ، ﻭﻣُﺪﺍﻓﻌﺎ ﻋﻦ ﻋﺮﺽ
ﺍﻟﺮﺟﻞ، ﻭﺫﻛَّﺮﻫﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﺑﺴﻴﺌﺎﺗﻬﻢ ﻭﺳﻮْﺀﺍﺗﻬﻢ، ﻭﺃﻟﻘﻢَ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ
ﺣﺠﺮﺍ ﺑﻜﻼﻡ ﺑﻠﻴﻎ ﻏﺎﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ﻭﺍﻹﺛﺎﺭﺓ، ﺣﺘﻰ ﺿﺤﻚ ﺑﻌﺾ
ﺍﻟﺤﺎﺿﺮﻳﻦ ﻭﻗﺎﻝ : ‏( ﻫﺬﺍ ﻟِﻜْﻼﻡ ﺑَﻌِﺪْ ﻣﺎ ﺇﻛِّﺪْ ﺇﻛﻮﻝُ ﻳَﻜﻮﻥْ ﺍﻟﺴﺎﻟﻢ ‏) ؟ !
ﻳﻘﻮﻝ ﻋﻨﻪ ﻣﺆﻟﻒ ﻛﺘﺎﺏ “ ﻧﻔﺤﺔ ﺍﻟﻮﺭﻭﺩ ” ﻓﻲ ﻣﻦ ﺗﺨﺮﺝ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ
ﻟﻤﺮﺍﺑﻂ ﺃﺣﻤﺪُ ﺑﻦ ﻣَﻮْﺩ: ‏(ﻭﻟﻨﺬﻛﺮ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﺗﺨﺮﺝ ﻋﻠﻴﻪ، ﺃﻭ ﺃﺧﺬ ﻋﻨﻪ
ﺃﺧﺬﺍ ﻟﻪ ﺑﺎﻝ، ﻭﻟﻦ ﺃﺫﻛﺮ ﺇﻻ ﺍﻟﻘﻀﺎﺓ ﻭﺍﻟﻤﻔﺘﻴﻦ ﻭﺃﺳﺎﺗﺬﺓ ﺍﻟﻤﺤﺎﻇﺮ، ﺇﻟﻰ
ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ: ﻭﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻔﺬُّ ﺍﻟﺴﺎﺋﺲُ ﺍﻷﺩﻳﺐ : ﺍﻟﺴﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ
ﺃﺣﻤﺎﺩُ‏) . ﻛﻤﺎ ﺗﻄﺮﻕ ﻣﺆﻟﻒ ﻛﺘﺎﺏ “ ﺷﻨﻘﻴﻂ: ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻤﻨﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﺮﺑﺎﻁ ”
ﺇﻟﻰ ﻣﺤﻈﺮﺗﻪ، ﻭﻣﻜﺎﻧﺘﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎﻇﺮ ﺍﻟﻤﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻴﺔ، ﺫﺍﻛﺮﺍ ﻟﺒﻌﺾ ﻣﺎ
ﻳﺪﺭﺱ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻭﺍﻟﻔﻨﻮﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍﻟﻔﻘﻪ
ﻭﺍﻟﻨﺤﻮ … ﺗﻮﻓﻲ ﺍﻟﺴﺎﻟﻢ – ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ – ﻋﺎﻡ 1935 ﻣﻴﻼﺩﻳﺔ،
ﻭﺩﻓﻦ ﻓﻲ ﻣﻘﺒﺮﺓ ‏( ﺑﻦ ﻧِﻌْﻤﺎﻥ‏) ﺑﺒﻠﺪﻳﺔ ﻧﻮﺍﻣﻠﻴﻦ، ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﺮﻙ ﻓﻲ
ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺃﺛﺮ ﺑﺎﻗﻴﺎ ﻭﻗﺪَّﻡ ﻟﻶﺧﺮﺓ ﻋﻤﻼ ﻭﺍﻓﻴﺎ .

ﺑﻘﻠﻢ/ ﺳﻴﺪﻱ ﺃﺣﻤﺪ ﻣﻮﻟﻮﺩ

صدقة جارية