أخبار عاجلة
الرئيسية / الرئيسية الاخبار / ” رجل في الذاكرة “

” رجل في الذاكرة “


موَّفَقُ اليومَ تنآنا فَتَنْسَانا .. أمْ سوفَ تذكُرُنا من بعدِ منآنا
إنَّا سنذكرُ ما ناحَتْ مُطوَّقةٌ .. حُراً كريماً على العِلَّاتِ مِعوانا
إذا انحَدرتَ الى دارِ السلامِ ولاقيتَ الأحبةَ مشتاقاً وولهانا
فاقرِ السلامَ لبغدادٍ وساكِنَها .. منّا وقَلَّتْ لهم منّا تحايانا
بهذه الكلمات التي استشهد بها أثناء مشاركته لطلبتي وأصدقائي في موريتانيا العزيزة وهم يجتمعون في بيتي لتوديعي بعد انتهاء مهمتي في تدريس الأدب العربي بالمعهد العالي لإعداد المدرسين في نواكشوط ، إنه الرجل العالم والمؤرخ الكبير المختار بن حامدن الديماني والذي يطلق عليه ابن خلدون القرن العشرين ، والذي شرَّفني بكتابة المقدمة لكتابي ( موريتانيا موطن الشعر والفصاحة) ، سعادتي كبيرة عندما تعرفت عليه عام 1975وهو يكتب تاريخ شنقيط كان شاعراً كبيراً ومؤرخاً نحريراً ، ومتواضعاً عظيماً ، كنت اذا تأخرت في زيارته يأتي بشيبته الى داري مستفسراً وسائلاً ، كان يخجلني بعظيم تواضعه وجميل تفقده ، عليه هيبة العلماء وتواضع الفرسان ، وهو بسن والدي ، يهش لاستقبالي في بيته بفرح غامر ويقول : فيك أرى مجد بغداد وشموخ حضارتها ، بك أرى ماضي العروبة بعاصمة المنصور والرشيد وجذر أهلي في المشرق العربي، وأبكي على ماضٍ سدنا به المعمورة ولم نحافظ عليه . إنه الرجل الذي يتنفس عشقاً للعروبة ويردد دائماً :
وما ضَرَّنا نأي الجسومِ وقد دنتْ .. قلوبٌ طويناها على خالصِ الحبِّ
إنه الرجل الذي لم أرَ في حديثه الا حب العرب والدعاء لتوحيد كلمتهم .
رحمك الله وتقبلك في واسع جنانه ، ونم قرير العين فأني مانسيتك ولم أنسَ موريتانيا وقد صدر الكتاب الذي توشح بمقدمتك الباذخة وهذه صورتها بخط يدك الكريمة .. ومعها صورتك وأحد طلابك معي في باب داري بنواكشوط عام 1977..”

 

صدقة جارية