أخبار عاجلة
الرئيسية / آخر الأخبار / نبذة من حياة المرحوم المهندس أحمد سالم بن المصطفى

نبذة من حياة المرحوم المهندس أحمد سالم بن المصطفى

أحمد سالم ولد المصطفى، أو “انَّا ول اخليفه” كما هو متعارف عليه مجتمعيا، ولد في العام 1971 لأسرة كريمة استجمعت الفضل من طرفيه، فنشأ كما يجب أن ينشأ العباقرة.. درس المرحلة الابتدائية في مقاطعة واد الناقة، وانتقل مع والديه وإخوته ليتابع دراسته في انوكشوط، فحصل على شهادة الباكلوريا من الثانوية الفنية في شعبة الرياضيات التقنية وهو فتى يافع، وبما أنه حل في المرتبة الأولى على دفعته فقد سارعت منظمة “التعاون الفرنسي” لتعرض عليه منحة دراسية في فرنسا.
سافر الراحل وعمره لم يتجاوز الـ 18 عاما، ليواصل دراساته العليا في فرنسا، فحصل على شهادة المتريز في الفيزياء بتميز.. شارك في مسابقتين متزامنتين فكان في الصدارة كالعادة، حيث اختار منحة “مهندس رئيس” بعد فوزه في المسابقة التي أجراها في المدرسة الوطنية العليا للتقنيات المتقدمة التابعة لوزارة الدفاع الفرنسي، مفضلا لها على المسابقة الثانية التي خاضها في المدرسة المركزية لباريس والتي استحق بها هي الأخرى المنحة عن جدارة.
افتتح في هذه الأثناء شركة تجارية للدراسات والاستشارات، وقد أخذ منه المسار الجديد بعض الوقت، حيث كان من ضمن عملائه ومراجعيه الكثير من المؤسسات الفرنسية على رأسها وزارة الدفاع الفرنسية، وشركة الطيران الفرنسي، وغيرها من المؤسسات المهتمة بمجال الصناعات والتقنيات، كما تعاقد مع بعض الشركات الهندية التي كلبت خدماته وبحوثه في مجال الفيزيا والصناعات الالكترونية.
ورغم ما انتزعته شركته التي افتتحها من وقته، فقد أبى، رحمه الله، إلا أن يواصل رحلته مع طلب العلم، حيث نال في العام 2004 شهادة الدكتوراه في علم تقنيات السوائل.
عرضت عليه مختلف الجامعات الفرنسية التدريس فيها، غير أنه اختار العمل الحر بعدما ضمَّ إلى مؤسسته بعض الشركاء، حيث تفرغ لإدارة علاقاتها واعمالها التي بدأت تتوسع إلى خارج الدولة الفرنسية.
كان المهندس الراحل أحمد سالم ولد المصطفى، رحمه الله يشق طريقه منذ طفولته، في صمت رائع وبعصامية فذة، قَلَّ من جاراه فيها، ليعيش 50 عاما كلها مجدٌ وتألقٌ وعطاءٌ، فكانت المسيرة العلمية والمهنية المشرفة، والتي انطلقت من مسقط رأسه في “الواد”، أيامَ كانت الظروف صعبة وغير مساعدة، غير أن هِمَّة الفتى الراحل كانت تناطح السُّحب منذ المراهقة، فلم يرض يوما غير الثريا موطأ في حين أخلد كثيرون من أترابه إلى اللعب والفراغ..
بلغت لعشر مضت من سنيـ ـك ما يبلغ السيد الأشيب
فهمُّــك فيهـا جســــام الأمور وهــمُّ لداتــك أن يلعبــــوا
غير أن جانباً آخر من الصورة لم يكن ليبرز ويظهر للناس إلا بوفاته، حيث ذكر الشيخ محمد الحسن ولد الددو لوالدته الكريمة “تكبر بنت دمين” في تعزيته لها، أنه يشهد للفقيد بالفضل والكرم، وأنه يعرفه جيدا وعن قرب، وأنه كان يقيم في بعض الأحيان في منزله بفرنسا، وحين ينزل الشيخ الددو أو يقيم في منزل معين، فإن ذلك لم يأت صدفة ولا اعتباطا، فللشيخ علاقاته وزواره ونشاطه الإسلامي المعروف، كما للشيخ الددو أيضا خصوصيات يجب أن لا يطلع عليها إلا من كان ثقة وأهلاً لذلك.
وزيادة على ما ذكر الشيخ الددو لوالدة الفقيد فقد أكد لي خلال تواصلي معه، أن الأخ الراحل المهندس أحمد سالم كان من رجالات الدعوة الأوائل في فرنسا، كما ذكر لي بعض الإخوة ممن يعرفونه جيدا أنه كان نعم الرجل بذلا وكرم أخلاق، وأنه كان من المساهمين في الأنشطة الإسلامية في فرنسا وفي أوروبا عموما، نسأل الله أن يكتب ذلك في ميزان حسناته، وأن يحشره مع الأتقياء الأخفياء الذين ابتغوا وجه الله في أعمالهم الصالحة، فأخفوها ولم يأخذوا منها في حياتهم ذكرا ولا سمعة، ولم تشبها شائبة رئاء ولا تكلف.
صبيحة يوم الجمعة 20 مارس 2020 ارتقت روح المهندس أحمد سالم إلى ربها راضية مرضية، بعد صراع مع المرض دام قرابة العام، عسى أن يكون ذلك كفارة له وسلوى لنا، فرحم الله روحك الطاهرة يا فقيدنا، ورحم أباً أنجبك وأحاطك بالرعاية والتوجيه، وأطال عمْرَ أم احتسبتْك عند الله أجراً وذخراً، بعد ما كنت لها في الدنيا زينة وفخراً.

بقلم:عبدالرحمن ولد الداه

صدقة جارية