أخبار عاجلة
الرئيسية / آخر الأخبار / العلامة المختار بن ألُمّا اليدالي الشنقيطي (160)

العلامة المختار بن ألُمّا اليدالي الشنقيطي (160)

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:

ترجمة لشخصية علمية شهيرة، اشتهرت بالعلم والفهم والقضاء في ولاية اترارزة، ألا وهو العلامة: المختار بن ألُمّا اليدالي رحمه الله.. نتمنى أن تنال إعجابكم..آمين..

ترجمته:

نسبه: هو المختار بن ألما بن بباه (بتفخيم البائين) بن الفقيه المختار بابو بن محمد الأمين بن المختار بن عمر بن علي بن يحيى بن يداج جد قبيلة إدوداي (اليداليين) إحدى القبائل الشمشوية.

أمه: خديجة بنت محمد الهدى بن الفاضل بن محنض الكوري اليدالية وتلقب “بنت خويلد”.

مولده ونشأته:

ولد “المختار” سنة 1243هـ عند بئر “تندكسمي” وكان والده مشتهرا بعدد من الخصال الحميدة، كما كانت أمه معروفة بالعز والصلاح.
يبدو أن البيئة التي نشأ فيها وخاصة الناحية الاقتصادية قد ساعدت بفضل رخائها على انصراف النشء إلى الدراسة والتعليم تماما مثل الوسط الاجتماعي الرفيع الذي أنار السبل أمامه في مسيرته العلمية، فقد ترعرع بين أحضان والديه، وكانت أسرته شديدة المحافظة على القيم الأخلاقية والدينية ذات منزلة اجتماعية مرموقة.
حفظ القرآن وهو لايزال صغيرا واستكمل جزء من علومه الدينية والأدبية في صغره،( ) على يد ابن عمه “إمام بن سعيد اليدالي” (ت 1288هـ).

دراسته وشيوخه:

بعد أن تكونت الخلفية المعرفية الأولى لصاحب الترجمة على يد “إمام بن سعيد” انتقل إلى “عبد الودود بن عبد الله الحيبلي” (ت1268ه) فدرس عليه بعضا من ألفية ابن مالك، ثم أخذ التوحيد والمنطق من أمالي الشيخ “محمذن فال بن متالي”،

بعد ذلك حصل علومه الفقهية والأصولية على “محنض باب بن اعبيد الديماني” (ت 1277هـ).

تصوفه:

عاد “ابن ألما” ثانية إلى الشيخ “محمذن فال بن متالي” فأقام معه مدة غير يسيرة أخذ عليه خلالها الطريقة الشاذلية وصار مقدما فيها.
وكان لا يبارى في التصوف، واستفاد كثيرا من معارف شيخه إلى أن صار زعيما من زعماء الطريقة الشاذلية وإماما من أئمتها.
“ورغم المكانة الجليلة التي نال من هذه الطريقة إضافة إلى المكانة العلمية التي كان يتحلى بها، فلم يذكر أنه انقطع عن التدريس الذي يعتبر الشاغل الأول لوقته ولا عن الأعمال الأخرى الكثيرة التي كان يزاولها أيضا كالقضاء والفتيا إلى جانب رأيه في سياسة القبيلة، مع كونه “صالحا ناسكا”، وقد كان مريدوه كثيرين جدا”.

ولابن ألما أنظام مفيدة في التصوف تدل على مدى عرفانه، يقول: (الرجز)
عِلْمُ الإِلــــــهِ الفَرْدِ فِي الــــتَّعَلُّقِ
لَـــــهُ العُمُومُ واجبٌ فَلْتَـــتَقِ
إِنْ يَخْطُر الخاطِر نَحْوَ الذَّنــــبِ
فَذاكَ لا يَفُوتُ عِلْــمَ الــــرَّبِّ
وَاحْذَرْهُ في الذَِكْرِ وَفـي الصَّــلاةِ
مِــــنْ غَفْلَةِ القَلْبِ والالْتِفاتِ
فَفيـــــهِ سُوءُ أَدَبٍ لَــــــــــــــدَيْـهِ
وَعِلْمُـــهُ مُطَّــــــــلِعٌ عَلَيْــــهِ
وَذاكَ يَسْمَعُ وَيُبْصِــــــــرُ فـَـــلا
تَسْلُكْ سَبيلَ جاهِلٍ قَــدْ غَفَلا
وله في التصوف أيضا: (الرجز)
وواجِبٌ عَلَيْكَ شُـــــــــكْرُ النِّعَمِ
أَيْ صَرْفُ ذاكَ في رِضـاءِ المُنْعِمِ
وَإِن تَكُ اشْتَغَلْتَ بِالعِصْــــــيَانِ
عَــــفَا وَمِنكَ الشُّكْــرُ بِاللِّــــسَانِ( )

مكانته العلمية:

اشتهر “ابن ألما” بسعة اطلاعه في شتى فروع المعارف الإسلامية والعربية منقولها ومعقولها، فقد بلغ درجة صار يصحح فيها لشيوخه كما وقع له مع شيخه “محنض باب ابن اعبيد” الذي سلم له نسخة من شرحه على مختصر خليل المسمى “الميسر” فصححه له مبديا بعض الملاحظات.
لهذا فقد جمعت شخصيته مواهب متعددة ومتنوعة بتنوع المشارب، فكان له إلمام شامل بفنون الأدب وتاريخ الإسلام وعلوم الدين.
وعليه يمكن أن نعتبره نموذجا حيا للمستوى الرفيع الذي بلغته الثقافة العربية الإسلامية في هذا البلد خلال تلك الفترة، فقد بلغ من الحرص على العلم والتعليم حدا كبيرا دفعه إلى السعي دائما من أجل الحصول على العلم والكتب والاستزادة منهما.
إضافة إلى ذلك تولى القضاء من طرف جماعة الحل والعقد في عشيرته وبمباركة من أمير الترارزة قبل أن يبلغ الثلاثين من عمره، ولم يكن ذلك وليد صدفة،
وإنما وقع بعد فحص وتمحيص لجميع جوانب حياته، فقد شهد له معاصروه من العلماء بالفضل، وقد أصدر الكثير من الأحكام القضائية طيلة حياته، ولم يتعرض أحد لأحكامه بالطعن إلا في مسألتين فقط، ونشير إلى أنه لم يكن يتقاضى راتبا مقابل مهنة القضاء ـ كما هي العادة لدى الشناقطة

بقي أن نشير إلى أن صاحب الوسيط ترجم لابن ألما ـ و هو أحد تلامذته ـ ترجمة لا تخلو من بعض الإعجاب فوصفه بأنه “العالم الوحيد ذو الرأي السديد والجود العتيد، برع في النحو والعربية، وله اليد الطولى في الفقه والبيان والمنطق… (كان) حليما مورودا مهيبا عند قومه معظما فيهم…”.

تلامذته:

انتصب “ابن ألما” للتدريس ولما يتجاوز العشرين من عمره، وما لبث أن طار صيته، وعم ذكره، وكان يلقب “مختار النصوص” لضبطه وشدة حفظه لها، ومن أبرز من أخذ عنه:

  • يحظيه بن عبد الودود الجكني القناني. .
  • أحمد بن اجمد اليدالي،
    وقد تلقيا على يديه الشاذلية.
  • أحمد بن الأمين الشنقيطي مؤلف كتاب الوسيط في تراجم أدباء شنقيط.
  • محمد عبد الله بن سيد بن زين.

مؤلفاته وآثاره:

شملت الآثار التي ترك “المختار” مجالات مختلفة منها الفقه واللغة والسيرة والتصوف والفتاوي، ومن أهم تلك الآثار:

  • القول المعرب في بيان وقت المغرب، ويوجد بخط يد المؤلف في مكتبة آل ألما بتندكسمي، ويقع في 22 صفحة من الحجم المتوسط.
  • سيول الأنهار في عمل الليل والنهار:

ويوجد بخط يد المؤلف في مكتبة آل ألما بتندكسمي، ويقع في عشر صفحات، وهو كتاب في الأذكار والأعمال اليومية التي ينبغي أن يقوم بها المسلم عموما والمتصوف خصوصا.

  • مفرج الكروب ومفرح القلوب، ويوجد بعضه بخط المؤلف، ويقع في 28 صفحة.
  • ترجمة للشيخ خليل، وتوجد منها نسخة في مكتبة “آل يحظيه بن عبد الودود” بـ”الميمون”.
  • شرح على مقدمة نظم الشهداء لـ”محمذن فال بن متالي”(مفقود)
  • منظومة في أشياخه “أهل متالي” (مفقودة).
  • نظم أهل الصفة، وقد أثبته القاضي “المختار بن محمذن” في آخر رسالة تخرجه من المعهد العالي وهو يبلغ 123 بيتا.
  • فتاوي فقهية كثيرة
  • رسالة في النهي عن تفريق الزكاة.
  • أنظام تعليمية متعددة في الفقه والنحو وغيرهما

وفاته:

توفي ـ رحمه الله تعالى ـ سنة 1308هــ ودفن في مقبرة “تندكسمي” وأرخ لوفاته المؤرخ “ببكر بن احجاب الديماني”(ت1322هـ) في نظمه لوفيات الأعيان مع مجموعة من الأعلام فقال:
(الرجز)
و”شَحَسٌ” بِهِ الإمــامُ العادِلُ
مَنْ كانَ عَنْ حِزْبِ العَلِي يُناضِلُ
أَحْمَدٍ بْنِ امْحَمَّــــدِ بْنِ أَحْــمَدَا
مِمَّن لِعَيْدَ في الإِيـــــضَاحِ أُسْــنِدَا
وَبعْدَهُ في عامِــــــهِ المُــخْتارُ
سَيِّدُ دامانَ لَـــــــــــــهُ الفَــــــخارُ
عامُهُمــــــــا بِنا قــــَد اغْرَى الـهَمَّا
مَــــــوْتُ الفَتَـــــــى المُخْتارِ نَجْلِ لُمَّا

وقد رثى “المختار” عدد من الشعراء من بينهم “محمد فال بن محمذن ابن العاقل”حيث يقول معددا العلماء الباقين بعده من عشيرته معتبرا الفقيد بحرا غطمطما لا ساحل له: (الطويل)
لَــكَ الحَمْدُ إِذْ أبْقيتَ بَعْــدَ الغَــــطَمْطَــمِ
عَيالِمَ فاقَــتْ في النَّـــــدَى كُلَّ عَيْلَـــمِ
عَيالِـــمُ فاقَتْ سُــؤْدَداً وَدِيَــــــــــانَـــــةً
وَعِلْماً وَحِلْماً لَمْ يَــكُن بِالتَّــــــــحَـلُّـــمِ
فَمِنْهَا الرِّضَى الَمَحْبُـوبِ وَابْنُ ابْنِ عَمِّهِ
هُمامٌ إِلَى بَيْتِ المَــكــارِمِ يَنـــــــتَمِـــي
وَمِنْــهَا الإِمَامُ ابْنُ الإِمــامِ وزَيْنُــــــــهُـمْ
وَلا تَنسَ مَهْــمَا تَنْـــسَ أَبْــــــناءَ مَرْيَمِ
وَثَـمَّ فُتُــــــــــــوٌّلا أَبُـــوحُ بِذِكْــــــرِهِــمْ
مَخافَـــةَ عَيْـــــنِ الكاشِـــــــحِ المُتَــأَلِّمِ
أُولَئِـكَ أَخْوَالِي الكِـــــــــرَامُ فَمَــن يَكُـنْ
لَهُ عُلْقَــــــةٌ بِهِـمْ يُقَــدَّمْ وَيُـــــــــكْرَمِ

رحمه الله تعالى الرحمة الواسعة وادخله فسيح جناته آمين الدعاء

مصدر الترجمة:

الدكتور أحمدو ولد آكاه جزاه الله خيرا

صدقة جارية