أخبار عاجلة
الرئيسية / آخر الأخبار / التحديات و الآفاق/بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن-اسطنبول

التحديات و الآفاق/بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن-اسطنبول

منذ نهاية الخمسينات و نخب من هذا البلد تمارس السياسة،سبيلا لرفع مستوى الوعي و الإنجاز، لصالح هذا الوطن،لكن وتيرة هذا الوعي و تنميته تسير ببطء،للأسف البالغ،و فى الوقت الراهن نتعايش مع إعلام حر،رغم بعض الضغوط المعوقة،قانونيا و ماديا،إلا أننا قادرون على قول ما نريد،و فى جو التفاعل مع فيس بوك و الواتساب،أضحت الحقائق مكشوفة و ملموسة،مع تعذر الحلول.
و بغض النظر عن سيمفونية كل نظام و تزيينه لبرنامجه الإصلاحي الخاص،إلا أن الحصيلة ناقصة،و المطالب ملحة و أولوية!.
فنحن اليوم نتعايش مع موجة من كورونا،و رغم ما ندعى من أعراض غالبا خفيفة، إلا أن لها ضحايا و حالات حرجة،و باتت تمس من صحة شعبنا على نطاق واسع،بسبب سعة انتشارها،فما من أسرة إلا و تعانى من حمى و زكام و أعراض أخرى،و لعل أمراض موسمية أخرى و حالات متعددة من السرطان و تحديات الأدوية الفاسدة و الاغذية المنتهية الصلاحية،كل هذا يدعو بقوة و استعجال،لضرورة العناية القصوى بالقطاع الصحي،الذى لا يثق فيه الكثير من المواطنين،ليس بسبب عدم جودة الأدوية فقط،التى يشكو منها الكثيرون،و إنما بسبب تعاطى الفريق الطبي أحيانا و تمرس بعضهم، على التمييز بين الخدمة فى المستشفى و العيادة الخصوصية،و أمور أخرى متعددة و متنوعة، باتت توكد ضعف قطاعنا الصحي ،بصورة يقينية ملموسة،للأسف البالغ.
و لعل القطاع التعليمي منكشف المستوى و الأداء،فهو لا يخرج غالبا، سوى طلاب وظيفة لدى القطاع العام،مع تقديم قربان التزلف و مباركة كل تصرف، مهما كان شائنا،و الخلفية دائما تحاشى الحرمان من التقرب لدائرة السلطة و النفوذ،فخدمة الصالح العام،غالبا ليست أولوية،و إنما الأولوية للمصالح الضيقة،من الشخص أو إلى ذويه احيانا .
و يستنتج من النسبة المتدنية للناجحين فى الباكالوريا،ضعف مستوى أداء تعليمنا،و يشكو المعلمون و الأساتذة من ضعف الرواتب و ارتفاع الأسعار و صعوبة المهمة.
و من الغريب اللافت، أن مستوى اهتمام الأطفال و أسرهم و معلميهم بالتعليم فى الفترة الأولى من الاستقلال و قيام الدولة،كان أفضل و أنجع،أما اليوم رغم توفر الكتب و مصادر العلم المتنوعة و تحسن الوسائل المادية المتاحة،فالمستوى التعليمي يتراجع،و قيمة الشهادات تبدو متباينة،ما بين القرنين!.
و عند إلقاء نظرة بسيطة على قطاع الطرق،نلاحظ عدم القدرة على التكيف مع حاجياتنا فى هذا المجال الحيوي الملح،فما نقص من الطرق لم يتم إنجازه بعد، و ما فسد لم يتم إصلاحه بعد،و فى هذا المجال للأسف،لا زال عدد الضحايا على مختلف الطرق، مثير للخوف و يدعو باستعجال،لضرورة المسارعة للالتفات الجاد إلى هذا القطاع.
فطريق الأمل مرهقة و طريق نواذيبو كذلك و طريق أكجوجت أطار نفس الواقع،و مختلف المحاور الطرقية،تحتاج لعمل حقيقي ملموس،و الطرق الداخلية فى العاصمة بحاجة لتنفيس و تنظيم دقيق،لتفادى الزحمة و الحوادث المتكررة،و مع ذلك لا زلنا نسمع عن مشاريع لإقامة جسور لم ترى النور بعد!.
و فى هذا الصدد امتلك الرئيس الحالي، محمد ولد الشيخ الغزواني بعض الشجاعة، للاعتراف بتعثر بعض المقاولات و تأخر إنجازها و دعا لضرورة معاقبة المفرطين،و شكل لجنة لذلك الغرض الرقابي الهام.
و أريد فى هذا السياق أن أذكر رأس النظام غزواني و محيطه الضيق،أن الشعب يريد تحسين أحواله و أما قصص المهرجانات و ما يساهم فى انتشار كورونا و يميع السياسة،فلن يكون هو الأولى،و مضيعة للوقت و للوسائل المادية،و حتى النجاح فى الانتخابات البرلمانية و الرئاسية المنتظرة، ليس هو معيار النجاح.
فدخول البرلمان بقوة أو سكن القصر الرئاسي،لا يعنى المستوى النوعي المطلوب من خدمة الوطن.
فدخول الرئاسة محنة و أمانة،و قد دخلها من قبل كثيرون و سيدخلها من بعدكم آخرون.
فلا تحسبوا،الاستقرار المنشود و التنمية المطلوبة، مجرد تقلد منصب الرئاسة،أو تدشين حملات دعائية،حامية الوطيس!.
و لن يبقى مع الإشادة، سوى ما تمكنت الدولة من إنجازه،مما ظهر نفعه،و قد لا ينسبه الكثيرون لشخص الرئيس،مهما كانت أهمية دوره التوجيهي.
فإنجازات الدولة اقتصار نسبتها للرؤساء غير منصفة لغيرهم، ممن شارك،اقتراحا و تخطيطا و تنفيذا.
شعبنا يعانى من الأمراض و ارتفاع الأسعار و انتشار البطالة،و من حين لآخر، تحدى العصابات الإجرامية، و تصعيد البعض، خطابا أو ممارسة، لمنطق و خطاب الشرائحية أو الجهوية،التى تشجعها بعض التوجهات،و هذه كلها تحديات تضغط على هذا الوطن،و تهدده فى عافيته و توازناته الاستراتيجية!.
و أما آفاق تجاوز هذه التحديات، فمرتبطة بمدى جدوائية الطرق،التى تسلك،شعبيا و رسميا،للتغلب على هذه المطبات المتنوعة.
و يدعى أنصار النظام القائم أنه يبذل جهودا معتبرة فى المجال الاجتماعي،من خلال “تآزر”،لمساعدة الفقراء،لكن أصواتا أخرى، تدعى أن ذلك الجهد غالبا، موجه لفئة بعينها،على حساب الفقراء الآخرين،و هذا، إن صدق، يعتبر تمييزا غريبا، غير مبرر طبعا،لأن الفقير فقير و مواطن،و بغض النظر عن لونه!.
إننا بحاجة ماسة للتركيز على أمن المواطن و ممتلكاته و غذائه و دوائه،قبل أي إصلاح فى أي مجال آخر.
الوضع صعب و تزداد صعوبته مع موجات متكررة من كورونا،و الله خير حفظا.
و من الجدير بإعلامنا، أن يكون مهنيا،بعيدا عن التمجيد المجاني أو التحامل و التجني،و ليخدم المشترك،من الاستقرار و التنمية،دون أن يكون بيدقا فى قبضة أي نظام أو معارضة،و إنما خادما للحق و الأصلاح فحسب.

“ٱلَّذِينَ إِن مَّكَّنَّٰهُمْ فِى ٱلْأَرْضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَمَرُواْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ ٱلْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَٰقِبَةُ ٱلْأُمُورِ”.

“وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِى ٱلْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَٰرِثِينَ”.

“فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ”.

صدقة جارية