أخبار عاجلة
الرئيسية / آخر الأخبار / عطاء القيمة في زكاة الفطر / محمد ولد بتار ولد الطلبة

عطاء القيمة في زكاة الفطر / محمد ولد بتار ولد الطلبة

مذهب الجمهور أن القيمة لا تجزئ في زكاة الفطر؛ فهو مشهور مذهب الإمام مالك والشافعي وأحمد، ولم يخالف فيه إلا أبو حنيفة؛ قال ابن هبيرة في اختلاف العلماء: واتفقوا على أنه لا يجوز إخراج ‌القيمة في ‌زكاة ‌الفطر إلا أبا حنيفة فإنه قال: يجوز. هـ «اختلاف الأئمة العلماء لابن هبيرة» (1/ 214)

ومن نصوص المالكية في ذلك قول القاضي عبد الوهاب في سياق الحديث عن عدم إجزاء القيمة في الزكاة مطلقا: (ولأنه عليه السلام فرض زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير أو صاعاً من زبيب)، ففيه دليلان: أحدهما: أن التعيين يفيد الانحتام، والثاني: أنه نص على مسميات مختلفات وأقوات متباينة، فلو كان الاعتبار بالقيمة لم يكن لذلك معنى، ولكان يكفي النص على واحد دون غيره؛ ولأن إخراج القيمة تؤدي إلى إسقاط النصوص» «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (1/391)
وقول أبي عمر بن عبد البر في الكافي: ولا يجزئ فيها -يعني زكاة الفطر- ولا في غيرها من الزكاة ‌القيمة عند أهل المدينة وهو الصحيح عن مالك وأكثر أصحابه» «الكافي في فقه أهل المدينة» (1/ 323):
وقول القاضي عياض في إكمال المعلم: ولم يجز عامة العلماء إخراج ‌القيمة فى ذلك -يعني زكاة الفطر-، وأجازه أبو حنيفة. «إكمال المعلم بفوائد مسلم» (3/ 482).
ومن نصوص المذهب الشافعي قول النووي في المجموع: قال الشافعي والأصحاب لا يجزئ إخراج القيمة وبه قال الجمهور وجوزها أبو حنيفة. هـ المجموع شرح المهذب (6/ 132)
وقول الماوردي في الحاوي: قد ذكرنا أن دفع القيم في الزكوات لا يجوز، ولا يجوز إخراج ‌القيمة في ‌زكاة ‌الفطر، فلو أخرج قيمة الصاع دراهم أو دنانير لا يجوز لما مضى، ولأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نص على قدر متفق في أجناس مختلفة، فسوى بين قدرها مع اختلاف أجناسها وقيمها فدل على أن الاعتبار بقدر المنصوص عليه دون قيمته» «الحاوي الكبير» (3/ 383).
وقول العمراني في البيان: وإن أخرج ‌القيمة -يعني في زكاة الفطر- لم يجزه، كما قلنا في الزكاة. «البيان في مذهب الإمام الشافعي» (10/ 393).
ومن نصوص المذهب الحنبلي قول عبد الله بن الإمام أحمد في مسائل الإمام: «سَمِعت أَبى يكره أَن يُعْطي ‌الْقيمَة فِي ‌زَكَاة ‌الْفطر يَقُول اخشى ان اعطى ‌الْقيمَة أَلا يُجزئهُ ذَلِك» «مسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله» (ص171).
وقول الخرقي في المختصر: ومن قدر على التمر أو الشعير أو البر أو الزبيب أو الأقط وأخرج غيره لم
يحزئه ومن أعطى ‌القيمة لم يجزئه. «مختصر الخرقى» (ص48)
وقد وافق الإمام أحمد أبا حنيفة في إجزاء القيمة في زكاة الأموال، لكنه لم يوافقه في إجزائها في زكاة الفطر.

وأما المذهب الحنفي فإعطاء القيمة عندهم أفضل لأنه أنفع للغني لكن إخراجها من الحنطة أحوط عندهم للخروج من الخلاف؛ قال في الاختيار لتعليل المختار: قال أبو يوسف: الدقيق أحب إلي من الحنطة، والدراهم أحب إلي من الدقيق لأنه أيسر على الغني وأنفع للفقير، ‌والأحوط ‌الحنطة ليخرج عن الخلاف. هـ «الاختيار لتعليل المختار» (1/ 124).
فالحاصل أن من قدر على إخراج زكاة الفطر من المنصوص عليه في الحديث وأخرج قيمتها لم تجزه على مذهب الجمهور، ولم يعمل بما هو الأحوط عند الحنفية.

صدقة جارية