أخبار عاجلة
الرئيسية / آخر الأخبار / إجازة القرآن الكريم عند الشناقطة

إجازة القرآن الكريم عند الشناقطة

تمتازُ (إجازةُ القرآن الكريم) عند الشناقطة بأنَّها تجمع بين حفظِ القرآن وتجويدِه ورَسمِه، وهي بذلك تتقدَّمُ على نظيرتِها في المشرق؛ لأنّ المشارقة يقتصرون في الأعم الأغلب على الحفظ والتجويد دون تعلم كتابة المصحف، والقرآنُ موصوفٌ بأنَّه “محفوظ في الصدور، مَقْرُوءٌ بالألسنة، مكتوبٌ في المصاحف”، فالإجازةُ الجامعة بين كُلّ هذه الوُجوه أتمُّ وأشملُ.
والرسمُ أحدُ الأصول الثلاثة التي تعتبر مِعياراً للقِراءة الصحيحة، وهي: (السند المتواتر، وموافقة العربية، وموافقة رسم المصحف)، فالتفريط فيه مِمّن يُفترَضُ أنَّه مُجازٌ في القرآن، يُعَدّ تفريطاً في المِعياريّة التي تُؤطِّرُ تلك الإجازة، كما أنَّ فيه إخلالاً ببعضِ مناحي الأداء والتجويد التي ترتبطُ بالرسم ارتباطاً وثيقاً، أو تنبني عليه، كبعض مسائل الإمالة عند ورش، ومسألة اتباع الرسم في الوقف، يقول ابن الجزري في “طيبة النشر”:
وقِفْ لِكُلّ باتِّباع ما رُسِمْ / حَذْفاً ثُبوتاً اتِّصالاً في الكَلِمْ
ويقول ابن بريّ في “الدرر اللوامع”:
فصلٌ وكُنْ مُتَّبِعاً متى تَقِفْ / سَنَنَ ما أُثْبِتَ رَسْماً أَوْ حُذِفْ
وأغلبُ طلبة المحاظر في هذا القُطر الشِّنقيطيّ لا يدرُسون علم الخط والإملاء إلاَّ مِن خلال دِراستِهم لرسم القرآن، ولا يُعَدّ ذلك خُروجاً عمّا قرَّره العلماء في قولهم: “خطان لا يُقاسان: خطّ المصحف، وخط العروض”؛ لأنَّ المُرادَ بخطِّ المصحفِ الذي لا يُقاس عليه هو تلك المواضِعُ المحصورة التي جاءتْ على خِلافِ القِياس المعهود، ككتابة “نعمتٍ”، و”رحمتٍ”، و”امرأتٍ”، بالتاء، وزيادة ألفٍ بعد واوِ الفعل المفرد، وواو جمع الاسم، وبعض مسائل الاتصال والانفصال، فلو ألغينا اعتبارَ الرّسمِ في الإجازة والحالة هذه، لأَوْشَك أن نرى لنا مُجازين لا يُحسِن أحدُهم كتابةَ اسمِه فضلاً عن غيره!

(#ملاحظة): الصور المرفقة مِن مخطوطة “رسم الطالب عبد الله”، وهي مخطوطة نفيسة بخطّ الوالد، رحمه الله تعالى، وتمتاز هذه النسخة إضافةً إلى جودة خطّها وحُسنِه، بأنَّ كاتبَها قد أثبتَ في هوامشِها تصويباتِ الإمام العلامة المُقْرِئ الشيخ عبد الله بن دَادَّاهْ، رحمه الله تعالى.

من صفحة الأستاذ جمعة عبدالله الكعبي

صدقة جارية