أخبار عاجلة
الرئيسية / آخر الأخبار / ترجمة العلامة محمدمحمود بن لحبيب البصادي الشنقيطي (210)

ترجمة العلامة محمدمحمود بن لحبيب البصادي الشنقيطي (210)

العلامة محمدمحمود بن لحبيب رحمه الله

ولد العلامة محمدمحمود بن لحبيب، في حدود العام 1340هجرية، 1920ميلادية، في ضواحي مقاطعة تامشكط في ولاية الحوض الغربي،

و هو امرابط اتلاميد العلامة محمد محمود بن محمد المختار بن لحبيب بن اعبيدي بن سيدأحمد بن الطالب أعمر البصادي.
ترعرع في بيت علم وزهد وتقوى، فوالده محمد المختار بن لحبيب كان من أعيان قومه واشتهر بصرامته ورفضه لكل مايخالف شرع الله أو يناقض المروءة.
أما والدته فمريم منت سيدي ولد حمود، وقد كانت سيدة في قومها تقية عابدة رحمها الله.

في ذلك البيت، ولد ونشأ العلامة محمد محمود (دحمود)، وتوجه لطلب العلم باكرا، فما إن شب عن الطوق حتى التحق بمحظرة ابن عمه العلامة الورع محمد يحظيه بن لمرابط لكبير محمد محمود البصادي رحمهما الله، فدرس عليه القرآن وعلومه، ثم نال الإجازة على يدي شيخه محمد يحظيه في مقرأ الإمام نافع بروايتي (ورش وقالون).
بعد ذلك توجه لمحظرة أهل كابر في (ادقموهم) فقرأ عليهم الفقه، كما درس في عدد من المحاظر في منطقة الحوض وضواحيها علوم القرآن والفقه والعربية والنحو والصرف والبلاغة.

وبعد رحلة علمية حافلة عاد إلى ذويه وحيّه محملا بعلم غزير، فأسس محظرته التي أصبحت قبلة لطلبة العلم من كل حدب وصوب، ينهلون من معينها شتى العلوم حيث لقبه محبوه بمرابط تلاميد وهو اللقب الذي لازمه طيلة حياته.

كان ذا ورع وزهد في الدنيا وزرجونها، وكان رحمه الله خاشعا ذاكرا لله لاتفارقه سبحته يذكر الله ليلا ونهار لايفتر عن ذلك شاكر لأنعم الله حامدا له فدائما ما يكرر: “الحمدلله على نعم الله”.

كان رحمه الله ينتقل بمحظرته مع ماشيته حيثما نبت الكلأ ووجد المرعى الخصب، شديد الخوف من أن يضيع أو يفرط في حق إنسان أوحتى حيوان، فكان يعامل البهائم بلطف رحمه الله وربما أقام عريشا ليظل إحدى الدواب ويقيها قيظ الهجير ولهيب الشمس خوفا من حق يلحقه.

كان كثير الابتهال لربه ويستسقي ويسأل الله أن ينزل الغيث ومن ذلك قوله يبتهل إلى الله سبحانه ويسأله أن ينزل الغيث:

ياربنا إن العباد اشتدا :: حالهمُ ولا إلهَ ردّا
غيركَ فاصرفه عن العباد :: برحمةٍِ تسقي كلَ البلادِ

وكثيرا مانفع الله بدعائه.

كان رحيما مجاب الدعوة حسن الظن بالمؤمنين يقبل عذرهم ويتجاوز عن مسيئهم صبورا حليما واصلا لرحمه لايخشى في الله لومة لائم.
كان يحب الصدق ويحض طلبته عليه ويحذرهم الكذب وكل مايخل بالمروءة يرغبهم في ماعند الله ويزهدهم في ملذات هذه الدار كأنما لسان حاله:
جليلُ العطايا في دقيقِ التورُّعِ :: فدقِّقْ تنلْ عالي المقام المرفعِ
وتسلمْ من المحظورِ في كلِّ حالةٍ :: وتغنمْ مِن الخيراتِ في كلِّ موضعِ
وتحمدْ جميلَ السَّعيِ بالفوزِ في غدٍ :: فسارعْ إليه اليومَ مع كلِّ مسرعِ

في مطلع التسعينيات من القرن العشرين قرر الشيخ محمدمحمود إلقاء عصا الترحال ونزل رحمه الله قرية (اقروك) التابعة لبلدية حاسي عبدالله شرق الطينطان، حيث تقرّى هناك مع أبناء عمه، ومكث هناك زهاء خمسة عشر عاما وهو يدرس طلاب محظرته علوم شرع الله مقبلا على عبادة ربه لايأبه لأي من مشاغل الدنيا التي تشغل الناس.

وفي العام 2007 قرر الانتقال إلى قرية (الريان) المجاورة وظل هناك رحمه الله يعلم الناس أمور دينهم ويحض على الخير وتقوى الله وطلب العلم، يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه.

وفي ليلة الجمعة 21 رجب الفرد من العام 1434 هجرية، الموافق 30 مايو 2013، اختار الله إلى جواره امرابط تلاميد لمرابط محمد محمود بن لحبيب، مضى وقد ترك علما ينتفع به بثه في قلوب طلبته الكثر، وكان من آخر ما أوصى به الصلاة حاضا على المحافظة عليها وإقامتها.
كان رحمه الله مثالا للعالم الزاهد الورع المقبل على شأنه المعرض عن الدنيا، فرحمه الله تعالى رحمة واسعة واخلفه في عقبه في الغابرين.

كامل الود

صدقة جارية