صفحة الفقه المالكي:تراث الشيخ الددو هو ذروة الانتاج العلمي

لو اتيح لتراث العلامة الشيخ محمد الحسن بن الددو من يخدمه ويحوله من الأشرطة إلى الكتب، لتبوأ الذروة في الإنتاج العلمي المعاصر، ولطمس كثيرا مما يقال عنه أطروحات علمية وإنتاج أكاديمي. ومما يحز في النفس أن ما تم تفريغه من الأشرطة وتحويله إلى الكتب لا يمثل إنتاج الشيخ ابن الددو الحقيقي، وإنما أغلبه برامج حوارية، وما يقال في البرامج الحوارية إنما هو خلاصة الفتوى والرأي العلمي، وطبيعة تلك البرامج لا تسمح بالاستطراد.
باعتقادي انتاج الشيخ ابن الددو الحقيقي يتمثل في أربعة جوانب:

• أولها: شرحه لصحيح البخاري، وأذكر إني في سنوات ماضية كنت أحمل بعض الدروس من هذا الشرح من الشبكة الإسلامية واستمع إليها، فكانت الجلسة الواحدة أحيانا تصل إلى أربع أو خمس ساعات، وهو يغرف من بحر الشريعة الواسع؛ فيروي الأحاديث مسندة، ويعرض المذاهب الفقهية بأدلتها ويناقشها، ويغوص في دقائق المباحث الأصولية واللغوية والمنطقية دون عناء. ولو تم تفريغ هذا الشرح وطباعته لكان من أكبر شروح البخاري وأجلها.
• ثانيا: دروسه في التفسير، وهي ذات قيمة علمية نادرة، ولو تم تفريغها وطباعتها لجاءت في عدة مجلدات، ولكانت إضافة نوعية لكتب التفسير. وأذكر أنه في دروس الشيخ حول الآيات القرآنية التي تحدثت عن غزوة أحد، والآيات التي تحدثت عن غزوة بدر، كان ينتهي عليه الدرس الواحد وهو يتحدث عن تفسير آيتين أو ثلاث آيات؛ يستعرض فيها وجوه التفسير المختلفة، ثم يرجح بينها بالمرجحات العلمية المعروفة، ويأتي بدقائق التفسير ولطائف المعارف التي لم يكرر فيها غيره.
• ثالثها: هو فتاوى الشيخ؛ التي يحررها على السجية والبداهة من حفظه فتأتي كأحسن الفتاوى التي تم فتح الكتب لها وتم تنقيحها وتهذيبها وعرض مختلف عباراتها ومباحثها على العقل ليعيد النظر فيها لعله يجد أحسن منها. ولم تم تفريغ هذه الفتاوى وطباعتها لما قصرت عن أكبر كتب الفتاوى وأوسعها علما وإحاطة بفنون العلم وأبوابه المختلفة.
• رابعها: شروح المتون العلمية، مثل شروح الشاطبية والجزرية ونخبة الفكر والورقات وشرح الأربعين النووية، وشرح الرحبية وشرح ابن عاشر، وشرح لامية الأفعال… وغير ذلك من الشروح العلمية الكثيرة.
• خامسا: دروسه العلمية التي تأخذ شكل سلسلة دروس متواصلة؛ مثل فقه الأسرة، وفقه المعاملات، وفقه الزكاة، ودروس الصلاة. وتحتوي هذه الدروس على الكثير من العلم، ولو طبعت لجاءت في مجلدات عدة.

حفظ الله شيخنا العلامة الإمام محمد الحسن الددو وأطال عمره ونفع الأمة بعلمه وببركته.
إخليهن محمد أمين