أخبار عاجلة
الرئيسية / آخر الأخبار / عام على رحيل “نادر المؤيد”/ محمد المُنى

عام على رحيل “نادر المؤيد”/ محمد المُنى

في عيادته المقابلة لمطعم زبيدة على شارع الأمل، والتي تزين واجهتَها الصغيرةَ شجيراتٌ وزهورٌ وأعشاب خضراء، والمؤثثةُ مِن الداخل تأثيثاً منظماً وراقياً، التقيتُ ذلك الطبيب الأنيق الذي يتحدث بـ«نبرة مثقفة» وهادئة وذكية ومطمئنة لمراجعيه، فيستفيض في النقاش مع مريضه حول كل شيء، باحثاً عن أسباب العلة أو الشكوى في ما وراء المعطيات الحيوية المباشرة. حدثني في ذلك اليوم من أيام عام 1992 عن دراسته الطبَّ في سوريا وعن نشاطه في جمعية غرناطة للفنون والثقافة، داعياً إياي إلى حضور لقاء سينظمونه مع العلامة الشيخ عبد الله بن بيه، قائلا إنه أستاذ في الجامعات السعودية، وإنه شخصية علمية وثقافية مرموقة للغاية، وإنه يمثل خطاً عقلانياً تحتاجه الثقافة العربية الإسلامية أشد الاحتياج. ومما حدثني به أيضاً ولعه الشديد بعلم النفس ودراساته، قائلا بكل كرم وأريحية إنه يضع تحت تصرفي مكتبتَه من المؤلفات السيكولوجية.
بعد حوالي ثلاث سنوات التقيتُه لليلة كاملة في الجزائر العاصمة حيث كان يدْرس تخصصَ أمراض الكلى، فكانت ليلةً مليئة بالفائدة والمتعة والتحفيز.. عرفتُ خلالها أيضاً أنه أحد كُتاب القصة القصيرة المجيدين، وأنه هو «نادر المؤيد»، الكاتب الذي كنا نقرأ بشغف عمودَه الأسبوعي في صحيفة «البيان» مطلع التسعينيات. وفي وقت لاحق وبعد اختفاء الصحيفة وتوقف «نادر المؤيد» عن الكتابة الصحفية، تعين علي شخصياً -لأسباب مهنية- أن أكتب باسم مستعار في صحيفة خارج البلد، فاستخدمتُ اسم «نادر المؤيد» لبعض الوقت، إعجاباً مني بمقالات ذلك الكاتب المميز.
إنه الدكتور أحمد ولد السيد، أخصائي الكلى والمسالك البولية والنائب البرلماني السابق، الذي علمتُ الآن بوفاته مأسوفاً عليه، أسأل الله تعالى أن يتغمده برحمته ومغفرته ورضوانه، وأن يعظم فيه أجر ذويه وجميع محبيه، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

من أرشيف الصفحة

صدقة جارية