ربما كان المخرج الوحيد لدى المحكمة العليا ـ على رأي البعض ـ إعادة محاكمة المسيء عبر تشكيلة مُغايرة، ليتسنى إلغاء التكييف الخاطئ من الزندقة إلى الردة، حيث أن عددًا من كبار علماء البلد، أكدوا حُكم القتل في هذه الحالة، لعدم قبول التوبة عند الإساءة لله وملائكته وكتبه ورسله، ولحساسية
هذه الإساءة واحتمال تصاعد انعكاساتها وتوالداتها في المجتمع الموريتاني، إذا لم تُردع ردعًا حقيقيًا.
وهذا التصحيح القضائي المرتقب، لصالح الذب عن عرضه صلى الله عليه وسلم، ليسَ مُستغربًا، إذا ما وضعنا في الاعتبار، أن قضاة موريتانيا في هذا الصدد الحساس، العقدي الجوهري، ليسوا أقل نُصرةً له صلى الله عليه وسلم، من هذه الجماهير الطيبة، المُحتشدة هنا وهناك، على منحى حسن النية في قُضاتنا، وهو مطلوب ومفيد إن شاء الله.
فنرجو من الله، أن يكون هذا الإجراء القضائي أمس، لصالح النُصرة والردع بأعلى مستوياته، وهو طبعًا الحُكمُ بالقتل ضد هذا المُسيء، وكل مسيء، إن تكررت الإساءة لا قدر الله، من طرف أي جاهل متجاسر، مع التنفيذ الفوري العملي لهذا الحُكم القضائي المُستحق، ضد كل مسيء بهذا القدر، والعياذُ بالله تعالى.
إن من ناصر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلنفسه أولاً، ولله الحمد على هذه المُناصرة، التي ينبغي أن تكون دائمًا، وهي مُلزمة لكل مسلم، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن عبد الله “لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من والده وولده والناس أجمعين”.
الشهادتين مُقترنتين، لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما حدث من إساءة ضد رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم كان أمرًا جللاً خطيرًا، وما يصبو إليه ولد امين وفطمة امباي وغيرهم، مذهب آخر، قد لا يُناسب المقام، من الردع المطلوب القاطع، وهو خلاف ما صدح به بعضُ العلماء العارفين، محل التزكية والكفاءة العلمية المُفحمة.
أما الرهان على مواقف المنظمات الحقوقية إسمًا، العقوقية واقعًا، والتي غذّت من قبل الحركة العنصرية الانفصالية “افلام”، ولاحقًا “إيرا”، وساندت ولد امخيطير، وكل ناعق يسعى للتلاعب بديننا ووحدتنا الوطنية المُقدسة، فهذا سبيل معروف، لمن أراد الارتهان لأعداء الإسلام وموريتانيا والهوية العربية والإفريقية الأصيلة، باسم شعارات استهلاكية، يُرددها بعد أذناب الغرب، الحداثيين المارقين غالبًا، ولا يُطبقها الغربُ إلاّ داخل حيزه الجغرافي الخاص، على منحىً ازدواجي، مُثير للشفقة، لأنه يكشف عندهم، مدى ضياع شرط العدالة والمساواة بين البشر.
الغرب أكثر وحشية وظلمًا أحيانًا، من كافة شعوب العالم، وما يخوضُ فيه اليوم ترامب وأتباعه أبرزُ مثال على ذالك.
ومن وجه آخر أحيانًا تجدهم متمسكون بهويتهم رغم تحريفها وعورها، ونحنُ المسلمون لا ننزه أنفسنا في مجال التقيد والتطبيق، لكن مبادئنا أثبتت تفوقها وروعتها في ساحة الفعل الحضاري الواسع، زمنيًا وجغرافيًا، وهم يعلمون ذلك، والحق ما شهدت به الأعداء.
ولا حُكمَ في هذه النازلة، من الإساءة لعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لله، ولا حُكم في أي أمر آخر إلاّ حُكمَ الله، وحكومة موريتانيا إن كان بها إدراك أو فهم أو رشاد، خير لها التماشي مع حُكم الله ومطالب وضغوط جماهيرها العريضة، المُناصرة له صلى الله عليه وسلم، من هذا التذبذب والتردد الهدام.
ولو كان تأجيل الحسم القضائي متعب لجماهير النُصرة وربما إرهاق أو تلاعب بالرأي العام عمومًا، حيثُ أصبحت المطالبة بالحسم قضيةُ رأي عام بامتياز، إلا أننا نُحسنُ الظنّ بقضائنا ونرجو من الله أن يكون في هذا الأمر، فرصة لتصحيح التكييف، للثبات على وصم هذه الإساءة بالزندقة وإعطائها ما تستحق من حكم قتل مُريح للجاني المتهور، ومع التنفيذ الفوري بإذن الله، أحب من أحب وكره من كره.
فالله أعلمُ بمصالح عباده، أتتجاسرون على عرض الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم وبعد ذالك تتحدثون مغالطة ومراوغة ومكابرة، عن حقوق الإنسان، أم هي عقوق الإنسان وتفاهات وأمراض النفوس الزائغة الظالمة فحسب؟.
لا خيار مأمون على عقيدة الأمة الموريتانية وهويتها وتوازنها إلاّ توجه الحسم والقطع مع المتلاعبين وتنفيذ حكم الله، وإلاّ فاللهم سلم سلم مما هو مُرتَقب من تحديات وفتن مدلهمة، لا قدر الله.
ولله الأمرُ من قبلُ ومن بعد.