استمر نشطاء الحراك الشعبي في الحسيمة في التعبئة للخروج من جديد إلى الشوارع، للاحتجاج على عدم التجاوب مع مطالبهم الاجتماعية؛ إذ التأم عدد منهم في جمع عام مفتوح، جاء بعد تنفيذ “مسيرة الأكفان من أجل الحياة” يوم الأحد الماضي، وشددوا خلاله على ضرورة رفع التهميش الاقتصادي وما يصفونه بـ”العسكرة”.
الداخلية في الحدث
منذ اندلاع الحراك، إثر مقتل بائع السمك محسن فكري طحنا داخل آلية لجمع الفنيات ليلة 28 أكتوبر 2016، سجلت الجهات الرسمية، ممثلة في وزارة الداخلية، حضورا لافتا؛ إذ قام عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية الجديد، يوم الاثنين الماضي، بزيارة إلى المنطقة، حيث عقد لقاء مع أعضاء الهيئات المنتخبة وممثلي المصالح الخارجية بإقليم الحسيمة، وجه خلاله عدة رسائل وبث فيه وعودا بتنفيذ مشاريع تنموية في المنطقة.
ويشكل حضور لفتيت إلى الحسيمة الرابع من نوعه لوزير الداخلية منذ اندلاع الاحتجاجات على طول ستة أشهر؛ إذ توجه محمد حصاد، الوزير السابق، بعد مقتل فكري بيومين، إلى منزل أسرته بتعليمات من الملك محمد السادس. وفي الـ06 فبراير الماضي، عاد حصاد مرة أخرى إلى المدينة، بعد يوم من أحداث دامية نشبت بين المتظاهرين وبين عناصر القوات العمومية، إحياء لذكرى رحيل الزعيم الريفي محمد بن عبد الكريم الخطابي.
وفي 28 مارس المنصرم، ترأس حصاد اجتماعا بمقر عمالة إقليم الحسيمة، ضم مسؤولين ومنتخبين عن المنطقة، بالموازاة مع احتجاجات حاشدة شهدتها منطقة “تامسينت” وأخرى بإيمزورن (ضواحي الحسيمة)، شهدت حالة من العنف طال رجال الأمن مع اعتقال متظاهرين؛ وهو اللقاء الذي عرف قرارا عقابيا لمحمد الزهر، عامل الإقليم، بإلحاقه بالمصالح المركزية للداخلية، وتكليف الوالي محمد فوزي، المفتش العام للوزارة، بالإشراف على تسيير شؤون عمالة الإقليم، في انتظار تعيين عامل جديد خلال المجلس الوزاري المقبل.
ورغم أن الغاية الأساسية من اللقاءات الداخلية بمسؤولين ومنتخبين عن إقليم الحسيمة ظلت هي “الوقوف عن كثب على حقيقة الأوضاع بالمنطقة، وتدارس السبل الكفيلة بتسريع الدينامية التنموية بالإقليم”، فإن الوزير لفتيت خرج عن المألوف في لقاء الاثنين الماضي، حين نفى وجود ظهير يحدد الحسيمة كمنطقة عسكرية؛ فيما قال إن “هناك عناصر وجهات يعرفها الجميع تعمل على استغلال مختلف التحركات الاحتجاجية، التي شهدتها المنطقة لخلق حالة من الاحتقان الاجتماعي والسياسي”.
زراد: أرضية للحوار
حول مدى قدرة زيارة وزير الداخلية إلى الحسيمة على امتصاص الاحتقان الاحتجاجي، يقول البرلماني عمر زراد، في تصريح لهسبريس، إن “القاعدة العامة لأي مطالب اجتماعية تبقى الحوار”، وزاد: “نحن متمسكون بلغة الحوار بين جميع الفرقاء دون استثناء”، موضحا أن هذا المسار الحواري ينبغي أن يبلغ مستوى “الاتفاق على حد أدنى من المشاريع التنموية القابلة للإنجاز، وفق جدولة زمنية مُحدّدة”.
البرلماني ابن منطقة الحسيمة يرى أن الأخيرة تحتاج إلى فك العزلة وتنفيذ مشاريع تنموية اجتماعية واقتصادية عاجلة، وزاد موضحا: “قدمنا في الفريق النيابي مشروعا متكاملا نطمح من خلاله إلى الإجابة على كل ما هو اقتصادي واجتماعي وثقافي ورياضي يهم الساكنة، وكذا امتصاص وضع الاحتقان في الحسيمة”، مضيفا أنّ الرؤية تضم مشاريع تنموية وفق أرقام ومعطيات قابلة للتنزيل.
ويعطي زراد مثالا عن تلك المشاريع المقترحة، من قبيل “إنشاء منطقتين صناعيتين بكل من تاركيست وإيساكن ومنطقة أخرى للتشغيل بآيت قمرة، وتصور واضح حول حل إشكالية التعليم والتكوين المهني، كمدخل رئيسي لتأهيل شباب المنطقة من أجل ولوج سوق الشغل”، مع “إحداث جامعة في المنطقة والرفع من قيمة الموارد ضمن الاقتصاد التضامني، التي من خلاله نعطي أهمية للمنتوج المحلي، مقابل الرفع من مستوى الجذب السياحي للمنطقة”، إلى جانب “فك العزلة بتنفيذ مشاريع الربط الطرقي بين الحسيمة وعديد من المناطق والمدن المجاور لها”.