شارك رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز صباح اليوم الاربعاء، ضمن برنامج زيارته الحالية لفرنسا بدعوة من نظيره الفرنسي افرانسوا أولاند، في حفل افتتاح معرض مخزون الإسلام في افريقيا من تيمبكتو إلى زنجيبار، المنظم من طرف معهد العالم العربي في باريس.
وشارك إلى جانب رئيس الجمهورية في افتتاح الحفل، كل من الرئيس الفرنسي افرانسوا اولاند ورئيسي مالي وبوركينا افاسو.
وتبادل رئيس الجمهورية عبارات الترحيب مع نظرائه على هامش هذه التظاهرة التي تجسد التضامن والتبادل والتفاعل بين افريقيا والعالم والعربي من جهة واوروبا من جهة ثانية.
وتجول رئيس الجمهورية رفقة نظرائه في اجنحة هذا المعرض الذي يكرس احتفاء معهد العالم العربي، من داكار إلى زنجبار ومن تمبكتو إلى آراري، بمجتمعات ترسخت عبر ثلاثة عشر قرنا من التبادل الروحي والثقافي مع شمال إفريقيا والشرق الأوسط .
ويتجلى هذا التبادل من خلال الآثار والعمارة والتراث غير المادي والفن المعاصر، التي ضمها هذا المعرض، للمرة الأولى، الممتد على مساحة 1100 متر مربع، في ما يقارب 300 قطعة تشهد على الثراء الفني والثقافي لممارسة الإسلام في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى .
وتعرض فى هذه التظاهرة 300 قطعة تختزل ثلاثة عشر قرنا من التبادل الثقافي والروحي بين المغرب الكبير والشرق الأوسط، فى مجالات العمران والتراث اللامادي والفن المعاصر، للدلالة على الثراء الثقافي والفني للإسلام فى إفريقيا جنوب الصحراء.
ويرحل الزائر في بداية مسار المعرض عبر العصور: منذ بدايات دخول الإسلام إلى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في القرن الثامن الميلادي، حيث تصبح الصحراء مكانا هاما للتبادل والتنقل.
ولدى موريتانيا فن معماري إسلامي فريد تحتضنه مدنها التاريخية الاربع شنقيط ووادان وولاته وتيشيت كانت منطلقا لنشر الإسلام وثقافة التسامح فى إفريقيا؛ وكان لهذا الفن اسهاماته المتميزة هو الاخر في اثراء هذا التراث، وما تخصيص مهرجان دوري وسنوي بين هذه المدن خلال السنوات الاخيرة باشراف مباشر من رئيس الجمهورية الا شاهدا حيا على العناية التي توليها السلطات العمومية في البلاد لنفض الغبار عن تراثنا وتعزيز اسهامه في التفاعل والتبادل بين الفضاءين العربي والافريقي من جهة واوروبا من جهة اخرى.
وهناك، في هذا المعرض بفضل شبكات التجارة والتواصل، ثلاثة فضاءات متميزة تتشارك في تاريخها وأشكالها الفنية : القرن الأفريقي مع وادي النيل، ثم المنطقة السواحلية ، وبعدها غرب أفريقيا. كما يتجسد هنا كيف عبر الإيمان الديني عن نفسه وما زال يعبر عنها الآن .
وتنتقل بنا المرحلة الثانية في المعرض إلى العمارة الدينية وطقوس العبادة وممارسة السحر. وتقودنا أفلام الفيديو المعروضة فيها إلى قلب الروحانية الصوفية في إفريقيا .
ويتجلى انتقال الثقافة العربية الإسلامية إلى هذه المجتمعات عبر الفن والحِرَف اليدوية. ونصل إلى نهاية مخزون الإسلام في أفريقيا لنلتقي مع أعمال فنية قوية تؤكد على انتقال الأشكال والخبرات إلى جميع أرجاء القارة ومساهمتها في بث إشعاع الثقافات المسلمة في ربوع القارة ونكتشف غزارة إبداع الحرفيين المسلمين من خلال الأثواب المطرزة والحلي الفضية والتمائم الجلدية لدى بعض المجتمعات خصوصا الطوارق .
وتُشَكل الكتابة صلة الوصل بين أقسام المعرض كلها، فهي التي أتاحت انتشار النصوص الدينية المقدسة، كما أنها سُخرت لاستخدامات سحرية، وهي تشير أيضا إلى خصوصيات محلية في ميدان الخط العربي في القارة الأفريقية .
ويكرم المعرض، في جميع أقسامه، الفن المعاصر شاهدا على تاريخ هذه التبادلات الغنية، ويلتقي فيه عدد من الفنانين الافارقة المعاصرين، مما يعكس الحيوية التي يعيشها المشهد الفني الأفريقي في وقتنا الحاضر.
وأشاد الرئيس الفرنسي بإسهامات دول الساحل وحزمها اتجاه الارهاب والتطرف العنيف، مشيرا في هذا الاطار الى مقاربات رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز شاكرا دوره الفاعل في نزع فتيل الازمة الغامبية.
وقال الرئيس الفرنسي ان هذه التظاهرة التي تبرز دور العالم العربي ليس فقط في تعزيز حوار الحضارات وانما اظهار حقيقة الاسلام المتسامح الذي يرفض الارهاب والتطرف والديكتاتورية.
وشكر السيد جاك لانغ مدير معهد العالم العربي في كلمة بالمناسبة مختلف الشركاء المشاركين في هذا المعرض في افريقيا والعالم العربي وفرنسا، مرحبا بمشاركة قادة الدول الحاضرين لهذه التظاهرة التي تعكس حرصهم على ابراز وثراء الرسالة الاسلامية السمحة في حفظ التراث المادي واللامادي لهذه المنطقة وتعارض الاسلام في حقيقته مع الارهاب والتطرف العنيف.
تجدر الاشارة الى أن معهد العالم العربي مؤسسة قائمة على القانون الفرنسي، وأُنشِئت لتكون، في الأساس، أداة للتعريف بالثقافة العربية ولنشرها.
وقد تأسس المعهد عام 1980 م، حيث اتفقت 18 دولة عربية مع فرنسا على إقامته ليكون مؤسسة تهدف إلى تطوير معرفة العالم العربي وبعث حركة أبحاث معمقة حول لغته وقيمه الثقافية والروحية. كما يروم المعهد تشجيع المبادلات والتعاون بين فرنسا والعالم العربي، خاصة في ميادين العلوم والتقنيات، مساهمة بذلك في تنمية العلاقات بين العالم العربي وأوروبا.
وقد جاء معهد العالم العربي الذي هو مركز ثقافي، ثمرة تعاون بين فرنسا و اثنين وعشرين بلدا عربيا هي: موريتانيا واليمن، المملكة العربية السعودية، البحرين، جزر القمر، جيبوتي، سوريا ،الإمارات العربية المتحدة، العراق،الأردن، الكويت، السودان، ليبيا، قطر، عُمان،فلسطين، المغرب، الصومال، لبنان، مصر، تونس والجزائر .
ويعد هذا المعهد اليوم جسرا ثقافيا حقيقيا بين فرنسا والعالم العربي.
ورافق رئيس الجمهورية خلال هذا الحفل وزير الشؤون الخا جية والتعاون السيد اسلكو ولد احمد ازيد بيه والسيد احمد ولد باهية مدير ديوان رئيس الجمهورية وسعادة السيدة عيشة بنت امحيحم سفيرة موريتانيا في باريس والدكتور احمد ولد اباه مندوبنا الدائم لدى اليونيسكو والسيد عبد الله ولد احمدامو مكلف بمهمة في رئاسة الجمهورية والسيد اتيام جومبار مستشار برئاسة الجمهورية.