اعتبر خبيران مغربيان، أن اعتزام بلدهما إطلاق أول قمر اصطناعي عالي الدقة، في نوفمبر المقبل، يهدف إلى مواجهة التهديدات الإرهابية، والهجرة غير الشرعية المتنامية، ومتابعة شبكات التهريب والقرصنة في خليج غينيا.
وفي ظل صمت رسمي، نقلت وسائل إعلام محلية عن مواقع متخصصة، بينها “سبيس واتش”، أن المغرب يعتزم إطلاق قمر اصطناعي من نوع “آسترييُوم”، من منطقة “غويانا” الفرنسية، في الساحل الشمالي لأميركا الجنوبية، ضمن صفقة اشترت المملكة بموجبها قمرين بحوالي 500 مليون يورو.
وقال الخبيران، في حديثين منفصلين للأناضول، إن هذا القمر (يحمل اسم MN35-13) له أهداف عسكرية أكثر منها مدنية، فضلاً عن تأمين الحدود ومراقبتها.
من أجل داعش
ووفق عبد الرحمن مكاوي، الخبير المغربي في الشؤون الأمنية والعسكرية، فإن “أسباباً عديدة دفعت المغرب إلى اتخاذ قرار إطلاق قمر اصطناعي لتلبية احتياجات معينة، والرد على مخاطر معروفة، بينها تهديدات تنظيم داعش للمملكة، والهجرة السرية المتنامية، ومتابعة شبكات التهريب المختلفة، التي أصبحت تهدد البلاد وبقية دول شمال إفريقيا”.
وأشار إلى أن بلاده تعتزم “إطلاق قمر اصطناعي، في 7 أو 8 نوفمبر المقبل، وقمر آخر فيما بعد (لم يحدد موعداً)، وأن قاعدة قرب مدينة الرباط، هي التي سوف تتحكم في تلقي المعلومات”.
وأضاف أن “المغرب يهدف، من خلال هذا القمر الاصطناعي إلى الحد من القرصنة البحرية على مستوى خليج غينيا، والتي بدأت تهدد التجارة الدولية على مستوى المحيط الأطلسي، وخاصة الشواطئ الغربية بالقارة الإفريقية”.
وتابع: “القمر الاصطناعي الذي اقتناه (تعاقد عليه) المغرب من فرنسا له مهام عسكرية، مثل التجسس والاستطلاع، ويمد القطاعات العسكرية بمعلومات مدققة على مدار الساعة”.
ولفت إلى أنه “من المنتظر أن ينسق (القمر) بين مختلف القطاعات البحرية والجوية والبرية، ويسهم في مراقبة الحدود أيضاً”.
وأوضح أن هذا “القمر سيعمل أيضاً على صد الهجمات الإلكترونية على المغرب، التي بدأت تُشكل سلاحاً آخر، يهدد الأنظمة المعلوماتية في المملكة من طرف تنظيمات إرهابية، وهو أمر مهم يدخل في إطار الحرب الإلكترونية”.
وبشأن مهام القمر المدنية، قال الخبير المغربي إن “القمر الاصطناعي له دور كبير في تطور العديد من القطاعات الاقتصادية، مثل: الطاقة الشمسية، ومراقبة ظاهرة الجفاف، ويسهم في الاكتشافات المعدنية والغازية، وسيسهم في تحديد حالة الطقس، خاصة تأثير الفضاء والزلازل والكوارث الطبيعية”.
ولفت إلى أن “برمجيات (نظام تشغيل) القمر الاصطناعي متعددة التخصصات؛ سواء عسكرية أو مدنية، ولكن الشق العسكري والاستخباراتي والمراقبة هو الأساسي”.
وذكر أن المغرب “يعتزم تشديد مراقبة معابره البحرية، مثل مضيق جبل طارق، الذي أصبح يُشكل هدفًا استراتيجياً لتنظيمات إرهابية (لم يسمها)”.
وأفاد بأن المملكة “تتوفر (لديها) أقمار اصطناعية، وتشترك في أخرى مدنية، خصوصاً التي لها علاقة بقطاع الاتصالات والبث التلفزيوني، وكل ما هو إلكتروني خاص بالبث الإعلامي المدني”.
الهجرة والإرهاب
من جانبه قال الخبير الأمني المغربي، محمد أكضيض، للأناضول، إن بلاده تهدف إلى “محاربة الهجرة غير القانونية، عبر سعيها إلى امتلاك قمر اصطناعي”.
واعتبر أن “الهجرة غير القانونية تمثل خطراً بالنسبة للمغرب ودول الاتحاد الأوروبي، لا سيما مع استغلال الجماعات المتطرفة للهجرة من أجل التسلل إلى الدول الأوروبية”.
وأشار إلى أن الرباط تربطها علاقة استراتيجية مع الاتحاد الأوروبي، وتلتزم بمحاربة الاتجار بالمخدرات، وشبكات تهريب البشر، ولذلك تعتزم إطلاق قمر اصطناعي.
وارتأى أن امتلاك قمر اصطناعي عالي الدقة “يعتبر صمام أمان بالنسبة للمغرب، وبالنسبة للاتحاد الأوروبي، الذي عانى من موجات إرهاب”.
وشدَّد على أن “التدخل البشري غير قادر على الحد من مجموعة من المخاطر، وهو ما يتطلب الاستعانة بقمر اصطناعي، يوفر ضمانات علمية، وذلك لمحاربة الإرهاب والهجرة غير القانونية، والاتجار بالمخدرات، وتدفق البشر”.
وفي مايو الماضي، أعلن وزير الداخلية المغربي، عبد الوافي لفتيت، أن الأجهزة الأمنية أوقفت خلال السنة الماضية، أكثر من 36 ألف مهاجر غير قانوني.
وأضاف الوزير المغربي، خلال اجتماع اللجنة الداخلية بمجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان) في الرباط، أنه جرى تفكيك 61 شبكة إجرامية تنشط في ميدان تهريب البشر، ليبلغ عدد الشبكات التي تم تفكيكها منذ 2002 نحو 3136 شبكة.
وأشار إلى أن المغرب استقبل أكثر من 20 ألف طلب لتسوية وضعية مهاجرين غير قانونيين، خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2017، شملت 100 جنسية.