تصاعد التوتر بين المملكة السعودية وإيران حيال النزاع في اليمن بشكل خطير الاثنين 06 نوفمبر 2017 مع تهديد الرياض بتحرك “بالشكل المناسب” ضد طهران على خلفية اتهامها بدعم القدرات الصاروخية للمتمردين الحوثيين.
جاء هذا التهديد في خضم حملة سياسية واقتصادية وإعلامية تشنها المملكة السعودية ضد إيران لمقارعة نفوذها في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، مدفوعة بضوء أخضر من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
تقف القوتان الاقليميتان، السعودية وإيران، على النقيض في العديد من ملفات المنطقة. ويقول مراقبون إنهما تخوضان حروبا بالوكالة في نزاعات الشرق الأوسط، إلا أن التهديد بعمل عسكري مباشر يدفع الخصومة بينهما إلى مرحلة أكثر خطورة.
قالت السعودية، مساء السبت 05 نوفمبر 2017، إن قواتها اعترضت فوق مطار الرياض صاروخا بالستيا أطلقه المتمردون الحوثيون في اليمن باتجاه العاصمة، ما أدى إلى سقوط شظايا منه في حرم المطار.
رغم أن الصاروخ لم يعطل حركة الملاحة الجوية، إلا أنه يشكل بالنسبة للسعوديين تهديدا جديا، إذ أن الصاروخ عبر مسافة تقدر بنحو ألف كلم انطلاقا من أقرب نقطة حدودية بين شمال اليمن وجنوب المملكة.
وسارعت الرياض إلى تحميل طهران المسؤولية في إطار دعمها للحوثيين الشيعة بالسلاح والمال، وهددت بالرد ليس على المتمردين فقط، وإنما على إيران أيضا.
تقود السعودية منذ شهر مارس 2015 تحالفا عسكريا في اليمن دعما للحكومة المعترف بها وفي مواجهة المتمردين المتحالفين مع الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح.
وجاء في بيان للتحالف نشرته وكالة الأنباء الرسمية السعودية “ثبت ضلوع النظام الإيراني في إنتاج هذه الصواريخ وتهريبها إلى الميليشيات الحوثية في اليمن، بهدف الاعتداء على المملكة وشعبها ومصالحها الحيوية”.
ورأى التحالف إن “التورط” الإيراني يعتبر “عدوانا عسكريا سافرا ومباشرا وعملا من أعمال الحرب ضد المملكة”.
وأكدت قيادة التحالف “على احتفاظ المملكة بحقها في الرد على إيران في الوقت والشكل المناسبين الذي يكفله القانون الدولي ويتماشى معه واستناداً إلى حقها الأصيل في الدفاع عن أراضيها وشعبها ومصالحها”.
اغلاق ومكافآت
في وقت ينشغل السعوديون بالبحث في القدرات التي مكنت الصاروخ اليمني من اجتياز مسافة طويلة، قررت المملكة الاغلاق الموقت لكل المنافذ اليمنية الجوية والبحرية والبرية.
جاء في بيان التحالف “من أجل سد الثغرات الموجودة في إجراءات التفتيش الحالية والتي تسببت في استمرار تهريب تلك الصواريخ والعتاد العسكري إلى الميليشيات الحوثية، قررت قيادة قوات التحالف الإغلاق المؤقت لكافة المنافذ اليمنية الجوية والبحرية والبرية”.
لكنه أشار إلى مراعاة “استمرار دخول وخروج طواقم الإغاثة والمساعدات الإنسانية وفق إجراءات قيادة قوات التحالف المحدثة”.
يشهد اليمن منذ 2014 نزاعا داميا بين المتمردين الحوثيين الشيعة والقوات الحكومية. وسقطت العاصمة صنعاء بأيدي المتمردين المتحالفين مع مناصري الرئيس اليمني الاسبق علي عبد الله صالح في سبتمبر من العام نفسه. وشهد النزاع تصعيدا مع تدخل السعودية في مارس 2015.
خلّف النزاع أكثر من 8650 قتيلا وأكثر من 58 ألف جريح منذ التدخل السعودي، بحسب ارقام الامم المتحدة، وتسبّب بانهيار النظام الصحي، وتوقف مئات المدارس عن استقبال الطلاب، وانتشار مرض الكوليرا، وأزمة غذائية كبرى.
تطالب منظمات دولية أطراف النزاع بفتح مطار صنعاء والموانئ اليمنية امام الحركة التجارية من اجل تجنب المجاعة.
بالتزامن مع قرار إغلاق المنافذ، أعلنت السعودية عن لائحة تضم أسماء أربعين مسؤولا في صفوف الحوثيين، وقررت صرف مكافآت مالية (تبلغ قيمتها الاجمالية 440 مليون دولار) لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقال أحدهم.
ضمت اللائحة زعيم المتمردين عبد الملك بدر الدين الحوثي ورئيس المكتب السياسي صالح علي الصماد، ولم تشمل علي عبدالله صالح.
بلغت قيمة المكافأة المالية لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقال زعيم المتمردين 30 مليون دولار، و20 مليون دولار لمن يساهم في اعتقال الصماد. وتراوحت قيمة المكافآت الاخرى بين 20 وخمسة ملايين دولار.
سياسة واقتصاد
وقبيل حادثة الصاروخ اليمني فوق الرياض، شهد الصراع السعودي الايراني جولة عراك سياسي مهمة تمثلت في اعلان رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري من الرياض، استقالته من منصبه، حاملاً على إيران وحزب الله.
رأى محللون أن إعلان الاستقالة المفاجئ السبت 04 نوفمبر 2017 من السعودية يبرز حدة الصراع المتنامي بين طهران والرياض خصوصا في وقت توشك الحرب في سوريا والعراق ضد تنظيم الدولة الاسلامية على النهاية. وتسعى السعودية الى منع إيران من استثمار نتائج الانتصار على التنظيم في هذين البلدين حيث تملك طهران نفوذا كبيرا.
اعتبر الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، حليف إيران القوي، الاحد 05 نوفمبر 2017 أن استقالة الحريري “قرار سعودي أملي” عليه.