أخبار عاجلة
الرئيسية / آخر الأخبار / العلامة أحمد بن كَدّاه الكمليلي الشنقيطي(065)

العلامة أحمد بن كَدّاه الكمليلي الشنقيطي(065)

ضمن خط شمامة بين نجوع كرمسين وفي الجنوب الغربي من منطقة الگبله المعروفة بالساحل، ولد في منتصف القرن التاسع عشر، العالم والنحوي والأديب الكبير أحمد بن محمذ “كَدَّاه” بن أحمد بابو الكمليلي، نشأ على ما ينشأ عليه ناشئ الفتيان من قومه وبدأت عليه مخايل النجابة والنبوغ قبل البلوغ وارتاد محاظر قبيلة إكمليلن الراسخة القدم في العراقة العالية القدم في علمي المنقول والمعقول والتي عرفت ازدهارا كبيرا وخرّجت علماء أفذاذا من أمثال المؤيد بن المصيوب الكمليلي؛ وأدييج بن عبد الله الكمليلي؛ والشيخ المستعين بن طلحة الكمليلي؛ و محمد بن عبد القادر بن الأمين الكمليلي؛ والشيخ عبد الله بن سيد محمود الكمليلي؛ والشيخ السالم بن أغربط الكمليلي وغيرهم ، والتي كان الطلاب يشدون إليها الرحال فمرّ عليها علما كبار من أمثال لمرابط محمذ فال بن ﻣﺘّﺎﻟﻲ و الشيخ محمد آسكر بن سيديا بن محم الغلاوي، نهل أحمد بن كَدَّاه من علوم تلك المحظرة وعلَّ ، وارتضع منها الخلف والضرع، ثم سمت به همة عليا لاتعرف الكلل طلب العلم، فأخذ عن العلامة محمد فال “ببها” ولد محمذن ولد أحمد العاقل ثم يمم محظرة سيبويه زمانه العلامة يحظيه ول عبد الودود، وفي تلك المحظرة ضرب ولد كداه أروع أمثلة الصبر في سبيل طلب العلم متجرعا مضض المرين ذل وسغب خلال أربع سنين، نفد فيها زاده لكنه ظل يكابد الغربة وضيق ذات اليد إلى أن أكمل ألفية ابن مالك في النحو، وقد كتب إلى أهله هذه الأبيات:
فمن مبلغ أهلي بأني هاهنا :: أقاسي أمورا لست فيها بمنجد
يساورني جندا أبي وابن مالك :: ومن ساور الجندين لابد يجهد
أدافع جند الابن إن جاء صائلا :: ومالي بجند الجد إن جاء من يد
ومراده “بأبي مالك” الجوع، إذ هو علم عليه، ومراده “بابن مالك”: ألفيته.
أتقن ابن كداه الألفية بالطرة والاحمرار وتفتحت أمامه أبواب النحو فأضاء بفهمه ليل عويصة وفتح أقفال مشكله، وقد قال يحظيه عن نبوغه إنه “سلْ النحو باعروگو” ثم كتب له إجازة فريدة:
” (إن الذين يكتمون ما أنزلنا..) الآية، (ولا تكتموا الشهادة..) الآية. اعلموا وأعلِموا مستنصحا شاوَركم، ومُسْتخبرا حاوَرَكم، بأني أوريتُ لأحمد بن امحمد بن بابو فقبسَ؛ وأوحيتُ فنبسَ، ونجَّذت فضرَّس، فصار منِّي في التوابع بدلا ليس بعضا ولا مُباينا ولا مشتملا
التابع المقصود بالحكم بلا :: واسطة ٍ هو المسمّى بدلا
مبتدأ بلام جنس عرفا :: منحصر لمخبر به وفى
وخبر المحصور قدم أبدا … كما لنا إلا اتباع أحمدا
كتبه يحظيه بن عبد الودود تيب عليهما”
/
وحين وصلت هذه الإجازة إلى العلامة محمد فال “ببها” ذيلها بعبارة واحدة هي: وأنا كذلك، ووقع تحتها.
يعد أحمد بن كَدَّاه من الطَّبقة الأولى مسادير يحظيه، وكان مع براعته في النحو والصرف شاعرا قوي السبك وناقدا جيد الذائقة ويتجلى ذلك بوضوح في مدونته المسماة بـ “الكَدَّاهيَّة” التي تضمن أنظاما كثيرة لفوائد في النَّحو والصَّرف، ومن نماذجها قوله يخاطب شيخه يحظيه “أباه” مشيرا للمعاني التي ترد بها كلمة “نحو” في اللغة العربية:
نحونا بأنحاءٍ من الحاج نحوكم :: تناهز نحو الألف أو هي أكثرُ
فنلنا جميع الحاج لا النحوَ عاجلا :: فنحوكمُ يا شيخ بالنَّحوِ أجدرُ
وقد نظم نظمه المشهور في النحو وهو نظم مفيد جميل السبك، ومنه قوله عند قول ابن مالك:
بالجر والتنوين والندا وأل :: ومسند للاسم تمييز حصل
قال ولد كدّاه:
ويعرف الاسم بعود مضمر :: له كما أجمل أم عمر


توفي العلامة أحمد بن كَدَّاه سنة 1919 الموافق لسنة 1337 هجرية أي قبل قرن هجري بالكمال والتمام عام “زل” بحساب الحروف، وقد أرخ لوفاته العلامة المختار بن المحبوبي اليدالي في نظمه لوفيات الأعيان مع مجموعة من الأعيان توفوا معه في عام واحد يقول ابن المحبوبي:
وعام “زلٍ” موت ذو العرفان :: قاري الضيوف مترع الجفان
محمـد بـن الحـبّ للرحمـان :: لازال فى رحمى وفـى أمــان
ذو الفيض والكشف وحسن الخُلق :: والخَلق والبشـر بوجـه طلـق
وفـيه موت الـعالم ابن العالـم :: ذي الفضل عبد القادر بن السالم
أخـي التـآليف الثـمان والدرر :: مع المـبين والفـوائد الـغـرر
يـسرع للحـق لوجـه الحـق :: فيالـه مـن عــالم مـحـق
وفيه مات ذو العلـوم التندغـي :: حلف الإبا عن كل ما لا ينبغـي
وهو ابوبكـر سليـل الأكيـس :: أحمد بـاب ذو المقـام الأنفـس
ونجل كدّاهَ مضِيئ ليـل :: النحو فتح المشكل الكمليلي

رحمهم الله برحمته الواسعة

كامل الود

من صفحة المدون عبد الحق

صدقة جارية