أوضح رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز ونظيره السينغالي السيد ماكي صال في ختام الزيارة التي أداها هذا الأخير لموريتانيا في مؤتمر صحفي عقداه بالجناح الرئاسي بمطار أم التونسي الدولي أن العلاقات بين موريتانيا والسنغال علاقات تاريخية عريقة وأن هناك إرادة سياسية قوية لتوطيد هذه العلاقات والارتقاء بها إلى فضاءات أرحب خدمة لتطلعات الشعبين الجارين.
وجدد رئيس الجمهورية في بداية المؤتمر الصحفي ترحيبه بأخيه الرئيس السينغالي فخامة السيد ماكي صال وامتنانه له لتلبية هذه الدعوة للقيام بزيارة صداقة وعمل لموريتانيا، مشيرا إلى أن هذه الزيارة ناجحة بامتياز وأعطت دفعا جديدا للتعاون الثنائي.
وقال رئيس الجمهورية إن العلاقات بين موريتانيا والسينغال علاقات عريقة ومتميزة وتستمد ذلك من جذور التاريخ المشترك والجغرافيا وروابط الشعبين الروحية والدينية والسياسية والاقتصادية.
وأوضح أن الزيارة التي أداها فخامة الرئيس ماكي صال لموريتانيا عكست الإرادة المشتركة في تعزيز وتوطيد العلاقات المتميزة بين بلدينا الشقيقين.
وقال: “إن مباحثاتنا الثنائية وبين الوفدين المرافقين مكنت من فتح آفاق جديدة من شأنها المضي قدما في التعاون المثمر في مختلف المجالات خدمة لمصالحنا المشتركة”.
وأبرز أن اتفاقا للتعاون المشترك قد تم التوقيع عليه لتطوير واستغلال حقل غاز السلحفاة الكبير “آحميم” في الحدود البحرية المشتركة بين البلدين وأن التعليمات أعطيت للجهات القطاعية في الصيد والبيطرة والطاقة للعمل على إعداد والتوقيع على اتفاقات في أقرب وقت في هذه المجالات.
وفي رده على أسئلة الصحفيين طمأن رئيس الجمهورية سكان سينلوي بأن الهدف من وراء الاتفاق الذي سيتم توقيعه بين البلدين في مجال الصيد هو فقط حماية الثروة البحرية المهمة بالنسبة لموريتانيا والسينغال وهي الثروة التي عندما نتركها عرضة لسوء التسيير يضيف رئيس الجمهورية ، نعرضها للضياع ونخسرها جميعا.
وقال إن هذا الاتفاق يأخذ كل ذلك بعين الاعتبار مع ضمان احترام التزاماتنا الدولية، مبينا أن التعليمات أعطيت إلى الوزيرين المكلفين بالصيد بالعمل بشكل سريع قبل نهاية مارس المقبل، لتقديم حلول تحترم ديمومة الثروة البحرية واستغلالها بشكل معقلن وضمان أمن كل الأشخاص العاملين في المجال وتوفير بنى تحتية مناسبة للصيد والتفريغ بشكل آمن، نظرا لتعذر التفريغ في عرض البحر وبدائية الوسائل التي كانت متبعة واتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بشكل سريع بعودة الصيادين لممارسة عملهم في إطار احترام النظم والقوانين المعمول بها وبما يضمن أمن الصيادين أنفسهم.
ولدى تطرقه للمشاريع المتقدمة للتعاون بين البلدين، قال رئيس الجمهورية إن تمويل جسر روصو تم الحصول عليه بشكل كامل وتعيين إدارته وستبدأ الأشغال فيه قريبا بما في ذلك توفير فرص عمل للأطر الموريتانية والسينغالية.
وقال إن الشركات العاملة في حقل “السلحفاة الكبير ـ احميم” هي “كوسموس” وابريتش بتروليوم” وستقوم بالاستثمار في المشروع بوسائلها الخاصة، على أن يتم تقاسم الإنتاج بين الجانبين الموريتاني والسينغال من جهة والشركات المستثمرة من جهة أخرى.
وأكد سيادته أن العلاقات بين الدول متجددة حسب الأولويات والمصالح فما يتم التركيز عليه اليوم ليس بالضرورة هو مجال التعاون في المستقبل، وبالتالي فإن البلدين سيكتشفان مجالات تعاون أخرى في المستقبل في إطار عملهما الدؤوب من أجل تحسين وصيانة علاقاتهم الممتازة.
وبدوره عبر الرئيس السينغالي عن شكره وامتنانه العميقين لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز على الاستقبال الأخوي الحار والضيافة الكريمة اللذين كان موضعا لهما والوفد المرافق له منذ وصولهم إلى نواكشوط.
وقال: “إن هذه الزيارة مكنتنا من الشعور اننا بين أهلينا وذوينا وأعبر باسمي شخصيا وباسم الشعب السينغالي عن غبطتنا بذلك”.
وأكد أن هنالك إرادة سياسية حقيقية في البلدين لتطوير العلاقات الثنائية وتعزيزها وتجاوز كل العقبات من أجل بناء تعاون مثمر خدمة للمصالح المشتركة”.
وهنأ الرئيس السينغالي رئيس الجمهورية على احتضان موريتانيا للقمة الـ 31 المقبلة، مؤكدا أنه شخصيا سيحضر هذه القمة.
وأكد أن السينغال ستكون دائما إلى جانب موريتانيا من أجل إنجاح قمة الاتحاد الإفريقي.
وقال إن الشعبين الموريتاني والسينغالي يتقاسمان التاريخ والمصير المشترك ومحكوم عليهما بحكم الجغرافيا والروابط الاجتماعية والثقافية والروحية بالعيش المشترك ونقل الامانة التي تركها السلف الى الاجيال القادمة “ولدينا مسؤولية في مواصلة هذا الإرث وأنا ونظيري فخامة رئيس الجمهورية مصممان على تجذير هذه العلاقة وتوطيدها”.
وقال إن لدى الطرفين رغبة صادقة لقيام علاقات ديناميكية وفعالة وحيوية بين البلدين الشقيقين والعمل من أجل صيانة السلم والأمن في شبه منطقتنا وتنسيق جهودنا لمكافحة الجريمة العابرة للحدود.
وحيى الرئيس السينغالي التزام رئيس الجمهورية وقيادته من أجل استتباب الأمن والسلم في شبه المنطقة.
وقال: “بودي أن أعبر هنا عن دعم السينغال الكامل لمجموعة الخمس في الساحل، مشيرا إلى أن الدعم هو معنوي لمثل هذه المبادرات التي تنتمي السينغال إلى تجمعات مماثلة لها من خلال مساهمتها في “المينيسما” وعضويتها في “الإيكواس” وانتمائها مع موريتانيا إلى منظمة استثمار نهر السينغال و”السيلس” و”س ص” والتحالف من أجل الساحل وغيرها.
وتمنى الرئيس السينغالي لمجموعة الخمس في الساحل الاستجابة للتطلعات المرجوة من وراء إنشائها، إلى جانب جهود الأمم المتحدة في المنطقة و قوة “برخان”، وجهودنا الداخلية، من أجل أن تنعم منطقة الساحل بالسلم والاستقرار والتنمية والقضاء على الإرهاب والتطرف.
وحيى الرئيس السينغالي قيادة رئيس الجمهورية معبرا عن ارتياحه التام للمباحثات التي أجراها مع فخامته، مبرزا أن القضايا المتعلقة باستغلال النفط والغاز والمصادر البحرية والحيوانية والانتجاع تصدرت هذه المباحثات، حيث ستعمل الحكومتان على الارتقاء بالتعاون في هذه المجالات بما يستجيب لتطلعات الشعبين ويترجم الإرادة السياسية لقيادتيهما.
وقال إن الطرفين عبرا عن هذه الإرادة القوية من خلال التعليمات التي أصدرت للجهات المعنية للقيام بما يلزم في هذا الصدد، مبرزا أن البلدين سيعملان كذلك من أجل استتباب السلم والأمن في فضائهما وتنسيق جهودهما في هذا الصدد.
وعبر عن ارتياحه التام للنتائج التي تم التوصل إليها في إطار هذه الزيارة خصوصا التوقيع على الاتفاقية الخاصة بتطوير حقل السلحفاة الكبير “أحميم” بين البلدين وقريبا الاتفاقات القطاعية الأخرى المتعلقة بالصيد والبيطرة ومجمل القطاعات التي تهم التعاون المشترك.
وفي رده على أسئلة الصحفيين، طالب الرئيس السينغالي بالابتعاد عن التركيز على القضايا الخلافية في مجال الصيد، والاهتمام أكثر بالقطاعات الأخرى التي تخدم بنفس الاهمية تنمية وتوطيد التعاون بين البلدين الجارين، اضافة الى الاستثمار الكبير في مجال الغاز الذي سيسهم بشكل كبير في إنجاح مشاريعنا الصاعدة خدمة للتنمية في البلدين.
وأضاف أن اتفاق الصيد بين البلدين يجب أن يراعي حماية الثروة البحرية والتشريعات في البلدين، مع العلم أن الرئيس والحكومة الموريتانية بتعليمات منه، قررا بشكل طوعي وسيادي منح رخص للصيد لفائدة السينغاليين بما يضمن ديمومة الثروة البحرية ومراعاة نظم الاستغلال المعمول بها.
وقال: “لقد نقلنا للجانب الموريتاني مطالب الصيادين السينغاليين ويعمل الوزيران المكلفان بالصيد في البلدين، على تمكين الصيادين السينغاليين من العمل مع التزامهم بالشروط التي يحددها القانون الموريتاني”.
وأضاف أن البلدين بصدد التوقيع كذلك على اتفاقات تتعلق بانتجاع المواشي والإقامة في البلدين.
وقال: “من الطبيعي أن تحصل من وقت لآخر أحداث ادراماتيكية مؤسفة هنا وهناك كما حصل في عرض البحر مؤخرا وعلى حدودنا مع بيساو، حين أطلق الجمارك السينغالي النار على مواطنين بيساويين اثنين فأرداهما قتيلين، هذه أحداث يؤسف لها ونحن نقدم تعازينا لرئيس بيساو وشعبها لكن مثل هذه الأحداث غير مقصود وينبغي الابتعاد عن تهويله أو استغلاله بشكل سلبي”.
وأضاف أن الاتفاق في مجال الغاز بين البلدين ينص على تقاسم عائدات الإنتاج بالتساوي بين الطرفين والاستغلال المشترك للطاقة الكهربائية وللمشاريع الاخرى المستقبلية.