بسكوت رئيس الدولة على ما يحصل من قتل وإعاقة وعاهات مستديمة للمواطنين، وضياع وتلف أموالهم جراء الكوارث التي تتكرر يوميا على بقايا ماكان يعرف سابقا بالطرق يتحمل فخامته كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كل ذلك، ويكون بصمته هذا ملزما شرعا بدفع دية القتلى وتعويض الضحايا ماديا ومعنويا.
مشكلتنا في هذا المنكب البرزخي هي أننا لا نسمي الأشياء بمسمياتها.
ما يحدث يوميا على أشباه طرق هذا البلد لا يُعدُّ حوادثَ مروريةً، بل هي حوادث جنائية يجب توصيفها التوصيف الصحيح كما هي
وأسبابها غير المباشرة مشتركة بين رئيس الجمهورية بسكوته المطلق عليها، ووزارة التجهيز والنقل لبيعها رخص السياقة وترخيصها المركبات المتهالكة وإهمالها لصيانة الطرق، ثم وزارة الداخلية لتغاضيها عن المخالفات المرورية وعدم تطبيق القانون في حق المخالفين.
وبذلك تكون هذه الجهات الرسمية مجتمعة التي يفترض أنها مسؤولة عن حماية أرواح الناس وممتلكاتهم هي المتسبب غير المباشر في هذه الحوادث، ومعلوم أن السبب غير المباشر هو ما تؤدي تراكماته وتداخل مخرجاته إلى إيجاد السبب المباشر؛ فمثلا: بيع رخص القيادة سبب غير مباشر لحادث مروري؛ لأن السائق الذي لا يخضع لاختبار السواقة ويقود سيارة برخصة
مزورة يكون سببا مباشرا لحادث مروري، والطريق غير الصالح للمرور سبب غير مباشر؛ لأن السرعة عليه ستكون سببا مباشرا لحادث مروري، وترخيص سيارة متهالكة سبب غير مباشر؛ لأن السماح لها بالسير وتحميلها حمولة زائدة سيكون سببا مباشرا لحادث مروري.
كل الحوادث التي نشاهدها يوميا ويذهب ضحيتها المئات من المواطنين سنويا لا صلة لها بالحوادث المرورية بدليل عدم توفر عنصر واحد من عناصر الحوادث المرورية فيها.
فالتعريف الدولي للحادث المروري هو : حدث يقع دون قصد أو إرادة، مؤديا إلى إصابات في الأرواح أو الممتلكات.
ويشترط فيه توفر عناصر ثلاثة، هي: العنصر البشري، المركبة، والطريق.
فالعنصر البشري يتألف من السائق والركاب والمشاة، ويهمنا من هؤلاء في موضوعنا بدرجة أساسية السائق، ويُعرف بأنه كل شخص يسوق أو يقود وسيلة من وسائل نقل الأشخاص أو البضائع أعدت للسير على الطريق العام وفِي بعض الدول يشترط فيه أن يكون حاصلا على رخصة قيادة.
أما المركبة فهي وسيلة من وسائل النقل يفترض أنها تسير على الطريق العام، سواء أكانت تعمل بقوة ميكانيكية كالسيارات والجرارات، أو عضلية كعربات الخيول والحمير أو ما شابه ذلك.
بينما الطريق هو الممر المسطح المعد لمرور العامة دون الخاصة، ولا يشترط فيه أن يكون معبدا، ويمكن تحديده من خلال طرح السائق السؤال التالي على نفسه، هل أنا محتاج لأخذ إذن للمرور من هنا أم لا؟
فإذا كان الجواب نعم، فذلك يعني أنه ليس طريقا، وإذا كان الجواب لا فهو طريق،
وحين يُفقد الحادث المروي أحد هذه العناصر الثلاثة يفقد الصفة المرورية ويحول إلى جنائي.
ولذلك ما يحدث عندنا ونطلق عليه حادثا مروريا ليس كذلك، إذ لا صلة له بجميع عناصر الحادث المروري التي ذكرناها، فلاسائقا مرخصا، ولا مركبة صالحة للسير، ولاطريقا مؤهلا للحركة، ولذلك تتأكد المسؤولية الجنائية للجهات الرسمية المسؤولة عن توفير الأمن والسلامة للمواطنين مما يترتب عليه وجوب مطالبة الجهات القضائية بتحديد ما إذا كانت هذه الجنايات عمدا أم خطأً، ومحاكمة المتسبب فيها، وإنصاف ذوي الضحايا، وتحقيق السكينة والطمأنينة للمسافرين الأبرياء.
وعلى رأي محمد الأمين ولد ألفاظل حفظ الله موريتانيا وأهلها.
من صفحة المدون Ahmedou Seyed