لئن كانت الخُطبة بمفهومها الشامل أداة مهمة للتأثير في الإعلام والتعليم والدعوة والتربية ، في السلم والحرب ، وفي حال السراء والضراء والضعف والقوة ؛ فإن خطبة الجمعة تتميز عن جميع الخطب بميزات وخصائص تجعلها ذات أهمية لا يمكن أن تساويها أو تقاربها أي خطبة أخرى .
فلخطبة الجمعة – من بين الخطب – مكانة خاصة ، فهي عبادة أسبوعية تُهز بها أعواد المنابر ، ويلتقي المسلمون في مساجدهم لسماعها ، ويصدرون متأثرين بكلماتها ومعانيها ، قد أخذوا حظهم من الدعوة للخير والتحذير من الآثام والشر .
فخطبة الجمعة شعيرة من شعائر الإسلام لها دورها الفعال في صياغة سلوك الناس والتأثير عليهم في شتى المجالات ، ولها دورها البارز في خدمة الدعوة إلى الله ، فقد خصَّ الله المسلمين بيوم الجمعة ، وجعله عيدهم الأسبوعي ، وفرض عليهم فيه صلاة الجمعة وخطبتها ، وأمر المسلمين بالسعي إليها جمعًا لقلوبهم ، وتوحيدًا لكلمتهم ، وتعليمًا لجاهلهم ، وتنبيهًا لغافلهم ، وردًّا لشاردهم ، وإيقاظا للهمم ، وشحذًا للعزائم ، وتبصيرًا للمسلمين بحقائق دينهم وعقيدتهم ، ومكايد عدوهم ، ومما يجب عليهم ، وما لا يسعهم جهله ؛ وتثبيتًا لهم جميعًا على تعظيم حرمات الله .
لهذا وغيره كان لخطبة الجمعة مكانة سامية وأهمية بالغة ، لكن للاسف يبتعد حال خطب الجمعة في مساجد موريتانيا عن الاهداف السامية للخطبة اصلا.
فيقتصر خطباء الجمعة على اتقوا الله ، وجعلني واياكم من الذين يسمعون القول فيتبعون احسنه. وتنهي الخطبة ، في حين ان المستمعين اليها في امس الحاجة الي توعيتهم على كثير من امور دينهم ودنياهم . فبعض مصلي صلاة الجمعة لا يعرفون حتى قيمتها ولا ادابها . فتجد الخطيب يخطب وهم يتبادلون اطراف الحديث فيما بينهم . وقد جاء في الحديث الشريف : **عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قلت لصاحبك من يوم الجمعة والإمام يخطب: أنصت، فقد لغوت، ومن مس الحصى فقد لغا، ومن لغا فلا جمعة له، أيها الناس انصتوا استقبلوا الإمام تؤجروا رحمكم الله. **
فمتى تكون خطبة الجمعة في بلادنا مكرسة لهموم المسلم وتثقيفه بما ينفع دنياه واخرته؟