الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين ورضي الله عن الصحابة أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد فتعيش بلادنا وضعا أمنيا مقلقا ضحاياه الرجال والنساء والصغار والكبار والبيوت والمتاجر تنشط فيه مجموعات مسلحة تفتحم البيوت وتعتدي على الأبرياء وتسلب الأموال وتصول وتجول .
والتكييف الشرعي لهذه المجموعات هو أنهم محاربون جزاؤهم أن يطبق فيهم قول الله عز وجل (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم )
ونفس الجزاء يطبق على من يختطفون النساء ويغتصبوهن وفي ذلك يقول الإمام ابن العربي المالكي في أحكام القرآن ( 2/247)
: ” لقد كنت أيام تولية القضاء قد رفع إلي أمر قوم خرجوا محاربين في رفقة ، فأخذوا منهم امرأة مغالبة على نفسها من زوجها ، ومن جملة المسلمين معه ، فاخـْـــتَلَوْا بها ، ثم جدَّ فيهم الطلبُ فأُخِذُوا وجيء بهم ، فسألْتُ من كان ابتلاني الله بهم من المُفـــــتِين فقالوا ليسوا محاربين ، لأن الحرابة لا تكون إلا في الأموال لا في الفروج فقلت لهم : إنا لله وإنا إليه راجعون ألم تعلموا أن الحرابة في الفروج أفحشُ منها في الأموال ؟ وإن الناس ليرضون أن تذهب أموالهم ، وتُحرب بين أيديهم ، ولا يرضون أن يُحرب المرء في زوجته وبيته ، ولو كان فوق ما قال الله عقوبة لكانت لمن يسلب الفروج ، وحسبكم من بلاء صحبةُ الجهال ، وخصوصا في الفتيا والقضاء . ”
ولوطبق هذا الجزاء على هؤلاء المحاربين لأمنت البلاد واستراح العباد ولوطبقت بقية الحدود لانتشر الأمن ونام الناس وهم قريرو العيون
في هذه الظروف التي لا يأمن الناس فيها على أنفسهم ولا على أموالهم تقدم لنا الحكومة هذا القانون الذي تزعم أنه يمنع العنف ضد النساء وهو قانون أجنبي غريب
لا ينشر أمنا ولا يوفر طمأنينة لكنه قد يرضي بعض المنظمات الغربية الوقحة المنافقة التي لا تهتم بالعنف ضد المرأة السورية ولا العنف ضد المرأة الفلسطينية ولا العنف ضد المرأة الأفغانية أوالباكستانية أو العراقية أو المصرية أوالبورمي أوالمسلمة أينما كانت
هذا القانون لا ينبغي أن يصدر عن برلمان في الجمهورية الإسلامية الموريتانية
ولا أن يقره نواب مسلمون موالون أو معارضون .
وأنا ضد هذا القانون للأسباب التالية :
أولا أن فيه مخالفة للشرع :
ففي المادة (9)أن الأعزب إذا ارتكب جريمة الزنا يعاقب بمائة جلدة وكلمة أعزب لا تساوي كلمة البكر فالمحصن يرجم سواء أكان متزوجا أو مطلقا ؟ والمواد المتعلقة بالحدود موجودة في القانون الجنائي بطريقة مقبولة وقد كتبت بإشراف من فقهائنا الأجلاء فلا معنى لمراجعة بعض مواد هذا القانون من غير استشارتهم .
وفي المادة (9) أن الحكم بالإعدام جلدا حتى الموت سيُنطق به على مرتكب الزنا سواء كان متزوجا أو مطلقا !! هكذا بالإطلاق طبقا للنص المطبوع وهو إطلاق مخالف للشرع
و في المادة (11) يجرم القانون الضرب والله عز وجل يقول (فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا) وليس موضوعى الآن الحديث عن ضوابط الضرب في الشرع فلذلك مكانه .
والقانون في المادة (16)يقول إنه يعاقب كل من فرض سلوكا أو تصرفا على زوجه أوزجته ومعنى ذلك أن الزوجين يعيشان ولكل واحد منهما ما ارتضاه من سلوك ولك أن تتخيل مشمولات هذه المادة الكارثية
والله عز وجل يقول (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا )
ويقول عز وجل (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم )
والقانون يقول في المادة (19)إنه يعاقب كل زوج يمنع أو يقيد شريكه عن ممارسته لحرياته العامة .ولك أن تتخيل هذه الحريات العامة التي لا يجوزللزوج ولا للزوجة التدخل فيها
ثانيا في القانون غموض
ففي المادة 13إنه يعاقب كل زوج عرض زوجته إلى ممارسات غير إنسانية وهل هناك من يستطيع أن يشرح الممارسات الإنسانية والممارسات غير الإنسانية ؟
وفي القانون في المادة 56 تكلف مؤسسات التعليم والتكوين بنشر المعلومات والأساليب التي تسهل كشف الاعتداءات الحنسية على النساء
هذه المادة حيرتنى فلم أفهم المقصود منها هل ستكون هناك مادة من المواد الدراسية تتعلق بالطب الشرعي يدرسها الطلاب في المدارس وبالتالي سيكون عندنا في فترة وجيزة آلاف التلاميذ والتلميذات القادرين والقادرات على كشف الاعتداءات الجنسية بعد الفقر المدقع في هذا المجال أو إن الترجمة العربية لم تف بالمضمون الأجنبي ؟
ثالثا: من المفترض أن تصدر القوانين لحل المشكلات المعيشة في البلاد وليس لحل المشكلات المعيشة فيما وراء البحار
ومن المفترض في بلد مسلم مصدر التشريع فيه الشريعة الإسلامية أن ننطلق في حل المشكلات التي يعاني منها البلد من الشريعة الإسلامية
ولكن القانون غريب أجنبي بعيد عن ثقافة هذه البلاد
ففي المادة (7) الاغتصاب كل فعل أدى إلى اختراق للفرج أو الفم مهما كانت طبيعته …. ولا أدري أي ِشيطان أوحى بهذا التعريف .؟
وفي المادة (8) نجد أن التحرش الجنسي مجرم في خمس حالات نص عليها القانون
وكأنه في غير هذه الحالات مباح وهو الأمر المنسجم مع الثقافة الغربية لا الثقافة الإسلامية
ومع كل هذه الملاحظات فالقانون –كالخمر -فيه منافع للناس
فيفترض أن يوفر القانون وظائف لعدد من المواطنين فهناك طبقا للمادة (65) مراكز استقبال للنساء ضحايا الاعتداءات الجنسية هذه المراكز مموله من عدة شركاء _وهذه من المنافع -ولا بد أن يكون في طاقمها مساعد اجتماعي وطبيب ومحام وأخصائي في علم النفس .
وفي المادة (24)أنه سينشأ على مستوى كل محكمة جنائية وكل غرفة جنح قسم خاص للبت في الجنح والجرائم الجنسية ضد النساء ومع أنني لست مطلعا على تشكيل المحاكم ولكني أتوقع أن يوجد ذلك وظائف جديدة ؟.
وفي المادة (25)والمادة (27) أشار القانون إلى وظيفة قاضي الاعتداءات الجنسية
وفي المادة (45) لا تجري الجلسات المتعلقة بالاعتداءات الحنسية ضد النساء بشكل صحيح إلا بحصور خبير في علم النفس يعهد إليه بمساعدة المدعية وتنوير المحكمة حول سلوكها إذا اقتضى الأمر ذلك .ومعنى ذلك أن أمام الخبراء في علم النفس وظائف تنتظرهم .
وفي المادة (59)تنشئ الحكومة داخل الشرطة الوطنية وحدات مختصة في الوقاية من الاعتداءات الجنسية ضد النساء ..
وأتوقع أن الأمر لن يخلو من وظائف وامتيازات ؟ أليست هذه كلها منافع ؟
ولم يخل القانون – مع كل تلك الملاحظات -من طرائف :
ففي المادة (33) يمكن للقاضي أن يمنع المشتبه من الاقتراب من منزل الشخص المحمي !!ومكان عمله أو أي مكان آخر يرتاده في العادة ويمكنه أن يحدد الوسائل الضرورية للتحقق بصورة مباشرة من عدم التقيد بهذه الأحكام !
يحدد القاضي المسافة الدنيا بين الشخص المحمي وبين المدعى عليه!!
وفي المادة (39)يتم اللجوء إلى دليل الإثبات بالحمض النووي في مجال مكافحة الاعتداءات الجنسية ضد النساء
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.