ترجع قصة الجاسوسة التي تعود جذورها إلى محافظة المنيا والمولودة عام 1937م، والأم لثلاثة أولاد هم: نبيل ومحمد وعادل إلى عام 1966م، عندما انقلبت حياتها آنذاك رأسًا على عقب بعد حبس زوجها إبراهيم سعيد شاهين (من مواليد العريش عام 1929م)، والذي كان يعمل بمكتب مديرية العريش في قضية رشوة لمدة ثلاثة شهور.
فبعد خروجه من السجن وقتذاك لم يجد عملاً، واستمر على تلك الحال حتى قامت إسرائيل باحتلال سيناء في يونيو 1967م، حيث وجده “الموساد” مؤهلاً لخيانة بلده والعمل لصالح إسرائيل ووافق على التعاون معها. وحصل منهم في ذلك الوقت على أجولة مليئة بالأرز وبعض الدولارات. وبدأ تدريبه في منطقة بئر سبع على بث الشائعات وإطلاق النكات السياسية التي تسخر من القيادة المصرية، فضلاً عن تدريبه على كيفية الحصول على معلومات أمنية.
واستطاعت المخابرات الإسرائيلية بالتعاون مع الصليب الأحمر في 19 نوفمبر 1967م أن ينقلا انشراح وإبراهيم إلى القاهرة حيث منحتهما الحكومة المصرية سكنًا مجانيًا مؤقتًا بحي المطرية، وأعيد إلى عمله مجددًا.
وبعد ذلك انتقل إلى حي الأميرية، ومن هنا بدأ يعمل على جمع المعلومات وكانت زوجته انشراح تساعده بتهيئة الجو الأمني والكتابة هي الأخرى بالحبر السري، واتخذا من نشاطهما في تجارة الملابس والأدوات الكهربائية ستارًا لعملهما وحتى يكون ذلك مبررًا لثرائهما.
في عام 1968م سافر الزوجان إلى لبنان ومنها توجها إلى روما حيث التقيا هناك بمندوب “الموساد” الذي سلمهما وثيقتي سفر إسرائيلية باسم موسى عمر ودينا عمر. وتوجها إلى إسرائيل حيث خضعا لدورات تدريبية مكثفة في تحديد أنواع الطائرات والأسلحة والتصوير الفوتوغرافي وجمع المعلومات. وتم منح إبراهيم رتبة عقيد في الجيش الإسرائيلي، فيما منحت انشراح رتبة ملازم أول.
وبعد نزولها بفترة إلى مصر توسعت تجارتهما وانتقلا إلى مصر الجديدة وتعرفا على أصدقاء من الجيش وطيارين ثم بدأ أولادهما الثلاثة للعمل معهم كجواسيس يجلبون المعلومات من زملائهم أبناء الضباط في المدرسة والشارع.
في عام 1972م، سافرت انشراح لروما وتقابلت هناك مع أبو يعقوب أحد ضباط “الموساد” وطلبت منه الاعتزال بعد أن شاهدت تنفيذ الإعدام في جواسيس في التليفزيون فوعدها بعرض الأمر على الرئاسة في تل أبيب، ثم تراجعت عن قرارها.
وبعد حرب أكتوبر 1973م سافر إبراهيم إلى أثينا ومنها إلى إسرائيل، وفي مبنى المخابرات الإسرائيلية سألوه عن الأحداث التي تمت خلال الحرب. وسلموه بعد ذلك أحدث جهاز إرسال لاسلكي في العالم يتعدى ثمنه مائة ألف دولار، فقد كان لهم مخاوف من الفريق سعد الدين الشاذلي الذي كان يريد تصعيد الحرب.
وتم تدريب إبراهيم لثلاثة أيام على كيفية استخدام الجهاز وعندما تخوف من حمله للقاهرة عرضوا عليه أن يذهب إلى الكيلو 108 طريق القاهرة السويس وهناك سيجد فنطاس مياه مثقوب وغير صالح للاستخدام. وخلفه جدار أسمنتي مهدم وعليه أن يحفر في منتصفه لمسافة نصف المتر ليجد الجهاز مدفونًا. ووعدته إسرائيل أن تمنحه مكافأة مليون دولار إذا أرسل لهم عن ميعاد حرب قادمة.
وأثناء وجود انشراح بإسرائيل وقتذاك، استطاعت المخابرات المصرية التقاط ذبذبات الجهاز بواسطة اختراع سوفيتي اسمه صائد الموجات. وكان إبراهيم يقوم وقتها بالإرسال من شقة قديمة بالأميرية، ومشط رجال المخابرات المصرية تلك المنطقة بالكامل بحثاً عن الجاسوس، ومع محاولة الإرسال ثانية أمكن الوصول إلى مكانه.
في فجر يوم الخامس من أغسطس عام 1974م كانت قوة من جهاز المخابرات تقف على رأس إبراهيم النائم في سريره واصطحبوه إلى جهاز المخابرات وبقت قوة من رجال المخابرات في المنزل مع أولاده الثلاثة تنتظر وصول انشراح.
وفي 24 من الشهر ذاته، وصلت انشراح إلى القاهرة وعندما فتحت الباب وجدت من يمسك بحقيبة يدها ويخرج منها مفتاحين لجهاز اللاسلكي. وفي 25 نوفمبر من العام نفسه صدر الحكم بإعدام انشراح وزوجها إبراهيم والسجن خمس سنوات لابنهما نبيل وتحويل عادل ومحمد إلى محكمة الأحداث.
وفي 16 يناير 1977م تم تنفيذ حكم الإعدام في إبراهيم، أما انشراح فقد ترددت أنباء عن شنقها. لكن في 26 نوفمبر 1989م كشفت صحيفة “حداشوت” الإسرائيلية عن عدم إعدامها وأن هناك ضغوطًا مورست على الرئيس السادات لتأجيل تنفيذ الحكم بأمر شخصي منه ثم صدر عفو رئاسي عنها، وتمكنت لاحقًا من دخول إسرائيل مع أولادها، حيث حصلت على الجنسية الإسرائيلية واعتنقوا الديانة اليهودية. وبدلوا اسم شاهين والدهم إلى بن ديفيد وانشراح إلى دينا وعادل إلى راضي ونبيل إلى يوسي ومحمد إلى حاييم. وهناك لم تجد سوى الحمامات العامة لتعمل بها عاملة نظافة ثم طاهية في المطاعم.
المزيد على دنيا الوطن ..https://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2006/11/24/64218.html#ixzz5bHkWu9tQ
Follow us:@alwatanvoice on Twitter|alwatanvoice on Facebook