كان ملفتا بحق ما دار من حديث بين أطياف المعارضة بخصوص المسعى إلى توحيد مرشح للرئاسيات ورغم أن موقفا من هذا القبيل له من المعاني الجليلة ما يجعله محل تقدير، إلا أن الرأي عند العقلاء العارفين بتركيبة المعارضة وعقلية جماهيرها يعتبرون أن هذا التوجه انتحاري لو حصل و غير ناضج بل لا قيمة له، لما سيجر عليها من خيبات الهزيمة إذ من شبه المستحيل الانضباط الكلي لأطياف المعارضة وراء مرشح موحد وبالتالي هو بمثابة خدمة للمنافس الأبرز محمد ولد الغزواني وتقديم كرسي الرئاسة له على طبق من ذهب، ولا يستساغ أن تفعل ذلك الخطأ الجسيم في أول وهلة، وهي القادمة من عشرية الأخطاء التكتيكية والاستراتيجية التي هزت كيانها و أوصلتها إلى وضعية بالغة التعقيد وكانت ستكون أعظم جناية على نفسها لو قدمت شخصية لم تعرف بالنضال وألبسته لبوس المعارضة بحجج لا ترقى إلى مستوى يمكن الاقناع أو الاقتناع به، فإذا كان معسكر الأغلبية بدا لأول وهلة وراء مرشحه القوي محمد ولد الغزواني فإن أحسن شيء فعلته المعارضة تقديم مرشحين مختلفين لا متخالفين، وإن كشفت لنا الأيام عن بروز مرشحين من داخل الأغلبية فإن ذلك عامل آخر يصب في مصلحة المعارضة بالمقام الأول وهو شيء ليس مستبعدا بل متوقع بدرجة كبيرة، وسندرك حينها حسن التدبير لهذا الطور من أطوار اللعبة السياسية،إذ السياسة بالمقام الأول توسيع دائرة المناورة لا تضيقها و تنويع الخيارات لا حصرها و بناء خطط لا خطة. وإذا كان من قرار حاذق فعلته المعارضة في العشرية الأخيرة فهو خيارها بتعدد مرشيحها مع الاتفاق على تنسيق الجهود.