تيار عريض من الرأي العام الوطني، يرفض أي دور لولد عبد العزيز، فى الشأن العام الوطني، بعد كل ما نهب و كرس من مآسى عميقة و مزمنة لهاذا الوطن المغدور بامتياز،ربما سيظل يعانى منها أمدا طويلا ،بل دعا بعضهم لمحاكمته .و آخرون على استحياء و بضعف، يطالبون بدور ما، للرئيس المؤسس، لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية،UPR،عندما ينعقد مؤتمره المؤجل المرتقب ، فى نهاية العام الحالي،فى حين لم يتم الجزم بذلك الدور الغامض،الذى تحفه المصاعب و المخاطر،نظرا ربما لرفضه الواسع البين، فى أوساط شباب حيويين، سياسيا و إعلاميا،على صفحات التواصل الاجتماعي و غيره، من المنابر الإعلامية و الحقوقية و السياسية، فى الداخل و الخارج .
كل هذا الجدل فى حضرة رئيس جديد صامت غالبا،أضحى مثيرا للجدل بامتياز،خصوصا بعد تعيين ولد انحاي ،و زير المالية السابق،على رأس العملاق المنجمي المتهاوى، اسنيم،كما بدا مرتهنا، أعنى محمد ولد غزوانى، لظل الرئيس السابق !.
بالقطع لم يجرؤ ولد غزوانى، على قطع حبل الود مع نظام صديقه و شريكه فى انقلابي، 2005 و 2008 و العشرية المثيرة ،على رأي البعض، و نظرا لوجود علاقات وثيقة لولد عبد العزيز على مستوى قيادة GSP،تجمع الأمن الرئاسي،”بازب”،مازال ولد غزوانى ، يعانى ربما ،من خطر مصير سيد ولد الشيخ عبد الله.
هذا إلى جانب نفوذ ولد عبد العزيز المفترض ،فى كتلته المنتخة، و بعض رجال الأعمال الجدد و غير ذلك .
لذا ربما، لزم الرئيس الجديد، محمد ولد غزوانى، تتبع بحذر، سياسة التمكن التدريجي،على نهج “يتمسكن قبل أن يتمكن”،حتى لا يعانى من مصير مماثل، سبق أن عانى منه، أول رئيس مدني منتخب ،سيد ولد الشيخ عبد الله .
المعطيات على مستوى القصر الرئاسي، تؤكد أن الأمر لم يحسم بعد، لصالح أحد الفريقين المتصارعين فى الخفاء، و بطريقتهم الخاصة،و على خلاف هذا الأسلوب التكتيكي المافيوي المدروس بدقة، تعجل فريق يحيى ولد حدمين الإعلامي، و بدأ القصف على مدير ديوان الرئيس،محمد أحمد ولد محمد لمين،عبر تسريب تصريحات حادة ،منسوبة للوزير الأول الأسبق ،يحيى ولد حدمين !.
ترى إلى أين يسير هذا المشهد المتموج المتناقض المتصارع،و لو بطرق غير مباشرة غالبا؟!.
و عموما لن يقدم ولد غزوانى على المصارعة، دون امتلاك أسلحة كافية، قد ترجح كفته فى المغالبة الجارية، على قدم و ساق !.
اختبار محاولة تمرير برنامج حكومة ولد الشيخ سيديا،نجح فيه ولد غزوانى ،ليس بسبب فحوى هذا البرنامج الحكومي، المروج له، و مدى قدرة هذه الحكومة على تنفيذه،فتلك القصة فى نظرى،أسطورة و دعاية مضللة، فى أغلب شعاراتها و مسوغاتها،و لكن لأن الأغلبية البرلمانية قررت التماسك و إعطاء الفرصة للنظام الوليد، بقيادة غزوانى،رغم حرمانهم من أغلب مقاعد هذه الحكومة،و زمرة فسادهم لا يوجد ما يدل على التجرئ على استبعادها، كليا و لا جزئيا !.و إنما تتراوح مؤشرات “البورصة الغزوانية” ،بين “استمرار النهج” أو النهب على الأصح،و بكل وقاحة ربما، أو ممارسة “ذكية” مغرضة،على المدى المتوسط، فى سياق “يتمسكن قبل أن يتمكن” !.
و إذا كانت معطيات عدة، قد تضافرت لتعطي الفرصة للحكومة لنجاة برنامجها، من الرفض على مستوى البرلمان،إلا أن محاولات التأثير السلبي فى هذا الاتجاه، لوحظت ،دون أن تلقى التجاوب و الترحيب.و مازال أسلوب خداع عميق و تآمر مزمن يعانى منه ولد عبد العزيز، فى تعامله مع السلطة،و يراقب المشهد و يحرص على مصالحه و ستر ملفاته الفضائحية،ما استطاع إلى ذلك سبيلا !.
عوامل عدة تعمل فى عدة مستويات،فى هرم السلطة و غيره،و تتطلب معاملة حذرة حازمة حكيمة،حتى لا تستمر “قيادة الدولة برأسين”.
و لا صلة لهذا، بالمعارضة أو المساندة،و إنما الصحافة الجادة، تدفع فى اتجاه استقرار الدولة و هيبتها،بالدرجة الأولى.
و لعل ولد غزوانى قد لا يتبنى بصورة صريحة،منهج الصدام مع ولد عبد العزيز و بقايا نظامه،و قد لا يكون ظلوما غشوما مستكبرا،كما كان سلفه،لكن استمرار منح الثقة لأبرز رموز الفساد و الصلف فى عهد عزيز،مثل ولد انجاي،خطير و مغيظ بامتياز،و نذير شؤم وشيك،لا قدر الله.
فالرئاسة يا غزوانى، أمانة عظيمة خطيرة حساسة،فبادر لرسم خطة جريئة ،لتحملها على أحسن وجه ،و إلا فاتركها نهائيا .
فقد توليت أمرنا،و لست من أفضلنا البتة،و كاد انتخابك ،لعدم شفافيته،أن يثير فتنة عظيمة،لولا أن تداركنا الله برحمته،لله الحمد،لكنك لم تبتعد كثيرا، عن رجالات العشرية و أجوائها البائسة الظالمة الأنانية.
لا تضيع الفرصة يا غزوانى،فالصبر على الجوع و الحرمان و الظلم،تماما مثل القبض على الجمر،مستحيل.