وصلتني رسالة من الوالد الدكتور محمد المختار ولد اباه حفظه الله ، ما أود أن لي بها حمر النعم.
ولئن كان المشتبك في القلب كثيرا فقد زادته أحرف النور هذه اشتباكا واحتداما
أَعَدنَ لِيَ الشَوقَ القَديمَ وَلَم أَكُن * سَلَوتُ وَلكِن زِدنَ جَمراً عَلى جَمرِ
حاولت أن أكتب شيئا.. روّى القلم قليلا ثم أحجم ثم روّى وأحجم
ثم آلت بي الأحوال إلى كلمات ما لهن حروف
فكان الصمت أولى بي من أن أتكلما..
****
بسم الله الرحمن الرحيم
الى الابن النابه ابى بكر بن محمد الكريم
لقد قرأت المقدمة التي افتتحت بها طَلْعت گاف التضرع الى رب العباد لحمايتهم من شرور بلاء الكورونا.
وأثار انتباهي ما عبرت عنه بما ” يتشابك في قلبك” مما لا يعرفه الا الخالق ولا يعين في احتماله الا الخالق عز وجل.
ولقد سبق لي ان قرأت بعض مما كتبته من المقالات غير ان الذي “يتشابك” في قلبي انا انك دخلت في عالم الادب دون ان تكون شهيدا على حياة والدك الذي قد كنت انا سعيدا في صحبته في أندر خلال نحو عشر سنوات تحدثت عنها في هذه “الطلعة”
دهر اندر عرفتو عيمانْ
عامر من لَحباب وُ لَقرانْ
وُجْمايْع تنزاه البيظانْ
بينات ايامو وُ لْياليهْ
أُجلت أُراه في فعدٌة بلدانْ
وعرفت ادْهور اخرَ خاطيهْ
وأحبابْ اخرَ يغير امْبَانْ
امع هذا ماني ناسيهْ
ألا گطْ أُراهْ اعرفتْ ازمان
كيفت ذاك الٌِ نعرف فيهْ
لقد كان والدكم الاديب محمد الكريم الذي يلقبه اهل اندر ب “محمد الجميل” وهي صفة تعبر عما يتحلى به من حسن الصورة والسريرة والأخلاق يعيش في دكان رحب لم يعد للبيع والشراء ولكنه كان نادي للأدباء ومأوى الضيوف والأقرباء ، لقد كان بطل رواية اهل اندر ، ملأ السمع والبصر . يجتمع في دكانه كل يوم مجموعة من الأصدقاء نذكر منهم الامير ولد عمير وابناء سيدي يعرف والمختار بن هدار وكاتب هذه السطور يستمتعون بكرم ضيافته ويستمعون الى نكته البليغة.
ويرددون بعضها مثل الأجوبة التي يرد بها على من يسأله عن نيته في ” الطلوع ” الى موريتانيا، فيقول اخشى ان اعود منه، وهو يشير الى أحوال الوافدين من موريتانيا الذين تبدو حياة البدو على أثوابهم وأجسامهم ، ومن نكته المتداولة قوله اثناء النقاش في السياسية مع الأصدقاء والخصوم الذين يخالفونه في الفهم وفي الاتجاه الحزبي : ” سياتي فلان ويوطَ على الرشي” وهذه العبارة المعروفة عند اهل السقي تعني ان من يطأ على الرشاء عند البئر هو مني يخرق تقاليد اهل السقي وهو هنا يقصد بها ان فلانا لا يتقيد بتقاليد وآداب المناظرة.
وفي الحقيقة فإن آداب والدكم وحكمته وكرمه امور تتشابك في القلب لكونها لم تنل حقها في تاريخ هذا الرجل الكريم الكبير الذي ودع الحياة ولم يعرف عنه الا القليل
مع كامل الود والتقدير
محمد المختار ولد اباه