في كثير من المرات التي أتيح له فيها أن يتحدث أمام القضاء، شكا القيادي في جماعة الإخوان المسلمين عصام العريان من افتقاده للعلاج الذي يحتاجه، وتحدث عن وفاة العديد من المعتقلين نتيجة غياب الرعاية الطبية في السجون، قبل أن يأتي الدور عليه ويفارق الحياة اليوم ويضاف إلى المئات من ضحايا الإهمال الطبي في السجون المصرية.
وتحدث القيادي المعارض إلى القاضي عن نفسه كنموذج لحالات إهمال الرعاية الصحية، موضحا أنه أصيب داخل السجن بفيروس “سي”، وطلب السماح بعلاجه في معهد الكبد، لكن مسؤولا في السجن أبلغه أن الأمن الوطني رفض إرساله إلى المستشفى.
عصام العريان الذي كان يعمل طبيبا وشغل منصب نائب رئيس حزب الحرية والعدالة -الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين- كان من بين الآلاف الذين اعتقلتهم الشرطة عقب انقلاب يوليو/تموز 2013، ليظل في السجن 7 سنوات تقريبا حتى وفاته اليوم.
وقد أثارت وفاة العريان، السياسي والطبيب، تعاطفا واسعا على مواقع التواصل، حتى من جانب بعض المختلفين سياسيا وفكريا مع جماعة الإخوان المسلمين حيث عددوا مناقب الفقيد، وأبدوا أسفهم على انتهاء حياته في السجن.
وعلى مدى 7 سنوات كاملة ومنذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز 2013، بدأ مسلسل وفاة معارضي الانقلاب في السجون المصرية ومقرات الاحتجاز وملحقاتها من مستشفيات وسيارات ترحيل، لأسباب مختلفة أبرزها الإهمال الطبي والتعذيب، وما زال هذا المسلسل مستمرا.
وعملت مؤسسات حقوقية ونشطاء على توثيق تلك الحالات وتدوين بياناتها ورصدها بشكل متتابع. وتعكس تلك الحالات -بحسب حقوقيين- استهانة واضحة من قبل السلطات المصرية بحياة هؤلاء المعتقلين، بل ربما تدل على نوع من التعمد للتخلص منهم عبر تجاهل كل المناشدات والمطالب بمعالجة الأسباب المؤدية إلى تزايد حالات الوفاة في السجون المصرية.اعلان
وشملت قوائم المتوفين في مقرات الاحتجاز والسجون المصرية رموزا سياسية، كان أبرزها الرئيس محمد مرسي أول رئيس منتخب بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011، وبرلمانيين وقيادات حزبية، إضافة إلى العشرات من المواطنين الذين اعتقلوا على خلفية اتهامهم بالمشاركة في أنشطة معارضة للنظام، والانتماء لكيانات معارضة حظرها واعتبرها غير قانونية.
وكان من أول من تم توثيق وفاتهم وهم قيد الاحتجاز 38 معارضا قضوا بسبب الاختناق نتيجة قنابل مسيلة للدموع ألقيت في عربة ترحيلات كانت تنقلهم إلى السجن في 18 أغسطس/آب 2013، لتتوالى بعدها حالات وفاة المعتقلين، حتى آخر حالة تم توثيقها في 30 يوليو/تموز 2020، وهو الدكتور سعيد أبو زيد الذي توفي في سجن وادي النطرون.
توثيق مستمر
وعملت منظمات حقوقية مختلفة على توثيق أسماء وملابسات وفاة المعتقلين السياسيين وغيرهم منذ الانقلاب العسكري، منها المنظمة العربية لحقوق الإنسان، والشهاب، والتنسيقية المصرية للحقوق والحريات، و”هيومن رايتس مونيتور”، وغيرها، فضلا عن جهود نشطاء حقوقيين مستقلين.
وتراوحت تقديرات عدد من تلك الجهات -التي وقف مراسل الجزيرة نت على تفاصيلها- ما بين 840 و890 حالة تم توثيقها بشكل مفصل، أغلبها لسياسيين مناهضين للنظام، وشملت كذلك مسجونين جنائيين.
وبحسب تلك التقديرات، فإن أكثر السجون التي شهدت حالات وفاة لمعتقلين، هما: سجن تحقيق طرة وسجن طرة 1 الشديد الحراسة (المعروف بالعقرب) في مجمع سجون طرة، يليهما سجن برج العرب في وادي النطرون، فضلا عن مقرات احتجاز شرطية في مقدمتها أقسام شرطة محافظة الشرقية.
وبحسب المنظمات الحقوقية، فإن محافظة الشرقية كانت في مقدمة المحافظات التي توفي فيها معتقلون خلال تلك السنوات، تليها محافظة القاهرة، في حين يشير التوثيق إلى حالة وفاة لمعتقلة سياسية هي السيدة مريم سالم.
وأظهرت تلك التوثيقات أن عام 2015 كان أكثر الأعوام التي شهدت حالات وفاة لمعتقلين، إذ تجاوزت -بحسب إحدى المنظمات الموثقة- 185 وفاة، بينما كان أقلها عام 2019 الذي بلغ قرابة 55 وفاة، علما بأن المنظمات لم تستهدف توثيق انتماءات تلك الحالات، واكتفت بتوثيق أسباب اعتقالهم.
ومن بين الحالات التي تم توثيقها:
1- عبد الجيد محمد محمود (67 عاما)، توفي في 26 يونيو/حزيران 2013 في سجن أسيوط العمومي، نتيجة الإهمال الطبي.
2- صفوت خليل شبورة (58 عاما)، توفي في 27 سبتمبر/أيلول 2013، بسجن المنصورة العمومي نتيجة الإهمال الطبي.
3- محمد السيد غزلاني (60 عاما)، توفي في 5 فبراير/شباط 2014 نتيجة الإهمال الطبي بسجن طرة، حيث كان يعاني من ارتفاع في ضغط الدم والسكر والقلب والكبد.
4- طارق محمود الغندور (53 عاما)، توفي في 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، حيث أصيب بنزيف حاد في المريء داخل المستشفى أدى إلى دخوله في غيبوبة كاملة في مستشفى سجن شبين الكوم، بعد أن نقل إليها من مقر احتجازه بسجن وادي النطرون.
5- محسن محمد السيد شطا (25 عاما)، توفي يوم 17 مارس/آذار 2015، وقالت وزارة الداخلية إنه مات منتحرا داخل مقر احتجازه بكفر الشيخ.
6- القيادي في جماعة الإخوان والبرلماني السابق فريد إسماعيل عبد الحليم (58 عاما)، توفي في 13 مايو/أيار 2015، وتوفي نتيجة الإهمال الطبي داخل مستشفى المنيل الجامعي (القصر العيني)، وكان محتجزا بسجن طرة الشديد الحراسة (العقرب).
7- نبيل المغربي (74 عاما)، أقدم سجين سياسي في مصر، توفي في 4 يونيو/حزيران 2015 نتيجة الإهمال الطبي، حيث أصيب بالسرطان داخل مقر احتجازه بسجن العقرب، وتوفي في مستشفى المنيل الجامعي.
8- القيادي بالجماعة الإسلامية محمد عصام الدين دربالة (58 عاما)، توفي في 9 أغسطس/آب 2015 بسجن العقرب، نتيجة الإهمال الطبي.
9- ربيع محمد عبد القادر (45 عاما)، توفي نتيجة الإهمال الطبي في 25 ديسمبر/كانون الأول 2016 بمستشفى الفيوم العام.
10- إسماعيل إبراهيم مصطفى (59 عاما)، توفي في 28 مايو/أيار 2017 نتيجة الإهمال الطبي بمستشفى جامعة الزقازيق الذي نقل إليه بعد تدهور تام في صحته داخل محبسه بعدد من أقسام محافظة الشرقية.
11- المرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمين محمد مهدي عاكف (89 عاما)، توفي في 22 سبتمبر/أيلول 2017 بمستشفى القصر العيني، نتيجة الإهمال الطبي، وذلك بعد نقله من سجن ليمان طرة.
12- ناجي محمد حامد يونس (60 عاما)، توفي في 8 يونيو/حزيران 2018، وذلك في مستشفى جامعة المنصورة بعد نقله إليها إثر تدهور حالته الصحية من الإهمال الطبي في محبسه.
13- أحمد عبد العزيز عبد الغني (48 عاما)، توفي في 18 مارس/آذار 2019 نتيجة غيبوبة كبدية، وذلك بمستشفى دمنهور العام في محافظة البحيرة، وذلك بعد نقله إليها من سجن الأبعادية.
14- جمعة محمد حسن جنيدي، توفي في 9 يونيو/حزيران 2019، وذلك نتيجة نوبة قلبية حادة بعد إطلاق غاز مسيل للدموع داخل سجن استقبال طرة.
15- الرئيس السابق محمد مرسي، توفي في 17 يونيو/حزيران 2019 نتيجة الإهمال الطبي، وذلك أثناء جلسة محاكمته في ما عرف بقضية التخابر.
16- السيدة مريم سالم، توفيت في 22 ديسمبر/كانون الأول 2019 في سجن القناطر، نتيجة الإهمال الطبي.
17- المخرج شادي حبش، توفي في 2 مايو/أيار 2020 بسجن طرة نتيجة الإهمال الطبي.
18- سعيد غباشي (53 عاما)، توفي في 29 يونيو/حزيران 2020 بسجن جمصة الشديد الحراسة، نتيجة الإهمال الطبي.
19- القيادي بجماعة الإخوان المسلمين عمر عبد الغني، توفي في 26 يوليو/تموز 2020 بقسم شرطة أول الزقازيق نتيجة الإهمال الطبي.
20- سعيد محمود أبو زيد، توفي في 30 يوليو/تموز 2020، في مهد الكبد بشبين الكوم، نتيجة الإهمال الطبي بعد أن نقل إليها من سجن وادي النطرون.
المصدر : الجزيرة