منذ سنة و أربعة أشهر يحكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى موريتانيا،بدعم قوي إجماعي من المؤسسة العسكرية و الأجهزة الأمنية،حيث قام بترتيبات و تعيينات ساعدت على ذلك،و خصوصا اختيار ولد مكت على رأس الجيش و ولد أحمد عيشه على رأس الدرك و غيرهما،و هي شخصيات جمهورية التكوين و مؤسسية العقلية و بعيدين عن العقليات الانقلابية البائدة،كما أن جيشنا و قوات أمننا،رغم بعض الرواسب،يبدو تدريجيا أكثر انجذابا و تأثرا بالنموذج الجمهوري و الديمقراطي التشاوري التشاركي مع الشعب،بدل عقليات الانقضاض على السلطة ،التى أضحت متخلفة متجاوزة .
كما أن الشعب الموريتاني تجاوب مع رئيسه الجديد،خصوصا فى فترته الأولى من الحكم،رغبة فى التغيير و تجاوز مطبات العشرية،التى أدخلت الوطن فى درك سحيق من التلاعب بالمال العمومي، من قبل رأس السلطة أنذاك و فئة قليلة أشركها معه فى ذلك السرك المكشوف،لكن بعض المتابعين للشأن العام فى ظل حكم ولد غزوانى، بدأوا يطرحون بعض المآخذ و المخاوف من احتمال تعثر مساره الإصلاحي المروج له.
و رغم أن ولد غزوانى و مدير ديوانه مازالا بعيدين عن دائرة الاتهام بالاستحواذ المكشوف غير المشروع على المال العام،إلا أن الفساد حسب ما يدعى البعض بدأ يدخل من دائرة “قريب” على الأقل لحرم الرئيس الحالي،رغم أن جميع الرؤساء الموريتانيين السابقين،لم يتركوا لزوجاتهم مجالا صريحا لاستغلال النفوذ سوى قلة منهم،و تلك ثغرة يؤتى منها غالبا و تتوسع أحيانا،للأسف البالغ،تحت الضغط و العاطفة.
كما أن هذا النظام يعانى من ظاهرة “تدوير” بعض المفسدين،و هو ما حظي باهتمام إعلامي واسع من قبل معارضى النظام القائم،و ظهرت تعيينات فى قطاع الإعلام لم تتسم،على رأي البعض،بالتوازن،و كانت بعض تعيينات وزارة المالية أكثر انكشافا،و حظيت بضجة إعلامية كبيرة.
و أثار تسيير صندوق كورونا أيام ولد الشيخ سيديا الكثير من اللغط.
و رغم ضعف وتيرة التحقيقات مع ولد عبد العزيز و بعض المشمولين معه،إلا أن ذلك التوجه أثار فى البداية تفاؤلا واسعا، لدى شرائح واسعة من الشعب،و مازال بصيص من الأمل،قائم فى هذا الصدد،باحتمال تسييج المال العام بجدار المهابة.
و رغم كل ما يقال عن هذا النظام الوليد،إلا أنه ما زال، بحجم و مستوى الدعم الذى يحظى به،قادرا على حفظ الاستقرار و اللحمة الوطنية و الحوزة الترابية،لكنه بحاجة ماسة استعجالية لمراجعة ثغراته،قبل فوات الأوان،عسى أن يصبح فرصة تاريخية لموريتانيا، لتحقيق المزيد من الاستقرار و التنمية،بإذن الله.
فالرئيس الحالي، من أكثر الرؤساء خبرة فى المجال الأمني و الاستراتيجي،و ذلك معين على السياسة،و طبعه المسالمة و التروى،غير ميال للظلم و العدوانية،لكن العدل أساس الملك و انتهاز الفرص قبل فواتها، نضج و حنكة و حكمة.