عهدت سيد علي بلعمش يكتب و ينتقد فى السياق الوطني الأوسع،أما حين يشير لجماعة بعينها فى مدينة أطار،محاولا تحميلها إرث نظام بأكمله،فتلك غلطة العمر،و فرصة الزميل غير الموفقة للتعبير عن التحامل و البغض لأسرة بعينها أو مدينة بذاتها،و ذلك ما لا يليق بكاتب تعود على تناول الشأن العام الوطني، بأسلوب يعتبره البعض، أسلوبا جريئا موضوعيا نسبيا.
أما حديثه عن ما اختلق فى ذهنيته الخاصة،”افلام الشمال”،فلم أجد له معنى مقنعا ملموسا،فما وجه مقارنة أي نشاط محسوب على أطار،مع ما يصدر عن بعض الأطاريين من أفكار و توجهات سياسية.
شخصيا لا أفهم مبرر ما يخوض فيه سيد علي بلعمش،فلا وجود لانقلابيين انفصاليين فى أطار،ضد الحكم الحالي أو السابق،كما لا وجود لتفكير انفصالي،لدى أهلك فى أطار و لا آدرار و لا الشمال عموما.
الأمر فى عمقه و تفصيله،لا يتجاوز رفض الغبن و التنبيه لضرورة الإنصاف،أما محاولة تحميل أوزار نظام سياسي برمته و تنوعه،سواءً نظام ولد الطايع أو ما بعده،لأسرة معينة أو جهة معينة،فتلك قضية لا يمكن تمريرها أو استساغتها إطلاقا.
عديد الاتهامات و النعوت الهابطة، تضمنها مقال الزميل بلعمش،عن ما أسماه افلام الشمال،لا أجد له معنى، سوى تصيد الفرص للأذى المجاني لمدينة بأكملها،دون تمييز مريح.
فالخلط بهذا الأسلوب،مثل قصدا ضمنيا للتشويه و الإساءة،لا يليق بتجربة الزميل بلعمش فى الكتابة السياسية الرفيعة!.
فمن تعنى من سكان مدينة أطار،مع تبرئة من سواهم من أهل آدرار،بقصة افلام الشمال و الفساد،هل تريد أن تسخر قلمك للتحامل على بعض أهلك، لصالح نظام يحق للجميع انتقاده و موالاته أو مجافاته؟!.
مقالك يا زميلي العزيز بلعمش غير مفهوم،لأن الرد على أفكار زيد أو عمرو،مسألة عادية،اما التجريم بالقرابة أو الانتماء الجغرافي،فلم يكن من طبعك،و تعرف أن ضحاياه لم يسكتوا أبدا.
استهداف بعض تصرفات النافذين فى ميدان المال و الأعمال،قد لا يبرر وصم الشمال بالطابع الانفصالي،على غرار افلام،كما لا يبرر تحميل قطاع مناطقي أو مدينة بذاتها، جرم نظام سابق أو حقبة منصرمة، شارك كثيرون فى إيجابياتها أو سلبياتها،و أما تنكرك لحسنات الرئيس الأسبق،معاوية ولد الطايع،مهما تكن عثراته،فلعل الطبع أغلب،و هو طبع شخصي طبعا، قد لا يتجاوز صاحبه.
و إذا ادعيت يا سيدى علي بلعمش،بأن ولد الطايع كان مؤسس الفساد و الانحطاط الأخلاقي فى هذا البلد الطاهر،على حد وصفك،فلا تنسى أن علاج ذلك،إن صح،ليس تأسيس مذهب متفلت،لا يستحى من أي شكل من أشكال الأذى و الإساءة و الحقد الأعمى.
و إن كان هذا السياق، ليس مقام تبيين كنه بعض المواقف الخاصة،إلا أن طبيعة الاهتمام لدى البعض،ببعض التسجيلات، يفرض بعض الشرح.
فحديثى عن الحكم الذاتي ذات مرة،جاء فى سياق محاولة منع غبن أهل الشمال،رغم ثراء أرضهم،و ليس إلزاما بصيغة هذا الحكم الذاتي،أو تمهيدا للانفصال،فالوحدة الوطنية و الترابية لموريتانيا،مكسب جوهري، يلزمنا التمسك به.
و بشأن دعوة البعض، للإطاحة سلميا بنظام معين،فتلك وجهة نظره الخاصة،و شخصيا يهمني احترام العهدة الرئاسية، مع تقديم النقد و النصح فى أجواء الاستقرار.
و فى الختام من أراد أن ينتقد أو يوجه،فليختر من الكلم و الأسلوب،ما يبين الحق،دون تجريح أو تحامل،إن أمكن.