بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا وبعد:
ترجمته:
(العلامة والفقيه: القاضي/ أشفغَ منّا نحنُ)
قال في حقه الشيخ محمد اليدالي:
“كان أشفغ منا نحن أقضي القضاة وسيد الهداة وسيد الحكام و خاتمة الأعلام، يرجع إليه عند التباس الأفهام بالأوهام”.
وقال أيضا: محمد بن أبي بكر الصديق البرتلي عند ترجمة أشفغَ منا نحنُ في كتابه فتح الشكور: “كان – رحمه الله – أستاذا فاضلا جليلا فقيها نحويا لغويا أديبا شاعرا مجيدا”.
قال محمد فال بن بابه في كتاب التكملة في ذكر ما جرى بين ابن رازگه والأمير محمد العالم بن السلطان مولاي إسماعيل: “قيل إنه سأله عن أعلم من يعرف من الناس؟ فقال: أما في بلاد القِبلة فمنَّا نحنُ يعني ابن مودِ مالك – الفقيه المشهور- وأما في الغرب فالحراق”.
قال سيد عبد الله:
من اللائي يستصبين مينّحن عنوة — ويعهدن للحراق أطيب معهد
قال والد ول خالنا:
“ولما سمع مودِ مالك بخبر تشمشه وتحالفهم وتعاونهم على البر والتقوى، خرج إليهم وجعل يطلبهم ذات اليمين و ذات الشمال، حتى غشي جنابهم العالي، فوجدهم كما يحب على وفق مراده وأنشد حاله:
كانت محادثة الركبان تخبرنا —
عن أحمد ابن فلاح أطيب الخبر
حتى التقينا فلا والله ما سمعت
— اُذني بأحسن مما قد رأى بصري
فوجدهم كما يحب، فأعجبوه وأعجبهم! وشرطوا عليه صبيانهم،
وكان خطاطا فجعل يقرئهم القرآن ويعلمهم الخط”
مكانة أهل مودي مالك في إيگيدي:
ما كان أهل بيت في إيگيدي أحب إلى الزاوية من بيت الشريف مودِ مالك! وما أجمع الشمشويون على أمر مثلما أجمعوا على حب هذا البيت! فقد آووه وعزروه ووقروه، ورفعوه سامي المنزلة،
ولقد خص الله الفاضليين أن جعلهم موطن هذا البيت الشريف.
ولقد تنافس أهل إگيدي في حبهم وموادتهم والفرح بهم،
وقد قال شيخ الزاوية الشيخ محمد اليدالي في مدحهم من قصيدته “حزازَه”:
دع عنك هجو الخيار
— وعد عن عيش عار
وذكر مسند سوء — للخود ذات السوار
وعن مذمة سادا
— تنا حماة الذمار
وعن بني مود مالك
— ذوي المزايا الغِزار
الكمل الشهم الفا — ئزين عند الفخار
الشارحين خفيات ال
— مشكلات الطواري
لهم مناقب دلت — لذي نُهى واعتبار.
أما الولي الصالح محمذن ول أحمد ول العاقل فيقول:
مَــــاه أساغَ —
عزّتْ نَحْنَ
لاهلْ أشفاغَ — ميـــــنّنحْن.
أما الشاعر يكوى ول محمذن ول أحمد ميلود فيقول:
وناصر الدين ومودِ مال
— والقطب مينحنَ واليدالي
أما الشيخ أحمدو ول اسليمان فيقول هو كذلك:
ولي حاجة مذ أزمن عز نيلها
— تطفلت جراها على كل سالك
فلما غلت أسعارها وتعذرت
— أتيت بها جدي الولي مودِ مالك
حططت بـ “تَنْبَلِين” رحل حوائجي
— لتقضى لدى ذاك الشريف المبارك.
ويقول العلامة محمد فال بن محمذن ببها:
طربت هوى لا لانثناء المعاطف
— ولا لدلال من ذوات المعاطف
ولا لاختلاس من عيون جآذر
— خرجن علينا من زفاف ابن واقف
ولكن لسب المصطفين ذوي النهى
— بني الشيخ مينحنا غر المعارف
ألا لا يرم سب الكرام فإنهم
— غطارف قوم من كرام غطارف
غطارف من آل الحسين وحبهم
— ضمان علينا في صدور المصاحف.
نسبهم:
يتصل نسب آل مودي مالك بالشريف سيدي الياس،
وقد كانوا كعبة للعلم والصلاح في منطقة إكيدي، بل من أغزر منابعه وأمنع حصونه وأرفع درجاته!
تلامذته:
يكفي شاهدا على ما قلنا أن كبار علماء البلاد أخذوا عن أشفغ منا نحنُ مثل:
الشيخ محمد اليدالي
وسيد عبد الله ولد رازكه
ومسكه ولد بارك الله
ومحمد الكريم ولد الفالي ولد الكوري ولد سيد الفاللي
والماح بن أبي الماح والطالب أجود ولد مودي أوبك….
وغير هؤلاء كثير،
ومن هؤلاء العلماء الأعيان توزعت فروع معارف كثيرة!
فأنجب الشريف مودي مالك من زوجه ميجه بنت أحمد شلل ولد يقبانلل (وبها يكنّى والدها) أولاده:
المصطف “بتف” ومحمد “منا نحنُ” وأحمد “بوراص” والأمين.
وأختيهم خديجة ومريم.
حملت أم أشفغَ منا نحنُ ابنها بحدثان مولده إلي ولي الله أحمد بزيد ولد يعقوب، فوضعه في حضنه وضمه إليه ونفث في فيه وقال:
هذا منا نحن “أي الأولياء” فصارت الكلمة علما له.
علمه:
كان أشفغ منّا نحنُ عالما جليلا وشيخا صالحا وشاعرا أديبا امتد إشعاع علمه ومعارفه إلى أصقاع نائية من بلاد شنقيط وجوارها،
ولقد أجله تلامذته وأحبوه فقد كان الشيخ محمد اليدالي يقول إنه: ما ذاق طعم الوالدية بعد والده إلا منه”.
أما سيد عبد الله ابن رازگة فقد كان محبا له مجلا، وجرت بينهما ملاطفات منها قول ابن رازكه يخاطبه:
لسيدنا مينحن برذونة إذا
— خطت أخطأت سير المراض الأمالح
تباشر للأعراف منها ذؤابة
— على نافع بن التونسي بن صالح.
فرد عليه منا نحنُ :
لئن كان عبدالله قد عاب عرفها
— وأخطأها سير المراض الأمالح
لقد زانها تبغيلها واصطلاؤها
— إذا ارتكبت يوما أمام الملامح
عليها فتى لا ينثني لكريهة
— وليس بذي سيف وليس برامح.
وفي ملاطفة أخرى بينهما يقول سيدي عبد الله في تقريظ القاموس لمجد الدين الفيروزا بادي:
كتب اللغات كثيرة لكنها
— مجموعها لا تعدل القاموسا
أو ما تراها أبطلت وتعطلت
— كالسحر أبطل حين ألقى موسى
وجه التشابه أنها لما بدا
— طرحت كشعر الرأس يلقى موسى.
فقال أشفغ منا نحنُ منتصرا لصحاح الجوهري:
الجوهري هو المقدم إنه
— في الفن كان لهم هدى ملموسا
لو أنه لا قاه حمر وجهه
— لا حاسدا لا حاقدا لا موسا
مؤلفاته:
تعزى لأشفغ منا نحنُ بعض الفتاوى تناولت أحكام قضايا مثل:
المداراة واستغراق الذمة،
ويعزى له أيضا مما روي عن محمدن ول المحبوبي عازيا لزين بن الجمد ناقلا عن المختار ول الما:
استغراق الذمه عندِ
— افلكْتوبْ أ لاهِ كذْبَ
خوذ الغاصبْ والمتعدِ
— والسارك والبايعْ برْبَ.
أبناؤه:
خلف اشفغ منا نحنُ أولاده العلماء الصلحاء الفضلاء السادة:
عبد الله ومحمد والمصطفى والأمين، وقد اتصل في عقبهم العلم والصلاح والفضل والسيادة.
وفاته:
توفي أشفغ منا نحنُ عن مائة سنة عام 1151هـ وقد أرخ لوفاته متالِ ول بلَّ ول المختار ول أكذ عثمان، على نهج الفشتالية:
بالأحكام نقشا مات مينحنا من لها
— بخط بديع بالقضاء المفصل.
ودفن رحمه الله في ضريحه المنير شرقي “تَنْفَنْجَ” على مقربة منها،
وقد حد ذلك المختار بن جنْكِ في نظمه لمدافن الأعيان:
بواد تَنْفَنْجَ القديمة انظر
— آخر ما بدا به من شجر
وشرقن قاصدا عن قرب
— تجد إذا مينحنا المربي
سماه بازيد أخو العلياء
— بذاك منا نحن الأولياء.
قال أحدهم:
حدْ افْحكمْ اشفاغَ يَنْج
— مينْنَحْنَ ما يُلاغَ
وأمْنادمْ عادْ إفْتنْفنْجَ
— راهُ عادْ افْحكْمْ أشْفاغَ.
رحمه الرحمة الواسعه وادخله فسيح جناته آمين الدعاء
المصدر: هذه الترجمة كتبها الأستاذ احمدو ول بزيد..