كان يمكن أن أعنون هذا المقال بفوكالات الرئيس غزواني، لكني عدلت عن ذلك حرصا على الأمانة العلمية، والأمانة في زمانكم ووفق حديث جدي عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء والمرسلين، نادرا ما يتصف بها الرجال، فهي فعلا فوكالات السيد محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الشيخ الغزواني فحسب، على غرار لا يرتفع ولا ينافس البتة فوكالات الكاتب الصحفي، عبد الفتاح ولد عبد الرحمن ولد اعبيدن.
مثل هذه الفوكالات لا تصدر عن رئيس وإن كانت بعض جوانبها ايجابية ومفيدة قطعا، لكنها تدل باختصار على تيقن غزواني بأهمية المصارحة والمكاشفة، وأهمية الدخول في نادي المدونين والفوكاليين بوجه خاص، استعدادا للحملات القادمة (الانتخابات المحلية 2023 – الانتخابات الرئاسية 2024)، فرغم أن الرجل أحيانا، وأحيانا فحسب يستبعد الحلول العنيفة، وطويل النفس لكنه فشل في الأغلب الأعم في انجاز رصيد من الانجازات الحقيقية، قابل للتوظيف والتسويق المفحم في الاستحقاقات المرتقبة.
والرجل بارع في التحايل وشاطر واستراتيجي على طريقة اقتناص اللحظة، لكنه لا يصلح للرئاسة بالمفهوم الشامل المتوازن، وبالمقارنة مع سلفه يعتبر رجلا هادئا وايجابيا في حساب الذين يعتبرون موريتانيا مجرد ثكنة عسكرية.
فهم من هذا الوجه مختلفان في الأسلوب فقط، السابق صريح عنيف وعملي، واللاحق صريح وعنيف أحيانا، وليس عمليا إطلاقا إلا لماما، وبالتالي فما بقي له سوى “لحْمار”.
لكنك يا غزواني أخطأت الطريق فهذا النوع من الإعلام (الفوكالات) يتطلب خبرة 40 سنة، حيث أني من أول الخائضين في هذا المجال ومن أجرأهم، وبقية الصفات لا يحسن بي حسمها ولا تأكيد رؤيتي لها.
رغم أنني سجلت أول فوكلاتي قبيل الانتخابات الرئاسية 2019 بعدة أشهر، إلا أنني ما زلت متدربا في المجال لصعوبته، أما أنت فقبل أيام في مدريد بدأت حقبة التدريب في مجال التدريب الصوتي (vocaliste)، لكنني لا أحسدك على هذا الذكاء وعلى هذه الشطارة والموضوعية والاعتراف، فمثلك من مرشحي الرئاسيات 2024، من الذين قد يتجرؤون حماقة وتهورا على منافسة المدون البارع، صاحب هذه الحروف، قد لا يكون له من وسائل محاولة الالتحاق بركب مرشحي رئاسيات 2024، سوى محاولة الاكتتاب في لائحة المدونين عبر صوتيات واتساب، ويوتيب، وفيسبوك، وماسنجر، وتويتر!
لكن من باب الموضوعية رجل ذكي ومراوغ وصريح، في نقاط ضعفه وهذا بصراحة من مؤشرات امكانية تجاوز بعض المخاطر الانتخابية، لكنه لا يكفي لتحقيق نجاح شفاف مقنع، ويعرف أنما سوى ذلك من دعم النظام السياسي القائم، المتنفذ منذ 78 وإلى اليوم، ليس شفافا ولا كافيا ربما على الإطلاق.
فمعاوية اضطرب نظامه 2003، ونجح في الرئاسيات بعد ذلك بقليل، واتصلت عليه عبر الهاتف مهنئا، من باب المجاملة فحسب، والأدب مع الرحم، لكن نظامه سقط بعد ذلك بقليل، وهذا هو نفس المصير المرتقب لنظام غزواني بعد رئاسيات 2024، وهؤلاء الجنرالات الفاسدين جميعا، وأزلامهم من بعض المدنيين، إلا من اختار منهم السكوت، وتسجيل فوكلات الاعتراف والتوبة النصوح، والندم على ما فات، سيكون مصيرهم مثيرا للموعظة والاعتبار وإلى الأبد، وغزواني يخاف على نفسه، من مصير أكثر قتامة من مصير ولد عبد العزيز، لأنه المهندس الفعلي لأغلب الانقلابات وكثير من عمليات الفساد واستغلال الشأن العام، والتحايل على المال العمومي.
أما الفوكالات يا عزيزي يا غزواني فربما لا تنفعك، وربما فاتك القطار، لا قدر الله، لكن قصدك طيب وربما لا يكون العنف والاضرار بالناس هو همك وقصدك الأول والأخير، وقد ينفعك هذا دنيا وآخرة، وإن كنت حريصا على انقاذ نفسك ومركبك الوطني (موريتانيا) فلتقبل أن تتلمذ علي، فإني سبقتك لعالم الفوكالات.
هنيئا لك السيد محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني في عالم صوتيات واتساب، وهنيئا للموريتانيين بمؤشرات نجاح الرئيس المرتقب، الكاتب الصحفي والمدون صاحب هذه السطور.
وهنيئا للموريتانيين بالسقوط الفعلي لقانون الرموز (الرمز القباري)، وأبشرك يا غزواني بأنني استحيت من مضاربتك بقوة إلى حين انطلاق الحملة الفعلية 2024، لأنك “دخلت علي الحرفة” كما يقال بالمثل الحساني.
لكن يوم الصراع الانتخابي… “أهل الشر انتاج”.
هذا الشعب في الظرف الراهن، وهذه الدولة في الوقت الحالي، لا تصلح لإدارة دفتها، وإنما يكفيك نجاحا أن لا تزيد منسوب الفساد، وأن تبعث الأمل، بإذن الله وعونه، وفقك الله وسدد خطاك.
النقطة الأولى لن تنجح فيها بسهولة، لأن من أدمن على فعل منذ 03 أغسطس 2005 وإلى اليوم لا يمكن أن يقلع عنه إطلاقا بقية حياته، إلا بصعوبة عن طريق التوبة النصوح، وأظن أنك بدأت في مشوارها، والثانية تصلح لها لأنك ذكي، لكن انتبه فبعث الأمل لا يكفي في عالم الفقر والمعاناة والألم المركب، ولو لم تقل كلمتك المشهورة “إل كلن نحن المشوي توكلو انتوم الشعريه”، لاعتبرتك صاحب صوتيات ناجح، لكن هذه العبارة في مستهل ترشحك تدل على نقص اعتبارك لمواطني موريتانيا، لكن المتدرب يسمح له بكثير من الاغلاط الشنيعة في بداية مشواره، ولقد كان ذلك في مطلع الحملة الرئاسية 2019، وعموما لست سيئا في مجال الخطابة، ولا بارعا اطلاقا، وكان بين ذلك قواما.
فعلا الإصلاح الذي ترمق وربما تتجه إليه بصدق عزيمة يتطلب شعبا يخاف الله، ويعي حقوقه قبل واجباته، فالجائع لا يملك قراره، والمظلوم لا يحتمل تكليفا، كما أن الاصلاح الذي ترمقه يتطلب سلطة توازي بين الترغيب والترهيب بحنكة وحذر، وكل هذه الشروط مفقودة نسبيا على الأقل، فبعض أبناء زماننا يخافون المخلوق، والعياذ بالله أكثر من خوفهم من الخالق، وهذا خطر جسيم على العقيدة ينبغي أن تراجعوه جميعا قبل فوات الأوان، وأما الحقوق والوعي وقصة الواجبات، فقد قال لي قريبي وابن أختي سعادة السفير التيجاني ولد الكريم، “إذا أردت أن تقيس مستوى المدنية والتحضر، فأنظر إلى حركة السير فالبلد المعني”، وقد مررت اليوم، لله الحمد والمنة، بأبرز ملتقيات طرق موريتانيا، وكان فوضيا بامتياز، فهذا شعب أحوج ما يكون في التأمل لقوله تعالى “وجاء بكم من البدو”، أما السلطة فتعرف أنها مفقودة بالمفهوم الذي ذكرت به سالفا لأنك من جهة بالغت في ظلم صديقك بالمفهوم الشخصي، رغم أنه تعجل في احراجك قبل أن تحاول ابعاد خطره، وأما الترغيب فكان النصيب الأكبر للأغنياء الأقوياء، وهذا من ما ساهم في تعميق الغبن وغضب السواد الأعظم من الموريتانيين، فسياساتك منذ اعتليت دفة الحكم عملت على تعميق فقر الفقراء وتقوية شوكة المافيا، صاحبة الثروة والنفوذ، المستحق لأكثر من سؤال احتجاجي مشروع، على الأقل من أين لكم هذا؟!
ولله الأمر من قبل ومن بعد، ليلة سعيدة للمدون محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني.
وحظ أسعد صاحب الفخامة السيد الرئيس محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني، وستبقى موريتانيا بخير مادام الاعتراف الغزواني هو سيد الموقف، فعلى الأقل بإذن الله، تلك بداية الطريق، وبداية الطريق فحسب.