يتوقّع محللون ومدربون مغاربة أن يبقى مدرب منتخب المغرب وليد الركراكي وفيًا لنهجه التكتيكي مع أسود الأطلس أمام فرنسا، المرتكز أساسًا على الأسلوب الدفاعي، مع الاعتماد على الهجمات المضادة، في المباراة التي ستجمعه بمنتخب فرنسا -غدًا الأربعاء- على أرضية ملعب البيت في نصف نهائي كأس العالم، مستبعدين قيامه بتغييرات كبيرة على التشكيلة التي دأب على الاعتماد عليها منذ بداية البطولة.
وازداد منسوب الثقة لدى المغاربة في منتخبهم الوطني، بعد أن تمكّن من بلوغ نصف نهائي كأس العالم، كما ازدادت -أيضًا- آمالهم في تحقيق إنجاز أكبر بالوصول للمباراة النهائية، وتحقيق “المعجزة” والتتويج باللقب العالمي، ليكون بذلك أول بلد خارج قارتي أوروبا وأميركا اللاتينية.
وثقة المغاربة أصبحت واضحة جدًا في مدربهم الوطني وليد الركراكي، ونهجه التكتيكي الذي خطف الأضواء خلال هذه البطولة، وحصل على إشادة واسعة من كبار المدربين عبر العالم، في حين يسود الترقّب حول الوجه الذي سيظهر به الأسود في هذه المواجهة التاريخية أمام حامل اللقب.
الدفاع.. القوة الضاربة لـ”الأسود”
يُجمع العديد من المتابعين على أن قوة المنتخب المغربي تكمن -في الأساس- في أسلوبه الدفاعي، وتدعم هذا الطرح الأرقام المحصلة منذ بداية الدورة، إذ يحظى أسود الأطلس بأقوى خط خلفي في المنافسة، باستقبال شباكه لهدف وحيد (سجّله نايف أكرد ضد مرماه في مباراة كندا 2-1).
وفي هذا السياق، يقول المدرب المغربي عبد الرحيم طالب إن مفتاح تجاوز المنتخب المغربي لفرنسا في هذه المباراة التاريخية، هو تمسكه بصلابته الدفاعية، والتي عدّها “الأقوى في المسابقة دون منازع”.
ويرى المدرب السابق لفريق الجيش الملكي المغربي أن “أي مدرب في العالم لا يمكنه أن يغيّر اللاعبين والنهج الذي يمكّنه من الفوز، وهو الأمر الذي يعيه الآن وليد الركراكي جيدًا، فمن الصعب جدًا أن نراه يلعب بطريقة أخرى؛ لأن الدفاع الآن هو قوتنا الضاربة”.
وأشار عبد الرحيم -في تصريح خصّ به الجزيرة نت- إلى أن “المنظومة الدفاعية المغربية أصبحت مرعبة بالنسبة للمدربين الخصوم، وأنا متأكد أنها أكثر ما يقلق مدرب المنتخب الفرنسي ديييه ديشامب؛ لأن اختراقها يتطلّب منه المغامرة نحو الأمام، وهو ما يعني ترك مساحات في الخلف”.
سلاح فرنسا “الفتاك”
في الندوة الصحفية التي سبقت المباراة، أقرّ ديشامب بقوة المنتخب المغربي، ورأى أنه لم يصل إلى هذا الدور صدفة، وإنما بعد أن قدّم واحدة من أفضل المستويات في البطولة، لكنه شدّد -في المقابل- على أنه أعدّ العُدّة لـ”أسود الأطلس”، ويملك خطة من أجل اختراق دفاعه.
ويرى عبد الرحيم أن السلاح الفتاك الذي يملكه المدرب الفرنسي -والذي من شأنه أن يهدّد المنتخب المغربي- هو “وجود خط أمامي سريع، ويجيد التوغّل على الأطراف”.
وأشار المدرب السباق للدفاع الحسني الجديدي المغربي أن لاعبين مثل “كيلين مبابي وأنطوان غريزمان، وعثمان ديمبيلي، وكذا أوليفيي جيرو يتميزون بالسرعة والمهارة، لذلك فإنهم قادرون على اختراق دفاعك في أي وقت، وهذا بالضبط ما يجب أن يحرص عليه المنتخب الوطني في هذا النزال”.
كيف يمكن إيقاف فرنسا؟
ويؤمن عبد الرحيم بقدرة وليد الركراكي على القيام بدراسة تكتيكية مثالية لنقاط قوة المنتخب الفرنسي، واستغلال نقاط الضعف، وأبرزها: “تركه للمساحات في الخلف، ما يعني فرصة كبيرة للتسجيل عن طريق الهجمات المعاكسة”.
ويقول بهذا الخصوص: “المعروف عن مبابي وغريزمان وحتى جيرو أنهم لا يساندون الدفاع، بعكس مهاجمي المنتخب المغربي، وهذا يعني أننا سنكون أمام فرصة من ذهب من أجل التسجيل، وربما المهمة قد تكون أسهل للتسجيل من المباراتين السابقتين”.
وليد الركراكي لم يخسر أي مباراة مع منتخب المغرب (غيتي)
ولا تزال الشكوك تحوم حول إمكانية مشاركة الثنائي رابيو وآباميكانو، بعد أن غابا عن آخر حصة تدريبية لـ”الديوك”.
أما بخصوص مفاتيح كبح قوة المنتخب الفرنسي، فقد أرجعها عبد الرحيم إلى قدرة المنتخب المغربي على تضييق المساحات على الخصم، خاصة أمام كيليان مبابي الذي يجيد المراوغة والاختراق، وإقفال الممرات على الأطراف.
في الوقت الذي يتجسد فيه أقوى سلاح يملكه “الأسود” -برأي عبد الرحيم- في “الروح العالية التي يتمتع بها، وقتالية لاعبيه على أرضية الميدان”.
ثقة كبيرة
على مستوى التركيبة البشرية، لا يتوقع عبد الرحيم أن يحدث الركراكي تغييرات على تلك التي خاض بها المباريات السابقة، لكنه في المقابل لا يستبعد إشراك لاعبين آخرين لم يخوضوا المباريات السابقة.
وقال بهذا الخصوص “في مباراة البرتغال السابقة رأينا المدافع أشرف داري لأول مرة، لذلك لا أحد منا يمكن أن يتنبأ بطبيعة التغييرات التي يمكن أن تحدث في لقاء فرنسا، قد تكون هناك تغييرات وفقًا لظروف المباراة ونتيجتها”.
وعبّر المتحدث عن ثقته الكبيرة في قدرة “أسود الأطلس” على مواصلة مفاجآته الكبيرة في المونديال وبلوغ الدور النهائي، بعد أن استطاع لاعبوه “كسر حاجز الخوف” وإطاحتهم بعمالقة الكرة العالمية.
فيقول بهذا الخصوص ” أنا متفائل جدًا، وواثق جدًا من قدرتنا على بلوغ المباراة النهائية ونكون أول من يفعل هذا في أفريقيا وعلى المستوى العربي، لدينا الثقة والحماسة والروح العالية أكثر من فرنسا، لذلك فنحن قادرون على صنع التاريخ والوصول للنهائي”.
الحظوظ متساوية
في ندوته الصحفية التي سبقت المباراة، رفض وليد الركراكي أن يكون دور النصف النهائي سقف طموحات المنتخب المغربي في هذه الدورة، وقال إنه “يرغب في تغيير العقليات، وعازم كل العزم على الفوز على فرنسا، وبلوغ المباراة النهائية”.
ويعلّق الإعلامي المغربي أنس صوت الريح -في حديثه مع الجزيرة نت على تصريحات الركراكي- قائلًا إن “المباريات الأخيرة للمنتخب والمسار المتميز الذي يتّفق معه أكّد أن الحظوظ متساوية مع فرنسا، التي لم تكن الطرف الأقوى في نزالها الأخير أمام إنجلترا”.
مبابي في عناق مع أنطوان غريزمان بعد تسجيل هدف الانتصار على الدانمارك (الفرنسية)
وعدّ الإعلامي المغربي أن قوة فرنسا تكمن في خطه الأمامي المرعب، واعتماده على الكرات العرضية في اتجاه رأسية جيرو، بالإضافة إلى الكرات الثابتة، لكنه يرى أن “نقطة ضعف منتخب الديكة تكمن في الدفاع، وهو ما يجب أن يلعب عليه الركراكي”، حسب تعبيره.
وأكّد أن معنويات الجماهير المغربية وثقتهم في “أسود الأطلس” أصبحت عالية جدًا بعد ما قدّموه في هذه الدورة، و”الكل هنا بدأ يؤمن بأن هذه المجموعة قادرة فعلًا على تحقيق أكبر مما حقّقته حتى الآن”.
وفي ظل الغموض الذي يلفّ إمكانية مشاركة ثنائي قلب الدفاع: العميد رومان سايس ونايف أكرد، لم يُخفِ أنس صوت الريح قلقه من معاناة الخط الخلفي للمنتخب، بالنظر إلى عنصر الثقة التي يزرعها هذا الثنائي في اللاعبين، بحكم تجربتهما الكبيرة ووجودهما في أكبر الدوريات العالمية.