التمكين للغة العربية تطالب ب ” تعريب “إجراءات الصفقات العمومية”
نظمت الحملة الشعبية للتمكين للغة العربية وتطوير لغاتنا الوطنية مساء اليوم في نواكشوط ندوة تحت عنوان ” تعريب إجراءات الصفقات العمومية: واجب دستوري ومطلب تنموي”، بحضور عدد من المهتمين بالموضوع.
رئيس الحملة الشعبية للتمكين للغة العربية وتطوير لغاتنا الوطنية، النائب البرلماني والوزير السابق صو أبو دمبا قال إنه لا يخفى على أحد ما للغة العربية من فضل على شعوب العالم عامة وشعوبنا خاصة حيث شكلت بوتقة الانصهار وجسر التواصل وحرف الخطاب.
وأوضح النائب أنهم في الحملة الشعبية استنتجوا من خلال الفعاليات المخلدة للمهرجان الدولي للسوننكي مدى ارتباط وتجذر لغاتنا الوطنية بالحضارة والثقافة العربية الإسلامية.
وأبدى رئيس الحملة تطلعهم لتجسيد المدرسة الجمهورية، لثنائية اللغة العربية واللغات الوطنية الأخرى، قصد تكريس العدالة والمساواة.
وأكد رئيس الحملة أنهم لن يدخروا جهدا في سبيل التمكين للغة العربية محليا ودوليا، نظرا لما تشكله من أهمية دينية ودنيوية.
وطالب النائب صو آبو من المؤسسات الرسمية والخصوصية في موريتانيا بمناسبة إقرار نواكشوط عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي بالعمل على إنشاء منظمة دولية جامعة تعنى باللغة العربية تضم كافة البلدان النطاقة بها كليا وجزئيا، حتى تظل موريتانيا وفية لماضيها.
من جهته الأمين العام للحملة الأستاذ محمد الأمين ولد الفاظل خلال عرض له بالمناسبة قال إن “تعريب إجراءات الصفقات العمومية يشكل مسألةً بالغةَ الأهمية بالنسبة لهم في الحملة الشعبية للتمكين للغة العربية وتطوير لغاتنا الوطنية، ولذا فقد وَجه قبل أقل من شهر من الإعلان الرسمي عن انطلاق الحملة رسالتين، إحداهما إلى رئيس مجلس سلطة تنظيم الصفقات العمومية، والثانية إلى رئيس اللجنة الوطنية لرقابة الصفقات العمومية، وقد طالبوا في الرسالتين بالمسارعة في تعريب كل إجراءات الصفقات العمومية احتراما للمادة السادسة من الدستور الموريتاني، وصونا لقواعد الإشهار للعموم، وعملا بشفافية الإجراءات، وبحق الولوج للطلبية العمومية.
وأكد ولد الفاظل أنه و”للأسف الشديد لم يتغير أي شيء بعد عام ونصف تقريبا من توجيه تلك الرسائل، فما زالت القطاعات الحكومية، وبما في ذلك الوزاراتُ السياديةُ، تشترط إلزامية استخدامَ اللغة الفرنسية فقط في كل مراحل إبرام وتنفيذ الصفقات العمومية (العروض؛ العقود؛ المراسلات …إلخ).
وحسب الأمين العام فـ “ما زال الموقعُ الرسمي لسلطة تنظيم الصفقات العمومية ينشر باللغة الفرنسية فقط، والموقع الرسمي للجنة الوطنية لرقابة الصفقات العمومية توجد على واجهته الآن أكثر من 17 محضرا ( حصيلة ما مضى من العام 2023) لم يترجم منها محضر واحد إلى اللغة العربية ( اللغة الرسمية للجمهورية الإسلامية الموريتانية).
وقال ولد الفاظل “إن هذا التعامل الذي لا يليق باللغة الرسمية للجمهورية الإسلامية الموريتانية في كل إجراءات الصفقات العمومية يَفرضُ علينا في الحملة الشعبية للتمكين للغة العربية وتطوير لغاتنا الوطنية أن نتحركَ، وأن نستخدم كلَّ الوسائل المتاحة لنا من أجل تصحيح هذه الوضعية الغريبة، خاصة وأنها لا تشكل فقط انتهاكا لروح الدستور الموريتاني، بل إنها زيادة على ذلك تخل بمبادئ الشفافية ومحاربة الفساد، وتؤثر بشكل سلبي على الكثير من المشاريع التنموية.” ـ حسب تعبيره.
وأوضح الأمين العام أن “واجب الإشهار والنشر الذي يعد من المبادئ التي تقوم عليها الصفقات العمومية لن يتحقق إلا باستخدام اللغة العربية، فاستخدام اللغة العربية هو ما سيُمكن الجمهورَ من أن يطلع على ما يجري في الصفقات العمومية، الشيء الذي سيفعل الرقابة الشعبية على الصفقات العمومية، في حين أن إبقاء اللغة الفرنسية كلغة وحيدة في إجراءات الصفقات العمومية سيحرم أكثر من 90% من الموريتانيين من الاطلاع على تلك الإجراءات، وهو ما سيعني الغيابَ الكاملَ للرقابة الشعبية، والتي تشكل شرطا أساسيا في أي محاربة جادة للفساد.” وفق وصفه.
كما أن اشتراط اللغة الفرنسية لوحدها ـ يضيف ولد الفاظل ـ في إجراءات الصفقات العمومية ( ولا ندري لماذا يتم اختيار اللغة الفرنسية لوحدها دون بقية لغات العالم؟) يخل بمبدأ هام من مبادئ الصفقات العمومية، ألا وهو حقُ الولوج إلى الطلبية العمومية، هذا فضلا عن كونه سيحرم حملةَ الشهادات باللغة العربية من العمل في مجال تُنفق عليه في كل عام من ميزانية الدولة مئاتُ الملياراتِ من الأوقية القديمة.
ونبه ولد الفاظل إلى إنه لمن المستغرب حقا أن يستمر اشتراطُ اللغة الفرنسية كلغة وحيدة للصفقات العمومية، في بلد تعتبر اللغة العربية هي لغته الرسمية الوحيدة، ومما يزيد الأمر استغرابا، أن مكتب الدراسات الذي يكون رؤساء وأعضاء لجان الصفقات في موريتانيا هو نفس المكتب الذي يقوم بدورات تكوينية في بعض البلدان العربية باللغة العربية. مما يعني أن المكتب قادر على التكوين على إجراءات الصفقات باللغة العربية، ولكن المشكلة أن الوزارات والإدارات والقطاعات المعنية لا تطلب التكوين للجان صفقاتها إلا باللغة الفرنسية؛
واكد الأمين العام أن شركاء موريتانيا في التنمية، وخاصة البنك الدولي يشجعون على أن تكون اللغات الوطنية هي اللغات المستخدمة في الصفقات العمومية المحلية، ولذا فقد تكفلت بعض تلك المؤسسات بتعريب بعض الوثائق النموذجية للصفقات العمومية. في بلد كالسنغال نجد مثلا أن المحاضر المتعلقة بالصفقات العمومية تتم ترجمتها إلى اللغة الولفية؛
وأوضح ولد الفاظل أن تمويلات الصناديق والهيئات العربية والإسلامية تمثل نسبة 60% من محفظة التمويلات الخارجية، حسب ورقة أعدها “تجمع كفاءات”، وأن بعض هذه الهيئات أصبح يشترط تعريب كل الوثائق المتعلقة بالمشاريع التي يمولها، وهو ما ترضخ له في النهاية القطاعات المستفيدة من تلك التمويلات.
وخلص ولد الفاظل إلى أنه وبناء على ذلك فيمكننا أن نستخلص ودون عناء أن تعريب لغة الصفقات العمومية يشكل مطلبا ملحا لتفعيل المادة السادسة من الدستور الموريتاني، ولترسيخ الشفافية، وأن كل الوسائل متاحة لتحقيق هذا الواجب الدستوري والمطلب التنموي، وتبقى الجهات المعنية بالصفقات العمومية هي من يقف عقبة أمام تعريب لغة الصفقات العمومية، وإن استمر الحال على هذا الحال فإن الحملة الشعبية للتمكين للغة العربية وتطوير لغاتنا الوطنية ستلجأ إلى القانون، وستستخدم كل ما هو متاح لها في هذا المجال، لتصحيح هذه الوضعية المخلة.، على حد تعبيره.
بعد ذلك قدم المستشار القانوني للحملة المحامي محمد المامي ولد مولاي عرضا قال فيه إن المعلومات المقدمة حول إصرار الجهات الوصية على الصفقات على استلام بعض الملفات باللغة الفرنسية ورفضه باللغة العربية أمر بالغ الخطورة.
وأوضح المحامي أن الشفافية لن تتحقق إلا بالنشر باللغة الرسمية التي يفترض القانون أن الشعب يفهمها.
وشهدت الندوة تقديم عديد المداخلات تركزت حول ضرورة تجاوز التعاطي مع اللغة بالعاطفة والعمل على فرضها بقوة القانون.
وشهدت الندوة مداخلات أدبية تضمنت قصيدة للشاعر والإعلامي العميد أحمدو ميح تشيد بمكانة اللغة العربية.