على نحوٍ مباغت، شنّت طائرات حربية إسرائيلية غارات مركزة ومتزامنة، أسفرت عن اغتيال 3 قادة بارزين في “سرايا القدس” الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة.
واستيقظ الغزيون عند الساعة الثانية من فجر اليوم الثلاثاء، على أصوات انفجارات هائلة هزت مدينتي غزة، ورفح على الحدود مع مصر جنوب القطاع، وتبين أنها استهدفت منازل قادة عسكريين في سرايا القدس، وأدت إلى استشهادهم برفقة زوجاتهم وعدد من أبنائهم، ومواطنين آخرين.
وفي بيان عسكري، نعت سرايا القدس شهداءها الثلاثة وهم: الشهيد جهاد شاكر الغنام أمين سر المجلس العسكري، والشهيد خليل صلاح البهتيني عضو المجلس العسكري وقائد المنطقة الشمالية، والشهيد طارق عز الدين أحد قادة العمل العسكري بسرايا القدس في الضفة الغربية.
وقالت السرايا “إننا إذ ننعى شهداءنا القادة ومعهم زوجاتهم المجاهدات وعدد من أبنائهم، لنؤكد أن دماء الشهداء ستزيد من عزمنا، ولن نغادر مواقعنا، وستبقى المقاومة مستمرة بإذن الله”.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أن الغارات الإسرائيلية أسفرت عن استشهاد 13 مواطنا وجرح 20 آخرين في حصيلة غير نهائية للضحايا.
من القادة المستهدفون؟
- الشهيد جهاد شاكر غنّام: وُلد لأسرة لاجئة من مدينة “أسدود” إبان النكبة عام 1948، وسكنت مخيما للاجئين في رفح جنوب القطاع وهو في بداية العقد السادس من عمره. استهدفت غارة جوية إسرائيلية منزله في “حي الجنينة” شمال شرقي مدينة رفح، ما أدى إلى استشهاده برفقة زوجته.التحق غنام بصفوف حركة الجهاد الإسلامي في مرحلة مبكرة من حياته، وانضم لسرايا القدس وتدرج في المواقع القيادية، حتى أصبح أمين سرها، ورافق قائد لواء المنطقة الجنوبية فيها الشهيد خالد منصور، الذي اغتالته إسرائيل في غارة جوية استهدفت منزلا كان يتحصن به غرب رفح في أغسطس/آب العام الماضي. ويتهم جيش الاحتلال الشهيد غنام بشغل مناصب رفيعة في الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، واعتبره مسؤولا عن التنسيق ونقل الأموال والأسلحة بين الجهاد وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
https://d-12551250331778280548.ampproject.net/2304262219000/frame.html - الشهيد خليل صلاح البهتيني: في العقد الرابع من عمره، وتقول مصادر في حركته إنه أظهر قدرات عسكرية وأمنية أهّلته للالتحاق بسرايا القدس والتدرج في مناصب قيادية مهمة، وقد استهدفته غارة جوية برفقة أسرته في منزلهم بحي التفاح شمال شرقي مدينة غزة. تولّى البهتيني قيادة المنطقة الشمالية في سرايا القدس خلفا للشهيد بهاء أبو العطا، الذي استشهد برفقة زوجته في عملية اغتيال إسرائيلية استهدفته داخل منزله في حي الشجاعية شرق مدينة غزة في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2019، في حين كان البهتيني قد نجا من عدة محاولات إسرائيلية سابقة لاغتياله. وبدأت إسرائيل التحريض عليه مبكرا، ووضعته على قائمة المستهدفين، وحمّلته المسؤولية عن عمليات إطلاق الصواريخ على المستوطنات الإسرائيلية، أبرزها صاروخ أسقطته منظومة القبة الحديدية في ديسمبر/كانون الأول عام 2020، وأفشل مؤتمرا كان يعقده آنذاك رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو. ووفق تقارير أمنية إسرائيلية، فإن البهتيني تدرّج خلال العقد الأخير في مراتب قيادية داخل سرايا القدس، وتربطه علاقة مميزة وفاعلة مع القيادة السياسية لحركة الجهاد الإسلامي، وكان ضمن وفدها المشارك في لقاءات بالعاصمة المصرية القاهرة مع المخابرات العامة المصرية. ويتهم الجيش الإسرائيلي الشهيد البهتيني بالتخطيط لشن هجمات في عمق إسرائيل، وإطلاق صواريخ في المستقبل القريب. وقد سبق خليل إلى الشهادة شقيقُه محمد من مواليد العام 1980، الذي التحق بصفوف سرايا القدس عام 2005، واستشهد في 2006 بغارة جوية خلال تصديه لقوات إسرائيلية توغلت في “حي الشعف” شمال شرقي مدينة غزة.
الشهيد المُبعد
والشهيد الثالث في عملية الاغتيال هو طارق إبراهيم عز الدين (50 عاما)، واستهدفت غارة جوية إسرائيلية الشقة السكنية التي يقطنها مع أسرته وأطفاله في مدينة غزة التي أُبعد إليها إثر تحرّره من سجون الاحتلال ضمن “صفقة وفاء الأحرار” (صفقة شاليط) عام 2011.
وينحدر عز الدين من بلدة عرابة جنوب مدينة جنين بالضفة الغربية، والتحق مبكرا بحركة الجهاد الإسلامي، واعتقل مرات عدة في سجون الاحتلال، آخرها في عملية خاصة عام 2000 بعد فترة من المطاردة، وحُكم عليه بالسجن المؤبد إضافة إلى 10 سنوات و8 شهور.
ويعتبر جيش الاحتلال الشهيد عز الدين مسؤولا عن توثيق العلاقة بين الجهاد الإسلامي في غزة والضفة، ونقل الأموال، وتوجيه الهجمات ضد أهداف داخل إسرائيل انطلاقا من غزة. وهو ابن بلدة الشيخ خضر عدنان، الذي استشهد في سجن الرملة الإسرائيلي قبل أسبوع، بعد 86 يوما من الإضراب عن الطعام طلبا للحرية.https://d-12551250331778280548.ampproject.net/2304262219000/frame.html
طوارئ وساعات مجهولة
وبالتزامن مع غارات الاغتيال، أعلن جيش الاحتلال شن عملية عسكرية على غزة أطلق عليها اسم “السهم الواقي”، وإحكام إغلاق القطاع بإغلاق معبر بيت حانون “إيرز” المخصص لتنقل الأفراد والحالات الإنسانية، ومعبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد المخصص للبضائع والمساعدات الإنسانية.
وبهذا التصعيد خرقت إسرائيل تهدئة أوقفت ساعات من التصعيد في الثاني من الشهر الجاري، أعقبت استشهاد الأسير خضر عدنان القيادي في حركة الجهاد الإسلامي في زنزانته الانفرادية، إثر إضراب عن الطعام استمر 87 يوما، خاضه طلبا للحرية.
وتُخيم حالة الطوارئ على جانبي السياج الأمني المحيط بالقطاع. وفي حين أعلنت إسرائيل عن إغلاق المدارس وتعطيل حركة القطارات فيما تُسمى “مستوطنات غلاف غزة”، وحثت المستوطنين على البقاء قريبا من الملاجئ، أعلن المكتب الإعلام الحكومي في غزة تعليق الدوام في المؤسسات التعليمية حتى إشعار آخر، وتقليص الدوام في باقي المؤسسات الحكومية إلى الحد الأدنى.
ونعت فصائل المقاومة في بيانات منفصلة، الشهداء وندّدت بعملية الاغتيال ووصفتها بـ”الغادرة والجبانة”، وتوعدت بأن دماء الشهداء لن تذهب هدرا.