سيد محمد الطالب أعمر
تعتبر صناعة التعدين من أهم القطاعات الاقتصادية في موريتانيا، حيث تشكل مصدر الثروة الرئيسية للبلاد، وتعتبر أيضًا مصدرًا رئيسيًا للعمل والدخل للموريتانيين. تحوي موريتانيا على عدد من المعادن الثمينة مثل الحديد والذهب والنحاس واليورانيوم وغيرها.
توجد مناطق عدة في موريتانيا تتميز بوجود موارد طبيعية غنية من الذهب، وتشهد نشاطًا كبيرًا في قطاع التعدين. ومن بين هذه المناطق:
– أكجوجت: وتتميز هذه المنطقة بوجود كميات كبيرة من النحاس والذهب، وتعمل شركات التعدين الدولية في هذه المنطقة.
– ولاية تيرس زمور: وتعتبر هذه الولاية واحدة من أهم مناطق التعدين في موريتانيا، حيث توجد فيها كميات كبيرة من اليورانيوم و الذهب والحديد والنحاس. وتعمل شركات التعدين الأجنبية بشكل كبير في هذه المنطقة، بالإضافة إلى وجود العديد من المنقبين الأهليين.
التعدين الأهلي عن الذهب هو مصطلح يستخدم لوصف نوع من تعدين عن الذهب على نطاق صغير والذي يتم غالبًابشكل غير قانوني وغير منظم وبدون دراسة مسبقة، يشمل الأفراد أو مجموعات من العمال ،يستخدمون عادةً أدوات بسيطة وغير مكلفة للبحث عن الذهب ، مثل المعاول. والمجارف والمقالي
شركة معادن موريتانيا
تأسست شركة معادن موريتانيا في إطار التزام فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني لتأطير المناجم التقليدية وشبه الصناعية، وهي مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري، وصدر قرار إنشاء الشركة عن مجلس الوزراء المنعقد في 05 مارس 2020.
أهدافها:
ـ التوجيه والمساعدة فنيا للمستغلين التقليديين وشبه الصناعيين المعدنيين
ـ السهر على تطبيق إجراءات السلامة المتعلقة بنشاطات الاستغلال المعدني
ـ العمل والمساهمة في حماية البيئة
ـ التخطيط و/أو الإشراف على تسويق الذهب الناتج عن الاستغلال التقليدي وشبه الصناعي
(موقع معادن موريتانيا، 11 يونيو 2022 )
تؤكد الشركة الموريتانية للمعادن بأنها وضعت إستراتيجية لتقليص مخاطر البيئة ورفع مستوى السلامة، وتوفير الخدمات الأساسية (ماء، سيارات إسعاف، مستوصف، شبكة الهاتف).
ووفق المصدر نفسه، خصصت الحكومة مناطق لهذا القطاعتزيد مساحتها الإجمالية على 117000 كلم مربع أي 11 في المئة من مساحة البلاد التي تتجاوز مليون كلم مربع.
(موقع العلم، 18 دجمبر 2021 )
وقد صرح السيد المختار ولد حامدن رئيس فرع شركة معادن موريتانيا في الزويرات حول وضعية التنقيب عن الذهب في ولاية تيرس زمور بأن هذا النشاط ، أصبح مشغلا يستوعب عمالة وطنية بالآلاف بصورة مباشرة، ويتيح مئات الوظائف غيرالمباشرة.
وتضاعف عدد المنقبين في الولاية من 10.000 إلى 30.000 بمبادرة من شركة معادن موريتانيا للسماح بالتنقيب في المنطقة العسكرية المغلقة.
وصرح أيضا أن مركز ازويرات للتعدين كان يستقبل 1000 كيس من الأحجار المشبعة بالذهب يوميًا ، واليوم يستقبل 4000 كيس ، ولكن الأهم هو أن هذه الزيادة خلقت جوا ملائما للاستثمار،
ومن المهم أيضا أن هذه الزيادة خلقت مناخًا ملائمًا للاستثمار ، وبالتالي ارتفع عدد فرص العمل المباشرة من 1100 إلى 3300 بالإضافة إلى المئات من فرص العمل غير المباشرة.
وفي السياق ذاته سجل البنك المركزي الموريتاني أن المنقبين في ولاية تيرس الزمور أنتجوا 6,84 كيلوغرامًا من الذهب يوميًا خلال شهر فبرايرمن العام الماضي، و6,3 كيلوغرامًا يوميًا خلال شهر مارس من ذات العام ، مسجلين زيادة معتبرة بالمقارنة مع الأشهر التي سبقت فتح المنطقة العسكرية المغلقة في (الشكات)، حيث أنتجوا خلال شهر نوفمبر من العام الماضي 3,32 كيلوغراما يوميًا من الذهب، وفي شهر دجمبر 2,17 كيلوغرامًا يوميًا.
وموازاة مع زيادة الإنتاج، تضاعف عدد المطاحن من 360 مركز طحن، قبل فتح التنقيب في المنطقة العسكرية المغلقة (الشكات) إلى 1007 مركز طحن في الوقت الراهن، ويتوقع أن يصل إلى 1200 مركز خلال الاشهر المقبلة، وعملت الشركة على تنظيم مركز التعدين في الزويرات وتسييجه بالكامل.
(صحرا ميديا ،المختار ولد حامدن، 20 يونيو 2021 )
وتمتلك موريتانيا مناطق للتنقيب عن الذهب الأهلي، حيث تعلن السلطات الموريتانية بين فترة وأخرى عن فتح مناطق جديدة للتنقيب عن الذهب، وفي عام 2022 أعلنت شركة معادن موريتانيا أن إنتاج الذهب في قطاع التعدين الأهلي في البلاد يبلغ 40 طناً سنوياً. ومن جهة أخرى، في ديسمبر 2022، قامت السلطات بحملة لإبعاد المواطنين الذين ينقبون عن الذهب عن المنطقة العازلة في الصحراء الغربية حفاظا على الأمن والاستقرار.
شركات مخلفات التعدين وتصفية الذهب:
ست و عشرون شركة أو يزيد حتي الان مرخصة لمعالجة مخلفات التعدين وتصفية الذهب واستخلاصه من التربة المتبقية بعد طحن الحجارة ، ودخلت الشركات هذا المجال ومن بينها شركات وطنية وشركات الهند واليمن دخلوا كذلك عل الخط في مجال التعدين.
اذا كان انتاج كينروس ” المصرح به ” في حدود 15 طن سنويا فإن الإنتاج الأهلي قد وصل إلى 45 كلغ ذهب يوميا , فايهما اولى أن تذلل الصعاب في وجهه؟، ومن هنا فعلى الدولة الاهتمام بالتعدين الأهلي ومنحه العناية ونفعه السريع ومايوفره من دخل معتبر للمواطن ولخزينة الدولة.
(موقع موريتانيا الآن،البشيرولد سليمان، 29 دجمبر 2020 )
ومع ذالك هناك أخطاء تقوم بها شركات مخلفات التعدين وتصفية الذهب في التعدين الأهلي، والتي قد تؤثر على كفاءة العمل والأمان والصحة المهنية والبيئية. وتشمل هذه الأخطاء: تخزين المواد المحتوية على المعادن الثمينة بطريقة غير آمنة، عدم استخدام المعدات اللازمة والآمنة وعدم صيانتها بانتظام، عدم مراعاة الاحتياطات اللازمة لحماية العاملين والمناطق المحيطة، وعدم مراعاة الإجراءات الوقائية والاحتياطية.
الأبعاد الاقتصادية :
يعتبر قطاع التنقيب الأهلي عن الذهب،خلال السنوات الأخيرة،واحدًا من أكثر الأنشطة الاقتصادية استقطابًا للموريتانيين ، حيث ساهم عام 2019، في حماية الاقتصاد الوطني بما يزيد على 74 مليار أوقية قديمة (205 مليون دولار)، أي حوالي 108 طن من الذهب، وفي عام 2020، أنتج أكثر من 5.6 طن من الذهب، تعادل حوالي 97 مليار أوقية قديمة (256 مليون دولار)، وفق تصريحات سابقة للحكومة الموريتانية
(صحرا ميديا ، 20 يونيو 2021 )
وبناءً على تصريح صادر عن مدير عام شركة معادن موريتانيا، فإن التعدين الأهلي ينتج سنويًا 40 طنًا من الذهب، وإنتاجه سيتواصل لمدة 100 عام مقبلة، على الرغم من انتشار السوق السوداء التي تستحوذ على جزء كبير من الإنتاج وأضاف بأن البنك المركزي للبلاد يشتري 25% بالمائة فقط من هذا الإنتاج، فيما يتم تهريب النسبة المتبقية.
وأشار إلى أن إنتاج الذهب أسهم في خلق 52 ألف فرصة عمل مباشرة و200 ألف فرصة عمل غير مباشرة، وتجاوزت قيمة أعماله المليار دولار
(اليوم السابع، 04 أغسطس 2022 )
مخاطر التعدين الأهلي : يواجه المنقبون عن الذهب في الشمال الموريتاني مخاطرة كثيرة، من ،: بينها
– طرق الحفر البدائية: تحدث من حين لآخر، الانهيارات نتيجة اعتماد المنقبين على معدات بدائية للتنقيب في بحثهم عن تربة غنية بالذهب ، مما يؤدي إلى انهيار التربة غير المدعمة ، خاصة عندما يصل الحفر إلى أعماق تتجاوز 10 أمتار، وتعتبر انهيارات التربة من أكثر الهواجس التي تؤرق المنقبين ، حيث إن طريقة الحفر لا تتم بطريقة هندسية وميكانيكية ولا تقوم على دراسة علمية مسبقة ، حيث لقي الكثيرون منهم حتفهم جراء انهيار الحفر العميقة التي يحفرونها بحثا عن الذهب ،ومثال على ذالك ما حدث في منطقة اصبيبرات على بعد 90 كلم من مدينة الشامي (شمال غربي موريتانيا) التي تعرض فيها بئر للتنقيب للانهيار مما أدى إلى فقدان ثمانية منقبين. ومن الضروري القيام بدراسات مفصلة لمناطق الحفر لضمان عملية حفر آمنة . كما يستخدم بعض المنقبين داخل البئر معدات ذات صلابة عالية، لتكسير الصخور مما قد يسبب ذلك فقدان للسمع.
ومن المخاطر أيضا صعوبة الطرقات وغياب إستراتيجية واضحة للتنقيب وحتى غياب تام لاستخدام وسائل الأمانوالسلامة ، كلها أسباب زادت من عدد الضحايا.
– نقص في المياه والخدمات الصحية : ويشكو كثير من المنقبين عن الذهب السطحي من نقص مياه الشرب في هذه المناطق الصحراوية، إضافة إلى تردي الخدمات الصحية وانتشار سوء التغذية جراء نقص المواد الغذائية ، كما تشتد الحرارة فيها خلال الصيف، وهذا يؤثر بشكل كبير على صحة المنقبين، في ظل نقص المواد الغذائية وصعوبة الحصول على المياه الصالحة للشرب في بعض مناطق التنقيب، إضافة إلى أن مناطق التنقيب هي مناطق صحراوية يكون البرد شديدا فيها خلال الشتاء وليست هناك وسائل للتدفئة .
– استخدام الزئبق في التنقيب عن الذهب والمخاطر الناتجة عن ذلك في سعيهم للحصول على الذهب من الصخور المكسرة ، غالبًا ما يتجاهل المنقبون الآثار السامة للزئبق،والسيانيد، والتي يمكن أن تؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة مثل تلف الأعصاب،والدماغ ، والربو،والالتهاب الرئوي،والتسمم،وحتى السرطان.
وبينت دراسات وتقارير أن نسبة استخلاص الذهبباستخدام الزئبق تتراوح بين 30 إلى 60 في المئة ،وهذا يعتمد على الطريقة المستخدمة في استخلاص الذهب وجودة الخام المعدني ، ويتم ضياع معادن ثمينة مصاحبة للذهب كالأحجار الكريمة.
التأثيرات البيئية:
ان عمليات التعدين الأهلي يمكن أن تؤدي إلى تدمير البيئة وتلوث المياه والتربة، وتؤثر على حياة المواطنيين.
وتشيرالمتابعات بأن المنقبين التقليديين يتعاملون بطريقة عشوائية مع الزئبق دون وجود رقابة وضوابط من جانب الجهات المختصة.
كما حذر خبراء ومختصون في البيئة من الاستخدام العشوائي لمادة الزئبق في التعدين التقليدي، مشيرين إلى وجود مخاطر مؤكدة لهذه المادة على صحة الإنسان والبيئة معا .
و تصف المنظمات والمؤسسات النشطة في المجال البيئي الزئبق بأنه العدو الأول للبيئة والأرض وصحة الإنسان والحيوانويؤدي انتشار الزئبق إلى تسربه إلى التربة والمياه الجوفية ؤمما يؤكد حاجة جميع الجهات للعمل على التخلص من هذه المادة السامة والمدمرة وتوفير بدائل آمنة لها.
على الرغم من التحذيرات المتكررة، لا يزال مئات الآلاف من المنقبين في موريتانيا يسعون جاهدين لاستخدام الطريقة الاسهل لكسب المال في ظل تدهور الاقتصاد وتدهور الظروف المعيشية.
(موقع النيلين، 08 سمبتمبر 2018 )
الحلول المقترحة :
يمكن اتباع مجموعة من الحلول والمقترحات لتحسين التعدين الأهلي، ومنها:
– توعية المواطن بأضرار تنقيب الأهلي وتسليط الضوء على الأثر السلبي لهذا النشاط على البيئة والمجتمعات المحلية، وذلك من خلال حملات توعوية وإعلامية وتثقيفية.
– تحسين الظروف المعيشية والصحية للعاملين في قطاع التنقيب الأهلي
– ترك مسافة آمنة بين الحفر والتي يمكن أن تتراوح بين 10 إلى 20 مترًا، حسب نوع الصخور وطبيعة وحجم التربة ،وحجم المعدات المستخدمة في الحفر.
– من أجل تجنب الحوادث أو التقليل من آثارها، يجب أخذ التدابير الوقائية والأمنية مثل(ارتداء الخوذة – والأقنعة خلال العمل -استخدامات سدادات الأذن – والقفازات – وأحذية أمان -والنظارات الواقية.- كما ينبغي الحفاظ على النظافة والتنظيف بشكل دوري لمنع تراكم الغبار والأتربة – وتوفير الإضاءة الكافية داخل الحفر) .
– مراجعة الاتفاقيات والشروط التي تم الاتفاق عليها بين الحكومات وشركات مخلفات التعدين عن الذهب في التعدين الأهلي، وذلك للتأكد من التزام هذه الشركات بالمعايير البيئية والصحية والاجتماعية المحلية والدولية. كما يجب على الحكومات المسؤولة عن إدارة التعدين الأهلي والتنقيب عن الذهب، وضع شروط صارمة وإجراءات فعالة لمراقبة أنشطة شركات مخلفات التعدين، وضمان أن يتم التعامل مع المخلفات بطريقة آمنة وصحية، وتحديد العوائد المالية والضريبية المطلوبة من هذه الشركات لضمان استخدامها في تنمية المجتمعات المحلية وحماية البيئة والتنمية المستدامة.
– ويجب أيضا توفر الخدمات البيئية لازمة في المنطقة ،وتدريب العمال على كيفية التعامل مع المعدات والوقاية من المخاطر الناتجة عن عمليات الحفر.
وفي الاخير، يجب أن يتم تعزيز التعاون بين الحكومةوالقطاع الخاص والمجتمع المدني لتحقيق التنمية المستدامة في قطاع التنقيب عن الذهب، وتحقيق أقصى استفادة من هذه الموارد الثمينة بطريقة مسؤولة ومستدامة.
سيد محمد الطالب أعمر