بسبب الزلزال المدمر الذي ضرب ولاية هرات غربي أفغانستان السبت الماضي، وأسفر عن نحو 2500 قتيل، ما جعله من بين الأكثر دموية في العالم هذا العام، إلى جانب زلازل تركيا وسورية، وزلزال المغرب، أصبحت 20 قرية في مديرية زنده جان أثراً بعد عين، وكأن لا منازل فيها.
يقول شير خان من قرية وردكي الذي يلقبه السكان بـ “الأستاذ السائق” لـ”العربي الجديد”: “كنت في السوق خارج المنزل. وفي طريق العودة كنت قريباً من الحي ربما على بعد كيلومتر واحد حين اهتزت الأرض تحت قدميّ. عرفت أنه زلزال، لكنني لم أتوقف، وذكرت الله وركضت نحو الحي الذي وصلت إليه خلال دقائق حيث رأيت مشاهد مروعة، إذ كان الجميع تحت الركام. كان منزلي مدمراً بالكامل، واختفى الشارع الصغير بين المنازل، فلم أعرف كيف أصل، وأين كانت أبواب المنازل. لم يعمل عقلي، وحين وصلت إلى منزلي، بحثت وحدي عن أفراد أسرتي. توفيت زوجة ابني وحفيدي، في حين جرحت زوجتي وابنتي بعدما سقط سقف غرفة عليهما، فأخذتهما بالسيارة إلى مستشفى هرات الحكومي”.
أيضاً، يروي محمد عارف، أحد سكان المنطقة المنكوبة الذي نقل 15 من أقاربه إلى المستشفى المركزي في هرات، وخسر آخرين، لـ”العربي الجديد”: “رأيت الناس يصرخون تحت الجدران من دون أن يساعدهم أحد. لم يبقَ منزل إلا فقد أفراداً من أسرته، وأنا محظوظ بعدم وفاة أي من أفراد أسرتي المباشرين، لكنني شخص فقير لا أملك حتى أجرة سيارة، وقد قدِم أشخاص من قرى أخرى، وأخرجوا جرحانا ونقلونا إلى المستشفى. الآن لا أملك ثمن الدواء الذي يوفره لنا المستشفى، ونحن أناس فقراء نعتمد على الزراعة للعيش”.
ويتحدث عن “استخدام وسائل إنقاذ هشّة وبدائية هي أدوات زراعية لإخراج القتلى والجرحى من تحت الركام. رأيت مشاهد يوم القيامة بأم عيني. كانت كل الجدران مستوية مع الأرض، لذا لم يستطع من بقوا على قيد الحياة الوجود في المنطقة فهم يخافون من الجدران والدمار”.
ويشكو من أن المساعدة المقدمة للمنكوبين هشّة، ولم تصل إليهم جميعهم رغم أن معظمهم خسروا كل شيء، وباتوا يحتاجون إلى كل ما يمكن تقديمه من أجل دفن الموتى، ومعالجة المصابين، ثم إيواء من فقدوا منازلهم وغيرها. ولم يصل إلا القليل من هذه المساعدات، وهي عبارة عن خيام وبعض الأغذية، مثل الزيت والسكر والمعكرونة والرز وملابس.
وحول تبعات الكارثة يتحدث نور آغا، أحد المتطوعين في فرق الإغاثة التي تعمل في حي سيا آب بمديرية زنده جان عبر الهاتف، لـ”العربي الجديد”: “رأينا أسراً خسرت عدداً كبيراً من أفرادها لكنها لم تفقد صبرها، وهي تواجه الكارثة بصبر، لكن المشاهد صعبة للغاية وتفوق حد الخيال، وبينها انتظار أناس فوق ركام يوجد أطفال تحتها. وقد أبكتني هذه المشاهد، على غرار عدم امتلاك فرق الإغاثة أدوات ومعدات متطورة، بل مجرد أشياء بدائية وقروية، لإنقاذ الناس، وأيضاً يعيش أطفال تحت السماء من دون أن يملكوا شيئاً، في حين كانوا قبل يوم واحد داخل منازلهم”.
يُضيف: “رأينا منازل مدمرة كثيرة، ولم تكن الوسائل البدائية التي كانت في حوزتنا مجدية لتنفيذ أعمال إغاثة وإنقاذ. حالياً يحتاج الناس إلى طعام وغذاء ودواء وإيواء، وهناك أسر فقدت بعض أفرادها أو تضم مصابين، وهم موزعون بين دفن المتوفين ومعالجة المصابين، وبعض هذه الأسر لا تملك 100 أفغانية (20 سنتاً)”.