تقع منطقة (بِرْوَيْتْ) فى جنوب غرب ولاية اترارزه، وتمتد من عاصمة گنار (تيگماطين) حتى ذوبان لخشومَه في الماء جنوبا عند (سهوة) كرمسين.
ومن آفطوط الساحلي غربا حتى الحدود الجنوبية الغربية لمنطقة إيگيدي.
ويُعد (بِرْوَيْتْ) من أجمل مناطق الجنوب الغربي من المنتبذ القصي، فهو روض باسم لرواده، وحوض واسع لوراده.
تمتاز منطقة (بِرْوَيْتْ) بعذوبة الماء وقصر الآبار(وَگفتين)، طلحها خروبه جميل، وقتادها (أيروارها) قصير، وفيها (أيشْ) و(آدرسْ)، وآفرشي) و(تاژنتْ الحره)، وهي دار الصيف لأهل المنطقة ينزلونها مبتدأ الشتاء حتى موسم الأمطار.
كتب الشعر جغرافية (بِرْوَيْتْ) فلا موضع به إلا وله ذكر في طلعة أوگاف، شمل (النسيب المبدوع) مرابعها وجادت بذكر نجوعها قرائح أولاد هدار، وول سعيد ولد عبد الجليل، ومحمد عبد الله ولد محمد آسكر، و أحمدو سالم ولد بلّيلّي، ومحمدن ولد باباه، وغيرهم ممن وقفوا على طلول (بِرْوَيْتْ) واستوقفوا وبكوا واستبكوا..
نعرفْ عني ريْتْ البِظانْ :: افْ بِرْوَيْتْ ؤ رَيتْ الفتيانْ
المَا ينْجبرو فلّي ظانْ :: عنهمْ كونْ افْ برويتْ ؤ رَيتْ
افْ برويت أمّـلي گفانْ :: ما ينجَبْرو كونْ افْ برويتْ
وانَ برويتْ ؤ ذاك الگـدْ :: نبغيـهْ أمالي كـونْ اربيتْ
افْ برويتْ ؤلاحكْ ذا الكَدْ :: افْ برويتْ ؤنعرفْ برويتْ
في منطقة (بِرْوَيْتْ) ولد سنة 1930 عند بئر سعيد الشيخ أحمد ولد محمد ولد عبدالعزيز الإندگـسعدي التاشدبيتي، وتربى في قرية الخواره بين أبناء عمومته وأخواله.
درس في محاظرهم القرآن الكريم ومبادئ اللغة ودواوين الشعر المعتمدة، ثم تنقل بين محاظر محمد علي بن نعم المجلسي وعبد الله بن ابليل ومحمدن بن حبيب الله ومحمد عبد الرحمن بن أحمد أمغر التندغيين.
سافر إلى دكار بالسنغال، بعيد انتهاء الحرب العالمية الثانية سنة 1945، واشتغل حدثا بالتجارة لمدة من الزمن، ثم تعلقت همته العالية بأداء فريضة الحج، وتاقت لزياة المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأزكى التسليم
حصل على أوراقه المدنية من الحكومة الفرنسية في مدينة اندر بتسهيل من الترجمان أنذاك محمد رمظان رحمه الله، وبواسطة من الوجيه رجل الأعمال مولاي ولد الشيخ السباعي رحمه الله.
وفي سنة 1947 ركب القطار من دكار إلى باماكو، ثم توجه إلى المشرق برا، ومر بالنيجر ونيجيريا والكاميرون وتشاد. ودخل السودان وتجول في مناطقه، واتصل بالمعهد العلمي في وادي مدني، وشارك طلابه دروسهم وأنشطتهم العلمية. ثم قدم على مكة المكرمة سنة سنة 1948 للقيام بعمرة، ولم تأخذ منه الحكومة السعودية رسوما ولا ضرائب.
وكان الملك عبد العزيز آل سعود قد أعفى حجاج الشناقطة من رسوم الحج مراعاة لبعد ديارهم وما يعانونه من استعمار.
ثم رجع الفقيه أحمد محمد عبد العزيز إلى السودان بعد أدائه لفريضة الحج، واشتغل فيها بالتجارة في بلدتي الحمراء وأم بادر في منطقة الكبابيش، فكان يتاجر بينها وبين مصر.
التقى الشيخ أحمد ولد عبدالعزيز، في القاهرة بالشيخ محمد عبد الله بن المختار فال البوصادي رئيس رواق المغاربة بالأزهر وقتئذ. ثم زار معالم مصر السياحية والعلمية مثل مكتبة مصطفى بابي الحلبي ومكتبة محمود علي صبيح والأهرامات وغيرها.
وعندما أعلنت الحرب على مصر، بعد تأميمها لشركة القنال سنة 1956، تقدم إلى مكتب المتطوعين للدفاع عن أرض الكنانة، وسجل اسمه ضمن أول دفعة، لكن الحرب وضعت أوزارها قبل وصوله الميدان.
وقد انتسب الفقيه إلى نادي الرماية في الخرطوم، وكان يضم ضباطا سودانيين وانگليز. وحصل من هذا النادي على عدة جوائز تسلمها من قائد الجيش العام في السودان اللواء محي الدين سعد وبحضور اللواء المتقاعد موسى أبو ذقن.
ولما قرر التجار المصريون سنة 1965 أن تكون قيمة المواشي السودانية مقايضة بالسلع المصرية، قرر التجار الشناقطة تحويل وجهتهم إلى ليبيا، ولكنهم لم يجدوا إليها سبيلا معروفا، فخاضوا مغامرة مشهورة لشق الطريق إليها من السودان مباشرة، فانطلقت رحلتهم الأولى في السنة المذكورة، وعانى أصحابها الكثير من المشاق مما حال دون إتمامها.
وكانت تلك الرحلة تضم كلا من المحفوظ بن محمد أبات وابنه محمد سالم ومحمد الأمين بن حمد اليعقوبيين، وأحمد فال بن الحاج المختار السملالي.
أما القافلة الثانية فكانت أكثر انضباطا وأحكم ترتيبا، وقد استفاد أصحابها من رحلة سابقيهم، وهي تضم كلا من الشيخ أحمد ولد عبد العزيز، والشيخ محمد الإمام بن أحمد عمو القلقمي، ومحمد محمود بن عبد الرحمن القلاوي، وأربعة رعاة.
وقد صرحت لهم وزارة التجارة في الخرطوم بتصدير مائة رأس من الإبل. فتزودوا بثمانية جمال لحمل الماء، واصطحبوا معهم بندقيتين ومنظارا وبوصلة وخريطة جغرافية وعقاقير طبية وأكفانا تحسبا للطوارئ، ثم انطلقوا من جبل الميدوب شمال محافظة دارفور، وقطعوا صحراء قاحلة موحشة يقدرونها بألفي كيلومتر. وكانوا يهتدون في الليل بالنجوم وفي النهار بالبوصلة حتى وصلوا إلى جبل لعوينات على الحدود الليبية، فوجدوا عنده خمسة جنود من قبيلة القرعان، وأخبروهم أن أول مدينة ليبية بعدهم هي واحة الكُفره، وأنها تبعد عنهم حوالي 360 كلم. ولما علم الملك محمد إدريس السنوسي بمقدمهم أمر بتسهيل مهمتهم وعدم مطالبتهم بأوراق أو أية إجراءات أخرى. ثم إن الفقيه التاشدبيتي عاد إلى السوادن بتقرير عن الرحلة وإيجابياتها وسلمه إلى الحكومة المحلية بالخرطوم. واعتمادا على هذا التقرير بعثت الحكومة السودانية وفدا تجاريا إلى ليبيا وعقدوا معها معاهدة تجارية كان لها بالغ الأثر على المستوى التجاري وتبادل المنافع والعمالة.
وفي سنة 1966 جاور التاشدبيتي بالمدينة المنورة. واهتم بإنشاء مكتبة تكون وقفا على طلبة العلم في بلاد شنقيط لما تركها عليه من ندرة المراجع وانعدام المطابع وصعوبة الاستنساخ. فزار لهذا الغرض العراق والكويت وليبيا وسوريا، والتقى في مدشق بالشيخ عبد الكريم الرفاعي والشيخ حسن حبنكه والشيخ الملا رمضان البوطي.
وفي سنة 1973 حل في دولة الإمارات العربية المتحدة واجتمع بوزير الأوقاف ورئيس دائرة التراث والتاريخ في أبوظبي الشيخ محمد بن حسن الخزرجي، فهيأ له لقاء رئيس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله. فأبدى له الشيخ زايد حرصه على اكتتاب قضاة من الشناقطة، فأحال القضية إلى سفير موريتانيا أنذاك يحظيه ولد سيد أحمد، فلبى رغبته وحقق أمنيته.
وفي سنة 1993 قام بتأسيس مكتبة العرفان بالعاصمة نواكشوط، وحصلت على ترخيص من وزارة الثقافة والتوجيه الاسلامي يوم 19 سبتمبر 1994، وحول إليها الدفعة الأولى من الكتب التي تضم 4366 عنوانا في جميع العلوم الاسلامية والمعارف الانسانية المختلفة. وقد تمكن من فتح فرع لها في مدينة روصو (عاصمة الترارزه) سنة 2000.
ذكر أبو علي القلقمي الإدريسي، في كتابه (أعلام الشناقطة في الحجاز والمشرق)، بعض مناقب الشيخ أحمد ولد عبد العزيز.
وقد قال عنه العلامة العالم الجليل محمد مختار بن محمد عبد الله ولد محند شيخ محظرة أغنجاييت قصائد من بينها هذه الأبيات :
بشرى لنا مرحبا أهلا بذي الجود :: والمجد والسؤدد الموروث مولود
سليل أحمد سام المجد شامخه :: سليل عبد العزيز منبع الجود
آباؤه غرر أخلاقهم درر :: من والد منهم تبقى لمولود
طوبى لهجرتهم من موريتان إلى :: أم القرى ومقر خير موجود
طابت شمائلهم من طيب طيبتــهم وهب نشرهم كالند والعود
لهم قصور بقرب المسجد النبوي :: بكل نوع من الإحسان محمود
كان بيت الشيخ العالم العامل الفاضل المجاور أحمد ولد عبد العزيز بالمدينة المنورة، من بيوتات الشناقطة المشهورة المملوءة علما وأدبا، والمعمورة فضلا وكرما، المفتوحة للضيوف والزوار وذوي الحاجات على مدى عقود طويلة.. وكان هذا البيت في حي يدعى (باب الكومه) عند طرف سفح جبل سلع، قريب من الحرم النبوي، وكان غير بعيد منه حي يدعى (الذهبي) هو الذي استوطنه العلامة المؤرخ المختار ولد حامدٌ (التاه) عندما حل بالمدينة المنورة في أوائل الثمانينات مجاورا..
وهناك حدث ولا حرج عما لقيه التاه وكل أسرته من حفاوة وسخاء من هذا البيت العزيزي أبا وأما وأبنا وبنات..
يقول التاه التاه رحمه الله، عن البيت العامر بيت آل أحمد ولد عبد العزيز:
يَرَى (ببابِ كومةٍ) من يرَى :: نورَ القراءةِ ونارَ القرى
بدارِ دينٍ لا دَنايا بها :: ومرتأَى مروءةٍ لا مِرَا
دارُ بني عبد العزيز التي :: كانت لصيدِ المكرمات الفَرا
دارٌ ترى عِلما بها نافعا :: والعملَ الصالحَ فيها ترَى
والجَفَلى لا النّقرَى عندها :: ترى ، ترَى المعروفَ لا المنكرا
فسَرَّ منها خبرٌ مسمعا :: وسَرَّ منها مَخبرٌ مَنظرا
فسلّمَ اللهُ لها أهلها :: وباركَ الخَبرَ والمَخبرا
ويقول التاه في الشيخ أحمد وابنه الفاضل محمد مولود:
محمد مولود لأكرم والد :: وأعرقه في المكرمات التوالد
وأحمد من عبد العزيز نما أب :: لأكرم مولود وأمجد ماجد
هما مثلا اندگـسعد في المجد والعلا ::وفي العلم والتقوى وشتى المحامد
وبيتهما بيت القصيد بأرضنا :: وفي كل أقوام بيوت قصائد
إلى ذلك اليت العزيز تحية :: وتهنئة من حامد وابن حامد
ويقول فيه الشيخ الجليل محمد الحسن بن أحمدو الخديم معلقا على ما قال فيه العلامة المؤرخ المختار ولد حامد:
هو المؤرخ بن حامد عقل :: مجد بني عبد العزيز فنقل
وقال ما الأسماع راق والمقل :: في أبحر لها البحور تستقل
تحسبه يكثر مدحا وهو قل :: في حقهم كأنه حصر الأقل
لاغرو إن من والد كان انتقل :: إرث لمولود بعبئه استقل
ويقول العلامة المؤرخ المختار ولد حامدٌ (التاه) في آل عبد العزيز:
آل عبد العزيز رب كفوني :: أمر دنياي فاكفهم أمر الاخرى
أنهلوني وعللوني مرارا :: كلما مرت علة أتت اخرى
بارك الله فيهمُ وحباهم :: ما أحبوا نصرا وعزا وفخرا
رب عني اجزهم بخير وفير :: وسريع وأعظم الأجر ذخرا
ويقول فيهم:
ألا رب سفر للمدينة سائر :: سروا في دياج أو جروا في هواجر
قضوا في مسافات طوال عريضة :: شهورا مشاة أو على كل ضامر
فلما أتوا باب السلام وسلموا :: على خير مختار وأطهر طاهر
أوت أمة منهم إلى باب كومة :: يطير إليه كل ميمون طائر
ليصبح في ميزان أحمد جيله :: سلوكا وإيواء لكل مهاجر
كما كان في ميزانه غير واحد :: بفضل زكاة الجاه كابن المهاجر
جزى الله من عبد العزيز بنو أب :: له ثقلوا الميزان في اليوم الاخر
بما كان من أمواله لمجاور :: ومن جاهه ما كان في جبر خاطر
ومدد في النعماء ظرف زمانه :: وظرف مكان وافر الخير عامر
ونجى أولي قرباه من شر حاسد :: ومن عين معيان ومن سحر ساحر
وعاش مدى تسعين عاما وعشرها :: محمد مولود لكسب المفاخر
وإحياء علم الدين في عمل به :: بهجر المناهي وامتثال الأوامر
وبعد فهذا البيت ربع لعزتي :: وربع لأسمائي وربع تماضري
له منتهى شكري ومحض مودتي :: وأعمق إخلاصي وخير مشاعري
وفي ذلك المعنى ببعض تصرف :: إغرت على بيت قديم لشاعر
ستبقى لكم في مضمر القلب والحشا :: سريرة ود يوم تبلى سرائري
ولا أنس أحمد كوري خالي فحبه :: فطرت عليه الحمد لله فاطري
وفيهم يقول التاه مخاطبا ابنته عائشة، رحم الله الجميع، لما رأى من تآلفها معهم:
لعائشة ميل إلى أسُد الهدى :: وتختار أهل الفضل منهم لها أهلا
فكانت من البيت العزيزي بضعة :: وكانوا لها أهلا وكانوا لها سهلا
وعندما حاوره بعض أحبته في موريتانيا حول ظروفه الاقتصادية هناك بالحجاز، وسألوه هل يتقاضى شيئا من الأوقاف التي بالمدينة المنورة كان رده:
أعزتيَ الأكارم والألبا :: إليكم موجزا بأهم الاَنبا
يحاورني الأحبة في اقتصادي :: فقالوا هل من الأوقاف تحبى
فقلت لآل إِندكسعدَ عِلق :: نفيس كل يوم ليَّ يجبى
يُقَفِّي منه مولود ذَنوبا :: ذَنوبا ثم يولي الغرب غربا
وهذا ما أخَبّر عنه شرقا :: أحبتيَ الذين تركت غربا
وفي هذا الجو يتأمل التاه كم من رجل حمل اسم عبد العزيز فذاع صيته أو أنجب من ذاع صيته كعمر بن عبد العزيز خليفة بني مروان، وعبد العزيز بن عبد الواحد اللمطي صاحب نظم قرة الأبصار، وعبد العزيز الدباغ الصالح المشهور، وعبد العزيز آل سعود الملك المعروف، ومن الشناقطة ممن أدرك التاه ذيوع صيته عبد العزيز بن الشيخ محمد المامي البركي، وعبد العزيز بن عبد القدوس السباعي، وعبد العزيز البنعمري الحسني، فطفق يقول:
اسم عبد العزيز حيث نراه :: يتراءى منه لنا معناه
فابن مروان بابنه عمر العدل نراه في العز بذ أخاه
كالذي حاك نظم قرة أبصار سما وسمُه بها وسُماه
ونرى للدباغ معنى ومغنى :: في المقامات شأنه هو ما هو
واسم عبد العزيز آل سعود :: ملأ الجو أرضه وفضاه
وحفيد الماميّ مَثل في العلـ ـم وفي الصيت جده وأباه
وابن عبد القدوس أعني السبا عيـ ـي سما علمه به ونداه
والزعيم البانعمري رفيع :: مستواه في علمه وتقاه
ولعبد العزيز جد عزيز :: سجْل مجد ما حل فيه رشاه
لم يكن دون مستوى هؤلاء ااـ ـقوم في المجد والهدى مستواه
واقتفاه بنوه في كل فعل :: فترى في سيماهمُ سيماه
هو بيت القصيد في كل فضل :: ما شآه في أي فضل سواه
ولأعمال صالحات وجزم :: أنه لا إله إلا الله
وضع الله في القلوب قبولا :: وودادا لشيخه وفتاه
فلمولوده يُقر شيوخ :: بلغوا في القبول أقصى مداه
فنعما مولوده ونعما :: والد منهمُ ويا حبذاه
واسمحوا لي إذا أعدت حديثا :: عن نداه وما جرى مجراه
فاللهى تفتح اللهى وإذن فلـ ـتتفتح منا اللهى عن لهاه
عمر الله ذلك البيت في العز وأعلى مقامه ورعاه
وكما توطدت علاقة التاه بالشيخ أحمد ولد عبد العزير، توطدت كذلك بابنه مولود الذي أحبه التاه وأثنى عليه.
يقول التاه مخاطبا مولود ولد أحمد ولد عبد العزيز حين انتقاله للدراسة في مدينة أبها:
إنْ تَأَتَّـتْ لي غَـيْـبَـةٌ نَـحْــوَ أَبْهَـا :: لَمْ أُمَاطِلْ فِيـهَا، وَلَمْ أَتَلَهَى
إِنَّ فيها أَخًا عليَّ عَزيزاً :: لَـيْـسَ يُنْـسَى عِنْـدِي، وَلَا عَـنْـهُ يُلْـهَـى
إنَّ أَبها قطعا وَمَـوْلُـودُ فيها :: وَجْهُـهَـا اليومَ منه بِالْأَمْـسِ أَبْـهَى
فَـإليها أُقَـلِّبُ القَلبَ مِنِّى :: وَإليها مِـنِّى أُوَجِّـهُ وجهَـا
وفراقُ الْأَحبابِ إِنْ كانَ مُرًّا :: إنَّهُ مِـنْ مَــوْلُــودَ مُـرٌّ، وَأَدْهَـى
ويقول فيه:
إني وإياك يا مولود نتسم :: باسم تمكن فينا ليس ينخرم
فها أنا اليوم في شيخوختي هرم :: وأنت ها أنت في باب الندى هرم
ويقول فيه:
ما منطقي نحوَ مولودٍ من الغلَطِ :: ولا رَكبتُ بياني فيه بالمَلَطِ
لكنْ بشرحٍ خليليٍّ، مدونةٌ :: نصوصُه بنظامٍ جدِّ مُنضَبِطِ
كان الحديثُ صحيحًا فيه متفَقًا :: عليه من سائرِ الأحداثِ والشمُطِ
كان العروضُ بسيطا فيه منسرحًا :: لا بالقصير ولا بالجعدِ والقَطَطِ
ما كان فيه حديثي بالمُعادِ ولا :: أوطأتُ قولاً على قولٍ عليهِ وُطِي
وإنما هي أنمَاطٌ مفصلة :: أسير من نمَطٍ منها إلى نَمَطِ
ما قلتُ قدْنِي وقطْنِي منه قطُّ ولا :: أقول عَوْضُ قدِي من نصره وقطِي
تُمدّ ساقي بلاَ بطءٍ، له قدمي :: تمتَدُّ كفي له حتى إلى إبِطِي
كتبتُ ذلك في قلبي بخطِ يدي :: وزَنتُ أحرفَه بالشكل والنقطِ
لفظٌ وجيزٌ لمولودٍ يقربني :: ويقتفي لي رضًا منه بلا سَخَطِ
فإنَّ مولودَ كالجيليِّ في نظري :: وكالجنيدِ وكالشِّبليِّ والسقَطِي
ومن طراز أويْسٍ كان ناجلُهُ :: ومن يفُزْ بدعاء منه يغتبطِ
إني بآلِ عزيزٍ جِدُ مغتبطٍ :: وجدُ مبتهجٍ وجِدُ مرتبطِ
هم ضاعفوا فَرَحي وضعَّفوا ترَحي :: من حيث كانوا على حوضِ الندى فرَطِي
ما كان جاهُهُمُ عني بمحتجِبٍ :: يوما وما كان عني مالُهم بِبَطي
إلى سوى ذاك من فرض الكفاية أو :: من مستحب بحكم الفرض مرتبطِ
هذا جنَايَ وشرطي أنَّ مدحَ بني :: عبد العزيز لعمري غيرُ ملتقَطِ
والحمد لله لا أبغي به بدلا :: ما لي وللبدل الموسوم بالغلطِ
فمن توسط لي فيه ليُغريّني :: إني أقول له: الإغراء في الوسطِ
إن رمتُ قبضَ لساني عن صياغته :: لم ينقبض ومتى أبسُطْه ينبسطِ
وقَلَّ في حقهم شكري وإن شفَعتْ :: قريحتي عربيَّ الشعر بالنبطِي
يا رب باركْ لهم فيما وهبتهمُ :: وبالمنى والأماني احفظهُمُ وحُطِ
طائية تتعاطى مجدَ حاتِمِها :: بمنطقٍ وبيانٍ ناصعٍ نشطِ
لايذكر أهل المدينة آل أحمد ولد عبد العزيز إلا تذكروا التاه رحمه الله، وما كان يكن لهم ويكنون له من خالص الحب وكامل الود.
توفي الشيخ أحمد بن محمد بن عبدالعزيز رحمه الله، يوم الاثنين 24 يونيو سنة 2013، عن عمر ناهز 83 سنة كان حافلا بالعطاء والبذل و التقي والورع
رحم الله السلف وبارك في الخلف
كامل الود