أخبار عاجلة
الرئيسية / آخر الأخبار / الراحل فيَّاه ولد المعيوف: نموذج المؤسس الوطني!!/ لمرابط ولد لخديم

الراحل فيَّاه ولد المعيوف: نموذج المؤسس الوطني!!/ لمرابط ولد لخديم


تحتفل القوات المسلحة بعيدها الوطني في 25نوفمبر كل سنة وبهذه المناسبة يجدر بنا أن نتحدث عن جيل التأسيس تقديرا لتضحياتهم؛
إن الحديث عن المؤسسين للوطن هو حديث عن القيم التي بُنيت عليها الدولة، وعن الرجال الذين وقفوا على الجبهات الأولى، حاملين على عاتقهم مسؤولية البناء والتأسيس في أصعب الظروف.
هؤلاء المؤسسون، بما قدموه من تضحيات وبطولات، يمثلون صفحات مشرقة في تاريخ الأمة ويجب ألا تُنسى ذكراهم.
الراحل فياه ولد المعيوف الآكشاري (1935-2021) هو بلا شك واحد من أبرز الشخصيات العسكرية في تاريخ موريتانيا الحديث.
يُعتبر نموذجًا للمؤسس العسكري الذي خدم وطنه بتفانٍ وصدق، وترك إرثًا يستحق الإشادة والاعتراف.
منذ التحاقه بالجيش في فترة الاستعمار الفرنسي، أثبت كفاءته في مجالات عدة، بدءًا من تأسيس الدرك الوطني، ومرورًا بقيادة العمليات العسكرية في حرب الصحراء الغربية، وحتى مواقفه المبدئية الرافضة للانقلابات.
هذه المسيرة الحافلة تجسد القيم التي يحتاجها الوطن في أي مرحلة: الولاء، الشجاعة، والنزاهة.
سيرة حياته تمثل قصة مليئة بالتحديات والانتصارات، بدءًا من معلم في ودان إلى أحد أعمدة الجيش الوطني الموريتاني.
أحد أبرز القادة الذين ساهموا في وضع اللبنات الأولى للمؤسسة العسكرية الموريتانية.
برؤيته وبسالته، لم يكن مجرد قائد ميداني في ساحات الوغى، بل كان شخصية وطنية تحمل رؤية واضحة لبناء جيش قوي يحمي البلاد ويصون سيادتها.

أبرز محطات حياته:

  1. النشأة والمسار التعليمي: ولد فياه في قرية يغرف غرب أطار، وبدأ مسيرته المهنية في قطاع التعليم، حيث عمل معلمًا ومديرًا بمدرسة ابتدائية في مدينة ودان التاريخية.
  2. التحاقه بالجيش: انضم فياه للقوات الفرنسية في 1958، ليصبح أول موريتاني يُكتتب في القوات المسلحة، وبعد الاستقلال عام 1960م، كلفه الرئيس المختار ولد داداه بتأسيس الدرك الوطني وقيادته حتى عام 1978.
  3. دوره في حرب الصحراء: برز دوره خلال حرب الصحراء الغربية، حيث قاد معارك حاسمة مثل بيركندوز وأوسرد، واستطاع رفع العلم الموريتاني في مواقع استراتيجية مثل الداخلة وأوسرد، مسجلًا انتصارات عسكرية كبيرة.
    في 5 يونيو 1976 انطلقت قوة من تيندوف يقودها الولي مصطفي السيد، كان هدفها محاولة السيطرة على المناطق الاستراتجية وصلوا انواكشوط وبعد مقتل الولي ودليله لعروسي وفرار بقية المجموعة قطعت عليها قوات المنطقة العسكرية الأولى بقيادة العقيد فياه الطريق عند بلدة تورين فقتل من قتل واستسلمت البقية، فغنت لفياه الشوادي في المنتبذ القصي:
    الله الله الله ===== طلّع درجت فياه
    ليلتْ خبطتْ تورين==أظهر فيها مزّاه
    ماصلَّ بعد إلين== ما خلَّ حد أوراه
    كانت الأنباء القادمة من الشمال تتحدث عن بطولات العقيد فياه ولد المعيوف في ساحات الوغى، وتصديه لوحدات البوليساريو وكان مصدر قلق لهم،
    يقول احدهم:
    اسك مفصلن يالمعبود=== إفيّاه إفمَشِ فياه
    عنّ هك، إفياه إعود === تلْ ابعيد ءُ فياهْ إلاه
    في المحاولة الانقلابية 16 مارس 1981م، قرر الانقلابيون جعله رئيسا لموريتانيا لفترة انتقالية، وبعد فشل المحاولة كان فياه في منزله فجاء الدرك للقبض عليه، فنصب سلاحه ونثر ذخيرته، فأمر العقيد يال الحسن الدرك بالرجوع فرجعوا عنه وتم التفاوض معه وسويت المشكلة سلميا.
    قال الشاعر همام في مدح فياه رحمهما الله :
    موريتان اتقدم حته ** محد اف قواتو فيــــاه
    والا عند امنين اوفكته ** فيـــاه استغفرن لله
    فياه المعلوم النزيــه** بوزنفه لغليـظ الوجيه
    الطاهر لكريــــم ابديه** لعرب كاع ابلا حكـم امعاه
    ما يكدر عربي يطفش فيه** او لايكدر عربي يتلقـــاه
    ابخاسر والشاعر يبغيــه* والطامع والي كال اعـلاه فياه الفات ازهز بيه* اعل حبل الركه مشـاه
    واللي كامل لاه اناصيــه* بالزنفه والله مول اجـاه لاه يتحتت بين ايديـه* لين اساو وجه واكفـاه.

قيمه ومبادئه:
كان العقيد فياه معروفًا بصرامته وانضباطه وشجاعته، وهي صفات أهلته ليكون قائدًا استثنائيًا في الجيش الموريتاني. رفض المشاركة في انقلاب 1978، مما يدل على ولائه الثابت للرئيس المختار ولد داداه وللنظام الدستوري.

إرثه السياسي والعسكري:
في التسعينيات، دخل فياه الحياة السياسية مؤيدًا للمعارضة الديمقراطية، وقدم دعمه لمرشح المعارضة أحمد ولد داداه، مؤكداً التزامه بالمبادئ الوطنية والديمقراطية.

التكريم المستحق:
من المؤسف أن رموزًا مثل العقيد فياه لم يُمنحوا التكريم الذي يستحقونه، سواء بإطلاق أسمائهم على مؤسسات وطنية أو إقامة نصب تذكارية تخليدًا لذكراهم.
شخصيات مثل فياه تمثل جزءًا من الهوية الوطنية، ويجب أن تظل حاضرة في ذاكرة الأجيال.
فيَّاه ولد المعيوف كان شخصية استثنائية ساهمت في بناء موريتانيا الحديثة. يجب أن تُحفظ ذكراه كجزء من الهوية الوطنية، جهوده في بناء المؤسسة العسكرية والدفاع عن الوطن تجعله أحد المؤسسين الحقيقيين للجمهورية الإسلامية الموريتانية.
رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
هذه شهادة من بعض القادة العسكريين في حق المرحوم:

صدقة جارية