أخبار عاجلة
الرئيسية / آخر الأخبار / الأنصار والمهاجرون: أصول ورؤية جديدة للمستقبل || محمد الأمين لحويج

الأنصار والمهاجرون: أصول ورؤية جديدة للمستقبل || محمد الأمين لحويج

من أغرب القصص، وربما الصدف التي تحدث أحيانًا، أنني سمعت من رجل في المغرب عن علاقة بعض القبائل الموريتانية بالأنصار. فبعض هذه القبائل، حسب ما قال، تضع حرفًا معينًا كعلامة على إبلها، حيث لكل قبيلة حرفًا يميزها. على سبيل المثال، هناك قبيلة مشهورة تضع حرف “ص”، وأخرى تضع حرف “د”، وأخرى تستخدم حرف “ق”. وأخرى حرف “ن” إذا جمعنا هذه الأحرف معًا، نجد أنها تشكل كلمة “صدقن”، وهي الكلمة المشهورة التي قالها الأنصار في تاريخ الإسلام. في إشارة إلى المزيد من التأكيد على هذه الرمزية. مما يضيف بعدًا آخر من التميز والاختلاف بين هذه القبائل.

وبالنظر إلى هذه الحكاية، نجد أنها تفتح أمامنا نافذة لفهم أعمق لعلاقة هذه القبائل الموريتانية بالأنصار، وربما أيضًا بشكل غير مباشر لارتباطها بالحركة الإسلامية والتاريخ العربي. هذا الارتباط التاريخي ربما ليس مجرد مصادفة بل يحمل في طياته دلالات ثقافية واجتماعية قد تفسر انتماء هذه القبائل للعقيدة الإسلامية بشكل عام، ولقيم التضامن الاجتماعي التي تمثلها شخصية الأنصار بشكل خاص.

التهجير:

إن قضية تهجير الفلسطينيين هي إحدى القضايا التي طالما كانت محط أنظار الشعوب العربية والإسلامية. بالنسبة لي، أجدها من أهم القضايا التي يمكن أن تكون ورقة رابحة لموريتانيا على المستويين الاجتماعي والاقتصادي. عندما نتحدث عن الفلسطينيين، نحن لا نتحدث فقط عن شعب يتعرض لظلم تاريخي، بل عن قضية عادلة تطالب بحق العودة والحرية. إن دعم هؤلاء الناس ليس مجرد تعبير عن التضامن، بل هو أيضًا خطوة نحو تعزيز مكانة موريتانيا في المنطقة العربية والإسلامية.

دعم الفلسطينيين: خيار استراتيجي لموريتانيا

نظرًا للوضع الراهن، حيث يتعرض الفلسطينيون لتهجير مستمر من قبل الاحتلال، فإننا نجد أن موريتانيا في موقع يمكنها أن تكون فيه إحدى الدول التي تحتضن هؤلاء اللاجئين. وإذا كان الفلسطينيون سيهجرون من أراضيهم في المستقبل القريب، فمن الطبيعي أن تكون موريتانيا أولى بهم، حيث يمتلك شعبها تاريخًا طويلًا من التضامن مع القضايا العربية والإسلامية. ولا غرابة إذا كان هناك طلب أمريكي من بعض الدول لتوضيح موقفها من قانون الهجرة، ومن بينها موريتانيا، ليكون ذلك ورقة ضغط لقبول بعض الفلسطينيين.

إن استضافة الفلسطينيين ليس مجرد فعل إنساني، بل هو خيار استراتيجي. يمكن أن تكون هذه الخطوة من بين العوامل التي تعزز مكانة موريتانيا في المجتمع الدولي وتمنحها مزيدًا من الدعم في محافل سياسية واقتصادية متعددة. كما أنها قد تكون فرصة لموريتانيا لتلعب دورًا محوريًا في القضايا العربية والإسلامية.

ورقة ضغط

إضافة إلى البعد الاجتماعي، يمكن أن يكون دعم الفلسطينيين ورقة ضغط اقتصادية مهمة على الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة. هذه الدول تشكل جزءًا كبيرًا من الحلفاء التقليديين للكيان الصهيوني، وبالتالي يمكن أن يكون الدعم العربي والإسلامي لفلسطين ورقة ضغط حاسمة في العلاقات الدولية. هذا الموقف يمكن أن يعزز من موقف موريتانيا على الساحة الدولية ويكسبها مزيدًا من الدعم في قضايا أخرى تخص حقوق الإنسان والتنمية المستدامة.

مخرج

من ناحية أخرى، إن دعم القضية الفلسطينية يمكن أن يشكل مخرجًا سياسيًا واقتصاديًا لموريتانيا في ظل الأزمات الاقتصادية التي تشهدها المنطقة. فمشاركة موريتانيا في القضية الفلسطينية، وخصوصًا من خلال إظهار التضامن الشعبي والرسمي مع الشعب الفلسطيني، يمكن أن يسهم في جذب استثمارات ومساعدات خارجية من دول ومنظمات إقليمية ودولية مهتمة بهذا الملف.

إن قضية فلسطين هي قضية مفتوحة على كل الاحتمالات من حيث الأبعاد الإنسانية والسياسية والاقتصادية. وبالنسبة لموريتانيا، فإن تبني هذه القضية يمكن أن يكون خيارًا استراتيجيًا هامًا يحقق لها مكانة إقليمية ودولية. وفي ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها، يمكن أن يكون دعم فلسطين ليس فقط مجرد تعبير عن التضامن، بل أيضًا خطوة ذكية نحو تعزيز مكانة البلاد وتحقيق مصالحها في الساحة الدولية.

صدقة جارية