
أشرفت معالي وزيرة البيئة والتنمية المستدامة السيدة مسعودة بنت بحام ولد محمد لغظف، اليوم الاثنين، على تدشين سد ثلاث فجوات بالحاجز الرملي الواقي لمدينة نواكشوط من المد البحري، من طرف المكونة الوطنية لبرنامج تسيير ساحل غرب افريقيا “واكا”، وبتمويل من البنك الدولي.
وأوضحت معالي وزيرة البيئة والتنمية المستدامة السيدة مسعودة بنت بحام ولد محمد لغظف، في كلمة لها بالمناسبة، أن هذا الشريط يُعد الحصن الطبيعي الوحيد لحماية مدينة نواكشوط، وكان موضوع استغلال مكثف خلال العقود الماضية، لتلبية احتياجات بناء العاصمة، مما أدى إلى إضعافه وظهور عدة ثغرات فيه.
وأشارت إلى أن عملية جرد سنة 2018 أظهرت وجود أكثر من عشرين ثغرة، ومنذ ذلك الحين استمر الوضع في التدهور.
وقالت إنه لمواجهة هذه الإشكالية الشائكة، قامت الدولة الموريتانية، عبر وزارة البيئة والتنمية المستدامة، بتنفيذ عدة مشاريع وبرامج بنّاءة في السنوات الأخيرة، لتعزيز قدرة مدينة نواكشوط على الصمود أمام آثار التغير المناخي.
وأبرزت أن من أهم الإجراءات التي تم تنفيذها حتى الآن إعادة تأهيل الشريط الرملي الشاطئي، باستخدام فنيات التثبيت البيولوجي والميكانيكي، بالإضافة إلى سد بعض الثغرات، مبينة أن التهديد لا يزال قائمًا، نظرا للتطورات الأخيرة التي يشهدها هذا الحاجز الرملي.
ونبهت معالي الوزيرة إلى أن مشروع الاستثمار لتعزيز تحمّل المناطق الشاطئية في غرب إفريقيا، “واكا رسيب” (WACA ReSIP)، الذي انطلق في سنة 2018، وتستفيد منه موريتانيا، يُعدّ استجابة واضحة من الحكومة لمواصلة جهودها في تعزيز تحمّل سكان المنطقة الشاطئية الذين يعانون من آثار التغير المناخي.
وأضافت أنه في سنة 2024، خطط المشروع لسد ثلاث ثغرات رئيسية محاذية لمدينة نواكشوط، وها نحن اليوم في بداية سنة 2025 نحتفل بتدشين سد هذه الثغرات الثلاث التي تُعتبر من أخطر الثغرات على المدينة، نظرًا لموقعها المقابل للوحدات الصناعية الاستراتيجية والأحياء المكتظة بالسكان التي تضم جزءًا كبيرًا من البنية التحتية في العاصمة (مدارس، ومرافق صحية وتجارية وصناعية وعسكرية، وطرق، إلخ).
وأضافت أنّ سد هذه الثغرات يُعطي أمانًا لسكان مدينة نواكشوط، مضيفة أن المشروع يزمع سد خمس ثغرات أخرى، خلال سنة 2025، لحماية المدينة بشكل أفضل.
وأشارت إلى أنّ الشاطئ، في المقام الأول، فضاءٌ تتلاقى فيه أنشطة ومصالح عدة قطاعات وزارية، حيث يشارك، بشكل مباشر أو غير مباشر، ما لا يقل عن ثمان وزارات، في تسيير الشاطئ أو متابعته، أو المحافظة عليه أو استغلاله، وهذه الوزارات هي: الصيد، والطاقة والنفط، والمعادن والصناعة، والتجارة والسياحة، والداخلية، والإسكان والعمران.
وبينت أن وزارة البيئة والتنمية المستدامة تحاول في هذا الصدد تعزيز مقاربة تشاركية ومنسقة مع الوزارات الأخرى، لتسيير منطقتنا الشاطئية بشكل مستديم بعد أنّ استكملت توجيهات التهيئة للشريط الرملي الشاطئي وصادق عليها كل الفاعلين المشاركين في تسيير شاطئ المدينة، وهو ما يعد مثالًا جيدًا للتنسيق.
وذكرت معالي وزيرة البيئة أن هذا الحفل يشكّل بداية لأنشطة “أيام الشاطئ” التي ستخلد في نواكشوط ونواذيبو، حيث ستُنظّم حملة واسعة للتحسيس، من أجل إشراك جميع الفاعلين والسكان، في جهود استعادة وحماية الشريط الرملي الشاطئي، مستعرضة أهمية المنطقة الشاطئية بالنسبة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلد، التي لم تعد بحاجة إلى إثبات، ولا سيما بعد الاكتشافات الحديثة لاحتياطيات النفط والغاز، وإنشاء البنية التحتية المينائية الهامة لتعزيز قطاع الصيد، والاختيار الاستراتيجي لبلدنا للدخول في إنتاج الهيدروجين الأخضر.
ونبهت إلى أن فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني أكّد في برنامجه “طموحي للوطن”، الذي اعتمدته حكومة معالي الوزير الأول، السيد المختار ولد اجاي، على أهمية تطوير الاقتصاد الأزرق والاقتصاد الأخضر، لحماية بيئتنا بشكل أفضل، ولخلق فرص تشغيل، وتحسين إطار معيشة السكان.
ودعت كل الفاعلين من سلطات، ومنتخبين، وسكان، ومجتمع مدني، وشركاء فنيين وماليين، إلى تقدير حجم المسؤولية والالتزام بالعمل معًا، لحماية شواطئنا، وخاصة الشريط الرملي، من خلال انتهاج مسلكيات بسيطة، لكنها هامة جدًا، تتمثل في:
– احترام مسارات العبور ؛
– عدم استخدام السيارات وغيرها من المركبات التي قد تؤثر على سلامة الشريط الرملي؛
– تجنب إلقاء النفايات على الشاطئ أثناء زيارته؛
– التوعية بأهمية حماية الشريط الرملي وهي إجراءات يمكننا اتخاذها، بشكل فردي وجماعي، لتعزيز صيانة الشريط الرملي الشاطئي.
أما المنسق الوطني للمكومة الموريتانية من برنامج تسيير ساحل غرب افريقيا ” واكا” السيد محمد الامين ولد باب فقد نبه إلى أن التدهور الشاطئي بفعل الانجراف أصبح مقلقا ويحد من التنمية المستدامة، وهو ما دفع موريتانيا وشركائها إلى إقامة مشروع للاستثمار وصمود المناطق الشاطئية “واكا” الذي يرمي إلى تقوية صمود المجموعات والنظم البيئية الشاطئية ضد آثار التغيرات المناخية.
وقال إن الحاجز الرملي لمدينة نواكشوط يشكل حاجزا للحماية الطبيعية للمدينة من ارتفاع منسوب مياه المحيط أو الغمر، مشيرا إلى أن البنية الطبيعية، رغم أهميتها البيئية، تعرضت للعديد من الأعطاب خلال العقود الأخيرة بسبب عمليات اقتلاع التربة لأغراض البناء وغيرها من التصرفات المخلة الضارة بالحزام.
وقال إنه تم إحصاء ثمانية عشر فجوة على الحاجز الرملي وهو ما يتعين الاسراع على استعادتها وحماية هذا النظام البيئي لضمان تأمين مدينة نواكشوط ضد كل الاحتمالات المرتبطة بالفيضانات بسبب ارتفاع منسوب مياه المحيط.
وقال إن تسيير المناطق الشاطئية يتطلب تنفيذا فعليا لبعض الأنشطة على الميدان تكون ذات أثر طيب على حياة السكان الأكثر هشاشة، وهو ما يمثل الهدف السامي لمشروع “واكا” الذي سيستلم لاحقا ست فجوات أخرى تم سدها إضافة إلى عشرات الكيلومترات من الحاجز الرملي وعشرات الهكتارات من أشجار المانغروف والبناية المخصصة لمقر المرصد الوطني للبيئة والساحل.
وكان عمدة بلدية الميناء إلقى كلمة نبه في بدايتها إلى أن بلديته، كغيرها من البلديات الشاطئية، تدرك اليوم الخطر المتمثل في تدهور حبل الكثبان الرملية والذي يمثل سورا طبيعيا يحمي سكان المناطق الشاطئية من خطورة الفيضانات.
وذكر بأن رابطة عمد البلديات الشاطئية في موريتانيا نظمت نهاية السنة المنصرمة قافلة تحسيسية حول أهمية المحافظة على الشاطئ وضرورة تأقلم سكانه مع التغيرات المناخية، انطلقت من نواذيبو إلى بلدية انجاكو بدعم من مشروع واكا.
وأشار ألى أن الصدوع الثلاثة التي تم ردمها هي جزء من مجموعة حوالي عشرين ثغرة تم تحديدها على طول الكثبان الرملية لمدينة نواكشوط والتي تهدد سلامتها في حالة حدوث ظاهرة مناخية متطرفة وتقع هذه الخروقات قبالة البنى التحتية الاجتماعية والاقتصادية الحيوية المهمة للعاصمة ولبلادنا بصورة عامة.
وبعد مراسم حفل التدشين أزاحت معالي وزيرة البيئة والتنمية المستدامة السيدة مسعودة بنت بحام ولد محمد لغظف الستار عن اللوحة التذكارية إعلانا بتدشين هذه الثغرات، واستمعت إلى شروح فنية قدمها المشرفون على عمليات سد الثغرات وذلك بعد أن أشرفت على توزيع ست جوائز نقدية على المتفوقين في مسابقة أحسن مقال باللغتين الهربية والفرنسية حول اشكالية تسيير الساحل الموريتاني.
كما قام الوفد الوزاري بمعاينة عمليات غرس الشجيرات المتأقلمة مع بيئة الشاطئ والتي تلعب دورا كبيرا في تثبيت الرمال الشاطئية المتحركة.
هذا وشملت الفجوات التي تم سدها، الفجوة رقم 13 وتمتد على طول 600 متر، والفجوة رقم 9 ويبلغ طولها 180 مترا، والثغرة رقم 3 التي تمتد على طول 100 متر.
وترتفع الحواجز التي تم سدها لأربعة أمتار من سطح المحيط.
وجرى حفل التدشين بحضور وزيري الصيد والبنى التحتية البحرية والمينائية، والآسكان والعمران والإستصلاح الترابي، إضافة إلى الأمين العام للوزارة المتتدبة المكلفة بترقية اللامركزية والتنمية المحلية، ووالي نواكشوط الجنوبية وشخصيات عديدة أخرى.