
ستبكيك المنابر والمحافل يا شيخ عبد الرحمن محمد المامي محمد الحسن آبيه _عباد_
بقلوب يعتصرها الأسى، وعيون دامعة، نودّع اليوم أحد أعمدة الشرف والمروءة ، ورمزًا من رموز السخاء والعطاء، الشيخ عبد الرحمن محمد المامي، “عبادعلما”، الذي انتقل إلى جوار ربه الكريم بعد عمر مديد قضاه في خدمة الخلق، وابتغاء مرضاة الخالق و نال عظم تكفل شرف استضافة ضريحه ومزاره.
لقد كان الشيخ عباد، رحمه الله، حاملا لا يفتر للواء العز والكرم بحق، لا يرد سائلاً، ولا يثقل عليه ضيف، بيته مفتوح، وسفرته عامرة، ويده مبسوطة بالخير في السرّاء والضرّاء. لم تكن يده العليا تغيب عن معوز أو محتاج، وكانت حكمته وعقله مرجعًا في الصلح والمشورة وكظم الغيظ و العفو عن الناس.
عرفه القريب والبعيد بـالتقوى والورع، وحب الخير للجميع، فكان من الذين إذا ذُكروا ذُكر الصلاح، وإذا حضروا أنارت المجالس بوقارهم، وإذا غابوا افتقدتهم الأرواح قبل الأجساد.
وإن كان الناس يورثون الأموال والمناصب، فقد ورّث الشيخ عباد سيرة عطرة، وذكرًا طيبًا، ومواقف لا تُنسى. مواقف لم تكن تبحث عن عدسات الإعلام، بل كانت تنبع من قلب نقيّ، وإرادة صافية، ونفس تاقت دوماً لما عند الله.
لقد عاش الفقيد حياته متجردًا من حب الدنيا، مترفعًا عن حطامها، ومشغولًا بما ينفعه وينفع أمته. وكان لسان حاله دائمًا: “خير الناس أنفعهم للناس”، فكان هو هذا “الخير” بعينه.
نعم ننعى إلى الأمة الإسلامية عامة، وإلى أهل العلم والفضل خاصة، رحيل الشيخ الجليل عبد الرحمن محمد المامي محمد الحسن آبيه _ عباد علما _ الذي قدم إلى ما قدم بعد حياة حافلة بالعطاء في ميادين العلم والكرم والإنفاق.
لقد كان الفقيد علمًا من أعلام السلف الصالح، ومنارة تهتدي بها القلوب في ظلمات الجهل، وسراجًا منيرًا في دروب الخير والإحسان.
صَعودًا بِروحٍ تَسرجُ الليلَ همَّةً
لرُحبى مَقاماتٍ تمنَّى صُعودَها
فَكانتْ بُراقًا مِن حَنينٍ يَحثُّه
بِما ألِفتْ صوبَ العُلا أن يَقودَها
وخلَّفَ روحًا بعدَه تخلعُ الرَدى
وتَنحتُ في صخرِ الوجودِ وجُودَها
ولَو أنَّ نفسًا بالفِـداءِ خُلودُها
إذًا لأبِي أسدَى الإلـٰهُ خُلودَها
نسأل الله العلي القدير أن يتغمد فقيدنا بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، ويجزيه عن علمه وعمله خير الجزاء.
إنا لله وإنا إليه راجعون.

محمد سالم بتاح