أخبار عاجلة
الرئيسية / آخر الأخبار / العلامة محمد الأمين بن الدكـّاهي الشنقيطي (078)

العلامة محمد الأمين بن الدكـّاهي الشنقيطي (078)

هومحمد لمين ولد محمد ولد عبدالله العتيق (الدكاهي ) ولد محمد ولد عبدالعزيز ولد أحمد محمود ولد آبيه المولود سنة 1924 بضواحي وديان الخروب بولاية تيرس الزمور  ، والده محمد بن الدكاهي  ملأ الدنيا وشغل الناس في عهده  ، يُضرب به المثل في الحلم والتواضع الجم ، له معرفة واسعة باللغة والنحو والأدب والشعر  ، وله قصة مشهورة مع العلامة أبو مدين ولد أحمدو ولد اسليمان الديماني لاكتها الألسن وسارت بها الركبان ، سني يأخذ من صفو الشرع والعقل سواء السبيل.

أما والدته صفية بنت حمود فهي الأخرى من بيت عز وسيادة ولها شأن عظيم  ، تولى والدها سياسة أمور القبيلة ورعاية مصالحها في عهده .

 

في هذا المحيط الإجتماعي وفي مجال جغرافي بدأ بتابرنكوت ، وآمساكه وآكشار بإينشيري وصولا إلى زوك وبولرياح بتخوم تيرس حيث كان أهله يتبعون المزن انتجاعا للغيث، تربى محمد لمين وألف هذه الأرض سهولا وتلالا، جبالا ووهادا حيث يقول  :

وماأنا إلا كالغزال وجد به ::: فمالي عن أرض النشير محول

 

تلقى بداياته العلمية على يد والده فحفظ القرآن وبعض المتون الأخرى ، من ثم انتقل في رحلة علمية قادته إلى لمرابط عبدالفتاح التركزي فأخذ على يده الإجازة في القرآن العظيم وعلومه قبل أن ينتقل إلى العالم محمدلمين ولد حندالله (النيني ) فدرس عليه الفقه واللغة ثم تتلمذ على العالم أحمدسالم ولد بويعدل التندغي .

كل هذه المحطات كانت مشحونة بالجد في تحصيل المعارف لامكان فيها للهزل إذ لم يكن يتسع له وقته ولايميل إليه طبعه وقدكان ممازاد في حظوظ انصراف الرجل للاهتمام بالعلم علو همته وتمسكه بإرث أسلافه فحاز بذلك السبق على أترابه ، فكان ذلك اللغوي المرموق والأصولي المحقق ، المؤرخ والعالم المتضلع في علم الأنساب أما ميادين الثقافة الشرعية والأدب الغض فإن له فيها لآية  ، وقد كان الدور الذي لعبه أخوه الأكبر أحمد محمود ولد الدكاهي رحمه الله أساسيا ورافدا محوريا في تفريغه للعلم حيث قام بتحمل أعباء خيمة أهلهم وقام بذلك أحسن قيام كذلك شأن أخواته ؛ ليلى ومريم وخديجة ، فقد اطلعن بدور  لايستهان به  على مختلف الأصعدة جعل الله ذلك في ميزان حسناتهم جميعا وجمعهم في جنة عرضها السماوات والأرض .

 

 

بعد نهاية رحلته في طلب العلم بدأ التدريس وبث العلم في قلوب الرجال فلا يكاد يخلو له مجلس من طلبة يحفونه وينهلون من معين معارفه الغزيرة وموازاة لذلك اعتنى بجمع طرة أشفغ الخطاط ( آبيه ) على مختصر خليل ، فطفق في سبيل ذلك يلتمس نسخها ، فلم شتاتها وأخرجها من المجاميع الأهلية والكنانيش المحظرية بعد جهود مضنية ورحلات شاقة قادته إلى مناطق مختلفة من البلاد ، فقد آمن بأن الموت إنما يكون للأشخاص والخلود لأعمالهم متى كانت تستحق الخلود .

 

ظل الفقيد رحمه الله على صلة بالبحث ورجاله يجد متعة في مواصلة العلماء ومحادثتهم ومناظرتهم ، له علاقةواسعة وصداقة حميمية  مع كبار العلماء والمشايخ في زمنه مثل : لمرابط محمد سالم ولد عدود والعالم بداه ولد البوصيري والشيخ : محمد عبدالله ولد السيد ولد أكتوشنا حفظه الله وأطال عمره … والقائمة تطول .

 

وقد تميز عبر كل أطوار حياته بكرم النفس والتواضع والسعي في مصالح المسلمين . فنجد القاضي الشاعر : محمد يحظيه ولد المختار الحسن التندغي يصف بعض مناقبه في رائعته في تقريظ هذا الكتاب  :

 

أجدت فلا شلت أناملك العشـــر                ولازال يحلو من شمائلك النشر

أجدت فذكر القوم ذكر مقدس                 به تكشف الغما وينشرح الصدر

ففي عمر الخطاط والحي حيه                مآثر لم يحتط بها النظم والنثر

فحدث عن الشيخ المفدى ورهطه            حديثا هو العذب الزلال او الخمر

وزدنا حديثا منك لذ سمــــــــاعه             فلم يك في الأذان عن سمعه وقر

حديثا لو أن الميت نوجي ببعضه             لأصبح حيا بعدما ضمه القبر

ألى أن يقول:

إذا نحن أكرمنا بمرآك ساعة                 سعدنا فولى العسر واكتمل البشر

ترى سائرا في السوق دون تكبر           ومجدك لم يبلغه زيد ولا عمرو

وتمشي كما تمشي الأفاضل خاشعا         وفي النفس كبر أن يكون بها كبر

عليكم ثياب رثة غير أنــــــــها              لعمري كست نفسا لديكم هي التبر

وما ضر نور الشمس حجب ضيائها       وما ضر غمد السيف أن لفه الستر

 

 

 

توفي محمد لمين ولد الدكاهي رحمه الله ،نهاية شهر سبتمبر 2003 ودفن في مقبرة أكجوجت. فطويت بذلك صفحات مشرقة من سير أعلام النبلاء الذين خلفوا إرثا حضاريا وتراكما معرفيا وثناءا مخلدا _ وكذلك يفعلون .

 

 

 

 

 

 

صدقة جارية