أخبار عاجلة
الرئيسية / آخر الأخبار / رحلة ولد ابن المقداد إلى آدرار سنة 1900(ج1)د. سيد أحمد ولد أحمد سالم

رحلة ولد ابن المقداد إلى آدرار سنة 1900(ج1)د. سيد أحمد ولد أحمد سالم

هذا هو النص المحفوظ أصله بمدينة سان لويس بالسنغال والموجه إلى السيد الوالي العام لإفريقيا العربية الفرنسية. والتقرير وضعه المترجم الرئيسي ذي الدرجة الأولي محمد ولد أبنو المقداد حول مهمته الأخيرة في آدرار وحول ما دار من حوادث كان شاهدا عليها حين صاحب البعثة التجارية لبٍلانشيه وكان مكلفا رسميا بمصاحبته عبر الغرب الأفريقي.

ترجمه إلي العربية و بوب الإحالات و ترجم الأعلام و المسميات الدكتور سيد أحمد ولد أحمد سالم ( ولد الأمير) الباحث بمركز الجزيرة للدراسات و محقق العديد من الكتب و الموسوعات التاريخية .

نص التقرير

سان لويس 1 ديسمبر 1900

السيد الوالي العام

بموجب القرار الصادر بتاريخ 19 مارس 1900 فقد تشرفت بوضعكم إياي تحت تصرف السيد ابْلانشَيه رئيس البعثة التجارية التي أنيطت باكتشاف مناطق البيظان بالغرب الأفريقي. كما كلفتموني في الوقت نفسه بمهمة خاصة تتعلق بالمختار ولد عيدَّة[1] أمير آدرار الجديد وتعني تسليمه المبلغ السنوي للامتياز الذي تدفعه له فرنسا، هذا مع تكليفي بالاستعلام حول التجمعات القبلية التي تستوطن آدرار وتيرس ووادي نون خاصة فيما يتعلق بدرجة تأثيرها وعدد بنادقها وخاصة تلك المحتمل أن تكون بحوزتها … الخ.

وبموجب الرسالة رقم 65 بتاريخ 21 مارس فقد تفضلتم بإعطائي تعليماتكم حول مهمتي المزدوجة، كما حددتم لي بموجب هذه الرسالة السلوك الذي يجب على اتخاذه خلال هذه السفرية: أي الدور المنوط بي تجاه السيد ابلانشيه، وواجباتي تجاهه، وتجاه الوالي الذي شرفني بثقته.

لقد انتهزت فرصة مقامي بآدرار فجمعت معلومات عن الوضعية التجارية والفلاحية للمناطق التي جبتها.

وها أنا أتشرف اليوم -السيد الوالي العام- أن أقدم بكل أمانة هذا التقرير عن سفريتي.

كانت بدايات سفر السيد ابْلانشَيه ورفاقه سعيدة، فقد قطعنا منطقة الترارزة في أمان تام حيث كان المظهر التجاري للسفرية طاغيا.

سافرنا في البداية تحت قيادة أحمد سالم أمير الترارزة[2] الذي أبدى صداقته الحقيقية لنا، وقد زوده السيد ابْلانشَيه -بعد رجوعه  عنا- بإفادة شهد له فيها بحسن سلوكه تجاهنا.

إن الوضعية الخاصة لمنطقة الترارزة لم تكن لتسمح لأحمد سالم بمرافقتنا لمدة طويلة لذلك أسند حمايتنا لمولاي رئيس العلبْ إحدى المجموعات التروزية، وقد زود ابْلانشَيه مولاي[3] بشهادة تنم عن إخلاصه.

بعد سبعة أيام من مفارقتنا لمدينة سان لويس التقينا برسول المختار ولد عيدَّة حاملا رسالة خطية مضمونها إعلامنا بأن وجود مسلحين بين ظهرانينا[4]، إشارة منه إلى القناصة الذين يحرسوننا- سيشكل صورة سيئة عنا عند أهل آدرار، ولذلك طلب مني -وهو أمر مستحيل الوقوع- أن أذهب إليه وحدي تاركا رفقائي الأوروبيين الثلاثة.

قمت بترجمة الرسالة وإبلاغها للسيد ابْلانشَيه. وعلي الفور عقد أعضاء السفرية جلسة وبعد المناقشة اتفقنا مع رسول المختار ولد عيدَّة على ذهاب الجميع نحو اتويزكت[5] حيث سنترك رجال الحراسة والأدلاء والأمتعة تحت حماية صديقنا الشيخ سعد بوه[6] على أن أذهب أنا وابلانشيه ورفيقاه نحو آدرار.

إلا أنه، وبعد يومين من الوصول إلى اتويزكت حاول أولاد اللب[7] تلك القبيلة المستقلة عن الأمير والتي تمر علاقاتها به بفترة  عصيبة، حاولوا أن يغيروا على جمالنا وكانت ترعاها زمرة من قناصينا يقودها عريف.

هب الملازم أول اجوينوت غامبيتا مع فرقته لرد الغارة وما إن وصل إلى عين المكان حتى توقف إطلاق النار وولى البيظان على أعقابهم مدبرين.

وبعد وقوع الحادثة أعلن رسول الأمير، الذي يفترض أن يقودنا إلى أطار، أنه لم يعد بإمكانه بعد ما رأى أن يمنعنا من أي غارة محتملة. ولذلك اقترح علينا التوجه نحو تابْرنكوت[8] مع رجالنا. وذلك ما سيسمح له بالذهاب نحو المختار ولد عيدَّة ، على أن  يلتمس منه السماح باصطحاب حراسنا أو يرسل لنا فردا من أسرته يكون خفيرا لسفريتنا.

وافقنا بالإجماع على هذا الاقتراح، وطلبت من رئيس البعثة أن يأذن لي في السفر مع رسول الأمير رغبة مني في الاستعلام شخصيا، وحتى استغل كذلك تأثيري من أجل تبديد شكوك الزوايا المتطرفين، تلك الشكوك التي قد توهم المختار ولد عيدَّة بعدم صدق نوايانا. بيد أن السيد ابْلانشَيه كان يري أن بقائي بجانبه مفيد جدا فوجودي معه في الظروف الراهنة أفضل بكثير ¬في اعتقاده¬ من ذهابي أمامه.

ثم إننا كلفنا عبد الله فال[9] وهو أحد أقرباء شيخ قرية انجاكو[10]، وكان السيد ابْلانشَيه قد اكتتبه كوكيل استعلامات، بمرافقة مبعوث الأمير وقد قبل ذلك وتواعدنا معهما أن ننتظر نحن بتابرنكوت[11].

عاد بريدنا بعد أيام وبرفقته أحمد بن المختار ولد عيدَّة[12] يحيط به اثنا عشر فارسا. وقد أعلمنا أن أباه مستعد لاستقبال البعثة  على الرغم من معارضة سكان البلد زوايا وعربا.

أما عبد الله فال فقد ذكر لنا معارضة السكان جميعهم لقدومنا خاصة وأنها أول مرة يصل فيها النصارى إلى آدرار كما ذكر أن التطرف قد بلغ ببعض القبائل حدا جعلها تعرض على الأمير أموالا طائلة من أجل صدنا.

ذهبنا مع دليلنا أحمد ولم نلاق بأسا حتى وصلنا لكهان (لعله كنوال)[13] وهو على بعد ثمانية كيلومترات من العاصمة، أمرنا  أحمد بالتوقف وانتظار قدوم المختار ولد عيدَّة الذي كان في منتجعه خارج أطار.

بعد نزولنا لكهان (لعله كنوال) وبعد الزوال مثُل أمامنا رسُل الأمير وطلبوا منا التوجه معهم نحو العاصمة بأوامر من الأمير حيث هيئَ لنا نُزُلٌ، فشكرنا لهم وأعددنا أمتعتنا وقربنا جمالنا ثم تبعناهم.

عند قدومنا للمدينة ذكر لنا ممثلو المختار ولد عيدَّة أن سكان البلد لا يثقون فينا ما دمنا مسلحين بل وهم على يقين أن لنا أهدافا أخري عير معلنة، فلسنا نسعى إلى اتفاق سلمي معهم ولذلك يرجون منا أن نصبح عُزلا.

أثبتنا لهم مرة أخري أنا مسافرون بسطاء وأنا لا نسعى إلا لإقامة علاقات تجارية وأخوية. وحتى نؤكد لهم مظهرنا المسالم اتفقنا على جعل بنادقنا في غرفة من المنزل الذي يؤوينا ووعدناهم بعدم خروج أي أحد من رجالنا مسلحا وسعيا إلى طمأنتهم اقترحنا عليهم كراء خدام يجمعون لنا الحطب ويحضرون الماء حتى لا يخرج أحد من رجالنا خارج المنزل.

وقد قبلوا عرضنا ووعدوا بإحضار الخدم المطلوبين إلا أنهم لم يفوا بذلك الوعد.

بعد يوم حضر أحمد ولد المختار وبصحبته رجل أسند إليه مرافقة قناصينا إلى الماء وقد تم ذلك دون عائق. ساعتئذٍ أعطاني السيد ابلانشيه مشروع معاهدة أقدمه للأمير من أجل توقيعه بعد أن أشرح له جميع عباراته.

وتنص هذه المعاهدة على أن أمير أطار يمنح لرئيس البعثة حق إقامة مركز تجاري على الشاطئ وحق المتاجرة مع اتباعه، وفي المقابل يلتزم ابلانشيه بإعطاء امتياز سنوي للأمير بمقدار ألف قطعة من القماش الأسود (النيلَه) وضرائب تؤخذ على البضائع بآدرار.

ذهبت إلى المختار ولد عيدَّة الذي استقبلني بحفاوة بالغَة فشرحت له هدف الزيارة وكان يستمع إلى بانتباه فوعدني بأن يكون بعد غد معنا وأنه سيناقش بنود الاتفاقية مع ابلانشيه. كان واضحا على قسمات وجهه أنه راغب في الاتفاقية.

إلا أنه ومع الأسف وخلال نفس اليوم بلغ مسامع الأمير وصول محمد الأمين[14] ابن أخيه وأخو أحمد وهو الهارب الذي سأتحدث عنه فيما بعد. كان هذا الرجل بصحبة فرسان من أولاد غيلان[15] تلك القبيلة التي تناصب الأمير العداء. كما رفع إليه  أن بعض الأعيان من حاشيته يتواطئون مع محمد الأمين على اغتياله. وكل هذا يزيد شكوك الأمير تجاه هؤلاء الخارجين ويضاعف قلقه كما يهز سلطته المحدودة.

في هذا الوضع غير الآمن ارتأيت أن أعود إلى أطار حيث رفاقي حتى أخبرهم بما يتم تدبيره وحتى نعد أنفسنا في حالة ما إذا تم اغتيال الأمير وهو حامينا الوحيد وقد صار اغتياله احتمالا واردا.

خلال وجودي بجانب الأمير قام بعض زوايا أطار وخاصة السماسيد وهم سكان هذه المدينة بانتهاز الوضع الحاد وإغراء محاربي أطار عن طريق دفع بعض الأموال لكي يهاجموا النصارى الذين لم يأتوا ¬حسب زعمهم¬ إلا لاحتلال البلد. وقد نجح مدبرو هذه الخيانة الخسيسة في إقناع المحاربين.

في الصباح الباكر وفي غياب ابن المختار ولد عيدَّة الذي ترك أطار عند مقدم محمد الأمين، رغما عنه، والتحق بأبيه أرسل لنا خادما ليقود قناصينا إلى الماء وهم عُزَّلٌ وقد كانوا يترصدونهم عند البئر. فور وصول القناصة أطلقوا عليهم النار فأردوا بعضهم قتيلا وجرحوا أكثرهم.

تناهي إلى مسامعي صوت الطلقات وأنا في المنزل فاندفعت إلى الخارج مذعورا لكي أعرف ما الذي حصل فسمعت امرأة ترفع صوتها قائلة: لقد تم قتل النصارى الذين جاءوا لأخذ نخيلنا، عدت مسرعا إلى المنزل فوجدت السيدين ابلانشيه وديزين الذين اخبراني أن القناصة استُدْرجوا إلى كمين غادر وأن العريف اجوينوت غامبيتا ذهب على رأس عدة رجال لمساعدتهم[16].

طلبت من السيد ابْلانشَيه أن يلتحق بالعريف فرفض وآثر أن يظل محتفظا بي معه. بعد برهة عاد العريف ومعه اجرحي وكان هو نفسه جريحا حيث أصيب أعلي ركبته.

سارعنا إلى تضميد الجراح مع مراقبة الطريق حتى يظل البيظان بعيدين منا.

وفي نفس الوقت قام سيدي[17] وهو أحد مقربي المختار ولد عيدَّة الذي لم يشأ أن يزورنا بنفسه بإرسال مبعوث يطلب منا وقف  إطلاق النار وأنه هو على مستواه سيبذل قصارى جهده حتى يوقف البيظان النار وأن منفذي هذه الخيانة هم بعض الساخطين وقد قاموا بفعلهم دون معرفة الأمير.

أجبت مبعوث سيدي أن على البيظان أولا وقف إطلاق النار وشرحت له كم كانت خيانتهم جسيمة حين كمنوا لقناصينا وقتلوهم وهم عُزَّلٌ، وأفهمته أن الفرنسيين قادرون على أخذ الثأر من منفذي هذا المكر بل ومن الأمير المختار ولد عيدَّة نفسه وقد فهم المبعوث ذلك.

وفعلا تم إيقاف العمل العدواني فورا، وأرسل لنا سيدي قِرَبًا ملأى ماء، وقد حذا حذوه بعض أصدقائي القدماء فأرسلوا الماء بدورهم علما بأن لم يعد في استطاعتنا الحصول عليه.

وفي المساء عاد أحمد وكان همه الأول أن يزورنا ويعرب عن مشاعره الطيبة تجاهنا وعن إخلاصه لنا، كان الغيظ يكاد يخنقه، وكان مستاء من غدر البيظان الخسيس. وقد عرض على رئيس البعثة ورجاله أخذ أطار، وقد إلى أن يكون أول من يأخذ بالثأر من أصحاب هذه الفعلة الحمقاء التي تعرضنا لها.

أفهمناه أننا لم نأت للقتال وألححنا عليه أن يحضر وبسرعة جمالنا كما أعطيناه رسالة إلى أبيه مضمونها الإخبار بما حصل لنا من فعل شنيع وأعربنا له عن استيائنا التام.

غادرنا (أحمد) واعدا بإحضار الجمال واتخاذ الإجراءات اللازمة لتأميننا.

غير أن عصابات مسلحة مثيرة من المتطرفين المدربين من طرف محمد الأمين وأنصاره وصلوا نفس اليوم ولم تكن له (أحمد) أي سلطة عليهم.

اجتمع الرؤساء الحاقدون علينا ومعهم أعيان أطار وحلفاؤهم الأساسيون في دار مجاورة لدارنا وباتوا يتشاورون في تحضير هجوم الغد.

ومن جانبنا قمنا بإعداد وسائل تأميننا فنقبنا الحائط حتى يتسنى لنا صنع منافذ للرمي فقد آلينا ألا تزهق أرواحنا إلا بثمن غال فتسلحنا وجلسنا ننتظر.

عند بزوغ شمس يوم العاشر من يونيو بدأ إطلاق النار، واجهناهم بالمثل فحمي الوطيس، ولم يكن إطلاق النار يتوقف إلا هنيهات قصيرة جدا.

خلال هذه الفترة كان يبلغ مسامعي من حين لآخر أن المهاجمين لا يقدرون على قتلي ولا يريدونه أصلا وأن على أن أخرج من الدار وأترك الكفار لأني مسلم تقي ألقَّبُ بالحاج، وهو لقب يجعلني مقدسا في أعينهم، وأنني ببقائي مع النصارى أخالف ديني وأعادي أبناء الرسول (صلي الله عليه وسلم). وقد أجبتهم بأن مسألة الدين بالنسبة لي ليست مثارة وأنهم نقضوا عهدهم وقد أرغمونا على الدفاع عن أنفسنا. كما أنني شخصيا لا أرهب الموت أيا كان مصدرها، من أخ كانت أم من عدو، وأن واجبي يفرض على ملازمة رفقائي وتأمينهم ما أمكنني ذلك ولن أتخلي عن هذا الواجب.

عندئذ نادوا عبد الله فال، وكيل استخبارات السيد أبلانشيه، الذي أستأذن عند الظهر في الذهاب إلى البيظان ومفاوضتهم وقد طلب منه أصدقاؤه التوجه إليهم ومع الأسف فقد خالف فتوجه إلى من لم ينادوه فأطلقوا عليه النار.

استمرت هذه المعركة الشرسة من السادسة صباحا حتى الثالثة بعد الظهر وقد كلفتنا موت ثلاثة قناصين وإصابات متعددة بالجراحة فقد جرح ابلانشيه وكذلك اعبيدي فال وهو بيظاني شاب من إعدادية أبناء الشيوخ وملحق بالبعثة بوصفه مترجما كما جرحت رجلي اليسرى.

وفي هذا الوقت ناداني اليدالي وهو شاب بيظاني من منطقة الترارزة كان دليلنا منذ ذهابنا من سان لويس.

لقد أسر اليداليَّ أعداؤنا في الليلة الماضية على حين غفلة منه ووضعوا السيف على عنقه وهددوه إن لم يُرِهم وسيلة ناجعة لمباغتتنا، إلا أنه ظل صامتا رغم تهديدات المعتدين.

ناديت هذا الشاب فأخبرني أن المختار ولد عيدَّة وصل وأنه يطلبني شخصيا. وقد رأى بلانشيه أن ألبي دعوة الأمير فخرجت من الدار مستندا في جانب إلى خادمي الشاب وفي الجانب الثاني إلى بيظاني يعتبر نفسه منا ويدعي أنه تلميذ الشيخ سعد بوه.

جئت إلى الدار وفي اعتقادي أنني سألتقي بالمختار ولد عيدَّة إلا أنني لم أجد بها سوي ممثليه الذين استقبلوني بشكل شبه حسن، وقد قالوا لي إنه من غير الممكن إيقاف هذا الاعتداء الموجه من طرف المتزمتين المتحمسين إلا بوضعنا لأسلحتنا، كما قالوا لي إن على رفقائك الالتحاق بك، وبقاؤك سجينا، حتى يستجيب لنا النصارى وعندها سنلبي رغباتكم ونزود رجالكم بالماء.

كتبت فورا إلى زملائي المنكوبين عارضا عليهم الوضع، كنت أعرف أن هذا سيرعبهم وقد أشرت عليهم بالإتيان.

جاء السيدان ديزين واجوينوت غّامبيتا على الفور وتم إعطاؤهما الشراب. سألنا البيظان لماذا لم يأت ابلانشيه؟ فقلنا لهم : إنه ينتظر إيصال الماء الذي وعدتم به إلى رجاله. لم يقتنعوا بهذه الإجابة ورفضوا الوفاء بالتزاماتهم. كتب السيد اجوينوت إلى ابلانشيه رسالة فالتحق بنا فطالبناهم بإرسال الماء إلى رجالنا.

تناهت إلى أسماعنا طلقات نارية فقيل لنا إن قناصينا هربوا وتركونا وتركوا أمتعتنا بعد أن أصبحوا بدون قائد[18].

وقد تم نهب كل ما تملك البعثة من أسلحة وأمتعة وبضائع وزاد وقد أصبحنا سجناء.

في مساء نفس اليوم زارنا المختار ولد عيدَّة وعبر لنا عن أسفه الشديد على ما وقع من أحداث مؤسفة. بينما أكد أننا بحكم كوننا سجناء فحياتنا مضمونة وهو ملتزم بذلك.

ولكن واحسرتاه! فالأمير المسكين صادق في قوله فوضعيته الخطيرة وأمنه المهدد فرضت عليه أن يأتينا محاطا بحراس مثيرين من مناصريه.

قد كان الزوايا والمحاربين على علم بنوايا الأمير الطيبة تجاهنا لذلك اجتمعوا من جديد لمناقشة قضيتنا وقد فرض المتحمسون رأيهم فطلبوا من المختار ولد عيدَّة أن يسلمنا للقتل لأن ذلك مقتضى الشريعة المحمدية: فينبغي قتل كل من يحاول أخذ أرض المسلمين أو مالهم. وقد أكدوا أننا جئنا لآدرار رغبة في احتلال البلد وتحضيرا للغزو.

وبالنسبة لي أنا فقد كانت وضعيتي جدُّ صعبة إذ ضربت بالسلاح إخوتي في العقيدة دفاعا عن النصارى وحرصا على البقاء معهم، على الرغم مما عُرض على وعلي الرغم من التحذيرات التي وجهت لي. ولذا فأنا استحق موتا بطيئا مرعبا بأفظع عذاب ممكن. لقد طلبوا من الأمير أن يسلمني لهم مقيدا موثقا كما عرضوا عليه في المقابل هدايا ثمينة وغرامات تؤخذ منهم. ثم هددوه بالهجرة عن البلاد إذا رفض تسليم النصارى للقتل أو خلي سبيلنا نذهب إلى سان لويس.

حاول الأمير بكل ما أوتي أن يصرفهم عن عزمهم وأن يفي لنا بوعده، أي عدم قتلنا مؤكدا أنني صديقه الأمثل وصديق ذويه وأنه واثق من قولي ومن قول أصحابي المسامين وأنه يعتبرني كما لو كنت ابنه ويستحيل عليه تسليمي أو تسليم النصارى إليهم.

ولكي يزعزعوا ثقة الأمير بي أعلنوا له أن أسفاري السابقة إلى آدرار كانت لهدف التجسس على الأمير السابق[19] ودراسة البلد  وتهيئة قدوم البيض لغزو المنطقة. وأنني كفرت بدين الرسول وخنت أمانته وأمانة آله. وأنني استحق قتل الغادر بل على الأمير أن يسلمني مقيدا لسلطان المغرب بوصفي أسير حرب.

وأذكر أنني أتيحت لي الفرصة مرتين للفرار وبصورة سرية لكن بشرط أن أكون وحدي. فأولا عرض على عبد الله بن عثمان[20] وسأتحدث عنه في مناسبة أخرى- الهروب، كما عرضه على مولود بن مولود وقد أتخذ كلاهما الاحتياطات الأمنية من أجل هروبي. وقد رفضت العرضين بطبيعة الحال[21].

تمادى المختار بن عيدَّة في رفضه على الرغم من إحراجه الشديد لقد كانت الإغراءات المادية تغريه كما كانت تزعجه تهديداتهم التي يعلم جيدا أنها قد تؤدي بحياته ومن جهة أخري يعلم جيدا أن من مصلحته أن يحمينا ويبقي على أرواحنا مما يعني الإبقاء على علاقاته بالحكومة، فهو يدرك أن فرنسا ستثأر وبصورة مدوية وعنيفة عندما يغدر مواطنوها.

وقد علمنا أثناء مداولات قضيتنا أن القناصة الذين فروا نحو سان لويس صادفوا قافلة من قوافل آدرار فأغاروا عليها وسلبوا ما بحوزتها وقد ضاعف ذلك من خطورة وضعنا ودفع بالزوايا إلى عناد أشد وادعاءات أعنف حيالنا.

إنهم يدعون الآن أنه لا علاج لما وقع وأن الفرنسيين لم يعودوا ينتظرون قتل هؤلاء: فقد بدءوا في الثأر وعلي ذلك الأساس ينبغي بعث سفراء إلى سلطان المغرب وأن يتم اقتيادنا وبسرعة نحوه وفي المقابل سيمنح السلطان أسلحة ومدافع ثقيلة تضاهي ما عندنا. فلن يترك السلطان المؤمن أبناء الرسول (صلي الله عليه وسلم) عرضة للنصارى.

لم يكن المختار بن عيدَّة يعير انتباها لحججهم ولكي يسكتهم ولو مؤقتا، وحتى يربح الوقت اقترح إيفاد الشيخ سعد بوه.

وقد شرح لهم كيف كان هذا الشيخ صديقنا وأسباب تلك الصداقة. وأعلن الأمير أنه لن يتخذ إجراء دون استشارته والعمل برأيه. وأكد أن الشيخ سعد بوه مؤمن ملتزم بالشريعة المحمدية ولن يغدر المسلمين بآدرار ولن يخونهم.

هدأت هذه الآراء من خواطرهم ولما رأي الأمير زعزعتهم أعلن أنه سيسلم السجناء للشيخ سعد بوه فور قدومه وسيكون هذا الشيخ مسؤولا عما سيحدث لهم.

وفي نفس الوقت حصل المختار على رسالة من الشيخ سعد بوه حملها مبعوث خاص ومن خلالها يعلمه الشيخ باطلاعه على ما حصل لنا وبإدراكه تخوفات البيظان. ويعلن ضمانه للسلام باسم الفرنسيين كما يؤكد تسديد امتياز لولد عيدَّة فيما إذا قبل تسليم الفرنسيين المسجونين.

وبعد قراءة الرسالة انقسمت الآراء قسمين: فشاطر بعضهم رأي الشيخ سعد بوه وخالف بعض آخر وطال النقاش دون الوصول إلى أي حل .

 

————————————————-

[1] . المختار بن أحمد بن عَيْدَّة: ولد عام 1858 أي قبل وفاة والده بسنتين فقط ويعرف بلقب “الداه” وقد تولى الإمارة عام 1899 بعد ابن أخيه الأمير أحمد بن سيدي أحمد الذي توفي لما سقطت داره عليه بأطار. وظل المختار أميرا رغم معارضة أولاد غيلان وغيرهم له. وكانت فترة توليه فترة اضطراب دامت إمارته 4 سنوات وعزل بعدما اختارت جماعة أولاد يحيى بن عثمان الأمير الشاب والمجاهد الشهيد سيدي أحمد بن أحمد بن سيدي أحمد بن أحمد بن عَيْدَّة أميرا بمباركة من الشيخ ماء العينين. وذهب المختار بعد عزله إلى حي الشيخ سعد بوه في النمجاط شمال المذرذرة فأقام به زمنا إلى أن التقى في ديسمبر 1904 في أبي تلميت بكبولاني أول وال فرنسي بموريتانيا. وأقام المختار آخر عمره في تجگجه وحضر مقتل كبلاني في مايو 1905. عدنا أساسا إلى أرشيف الاستخبارات الفرنسية بدكار وخاصة منه ملف المختار بن أحمد بن عَيْدَّة. وكذلك: بيير بونت: إمارة آدرار ص 92 وما بعدها.

[2] . أحمد سالم أمير الترارزة: هو أمير الترارزة أحمد سالم بن اعلي بن محمد الحبيب يلقب بَيَّادَه وهو الفارس البطل الشجاع الحازم القوي. يعرف في الكتابات الفرنسية بأحمد سالم الثاني، فعمه الأمير أحمد سالم بن محمد الحبيب هو الأول. وقد التقى الرحالة الفرنسي فبير بأحمد سالم بن اعلي في يوليو 1892 وذكر أنه يومها يزيد قليلا على 25 سنة وأنه: “كان شابا غاية في الوسامة والذكاء والحيوية”. وتولى أحمد سالم الإمارة بعد قتله عمَّه أعمر سالم بن محمد الحبيب سنة 1891، وكانا قد تحالفا في البداية ضد أولاد سيدي بن محمد الحبيب غداة غدرة أبيه اعلي في أكتوبر سنة 1886، إلا أنهما دخلا بعد ذلك في نزاع مشهور. ولما تولى أحمد سالم الأمارة خرج عليه سيدي وأحمد ولد الديد ابنا محمد فال بن سيدي بن محمد الحبيب (المشهوران بأولاد سيدي) ومعهم العديد من أولاد أحمد بن دمان وأولاد دمان. وكان بينهم أيام منها: يوم المصران قتل فيه سيدي جو أخو الأمير أحمد سالم. ويوم اتويدرمي وقتل فيه عدد من الجانبين. ويوم امْبَيْكِدّة مات فيه من جانب أولاد سيدي رئيس أولاد دمان امحمد لُوليْد بن امبارك بن المختار بن محمد بن امحمد بن سيدي أحمد. ويوم جگينة ويوم أخريبگه وتسمى الشويطرة ومات فيها العديد من الجانبين. وكان الأمير بيادة كثير المدائح بالشعر الفصيح والشعر العامي. وقد ظلت رايته مرفوعة وانتصاراته كثيرة. ووقع اتفاقية مع الفرنسيين في 8 أكتوبر 1891م اعترفت بموجبها سلطات سان لويس الفرنسية بالسنغال بإمارته. ومع ذلك عارض دخول المستعمر الفرنسي البلاد، وبدأ تنظيم المقاومة وحشد القبائل ووضع ثقله في شمال منطقة الترارزة وخاصة عند بئر انواكل، وعقد تحالفات مع قبائل الشمال كأولاد يحيى بن عثمان وأولاد اللب وأولاد بالسباع واتصل بإدوعيش وغيرهم ممن كان يتصدى للنصارى، إلا أن المنايا اختطفته قبل مباشرة قتال الفرنسيين، فتم اغتياله رحمه الله تعالى عند بئر انواكل شمال بوتلميت مساء الثلاثاء 18 أبريل 1905. وقد قتله أحمد ولد الديد ثأرا لوالده محمد فال بن سيدي بن محمد الحبيب فتولى الإمارة من بعده أحمد سالم بن إبراهيم السالم بن محمد الحبيب. وقد ترك أحمد سالم بن اعلي أبناءه: محمد الحبيب “احبيب” وأمه مريم (بترقيق الراء) بنت محمد بابه بن سيدي أحمد بن إبراهيم اخليل، وأخواه: اعلي والشيخ سعد بوه وأمهما: فاطمه بنت أحمدو بن سيدي اعلي البركنية. مراجع بعضها مذكور في هوامش سبقت وبعضها مأخوذ عن روايات شفهية. وانظر:

Léon Fabert, Voyage dans le pays des Trarzas, Bulletin de la Société de Géographie, Paris, 1992.

[3] – مولاي: هو مولاي بن احميادة بن محمد بن ابيبكر بن إبراهيم بن امحمد الازغم بن غفاف (جد الغوافيف) بن إبراهيم بن بوزيد (جد أهل بوزيد) بن آكشار بن بوعلبه (جد جميع العلب). كان مولاي من أبرز رجالات الترارزة في عصره وأكثرهم حكمة وشجاعة ورث الرئاسة عن آبائه. وقد خاض حروبا ضد قبائل الشمال وخاصة أولاد دليم وأولاد اللب. وهو الذي قتل عبد الله بن اعلي (الملقب اغموگْ) بن محمد بن اعلي بن أحمد(أيدّ) رئيس أولاد اللب ومات معه أحمد بن اعلي بن هيبه وبكار بن أحمد بن بكار ونجا الرسول بن اعثيمين وابنا أحمد بن اعلي بن هيبه وكانا صغيرين. وقد قتلهما بعد ذلك أولاد بالسباع. وقد مات مولاي بن احميادة سنة 1324هـ أي 1936 وصلى عليه الشيخ أحمدو بمبا الزعيم الروحي السنغالي الشهير. وزعم فريرجان أن مولاي مات مسموما عند الركيز وأن أخيارهم بن المختار بن سيدي السباعي وزير أمراء الترارزة الشهير هو من سمَّه. وقد ناوله شايا فيه سم فقضى عليه. ورواية الترارزة أن قائد الحامية العسكرية الفرنسي بسهوة الماء هو من وضع السم لمولاي بن احميادة فمات شهيدا. وقد تولى بعده ابنه أحمد سالم بن مولاي ثم ابنه محمدْ وهو رئيسهم اليوم. انظر: ابن حامد، بنو حسان ص 57-8.

[4] – التقوا بهذا الرسول عند لكويشيشي وهو بئر شمال شرقي نواكشوط وأخبرهم هذا الرسول أن المختار بن أحمد بن عيده أمير  آدرار يعلمهم أن أحمد بن سيدي أحمد ابن أخيه وأمير آدرار قبله قد توفي وأنه هو القائم بالأمر بعده وسيستمر في دعم العلاقات التي أقامها أحمد بن سيدي أحمد مع الفرنسيين. انظر: الشيخ سعد بوه بن الشيخ محمد فاضل: رسالة إلى حاكم الترارزة، منشورة ضمن:

Chroniques de la Mauritanie sénégalaise p 99.

[5] – اتويزكت: بئر بمنطقة إنشيري كان الشيخ سعد بوه رحمه الله ينزل به وما زالت توجد به آثار الدار التي بناها هناك.

[6] . الشيخ سعد بوه بن الشيخ محمد فاضل بن مامينا القلقمي: الشيخ الفاضل ذو التأثير الكبير في موريتانيا وخاصة منطقة الترارزة وفي السنغال وغينيا وغامبيا. وهو الابن الثلاثون للشيخ محمد فاضل وأخواله أولاد أبييري فأمه مريم بنت أحمد الولي من إدادهس. هاجر من مسقط رأسه بلاد الحوض برسم تربية القلوب وهداية الناس فجعل همه نفع العباد وإرشاد الامة وإصلاح ذات البين فظهرت على يديه كرامات عديدة وتطايرت من يديه إلى عباد الله المومنين أموال مديدة وصدر منها مشايخ في موريتانيا والسينغال وغينيا. حل بمنطقة الترارزة وهو في عنفوان شبابه في عهد سيدى بن محمد الحبيب أمير الترارزة (ت: 1288هـ) وكان بصحبته تلميذاه: محمد الأمين بن عيسى وإبراهيم بن عبد الله (صانع). وقد حاول بعض معاصريه في الترارزة مضايقته غير أنه ظهر ظهورا خارقا فأذعنت له الأعناق واستسلم له المعاندون. أقام أول أمره بمنطقة الزيرة في الجنوب الغربي لمنطقة الترارزة. ثم حل بالنمجاط حيث اقام هو وبنوه من بعده. وقد عاصر دخول الاستعمار لموريتانيا، وكان رأيه هو وبابه بن الشيخ سيديا أن تدخل فرنسا في موريتانيا رفعا للظلم والسلب والنهب الذي كان سائدا في موريتانيا. وحاول بنفوذه وتأثيره الواسع أن يفض كثيرا من النزاعات الدامية وأن يوظف علاقاته في أمن البلاد واستقرارها وتوفي 12 يوليو 1917م. هـ. أعقب الشيخ سعد بوه تسعة أبناء وعشر بنات وأبناؤه هم: سيدي بويا، ومحمد تقي الله المعروف بأتقانا، الحضرامي وسيداتي والشيخ الولي والشيخ المحفوظ ومحمد ماء العينين والشيخ الطالب بويا والشيخ محمد فاضل الملقب بوننا.

[7]  –  أولاد اللب: قبيلة من قبائل بني حسان تقطن منطقة إنشيري ورغم قلة عددها إلا أن صيتها وشوكتها وبسالة أبنائها أمر مشهود وتقع قبيلة أولاد اللب بين إمارتين قويتين هما إمارة الترارزة وإمارة آدرار ومع ذلك ظلت مستقلة عنهما وكثيرا ما دخلت معهما في صراعات دامية. وينقسم أولاد اللب إلى البطون التالية:

– أهل محمد بن الفظيل (ويضم هذا البطن فخذين وعدة أسر: أبناء بارك الله ويعرفون بأهل الشّيخ، وأبناء الفظيل ويعرفون بأبناء  الفظيل الصغير، وأبناء أحمد الملقب أيدَّ وهم: اعلي وهو جد أسرة أهل اعلي بن أحمد ومنه الأسر التالية: أهل اعلي وفيهم السيادة وقيادة القبيلة العامة، وأهل سيدي أحمد بن اعلي وأهل الشيخ وأهل اعثيمين، وأهل البندير. وأهل عثمان بن أحمد وهم: أهل اللب وأهل حمَّادَه وأهل الكوري وأهل محمد بن عثمان وفيهم الشياخة العامة. ومن أهل محمد بن الفظيل الأسر التالية: أهل سيدي بن أحمد ويعرفون بأهل اسويدات، وأهل أحمد بن اللب وأهل الرقاني وأهل المسيميه، وأهل المهدي).

– البهادلة: وهم ذرية بهدل بن اللب وينقسمون إلى ثلاثة ركائز هي: أهل شق أراكن وهم: أهل هيبة بن أعمر وأهل بارك الله بن اميليد (الفرج) بن أعمر وأهل محميدي. وأسر انقرضت وهي أهل بهدل وأهل البيظ وأهل مولود وأهل آفوشال. والركيزة الثانية أهل طينش وتضم: أهل أحمد مرحبَ وأهل الخوماني (ومنهم أهل بوعلَّه) وأهل بودخينه وأهل هيبه بن بكار بن طينش. والركيزة الثالثة يقال لهم: أهل المقيمظْ وقد سكنوا في العروسيين والقرع وبقي من ذريتهم في أولاد اللب أهل الصبار.

– أولاد سدوم: وهو أخو اللب ويتكونون من ركيزتين هما: أولاد أم اسعيد وامريميده. فمن أولاد اسعيد: أهل احمياده وأهل بَبْ وأهل اسغيَر. ومن امريميده: أهل السيدْ وأهل المومن ومنهم: أهل المامون وأهل القاظي وأهل بوهدَه وبعضهم يسكن في العروسيين، واهل الدرجه ويسكنون حاليا في العروسيين وأهل اعلي بن عثمان وقد انقرضوا كما انقرض أهل الحويفظ وأهل اميمو وأهل احريطينْ.

– أولاد داود: وينقسمون إلى قسمين: أهل كركور وأهل محمد الكوري. فمن أهل كركور: أهل أحمد بن هيبه وأهل الحبيب بن هينَه. ومن أهل محمد الكوري: أهل متان وأهل اعليوَه وقد  انقرضوا وأهل أعمر فال. وممن انقرض من أولاد داود: أهل اعلي بن اللب.-

– أولاد احميدَه: وينقسمون إلى أهل هدي واهل بكار فمن أهل هدي: اهل ابيْ هدي واهل بوقليده (منهم اهل دينه وأهل الفظيِّل)، ومن أهل بكار أهل خيري واهل بكار الكبير وأهل بكار الصغير.

– أهل محمد بن اعلي: ومنهم: أهل حيمدون وأهل اللبيْب وأهل سلام وقد انقرضوا كما انقرض منهم أهل آجويكاني وأهل البلال.

[8]  – تابرنكوت: بئر بإنشيري توجد بها محظرة أهل أشفغ الخطاط وبه كذلك معدن للمغرة (الحميرة).

[9]  – عبد الله فال: هو عبد الله ولد صمب نور من أعيان قرية انجاكو القريبة من سان لويس في زمنه، وقد ذهب معه رجل من إيدوعلي إلى آدرار، وسيقتل ولد صمب نور عند وصول الرفقة إلى أطار كما سيرد في التقرير. انظر: الشيخ  سعد بوه بن الشيخ محمد فاضل: رسالة إلى حاكم الترارزة، منشورة ضمن:

Chroniques de la Mauritanie sénégalaise p 99.

[10]  – انجاكو: قرية موريتانية على الحدود الموريتانية السنغالية قريبة من مدينة سان لويس السنغالية وبها مركز إداري في الوقت الراهن يتبع لمقاطعة كرمسين.

[11]  – سار الحضرامي بن الشيخ سعد بوه مع الرفقة من اتويزكت إلى تابرنكوت يؤمنهم من المهاجمين المحتملين. انظر:  الشيخ  سعد بوه بن الشيخ محمد فاضل: رسالة إلى حاكم الترارزة، منشورة ضمن:

Chroniques de la Mauritanie sénégalaise p 100.

[12] . أحمد بن المختار بن أحمد بن عَيْدَّة: كان الأمير الفعلي في حياة أبيه وكان أبوه المختار أميرا بالاسم فقط. وأحمد هذا هو الابن الأكبر من أبناء الأمير المختار بن أحمد بن عَيْدَّة، وللمختار ابن أصغر اسمه أحمد وفي ذريته الرئاسة. وقد ولد بعد مقتل أخيه فأعطي اسمه وفيه العقب والإمارة. إلا إن فترة تقدمه للسلطة ومباشرته لأمور آدرار في حياة أبيه عرفت انتفاضة أولاد غيلان واستقلالهم بأنفسهم ومعارضتهم لأبيه المختار مما حد من نفوذه وقلصه حتى أصبح حكمه وحكم أبيه لا يتجاوزان أولاد عمني و أولاد آكشار. ومعلوم أن أي أمير من أمراء آدرار لم يحصل على ولاء أولاد غيلان سيظل حكمه محدودا. وقد قتل أولاد بالسباع (وخاصة أولاد احميدة) صاحب الترجمة أحمد بن المختار هذا في حياة أبيه سنة 1903 أثناء وقعة الجريفية وكانت بعد وقعة المونك (موضع بآگنيتير). ويذكر فريرجان (Frèrejean) في كتابه عن موريتانيا أن أولاد بالسباع الحنقين على أولاد عمني بعد وقعة المونك (التي ماتت فيها عشرون من أولاد البگار كما رأينا) عرضوا على الإدراة الفرنسية في اندر بالسنغال التحالف معها لأخذ الثأر من أهل آدرار بعدما احتجزوا بعثة ابلانشيه عدة أشهر. وقد زود الفرنسيون أولاد بالسباع –حسب فريرجان (Frèrejean)- بمدافع “الوروار” (Fusils gras) وتعرف أيضا بمدافع 74 (Fusils 74)، فاغتالوا أحمد بن المختار المذكور ونهبوا آدرار. وقد تعجب المؤرخ والترجمان أحمد محمدُّ باه في دراسته المميزة عن إمارة آدرار وذات الفصول الثلاثة من كيفية حصول أولاد بالسباع على هذا السلاح مع أن فريرجان يصرح بأن الفرنسيين هم من زود أولاد بالسباع به. وقد احتفظوا بهذا السلاح المتميز وتفوقوا لأجله على غيرهم. وقد ظل المختار (الداه) بن أحمد بن عَيْدَّة والد صاحب الترجمة أميرا حتى سنة 1905 حين عزلته قبائل آدرار وجعلت مكانه سيدي أحمد بن أحمد بن سيدي أحمد الأمير المجاهد. وقد ظل أميرا حتى سنة هجرته 1932م فاغتاله الفرنسيون كما سنرى في تلك السنة. وقد تأمر بعد مقتله أحمد “الثاني” بن المختار وكانت فترة إمارته أطول فترة عرفتها إمارة آدرار حيث زادت على خمسين سنة إذ توفي سنة 1985م وكان نائبا في برلمان موريتانيا خلال حكم الرئيس المختار ولد داداه. انظر: بيير بونت: إمارة آدرار ص 92 وما بعدها. وانظر:

Commandant Frèrejean, Mauritanie 1903-1911, Karthala, p 68.

[13]  – كنوال: في النص الأصلي كاهان ونظنه كنوال لذلك أشرنا إلى ذلك بين القوسين، وكنوال واد من أودية آدرار يبعد عن مدينة أطار 7 كلم وبه نخل من أشهره نخيل أمراء آدرار المعروف بـ”أماسين أهل أحمد ولد عيدة”.

[14]  – محمد الأمين: هو محمد الأمين بن سيدي بن سيدي أحمد بن عثمان بن الفظيل من بيت إمارة آدرار وابن عم الأمير المختار بن أحمد بن عيدة، وسيأتي ذكر محمد الأمين في نهاية التقرير. كان حليفا لأولاد غيلان في عدائهم المستحكم للأمير أحمد بن سيدي أحمد ولعمه الأمير المختار بن عيدة، وقد بقي زمنا في تكانت مع الأمير بكار بن اسويد أحمد حيث يلتجئ غالبا معارضو إمارة آدرار، انظر:

Ahmadou Mahmadou Ba, l’Adrar mauritanien de 1872 / 1908 p 265

[15]  – أولاد غيلان: قبيلة من قبائل أولاد يحيى بن عثمان كانت لها مكانتها الأساسية في إمارة آدرار ومع أن الإمارة كانت في  بين عمومتهم أولاد عمني إلا أن ذلك لم يمنع من تأثيرهم القوي في تسييرها فتارة مع الأمير يناصرونه ويساندونه وتارة يعارضونه ويحاربونه. وتطلق أولاد غيلان على أربعة بطون هي: أولاد سله والطرش (وهم أولاد سلمون والمشاهير والشوامات والصيايده) ونغموشه (وهم العيايشه والسمامنه والهمامنه والملالكه والغرابه) والذهيرات.  وقد غلط صاحب التقرير في تفصيل بعض بطونهم وسنبين ذلك في الهوامش اللاحقة.

[16]  – خرج العريف غامبيتا ورجاله وهم يطلقون النار في كل اتجاه ويقتلون كل من رأوا دون تمييز ودون معرفة ما إذا كان  ممن هاجم أصحابهم. وقد استشهد ثمانية أشخاصهم وأغلبهم زوايا عزل وليس فيهم سوى مسلحين اثنين. انظر: الشيخ  سعد بوه بن الشيخ محمد فاضل: رسالة إلى حاكم الترارزة، منشورة ضمن:

Chroniques de la Mauritanie sénégalaise p 100.

[17]  – سيدي: هو سيدي بن بلال زعيم عبيد أهل عثمان وأحد وزراء الأمير وفي عبيد أهل عثمان قديما وزارة أمراء آدرار.

[18]  – هرب القناصة السنغاليون متخذين وجهة الجنوب سالكين طريق سان لويس وما إن وصلوا إلى الطويلة، وهي بئر شمال شرقي نواكشوط على بعد 800 كلم، حتى التقوا بقافلة من أهل شنقيط فقتلوا رجالها الثمانية ومن بينهم الشريف مولاي اعلي وانتهبوا مال القافلة.

[19]  – يشير ولد أبن المقداد إلى سفره الأول سنة 1892 إلى آدرار وسفره الثاني الذي كان سنة 1898 وكلاهما وقع في عهد  الأمير أحمد بن سيدي أحمد بن أحمد بن عيده. يقول المترجم أحمد محمدو با في مقال له مفيد عن تاريخ آدرار وذلك في نطاق حديثه عن ولد أبنو المقداد ما نصه: “کانت المهمات التي أتمها المترجم بو المقداد إلى آدرار سنتي 1892 و 1898 قد سمحت له بتطوير العلاقات مع الأمير أحمد بن سيدي أحمد في اتجاه مناسب لنا وهو ما شجع بعثة ابلانشيه على السفر لدراسة معادن الملح بإيجيل والثروات المحتمل وجودها بآدرار”

انظر :

Ahmedou Mahmedou Ba: Ahmed Ould Sidi Ahmed Emir de l’Adrar

(Renseignements coloniaux 1932) p 273.

[20]  – عبد الله بن عثمان: يعني عبد الله بن اعلي (الملقب اغمُوكَه) بن محمد بن اعلي بن أحمد (الملقب أيدة) بن محمد بن الفظيل بن اعلي بن اللب رئيس قبيلة أولاد اللب، وقد قتله العلب عام 19022.

[21]  – يذكر أن ولد أبنو المقداد لما عرض عليه الهرب أنشد قول الشاعر القديم:

لا يسلم ابن حرة سبيلــهْ حتى يموتَ أو يرى سبيلـــهْ

موضوع سبق ان نشرناه في النهار ونعيده اليوم للفائدة نقلا عن “مراسلون”

هذا هو الجزء الثاني و الأخير من رحلة ولد ابنو المقداد إلى آدرار عام 1900التي ترجمها الدكتور سيد احمد ولد احمد سالم ( ولد الأمير ) الباحث في مركز الجزيرة للدراسات و خص “مراسلون” بأول نشر لها
و كان يتحدث في الجزء الأول ـــــ مع أنه بالإمكان الرجوع إليه ــــــ عن الاحتكاكات التي لاقت بعثة ابلانشيه و توصلهم برسالة من الشيخ سعد بوه ثم يواصل :
وبعد قراءة الرسالة انقسمت الآراء قسمين: فشاطر بعضهم رأي الشيخ سعد بوه وخالف بعض آخر وطال النقاش دون الوصول إلى أي حل.
وفي تلك الأثناء وصل الشيخ سعد بوه نفسه الذي أمضي ثلاثة عشر يوما في مفاوضات حامية وفي الختام اتفق الطرفان(27).
وطيلة هذه المنافسة تقرر إخلاء سبيلنا بشرط أن يترك السيد ابلانشيه أسيرا حتى يروا ضرورة فك أسره.
وقد ذهبت بهم السذاجة إلى حد ربط إطلاق سراحنا معاوضة بالساموري(28) أولا وسيديا(29) زعيم والو السابق الذي تم تسفيره منذ 1875، زاعمين أن هذين الزنجيين مسلمان ولذلك تم احتجازهما في بلاد النصارى. وبعد مفاوضات مدوية ومناقشات عنيفة تم اتفاق الطرفين.
ولتسهيل عودتنا إلى سان لويس وإخماد اضطراب سكان البلد اتفق ابلانشيه والشيخ سعد بوه والمختار ولد عيدَّة من جهة والزوايا والمحاربين وأعيان أطار من جهة أخري على إعطاء الفرنسيين للدية. وقد تم عد اقتلي من الجانبين فوجد أن معارضينا زادت قتلاهم بسبعة رجال، وعلينا دفع 400 قطعة قماش من (النيلة) لكل قتيل(30).
وقد رضي ابلانشيه بهذه التسوية وطلب كتابتها وتوقيعها وفقا للسلطات التي خولها له موكلوه والتزم بدفع الديات بنفسه حتى وإن لم تدفعها الحكومة. وقد طلب من الشيخ سعد بوه أن يضمن عليه قضاء الامتيازات.
وقد وافق الشيخ سعد بوه على ذلك كما التزم بقضاءَ كل المال المنهوب من القافلة من طرف القناصة.
وفي المقابل سيطلق البيظان سراحنا ويمنحونا وسيلة نقل توصلنا. طلب البيظان توقيعي في نهاية الاتفاق إلى جانب توقيع ابلانشيه وقد رفضت ذلك رفضا باتا فليس هنالك ما يدعو إلى ذلك التوقيع ما دام رئيس البعثة قد وقع والشيخ سعد بوه أعطي ضماناته المكتوبة فهذا يكفيالدكتور سيد أحمد ولد أحمد سالم الباحث في مركز الجزيرة للدراسات ـــ مترجم النص و محققه.
ومع إلحاحهم أقسمت بالقرآن على أن التزامات ابْلانشَيه والشيخ سعد بوه سوف يوافق عليها في سان لويس(31). وعليه تم تسريحنا وفور ذلك بدأنا سراعا في إعداد العودة إلى سان الويس.
وقد شكرنا بحرارة لحماتنا ولأصدقائنا المختار ولد عيد والشيخ سعد بوه إذ لولاهما لأزهقت أرواحنا وبهما حصلنا على حريتنا يضاف إليهما الشيخ سيديا(32) الذي كتب للأمير والي زوايا أطار في شأننا وقد أثرت رسائله في نفوس أكثرهم تعنتا.
كما أن أحمد سالم(33) نفسه أرسل رسالة لم أرها إلا أن المختار ولد عيدَّة حدثني عنها وكان لها هي الأخرى وقع إيجابي.
وقد أراد ابلانشيه إصدار شهادة اعتراف بالجميل للمختار ولد عيدَّة إذ بفضله أبقِيَّ على حياتنا وكذلك معاونوه الذين ساعدونا. مما يعترف له بالجميل على السلوك الحسن الذي ظل عليه معنا طيلة المحنة.
فزوده بشهادة تثبت أن مهاجمتنا كانت خلال غيبته وبدون علمه وضد رغبته، وأن الهجوم قد توقف بأمره وفور وصوله.
كما تنازل له من جهة أخري، وكتابيا، عن كل ما يمكنه الحصول عليه من مال البعثة وممتلكاتها التي نهبت.
واسمحوا لي سيدي الوالي العام أن أعبر عن رأيي المتواضع حول هذه الاتفاقية التي أبرمها ابلانشيه والمتعلقة بدفع الديات.
ففي اعتقادي أن من مصلحة فرنسا تسديدَ هذا المبلغ فالمصادقة على هذه الاتفاقية لن يكون سوي تأكيد لنفوذنا في الصحراء وسيؤكد للبيظان أننا نَبَر أيماننا ونفي بعهد قطعناه على أنفسنا كما أنه سيقوي علاقتنا بالأمير وبشيوخ القبائل ذات الشوكة بآدرار وبالزوايا المؤثرين أيضا الذين قد يثيرهم الأمر أو يحبس رغبتهم.
وإذا لم تتم الموافقة على ما التزم به بلانشيه فإن صديقنا الوفي الشيخ سعد بوه سيجد نفسه مرغما على تسديد ما التزم به نيابة عنا وسيكون في ذلك عدم اعتراف بكرمه الفياض وتدخله ومباحثاته من أجل البعثة.
فقد قام رغم شيوخوخته -وعلي الفور- بسفر شاق في زمن حار وعبر مناطق متوترة وخلال طرق لا تخلو من لصوص، كل هذا من أجل إرجاع فرنسيين إلى أمتهم، فرنسيون مستعبدون بين أيدي شعوب همج جهلاء متزمتين بل ونصف متوحشين. إن الشيخ سعد بوه لم يأل جهدا في مقارعة زوايا متكبرين يحركهم حسده وقوة تأثيره وسعة صيته فتحملَ كل ذلك طيلة أيام عديدة واجه خلالها نقاشات عاصفة ومفاوضات شاقة وإهانات وسوء أدب، ذلك أنهم قد ذهبوا إلى حد القول بأنه يتواطؤ معنا من أجل تخريب بلادهم.
إننا سنفقد بعدم وفائنا له الصديقَ الوحيدَ الذي لعبت هيمنته ونفوذه دورهما في التأثير على نفوس سكان هذه الصحراء من أجل قضيتنا.
إن فرنسا بجودها العميم، تعرف جيدا قيمة الخدمات التي يقدمها أبناؤها الشجعان الذين خاطروا في أصقاع مجهولة يسكنها وحوش من أجل نصب أول تذكار لقوة فرنسا وحضارتها وهذه الخدمات يَستقل في حقهاَ كل جليل.
وفي حالة ما إذا تم تسديد هذا المبلغ فلن يجد سكان آدرار ذريعة للخوف منا وستصل قوافلهم إلى سان لويس كما كانت الحال، وفي اعتقادي أنهم سيرفضون أي تعامل معنا ما لم تنفذ وعود ابلانشيه والشيخ سعد بوه وسيجد منافسونا في المنطقة من أسبان ومغاربة، الذين لم يعقدوا بعد علاقة بالمنطقة فرصتهم لانتهاز الظروف وإقامة تلك العلاقات.
وهنا أختم هذا الجزء الخاص من التقرير بمهمة ابلانشيه وأؤكد لكم، سيدي الوالي العام، أن قواد هذه البعثة وأعضائها لم يفعلوا سوي ما أنيط بهم من مهام تجارية وشخصية، لقد التزموا بالنهج الذي رسمتموه وبالأوامر التي أعطيتموها ولم يحدث في أي يوم من الأيام أن كلفني ابلانشيه بأي ترجمة تلامس من قريب أو من بعيد السياسة التي نتبعها في الصحراء الغربية.
إنني لا أكيل الثناء هنا لابلانشيه ورفاقه بل أقول فقط إنهم وبفضل صبرهم العميق، وحذرهم الشديد وشجاعتهم وتصميمهم هم ثلاثتهم ابلانشيه وديزين وغَامبيتَا من استطاعوا تجاوز المحنة. وكل ما أقوله لا يكفي لتصوير حالهم أثناء مقامهم بآدرار حين كانوا عرضة للحوادث المؤسفةولد أبنو المقداد في ريعان شبابه ، ربما في الفترة التي كتب فيها هذا التقرير.
لقد شرفتموني سيدي الوالي بمهمة خاصة تعني المختار ولد عيدَّة وقد حدثتكم عنها. لقد أعطيته المبلغ الامتيازي والرسالة التي وجهتموها إليه.
إن هذا الرجل (المختار بن عيدَّة) ذو أخلاق حميدة وهو مستقيم ومخلص خلافا لكثير من أتباعه. لقد أظهر صداقته لنا عند أول لقاء معه وقد ظل على ذلك دوما. إن سلوكه الجيد خلال الأحداث وتأكيده لصداقتنا التي ظل يبديهاَ كل يوم في مباحثاته مع ابن أخيه محمد الأمين ومع أولاد غيلان والزوايا والأعيان المعادين لنا فهذا يدل دلالة لا مطعن فيها على إخلاصه.
وخلال أسرنا قدم على أطار أحد أبناء الشيخ ماء العينين(34)، ممثل السلطان المغربي(35) بالساقية الحمراء وقد طلب هذا الرجل تسليمنا له باسم السلطان وقد باءت محاولته بالفشل كما ذكرت لكم في رسالتي بتاريخ 21 / 08 الماضي.
أما احمد ولد المختار ولد عيدَّة، أمير آدرار في المستقبل(36)، فلديه مشاعر ودية عامرة اتجاهنا مثل أبيه وقد وقف إلى جانبه وساعده على تخليصنا من المحنة.
إن الوضع السياسي في آدرار ما زال على حاله فالاضطراب جراء الحروب المستعرة وخلا فات القبائل القاطنة هناك، وهي قبائل مستقلة في أغلبها عن الأمير وليست له عليها من سلطة.
عندما مات أحمد بن سيدي أحمد(37) قام عرب آدرار بإشهار السلاح والنهب والسلب وأخذ كلما تصله اليد وقد هددوا الزوايا بحرق نخيلهم إن لم يسلموهم أموال الأمير المتوفى والتي قد أودعهم إياها.
إلا أن أولاد عمني(38) – بيت الإمارة- ابتعدوا عن هذه الممارسات وقرروا تنصيب المختار وهو عم الأمير المتوفى. وقد رفض أولاد غيلان محركو الوضع بالعاصمة، رفضا باتا تنصيب المختار الذي أصبح شيخا ضعيفا.
ومهما كان المختار أسن الموجودين من بيت الإمارة فإن عدم ممارسته للسياسة يجعله غير صالح لهذه المهمة العظمي وقد اقترح أولاد غيلان أن يكون الأمير محمد بن سيدي بن عثمان الملتجئ عند إدوعيش.
رفض أولاد عمني هذا الاقتراح الملائم لمصالح أولاد غيلان فهذا الرجل المقترح قد صرح بعداوته لهم وقد توجهت منهم جماعة إلى المختار والتمسوا منه قبول اقتراحهم. رفض المختار الاقتراح أول الأمر معللا رفضه بشيخوخته وضعفه مما لا يسمح له بتحمل هذه المسؤوليات الجسام ولأنه يعرف جيدا سكان آدرار وسرعة تقلبهم فإن وعودهم لن تخدعه وعليه فليختاروا أميرا غيره وسيظل هو أحد الأشخاص العاديين.
إلا أنهم ألحوا عليه في الطلب وتتالت الوفود ببابه متمسكين به ومتعلقين بتنصيبه فقبل طلبهم ولكنه اشترط عليهم جملة من الشروط: أولها إرجاع جميع المال المنهوب إلى ذويه ثم القَسَم على الوقوف معه في جميع الظروف لأداء مهامه وكذلك مساعدته على القبض على كل من مارس النهب بعد موت ابن أخيه ،وهو نهب يأسف لوقوعه، كما يلتزم بإرجاع كل ما أخذه سلفه أحمد بن سيدي أحمد من أموال للسماسيد.
لقد تم الاتفاق على هذه الشروط العادلة كلها من طرف الأغلبية من مناصريه الكثيرين أما أولاد غيلان فقد رفضوا الشروط وهم أقلية.
تم تنصيب المختار ولد عيدَّة أميرا على آدرار فبادر إلى السعي إلى استتباب الأمن في المنطقة، إلا أن آدرار لن يعرف الهدوء المطلق إذ من المستحيل السيطرة على القبائل ذات الشوكة التي ترفع شعار الاستقلال أو تلك التي تعارض إمارته.
وعند مغادرتي لآدرار كانت الحرب مضطرمة بين كنتة(39) وأولاد بالسباع(40). إن هاتين القبيلتين وهما من أصل زاوي ما فتئتا في صراع(41) وكل منهما تسعي إلى التحالف مع أولاد غيلان وإيديشلي(42) وأولاد آكشار(43) وأولاد عمني ومشظوف(44): أي قبائل آدرار ذات الشوكة فعلا وكانتا كلتاهما تقدم أموالا لشيوخ القبائل المذكورة إلا أن هؤلاء الشيوخ لم يميلوا أبدا إلى أحد الطرفين عن الآخر.
غير أن كنتة استطاعوا أن يستميلوا أولاد اللب وهم الأعداء الألداء لأولاد بالسباع. ومما يخشى بالنسبة للمختار ولد عيدَّة أن يدخل بكار ولد اسويد(45) أحمد في الحرب الأهلية الدائرة بآدرار.
إن بكار يحتضن اللاجئ أحمد ولد سيدي ولد عثمان الذي يزعم أنه معارض المختار وله عليه تأثير بالغ كما أن على بكار الحفاظ على المصالح الجسيمة: الغفر والحرمة. وهي حقوق تؤخذ من زوايا البلد وقد ظلت من امتيازاته وقد تشكل سببا قويا يدفعه إلى الدخول في الصراع.
ولحسن حظ المختار ولد عيدَّة فإن ابنه أحمد، ولي عهده،شاب عادل وحازم ومحبب عند أهل الشوكة، كما أن نفوذه يتزايد باطراد. ويمكن أن نعتبر أحمد الآن الأمير الفعلي.
ونأمل أن يظل محببا خوفا أو انقيادا، وسوف يتولى السلطة التي قد منحت له سلفا وفي ظروف عديدة إلا أنه رفضها لوجود أبيه الذي يتقاسمها معه فعلا بل وبتولي أعظمها.

قبائل آدرار

إن القبائل التي تعيش بآدرار بدوية كانت أم حضرية هي:
أولاد عمني (بيت الإمارة) لها 250 بندقية ويرأسها الأمير.
أولاد آكشار ولديهم 150 بندقية ورئيسهم ولد معيوف(46).
أولاد غيلان وباستطاعتهم تجنيد 800 محارب وتنقسم هذه القبيلة إلى عدة بطون هي: نغموشه(47) ورئيسهم اخطيرة، أولاد سلمون ورئيسهم اعلي ولد محمد ولد الديك(48)، الذهيرات ورئيسهم اعلي ولد المالحة(49).
إلا أنه ليس لأحد من هؤلاء الرؤساء حق القيادة العامة إلا أنهم يتعايشون في وئام تام ويسيرون شؤونهم بصفة مشتركة.
أما إيديشلي فلديهم 700 محارب وينقسمون أيضا إلى بطون هي: الربه ورئيسهم ولد الصفره، معيوف الشيخ ولد ماغه. أولاد هنون. ورئيسهم بوشامه، أولاد انتاده ورئيسهم ولد حيمون، ولا يساوونهم وهم في إياله أولاد عمني.
أما مشطوف فلديهم 500 بندقية وينقسمون إلى بطنين لمبعجه ورئيسهم المتش؟ ومتات ورئيسهم ولد اعلي.
أما كنتة وكانوا أصلا منفصلين إلا أنهم الآن في إيالة المختار بن عيدَّة ولديهم 900 بندقية وينقسمون إلى ثلاثة بطون هي أهل سيدي حامد ورئيسهم محمد الأمين والمتعنبرين ورئيسهم ولد سيداتي وأهل الشيخ ورئيسهم عبد الله.
ولدى أولاد اللب 150 بندقية ورئيسهم عبد الله بن اعلي الذي ساعدني على الهرب. ومهما كانت هذه القبيلة قليلة العدد فإنها من أحد القبائل شوكة وأحيانا تتصل بالأمير وتارة تنفصل عنه.
أما العبيد ولبحيحات فهم قوة القصر، وللأولين 80 بندقية ورئيساهما سيدي ولد بلال وأحمد ولد طيفور. وتكون المجموعتان قوة واحدة تشمل قوة الدفاع الخاص بالأمير ولهما تأثير قوي عليه ومن صفوفهما يختار مستشاريه الخاصين.

هذه هي قبائل آدرار. أما تيرس فهي عبارة عن سهول واسعة تنمو بها المراعي الخصبة وهي منتجع للجميع ويسكنها أساسا أولاد بالسباع ولا يبغون بها بدلا، وهذه القبيلة القوية لديها 1200 بندقية وهي من قبائل الشوكة والتجارة. وبطونها: أولاد احميده ورئيسهم سيدي امبارك وادميسات ورئيسهم الأغطف، وأولاد البقار ورئيسهم سيدي ولد عبد الله وأولاد عزوز ورئيسهم اعلي ولد محمد المختار. إلا أنهم كلهم يقبلون زعامة سيدي ولد عبد الله. وهذه القبيلة ضاربة في البداوة وتذهب في انتجاعها حتى الساقية.
ولأولاد ادليم، وهم من قبائل الشوكة، 250 بندقية ومسكنهم بتيرس كذلك وهم بطنان: أولاد أعمر ورئيسهم أحمد باب ولكويدسات ورئيسهم أمين وللأخير علاقة بالأسبان الموجودين بوادي الذهب ويتقاضى منهم امتيازا بسيطاَ كل سنة مقابل التجارة المحدودة التي يتعاملون من خلالها مع قبيلته.
أما واد نون فمجال رحب يقع في الشمال الغربي من أفريقيا وتسكنه قبائل لم أجد خبرا يوثق به عن قوتها العسكرية، ومن مسمياتهم قبيلة تكنة، أهل تلك البلاد وبطونهم أربعة: آيت لحسن رئيسهم دحمان، وآيت موسى رئيسهم الناظم وآزوافيط رئيسهم سيدي عالي وآيت جمعة ورئيسهم مولاي أحمد.
وقد عين السلطان المغربي دحمان ولد بيروك من آيت لحسن قائدا فهو الحاكم العام لواد نون.
ومنذ ثلاث أو أربع سنوات، وإثر سوء تفاهم معه تم تعيين قائد آخر أصله من حاحا (جنوب المغرب) وقد جعله السلطان على الخط الفاصل بين واد نون وجنوب المغرب. وقد وجد دحمان نفوذه يتقلص لأخذ ولد ناجم وهو أحد ذويه جزءا من الأرض وقد عينَ مؤخرا قائدا فصار معارضا خطيرا.
ويشيع أن دحمان أصبح يفكر في التفاوض مع قوة أوروبية يود أن يستند إليها إن أمكن ذلك.
ومن المؤمل أن وفاة الوزير ولد با أحمد أخيرا قد أزاحت ندا عنيدا لدحمان وعليه قد يستعيد نفوذه السابق في القصر العلوي وبالتالي هيمنته على وادنون.
بقي أن أذكر قبيلتين منفصلتين عن وادي نون إلا أنهما تنتجعانه أحيانا أو ترودان أودية الساقية الحمراء أحيانا أخري وتزرعان بها وهما العروسيون ويكوت، رئيس الأولي ولد دحماد ورئيس الثانية ولد يوسف.
إن جميع هذه القبائل متزمتون وحروبهم مستمرة ولشدة تزمتهم لا يمكن أن نستفيد منهم فدعاية قوادهم الزوايا تذهب إلى أننا لم نأت إلا لاحتلالهم بل أكثر من ذلك جئنا للقضاء عليهم.
فقط يمكن اعتبار كنتة وأولاد بالسباع وأولاد اللب قبائل ذات حكمة قد يمكننا إبرام علاقات معهم فالأولي والثانية قبيلتا تجارة وخيول والثالثة قريبة منا مكانيا فهي ترود بين منطقة الترارزه ومنطقة آدرار ترصدا للقوافل.
وإذا ما استطعنا كسب هؤلاء فإن مسافرينا المتفردين قد يتمكنون من التنقل بحرية دون تخوف ودون الحاجة إلى خفير.
لقد طلبتم مني سيدي الوالي العام معلومات حول الوضع الراهن للشيخ ماء العينيَــن وحول نواياه تجاه الحكومة المغربية وتجاهنا نحن وأن استعلم لكم عن الزوايا الذين قد نحتاج إلى التركيز عليهم أو جذبهم إلى صفنا.
يمكن أن أؤكد لكم أن الشيخ ماء العينين يحظى بتقدير كبير من لدن الحكومة المغربية فهو ممثلها وقد أنهي بناء السماره مقره حيث أبنية فخمة شيدت لاستقبال الجيوش التي أرسلها السلطان بطلب من الشيخ. لقد زار مراكش أخيرا في دعوة من السلطان ليحضر تعيين الوزير الجديد الذي عين محل الوزير المتوفى.
لقد تحسنت نواياه تجاهنا على الأقل خلال محنة ابلانشيه إذ لم يظهر أي فعل ضدنا بل لزم الحياد التام. هل لأنه كان مسافرا نحو المغرب ولم تسمح له الظروف بالاهتمام بنا؟ قد يكون ذلك. إلا أن رسائله التي أرسل للشيخ سعد بوه بعد اتفاقهما قد أرسلت إلينا ومضمونها أنه لم يعد يكِنُّ لنا ما كان يضمر سابقا. وقد أعطاني الشيخ سعد بوه الرسالة التي وصلته من أخيه وستجدونها مع هذا التقرير.
أما بالنسبة للزوايا الذين قد نعتمد عليهم فأتشرف بأن أذكر بداية الشيخ سعد بوه فصداقته وإخلاصه كشمس الظهيرة، ففضائل هذا الرجل تتجلي في الذكاء والحكمة وقد عاملنا بكل صراحة وأريحية وهي أمور لا تحتاج إلى بيان.
ثم بعده مباشرة يأتي الشيخ محمد فاضل(50) الذي كان عدونا أصلا إلا أن موقفه تغير وأحسبه صديقنا بالماضي أو قريبا من ذلك. فقبل قدوم بعثة ابلانشيه كتب إلى المختار بن عيدَّة يرجوه أن لا يتخذ منها موقفا عدائيا كموقف زوايا أطار وأن عليه عدم الأخذ بآرائهم في هذا الصدد. وعند مقدم الشيخ سعد بوه كتب إليه رسالة سلمت لي وستجدونها مع التقرير.
إن ما سنستفيده من تقربنا من الشيخ محمد فاضل سيكون عظيما: إنه زاو ذو تأثير كبير بآدرار وهم جميعهم تلاميذه وهو يُعنَي بشؤون البلد السياسية ولا تضمد جراح الحروب إلا بوساطاته ومن المؤسف أنه لا يذهب إلى سان لويس، وعلينا أن ندعوه وعلي كل حال فمن المستحب أن نكَونَ معه علاقة بواسطة الشيخ سعد بوه وهو أمر يسهل وصولنا هنالك بسرعة.
والآن وقد ذكرت كل من أظهر صداقتنا وبالتالي يمكننا أن نعتمد عليه فمن واجبي، سيدي الوالي العام، أن أسمي معارضينا المستميتين في مكافحتنا يوم كنا بآدرار. لقد كان جهلهم وتطرفهم وسوء نيتهم سببا في الفواجع التي ذكرت لكم.
هنالك جميع السماسيد سكان آدرار وإدوعلي سكان شنقيط وهم قبيلة من الزوايا والتجار وكثيرا ما حلوا بسان لويس ولا يمكنهم الاستغناء عنه حيث يعرضون بضائعهم ومنه يستجلبون تجارتهم. ورئيساهم ولد اعبيدي ومحمد ولد حبت وهم معروفون بتصلبهم الجشع وبفظاظتهم شأنهم في ذلك شأن أعيان السماسيد مثل سيدي أحمد بن عبد الرحمن وأخوه محمد السجاد وقد أقسموا أن يذهبوا هذه السنة إلى البلاط المغربي ويطلبون من السلطان احتلال آدرار وإرسال جيوش تحت إمرة قائد يعينه.
ومن المؤكد أن المختار ولد عيدَّة إذا لم يتمكن من إحكام السيطرة واحتواء هؤلاء الممانعين فإن تهديدهم هذا سيكون مصدر خوف. إن جميع محاولاتنا لإحكام السيطرة على هذه الأصقاع باءت بالفشل.
ثم إنه وخلال مقامي بآدرار لم أسمع بدخولنا في الصحراء واحتلال عين صالح من طرف لاَمي نظرا لانعدام وسائل الاتصال بل نظرا لقلة المسافرين في هذا الاتجاه.
وعند ذهابنا سمعت أن الجيش المغربي أرسل إلى ناحية فكيك لمراقبة الحدود حتى لا يتسرب الفرنسيون بداخلها.
هذه هي سيدي الوالي العام المعلومات التي استطعت الحصول عليها ومهما كنت سجينا ومجروحا فإنني آسف كثيرا على عدم القيام بما هو أكثر وأجدى.
ولكن تأكدوا سيدي الوالي العام أنه وفقا لتعليماتكم فلم أبخل بأي شيء، على الرغم من ضآلة جهودي لكي أؤكد وأثبت في كل مكان أن رغبتنا هي العيش في سلام ومحبة مع قبائل البيظان.
ولم يبق سيدي الوالي العام إلا أن أحدثكم عن الوضع التجاري والفلاحي لآدرار.
لقد كانت التجارة هذه السنة ضعيفة نظرا إلى كون القوافل التي تذهب إلى ولاته وتيشيت تذهب بالرقيق وتستورد الذهب والفستق السوداني لم تذهب لسببين:
لقد قطعت الطرق الرابطة بين هذه المدن وآدرار نظرا لوجود عصابات من أولاد الناصر الذين هم في حالة حرب مع مشظوف الحوض.
ثم إن اختطاف الساموري الذي كان يسهل النخاسة في هذه المناطق قد أجحف بهذه المضاربات إلى حد أن أهل آدرار لم يستطيعوا القيام بأي عمل في هذا المجال. لقد تذمروا كثيرا من هذه الحال وكلما سألتهم عن استعلامات تجارية يردون بأنه منذ أن قام رئيس النصارى بالقبض على المامي الساموري فإنه يمتنع عن بيع الرقيق في السودان.
ثم إن بيع الملح الذي يحمل عادة إلى السودان بكميات مهمة كان ضعيفا هذه السنة فكنتة وهم المسيطرون على بيعه مشغولون هذه السنة بالحرب التي يساندونها ويساهمون فيها مما هي الحال في السنة الماضية .
ونفس الشيء بالنسبة لسكان واد نون الذي يستجلبون القمح والذرة والشعير لآدرار وكذلك الفراش المغربي … الخ. فإنهم لم يعودوا آمنين نظرا لانقطاع الطرق جراء تعرض أولاد ادليم، فلم يأت من الشمال سوي عدد قليل من الناس يزعمون أنهم تلاميذ الشيخ ماء العينين وذلك ما يحميهم عادة من شر ذوي الشوكة.
لم يبق إذن من الأبواب المفتوحة سوي باب سان لويس، إلا أن التجار لم يستطيعوا الإفادة منه وخاصة قماش النيلة والأقمشة القطنية والسكر والأرز والرصاص والبنادق المشتراة من سان لويس، إذ لم يمكن بيعها بربح في آدرار نظرا لقلة المشترين.
أما الفلاحة فلم تكن أكثر ازدهارا هي الأخرى ما عدا غلات التمور التي اقتطفت هذه السنة في شهر يوليو وبكثرة أما غلات القمح والشعير والذرة التي يزرعها السكان، فلم تكن كمياتها الضئيلة تسد الحاجة المحلية. لقد كانت الأمطار نادرة وقد عم الجفاف وبدأت أسراب الجراد تظهر وتقضي على النبات.
إن هذه الأصقاع ذات الأراضي القاحلة والتي كثيرا ما تتعرض لهزات وتحطيم نظرا للحروب المستعرة بين القبائل، والتي يقودها أمير لا تعترف به جميعا، بل يرفضه البعض. كما أن التجارة بهذه الأصقاع مشلولة وبحاجة -علي ذلك الأساس- إلى هدوء وأمن حتى تزدهر. فلا بد من جعلها تحت وصاية صارمة تعمل الخير وتمتاز بالسخاء مثل تلك التي يزدهر في ظلها سينغالنا الجميل.

وكلي احترام وخضوع سيدي الوالي العام
خادمكم المطيع والمتذلل
توقيع: محمد بن ابن المقداد
الصفحة الأخيرة من تقرير ولد أبنو المقداد بخط يده
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
27 – بسط الشيخ سعد بوه حججه في ضرورة إطلاق سراح الرهائن الفرنسيين الثلاثة وولد أبن المقداد في رسالة له بعنوان: “رسالة إلى حاكم الترارزة”وقد أحلنا عليها في الهوامش السابقة. وتتلخص حجج الشيخ سعد بوه في نقطتين: أولا كون فرنسا قوة عظمى مهيمنة ومن الأولى مهادنتها حقنا لدماء المسلمين وإبقاء على أموالهم وأعراضهم خاصة وأن قتل ثلاثة أشخاص لن يلحق أذى يذكر بهذه الدولة. إلا أن مفاوضي الشيخ سعد بوه من أهل أطار لم يقتنعوا بهذه الحجة ورأوا فيها لينا وتقربا من الفرنسيين. فعرض الشيخ حجته الثانية وهي حجة شرعية تقوم على أن هؤلاء الرهائن دخلوا آدرار بأمان من أمير البلاد ولا يجوز شرعا نقض الأمان خاصة إذا كانت السلطة هي التي أبرمته. وقد استصوب أهل أطار الحجة إلا أنهم طالبوا بقتل الفرنسيين قصاصا وثأرا لمن قتل ظلما من رفقة شنقيط. وعندها طلب ابلانشيه الصلح ودفع الدية فتراضى الجميع بتأطير من الشيخ سعد بوه. انظر: الشيخ سعد بوه بن الشيخ محمد فاضل: رسالة إلى حاكم الترارزة، منشورة ضمن:
Chroniques de la Mauritanie sénégalaise p 100.
28 – هو المامي الساموري أمير واسولو (منطقة بأعالى نهري النيجر والسنغال وتمتد لتشمل أجزاء من غينيا وسيراليون وليبيريا) كان مجاهدا للوجود الفرنسي عرف ببطولته وشجاعته وقوة عقيدته. تسمى بأمير المؤمنين. قاتل الفرنسيين ست عشرة سنة أذاقهم خلالها الهزائم المتكررة وكانت علاقاته جيدة بالموريتانيين. أسره الفرنسيون يوم 22 سبتمبر 1898 وقد تم نقله إلى الكونغو حيث مات هنالك رحمة الله عليه. انظر:
Paul Cafferal, Le Sénégal et le Soudan francais p 200.
29 – يعني سيديا ديوب وهو أحد أمراء منطقة شمامه بالسنغال وابن خالة الأمير اعلي بن محمد الحبيب أمير الترارزة. قاد سيديا ثورة عصيان مسلح ضد الوجود الفرنسي بالسنغال وخاصة منطقة شمامه وكان ذلك في نوفمبر 1869 ، وقد اعتقل سيديا في ظروف غامضة ونقل إلى الغابون حيث توفي هنالك. انظر:
Boubacar Barry, Le royaume du Walo P 29.
30 – يذكر الشيخ سعد بوه في رسالته المذكورة سابقا أن قيمة الديات التي دفعها الفرنسيون لأهل آدرار ألفان وثمانمائة (فرنك) ويشير ولد أبن المقداد إلى أن مقدار الدية أربعمائة بيصة (قطعة قماش)، مما يعني أن سعر قطعة القماش (البيصة) يومها يساوي فرنكا واحدا. وأضاف الشيخ سعد بوه أن أهل آدرار التزموا بدفع دية عبد الله بن صمب نور وكانت 400 فرنك أي 59 قطعة من النيلَه.
31 – يشير الشيخ سعد بوه في رسالته المذكورة في الهوامش السابقة أن المال دفع إليه عندما زار سان ولويس بعد انتهاء قضية البعثة.
32 – الشيخ سيديا: المقصود به بابه بن الشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيديا الأبييري وهو العالم الذي بلغ درجة الاجتهاد والسني الذي أخمد البدعة والسياسي الذي ملأ الدنيا وشغل الناس. ولد بابه بن الشيخ سيديا في حياة جده الشيخ سيديا وعليه سمي. وكان بيته بيت السيادة والجاه والصيت الذائع في موريتانيا. حارب التقليد ودعا إلى اتباع السنة المحمدية وفتح باب الاجتهاد فألف كتابه المشهور إرشاد المقلدين عند اختلاف المجتهدين، وحذر من التأويل والتمثيل في العقيدة. وكان مثالا للجد والعمل والعقلانية والدعوة إلى التعلم. ويعتبر من أبرز فقهاء موريتانيا ممن لهم نظرية إصلاحية شاملة. وقد قاد تيارا قويا من العلماء والوجهاء وأرباب السياسة لما رأى تغلب المستعمر الفرنسي على أفريقيا الغربية وعلى بلدان المغرب العربي فدعا إلى مهادنتهم خاصة أن موريتانيا كانت تعيش تلك الآونة فوضى وسلبا ونهبا وغياب سلطة سياسية قادرة على بسط الأمن وإشاعة العدل. وقد أصدر بابه بن الشيخ سيديا فتوى مشهورة أكد فيها أن سيطرة المخالف في الدين والدخول في طاعته أولى للمسلمين لأن المدار في السياسة الشرعية منصبٌّ على المصلحة، فكلما كان الأمر أصلح المسلمين وأرفق بهم كان مطلوبا شرعا. ولبابه بن الشيخ سيديا مؤلفات تعكس اطلاعا واسعا وعمقا في الفهم وشمولية في النظرة. ومن بين تآليفه: شرح عقيدة أبي الحسن الأشعري وشرح عقيدة السلف ورسالة في التوحيد وتفسير آيات المعية وإرشاد المقلدين عند اختلاف المجتهدين (مطبوع) ورسالة في الحديث الموقوف ورسالة في الفرق بين القرآن والحديث القدسي والرباني والنبوي ورسالة في عدم جواز العادات السائدة في الأعراس بموريتانيا وأجوبة تتعلق بأحكام الرضاعة ورسالة في نبوية أحاديث تسوية الصفوف ورسالة في حكم وصل المرأة شعرها وأخرى في أهل الصفة ورسالة في جواز دفع القيمة في الزكاة وفتوى في الصلاة وما يقال فيها وفتوى في ما يقال في الصباح والمساء وأدعية الأكل والشرب وكتاب القبض والرفع في الصلاة ورسالة في حرف الضاد وكتاب في أنساب البيضان (إمارتا إدوعيش ومشظوف نشر بتحقيق إزيد بيه بن محمد محمود) وفتاوى عديدة ذات طابع سياسي وديوان شعر غزير. انظر: سيدي أحمد بن أحمد سالم وإبراهيم بن إسماعيل بن الشيخ سيديا: أعلام موريتانيا الجزء الأول ص 34.
33 – أي أحمد سالم بن اعلي بن محمد الحبيب الذي سبق التعريف به في البداية.
34 – لم نعرف أي أبناء الشيخ ماء العينين قدم إلى آدرار زمن وجود البعثة الفرنسية في أطار وإن كان ابنه الشيخ حسنَّا سيصبح مبعوثه في تلك المنطقة خلال فترة مقاومة الاستعمار. والشيخ ماء العينين بن الشيخ محمد فاضل: هو الشيخ الجليل العالم المؤلف المجاهد الذائع الصيت. ولد في الحوض شرقي موريتانيا يوم الثلاثاء 27 شعبان 1246هـ، أخذ عن والده القرآن والعلوم الشرعية واللغوية كما تصدر عليه في التصوف. ترك زاوية أبيه برسم الحج يوم 18 جمادى الأولى 1274هـ وله 28 سنة. استقر بالساقية الحمراء حيث بنى مدينة السمارة وقد ترك الشيخ ماء العينين تآليف كثيرة. انظر: سيدي أحمد بن أحمد سالم: تاريخ أهل الشيخ ماء العينين ومنطقة آدرار ص 5 وما بعدها.
35 – السلطان المعني هنا هو السلطان عبد العزيز بن الحسن الأول ملك المغرب يومها.
36 – لم يتأمر أحمد هذا بل مات في حياة أبيه وإن كان أخوه وسميه أحمد سيتأمر بعد ذلك بفترة.
37 – أحمد بن سيدي أحمد: هو أحمد بن سيدي أحمد بن أحمد بن عَيْدَّة، ثامن أمراء آدرار من أبناء عثمان بن لفظيل. وقد ربته أمه عزيزة بنت البرناوي بن سيدي أحمد بن الفظيل العمنية بعد مقتل أبيه سيدي أحمد سنة 1862هـ. وكانت عزيزة كما يقال امرأة عاقلة محنكة. وكان أحمدْ جميل المحيا ذكيا فارسا. وقد عارض ابن عمه أحمد بن امحمد زمنا فسكن في محصري الترارزة، وفي محصر البراكنة وهم أخوال أبيه سيدي أحمد حيث إن أمه بنت أحمدُّ بن سيدي اعلي بن المختار بن آغريشي. وقد تولى أحمد بن سيدي أحمد الإمارة بعد مقتل ابن عمه أحمد بن امحمد وكان عمره 38 سنة وقد استخلفه الأمير المقتول وهو في لحظاته الأخيرة وأوصاه بالأخذ بثأره، فشمر للحرب ضد إدوعيش وخاض معهم أياما سجالا. منها يوم آرزاك سنة 1308هـ أي 1890م، ويوم الطرْطَيْگه في نفس السنة، ويوم حمدون (واد سگليل) في سنة 1309هـ أي 1891م على إدوعيش ويوم فَرْع الكتان سنة 1310هـ أي 1892م على أولاد يحيى بن عثمان وغير ذلك من الأيام. وقد ظل أحمد بن سيدي أميرا حتى سقوط داره عليه سنة 1316هـ أي 1898م. انظر ابن حامد: جزء الأيام الحربية ص 26 وكذلك التاريخ السياسي ص 1460148. وانظر كذلك:
Ahmadou Mahmadou Ba, L’Emirat de l’Adrar Mauritanien de 1872 à 1908, 2° partie l’Emir de la guerre, Bulletin de la Société de Géographie et d’Archéologie, Oran, juin, 1932.
38 – أولاد عمني: فيهم بيت إمارة آدرار كان أصلا في أهل حمو ثم انتقل إلى أهل سيدي أحمد بن عثمان الذي ينحدر منهم أهل أحمد بن عيدة.
39 – من قبائل موريتانيا المشهورة يذهب المؤرحون إلى أنها من ذرية هقبة بن نافع الفهري فاتح أفريقية، ولكنتة امتداد في جميع موريتانيا بل وفي الجزائر والمغرب وبعض الدول الأفريقية مثل مالي والسنغال. وستطرق ولد أبنو المقداد إلى بطون قبيلة كنتة الموجودين في آدرار.
40 – أولاد بالسباع: قبيلة تنتهي بطونهم إلى عامر الهامل الملقب بالسباع وهو دفين جبل أضاض بسوس بجنوب المغرب ويذكر أنه كان عابدا صالحا وليا ذا كرامات مشهورة وهو من أهل القرن الثامن الهجري ويرفع النسابون نسبه إلى إدريس الأصغر. وتوجد قبيلة أولاد بالسباع في فضاء يبدأ من مراكش حتى مدينة اللوغا بالسنغال مرورا بالسوس والصحراء الغربية وإينشيري والترارزة. وأولاد بالسباع هم أول من ملك من قبائل البيضان في نهاية القرن التاسع عشر البنادق المعروفة عند البيضان “بالورْوارْ” ويعتبر لها امتلاكهم في ذلك الحين تطور نوعي بالنسبة للتسلح الفردي عند القبائل البيضانية. فقد مكنهم امتلاك الوروار من التغلب على سائر القبائل البيضانية التي كان تسليحها الفردي رديئا ومقصورا على نوعية قديمة من البنادق تعرف محليا “بالكشامات” وهي أسلحة نارية ذات طلقة واحدة تعبأ بدقيق الرصاص (البارود) وتوضع قطعتي قطن أو قماش صغيرتين عند طرفي دقيق الرصاص. أما الوروار فيعبأ بالأعيرة وتتميز “جعبة” بندقية الوروار بخطوط داخلية يطلق عليها البيضان “لوكشْ” ويقابلها بالفرنسية (Rayures). وبفضل علاقات أولاد بالسباع التجارية مع الفرنسيين وغيرهم استطاعوا تطوير السلاح الفردي لديهم وهو أمر لم يفعله سواهم. وتذكر بعض الروايات أن محمد الأمين بن النزيه السباعي من أولاد البگار هو أول من جاء بهذا النوع من السلاح. وقد جعل منهم امتلاك هذا السلاح قوة عسكرية مع مطلع القرن العشرين استطاعت أن تلعب أدوارا عسكرية وتجارية هامة. وللتوسع في أخبار أولاد بالسباع وبطونهم تمكن العودة إلى: عبد الله بن عبد المعطي السباعي في كتابه عن شرف أولاد بالسباع، وكذلك: المختار السوسي، المعسول ج 15 ص 265، وابن حامد، جزء أولاد بالسباع والرگيبات وتاگنانت ص 1. وانظر:
Commandant Frèrejean, Mauritanie 1903-1911, Karthala, p 68..
41 – يعني حرب كنتة وأولاد بالسباع التي اندلعت في نهاية القرن التاسع عشر بمنطقة آدرار وتيرس وسببها أن الشيخ سيدي امحمد الصغير بن الشيخ سيدي محمد الخليفة بن الشيخ سيدي المختار الكنتي قدم آدرار سنة 1280هـ – 1863م. واتصل بمحمد بن احمد بن عيدة المطالب بإمارة أبيه حينها فطار صيت الشيخ الكنتي وعظم جاهه وأطاعه أهل آدرار إلا أولاد أبي السباع فأوقع بينهم عند الخشيب سنة 1281هـ/1864م فمات منهم أربعون ثم أوقع بهم عند قليبات الفهود فمات منهم عدد فيهم امبارك بن المخيطير بن الخنوس الدميسي وفي سنة 1282هـ/ 1865م حشدوا له فقتلوه وابنه ونهبوا محلته وهو يوم مشهور في آدرار عرف باسم “يوم قور اقنيفيده”. وقد تألب أولاد ابي السباع وأولاد اللب وأولاد ادليم وتكنة وبعض الرقيبات علي شيعة الكنتي من أهل آدرار فأوقعوا بهم عند تنواكه وهو يوم علب الرقاد علي قبائل آدرار فانهزموا وتفرقوا وهو عام الذريره. ولما سقطت الدار على الأمير أحمد بن سيد أحمد سابت بلاد آدرار فأوقع أولاد أبي السباع بكنتة يوم ترين سنة 1317هـ/ 1889م، وكانت وقعة ترين أشهرا قلائل قبل مجيء ولد أبنو المقداد هذا إلى آدرار، وقد مات يوم ترين سيدي أحمد بن بابا بن عابدين رئيس كنتة آدرار في عدد منهم ونهبت أموالهم. ومات من أولاد أبي السباع عشرة فيهم محمد بن المخيطير بن الخنوسي الدميسي وأحمد بابا وسيدي امبارك ابنا الخرشي العزوزيان والغاظي بن امبارك ابن احمد فال وابن عمه امبارك بن عبد الله من أولاد احميده وعبد الجليل بن دياه من أهل سيدي عبد الله. وفي سنة 1318هـ أي 1900 وقع يوم تنكافوف وفيه اغتالت كنتة اعلي بن المختار السباعي من أهل سيدي السيد ومعه ابن أخيه سيدي أحمد بن امحمد بن محمد المختار. انظر المختار بن حامد جزء الحياة الحربية من موسوعة حياة موريتانيا ص 18.
42 – إيديشلي: إحدى قبائل آدرار المشهورة والتي لها مكانة هامة في تاريخ الإمارة.
43 – أولاد آكشار: إحدى مجموعات أولاد يحيى بن عثمان وهم بنو عمومة أولاد عمني وأولاد غيلان ويقال لهم مجتمعين مع أولاد عمني خاصة أولاد الجعفرية.
44 – مشظوف: الواقع أن قبيلة أكثرية قبيلة مشظوف موجود في منطقة الحوض الشرقي وإمارتهم هنالك، وتوجد منهم مجموعة بآدرار تعرف بمشظوف الساحل أو مشظوف آدرار وقد لعبوا أدوارا هامة في تاريخ منظقة آدرار.
45 – بكار ولد اسويد أحمد: بكار بن اسويد احمد: من أكبر أمراء تكانت بعد الأمير محمد بن امحمد شين وهو أطول أمراء إدوعيش مدة فقد عاش أميرا 56 سنة من عام 1256هـ أي 1849م حتى مقتله عند رأس الفيل بتفلة عام 1321هـ أي 1905م. عرف منذ صباه بتوقد القريحة والفروسية والتحمس إلى الحرب فكان لا يلهو مع الصبيان إلا بالألعاب التي تميل إلى الحياة الحربية من ركوب الخيل والرمي عليها. وظل زعيم إدوعيش وأبرز امراء موريتانيا رغم شيخوخته حتى دخل المستعمر الفرنسي فهب بكار الذي بلغ من الكبر عتيا مناهضا للاحتلال ومقاتلا الفرنسيين . وكان كثير الصدقة عطوفا على الضعفاء ويروى عنه قوله: “لم تنته الصدقة حتى أذلتني” يعني أنها تطيل العمر وأن طول العمر أدى به إلى هذه الحالة السيئة.
46 – أولاد آكشار يطلق عليهم هم وأولاد أولاد عمني أولاد الجعفرية ورغم قلتهم فإن بأسهم وبسالتهم في الحروب أمر مشهور وبيت رئاستهم في أهل المعيوف.
47 – نغموشة: بطن من بطون أولاد غيلان ينتسبون إلى عمر بن غيلان وتنقسم نغموشة إلى عدة أفخاذ هي الحياينة ورئاستهم في أهل تكدي والعيايشة ومن أبرز أسرهم أهل امحمد بن النباري والهمامنة ومن أبرزهم أهل بودربالة والسمامنة ومنهم أهل هنون وأهل بولمساك والملالكة ومنهم أهل ميناط.
48 – هذا غير صحيح لأن رئاسة أولاد سلمون في أهل مكية أما أهل الديك فهم رؤساء الصيايدة مع أن الجميع أبناء عمومة، فأولاد سلمون فخذ من أفخاذ الطرش من أولاد غيلان والصيايدة فخذ منهم أيضا وقد خلط صاحب التقرير بين الفخذين.
49 – الذهيرات: إخوة نغموشة فهم بنو عمر بن غيلان ورئاستهم في أهل المالحة.
50 – الشيخ محمد فاضل: المقصود هو الشيخ محمد فاضل بن محمد بن اعبيدي القلقمي وهو الشيخ الفاضل والصوفي المربي ذو الكرامات الباهرة وذو التأثير القوي في آدرار. ولد بمنطقة كوش بالحوض سنة 1823م وقد درس بشنقيط وأقام بآدرار وخاصة بالجريف. وله علاقات خاصة بأولاد غيلان وأولاد بالسباع فقد كثرت تلامذته من هاتين القبيلتين. اتخذ الشيخ محمد فاضل بن محمد بن اعبيدي آدرار مستقرا له في منتصف القرن التاسع عشر. وعارض بنفوذه القوي محاولات الفرنسيين اختراق آدرار بواسطة البعثات الاستكشافية وخاصة بعثة بلانشيه التي تمت في صيف سنة 1900. وقد شكل هذا الشيخ صمام أمان لآدرار في فترة كانت تلك المناطق تعيش أزمات حادة وحروب دامية، إذ كثيرا ما فض الخصومات وأصلح بين المتنافسين وكان محل تقدير ورضى الجميع. وتوفي رحمه الله يوم 7 ربيع الثاني 1318هـ أي 3 يوليو 1900م.

 

للاطلاع علي الجزء الثاني

رحلة ولد ابن المقداد الاستكشافية إلى آدرار 1900(الجزء الثاني)

صدقة جارية