أخبار عاجلة
الرئيسية / آخر الأخبار / رحلة ولد ابن المقداد الاستكشافية إلى آدرار 1900(الجزء الثاني)

رحلة ولد ابن المقداد الاستكشافية إلى آدرار 1900(الجزء الثاني)

هذا هو الجزء الثاني و الأخير من رحلة ولد ابنو المقداد إلى آدرار عام 1900التي ترجمها الدكتور سيد احمد ولد احمد سالم ( ولد الأمير ) الباحث في مركز الجزيرة للدراسات و خص “مراسلون” بأول نشر لها

و كان يتحدث في الجزء الأول ـــــ مع أنه بالإمكان الرجوع إليه  ــــــ عن الاحتكاكات التي لاقت بعثة ابلانشيه و توصلهم  برسالة من الشيخ سعد بوه ثم يواصل :

(( وبعد قراءة الرسالة انقسمت الآراء قسمين: فشاطر بعضهم رأي الشيخ سعد بوه وخالف بعض آخر وطال النقاش دون الوصول إلى أي حل.

وفي تلك الأثناء وصل الشيخ سعد بوه نفسه الذي أمضي ثلاثة عشر يوما في مفاوضات حامية وفي الختام اتفق الطرفان(27).

وطيلة هذه المنافسة تقرر إخلاء سبيلنا بشرط أن يترك السيد ابلانشيه أسيرا حتى يروا ضرورة فك أسره.

وقد ذهبت بهم السذاجة إلى حد ربط إطلاق سراحنا معاوضة بالساموري(28) أولا وسيديا(29) زعيم والو السابق الذي تم تسفيره منذ 1875، زاعمين أن هذين الزنجيين مسلمان ولذلك تم احتجازهما في بلاد النصارى. وبعد مفاوضات مدوية ومناقشات عنيفة تم اتفاق الطرفين.

ولتسهيل عودتنا إلى سان لويس وإخماد اضطراب سكان البلد اتفق ابلانشيه والشيخ سعد بوه والمختار ولد عيدَّة من جهة والزوايا والمحاربين وأعيان أطار من جهة أخري على إعطاء الفرنسيين للدية. وقد تم عد اقتلي من الجانبين فوجد أن معارضينا زادت قتلاهم بسبعة رجال، وعلينا دفع 400 قطعة قماش من (النيلة) لكل قتيل(30).

وقد رضي ابلانشيه بهذه التسوية وطلب كتابتها وتوقيعها وفقا للسلطات التي خولها له موكلوه والتزم بدفع الديات بنفسه حتى وإن لم تدفعها الحكومة. وقد طلب من الشيخ سعد بوه أن يضمن عليه قضاء الامتيازات.

وقد وافق الشيخ سعد بوه على ذلك كما التزم بقضاءَ كل المال المنهوب من القافلة من طرف القناصة.

وفي المقابل سيطلق البيظان سراحنا ويمنحونا وسيلة نقل توصلنا. طلب البيظان توقيعي في نهاية الاتفاق إلى جانب توقيع ابلانشيه وقد رفضت ذلك رفضا باتا فليس هنالك ما يدعو إلى ذلك التوقيع ما دام رئيس البعثة قد وقع والشيخ سعد بوه أعطي ضماناته المكتوبة فهذا يكفي ومع إلحاحهم أقسمت بالقرآن على أن التزامات ابْلانشَيه والشيخ سعد بوه سوف يوافق عليها في سان لويس(31). وعليه تم تسريحنا وفور ذلك بدأنا سراعا في إعداد العودة إلى سان الويس.

وقد شكرنا بحرارة لحماتنا ولأصدقائنا المختار ولد عيد والشيخ سعد بوه إذ لولاهما لأزهقت أرواحنا وبهما حصلنا على حريتنا يضاف إليهما الشيخ سيديا(32) الذي كتب للأمير والي زوايا أطار في شأننا وقد أثرت رسائله في نفوس أكثرهم تعنتا.

كما أن أحمد سالم(33) نفسه أرسل رسالة لم أرها إلا أن المختار ولد عيدَّة حدثني عنها وكان لها هي الأخرى وقع إيجابي.

وقد أراد ابلانشيه إصدار شهادة اعتراف بالجميل للمختار ولد عيدَّة إذ بفضله أبقِيَّ على حياتنا وكذلك معاونوه الذين ساعدونا. مما يعترف له بالجميل على السلوك الحسن الذي ظل عليه معنا طيلة المحنة.

فزوده بشهادة تثبت أن مهاجمتنا كانت خلال غيبته وبدون علمه وضد رغبته، وأن الهجوم قد توقف بأمره وفور وصوله.

كما تنازل له من جهة أخري، وكتابيا، عن كل ما يمكنه الحصول عليه من مال البعثة وممتلكاتها التي نهبت.

واسمحوا لي سيدي الوالي العام أن أعبر عن رأيي المتواضع حول هذه الاتفاقية التي أبرمها ابلانشيه والمتعلقة بدفع الديات.

ففي اعتقادي أن من مصلحة فرنسا تسديدَ هذا المبلغ فالمصادقة على هذه الاتفاقية لن يكون سوي تأكيد لنفوذنا في الصحراء وسيؤكد للبيظان أننا نَبَر أيماننا ونفي بعهد قطعناه على أنفسنا كما أنه سيقوي علاقتنا بالأمير وبشيوخ القبائل ذات الشوكة بآدرار وبالزوايا المؤثرين أيضا الذين قد يثيرهم الأمر أو يحبس رغبتهم.

وإذا لم تتم الموافقة على ما التزم به بلانشيه فإن صديقنا الوفي الشيخ سعد بوه سيجد نفسه مرغما على تسديد ما التزم به نيابة عنا وسيكون في ذلك عدم اعتراف بكرمه الفياض وتدخله ومباحثاته من أجل البعثة.

فقد قام رغم شيوخوخته -وعلي الفور- بسفر شاق في زمن حار وعبر مناطق متوترة وخلال طرق لا تخلو من لصوص، كل هذا من أجل إرجاع فرنسيين إلى أمتهم، فرنسيون مستعبدون بين أيدي شعوب همج جهلاء متزمتين بل ونصف متوحشين. إن الشيخ سعد بوه لم يأل جهدا في مقارعة زوايا متكبرين يحركهم حسده وقوة تأثيره وسعة صيته فتحملَ كل ذلك طيلة أيام عديدة واجه خلالها نقاشات عاصفة ومفاوضات شاقة وإهانات وسوء أدب، ذلك أنهم قد ذهبوا إلى حد القول بأنه يتواطؤ معنا من أجل تخريب بلادهم.

إننا سنفقد بعدم وفائنا له الصديقَ الوحيدَ الذي لعبت هيمنته ونفوذه دورهما في التأثير على نفوس سكان هذه الصحراء من أجل قضيتنا.

إن فرنسا بجودها العميم، تعرف جيدا قيمة الخدمات التي يقدمها أبناؤها الشجعان الذين خاطروا في أصقاع مجهولة يسكنها وحوش من أجل نصب أول تذكار لقوة فرنسا وحضارتها وهذه الخدمات يَستقل في حقهاَ كل جليل.

وفي حالة ما إذا تم تسديد هذا المبلغ فلن يجد سكان آدرار ذريعة للخوف منا وستصل قوافلهم إلى سان لويس كما كانت الحال، وفي اعتقادي أنهم سيرفضون أي تعامل معنا ما لم تنفذ وعود ابلانشيه والشيخ سعد بوه وسيجد منافسونا في المنطقة من أسبان ومغاربة، الذين لم يعقدوا بعد علاقة بالمنطقة فرصتهم لانتهاز الظروف وإقامة تلك العلاقات.

وهنا أختم هذا الجزء الخاص من التقرير بمهمة ابلانشيه وأؤكد لكم، سيدي الوالي العام، أن قواد هذه البعثة وأعضائها لم يفعلوا سوي ما أنيط بهم من مهام تجارية وشخصية، لقد التزموا بالنهج الذي رسمتموه وبالأوامر التي أعطيتموها ولم يحدث في أي يوم من الأيام أن كلفني ابلانشيه بأي ترجمة تلامس من قريب أو من بعيد السياسة التي نتبعها في الصحراء الغربية.

إنني لا أكيل الثناء هنا لابلانشيه ورفاقه بل أقول فقط إنهم وبفضل صبرهم العميق، وحذرهم الشديد وشجاعتهم وتصميمهم هم ثلاثتهم ابلانشيه وديزين وغَامبيتَا من استطاعوا تجاوز المحنة. وكل ما أقوله لا يكفي لتصوير حالهم أثناء مقامهم بآدرار حين كانوا عرضة للحوادث المؤسفة

.

لقد شرفتموني سيدي الوالي بمهمة خاصة تعني المختار ولد عيدَّة وقد حدثتكم عنها. لقد أعطيته المبلغ الامتيازي والرسالة التي وجهتموها إليه.

إن هذا الرجل (المختار بن عيدَّة) ذو أخلاق حميدة وهو مستقيم ومخلص خلافا لكثير من أتباعه. لقد أظهر صداقته لنا عند أول لقاء معه وقد ظل على ذلك دوما. إن سلوكه الجيد خلال الأحداث وتأكيده لصداقتنا التي ظل يبديهاَ كل يوم في مباحثاته مع ابن أخيه محمد الأمين ومع أولاد غيلان والزوايا والأعيان المعادين لنا فهذا يدل دلالة لا مطعن فيها على إخلاصه.

وخلال أسرنا قدم على أطار أحد أبناء الشيخ ماء العينين(34)، ممثل السلطان المغربي(35) بالساقية الحمراء وقد طلب هذا الرجل تسليمنا له باسم السلطان وقد باءت محاولته بالفشل كما ذكرت لكم في رسالتي بتاريخ 21 / 08 الماضي.

أما احمد ولد المختار ولد عيدَّة، أمير آدرار في المستقبل(36)، فلديه مشاعر ودية عامرة اتجاهنا مثل أبيه وقد وقف إلى جانبه وساعده على تخليصنا من المحنة.

إن الوضع السياسي في آدرار ما زال على حاله فالاضطراب جراء الحروب المستعرة وخلا فات القبائل القاطنة هناك، وهي قبائل مستقلة في أغلبها عن الأمير وليست له عليها من سلطة.

عندما مات أحمد بن سيدي أحمد(37) قام عرب آدرار بإشهار السلاح والنهب والسلب وأخذ كلما تصله اليد وقد هددوا الزوايا بحرق نخيلهم إن لم يسلموهم أموال الأمير المتوفى والتي قد أودعهم إياها.

إلا أن أولاد عمني(38) – بيت الإمارة- ابتعدوا عن هذه الممارسات وقرروا تنصيب المختار وهو عم الأمير المتوفى. وقد رفض أولاد غيلان محركو الوضع بالعاصمة، رفضا باتا تنصيب المختار الذي أصبح شيخا ضعيفا.

ومهما كان المختار أسن الموجودين من بيت الإمارة فإن عدم ممارسته للسياسة يجعله غير صالح لهذه المهمة العظمي وقد اقترح أولاد غيلان أن يكون الأمير محمد بن سيدي بن عثمان الملتجئ عند إدوعيش.

رفض أولاد عمني هذا الاقتراح الملائم لمصالح أولاد غيلان فهذا الرجل المقترح قد صرح بعداوته لهم وقد توجهت منهم جماعة إلى المختار والتمسوا منه قبول اقتراحهم. رفض المختار الاقتراح أول الأمر معللا رفضه بشيخوخته وضعفه مما لا يسمح له بتحمل هذه المسؤوليات الجسام ولأنه يعرف جيدا سكان آدرار وسرعة تقلبهم فإن وعودهم لن تخدعه وعليه فليختاروا أميرا غيره وسيظل هو أحد الأشخاص العاديين.

إلا أنهم ألحوا عليه في الطلب وتتالت الوفود ببابه متمسكين به ومتعلقين بتنصيبه فقبل طلبهم ولكنه اشترط عليهم جملة من الشروط: أولها إرجاع جميع المال المنهوب إلى ذويه ثم القَسَم على الوقوف معه في جميع الظروف لأداء مهامه وكذلك مساعدته على القبض على كل من مارس النهب بعد موت ابن أخيه ،وهو نهب يأسف لوقوعه، كما يلتزم بإرجاع كل ما أخذه سلفه أحمد بن سيدي أحمد من أموال للسماسيد.

لقد تم الاتفاق على هذه الشروط العادلة كلها من طرف الأغلبية من مناصريه الكثيرين أما أولاد غيلان فقد رفضوا الشروط وهم أقلية.

تم تنصيب المختار ولد عيدَّة أميرا على آدرار فبادر إلى السعي إلى استتباب الأمن في المنطقة، إلا أن آدرار لن يعرف الهدوء المطلق إذ من المستحيل السيطرة على القبائل ذات الشوكة التي ترفع شعار الاستقلال أو تلك التي تعارض إمارته.

وعند مغادرتي لآدرار كانت الحرب مضطرمة بين كنتة(39) وأولاد بالسباع(40). إن هاتين القبيلتين وهما من أصل زاوي ما فتئتا في صراع(41) وكل منهما تسعي إلى التحالف مع أولاد غيلان وإيديشلي(42) وأولاد آكشار(43) وأولاد عمني ومشظوف(44): أي قبائل آدرار ذات الشوكة فعلا وكانتا كلتاهما تقدم أموالا لشيوخ القبائل المذكورة إلا أن هؤلاء الشيوخ لم يميلوا أبدا إلى أحد الطرفين عن الآخر.

غير أن كنتة استطاعوا أن يستميلوا أولاد اللب وهم الأعداء الألداء لأولاد بالسباع. ومما يخشى بالنسبة للمختار ولد عيدَّة أن يدخل بكار ولد اسويد(45) أحمد في الحرب الأهلية الدائرة بآدرار.

إن بكار يحتضن اللاجئ أحمد ولد سيدي ولد عثمان الذي يزعم أنه معارض المختار وله عليه تأثير بالغ كما أن على بكار الحفاظ على المصالح الجسيمة: الغفر والحرمة. وهي حقوق تؤخذ من زوايا البلد وقد ظلت من امتيازاته وقد تشكل سببا قويا يدفعه إلى الدخول في الصراع.

ولحسن حظ المختار ولد عيدَّة فإن ابنه أحمد، ولي عهده،شاب عادل وحازم ومحبب عند أهل الشوكة، كما أن نفوذه يتزايد باطراد. ويمكن أن نعتبر أحمد الآن الأمير الفعلي.

ونأمل أن يظل محببا خوفا أو انقيادا، وسوف يتولى السلطة التي قد منحت له سلفا وفي ظروف عديدة إلا أنه رفضها لوجود أبيه الذي يتقاسمها معه فعلا بل وبتولي أعظمها.

قبائل آدرار

إن القبائل التي تعيش بآدرار بدوية كانت أم حضرية هي:

 أولاد عمني (بيت الإمارة) لها 250 بندقية ويرأسها الأمير.

 أولاد آكشار ولديهم 150 بندقية ورئيسهم ولد معيوف(46).

 أولاد غيلان وباستطاعتهم تجنيد 800 محارب وتنقسم هذه القبيلة إلى عدة بطون هي: نغموشه(47) ورئيسهم اخطيرة، أولاد سلمون ورئيسهم اعلي ولد محمد ولد الديك(48)، الذهيرات ورئيسهم اعلي ولد المالحة(49).

إلا أنه ليس لأحد من هؤلاء الرؤساء حق القيادة العامة إلا أنهم يتعايشون في وئام تام ويسيرون شؤونهم بصفة مشتركة.

أما إيديشلي فلديهم 700 محارب وينقسمون أيضا إلى بطون هي: الربه ورئيسهم ولد الصفره، معيوف الشيخ ولد ماغه. أولاد هنون. ورئيسهم بوشامه، أولاد انتاده ورئيسهم ولد حيمون، ولا يساوونهم وهم في إياله أولاد عمني.

أما مشطوف فلديهم 500 بندقية وينقسمون إلى بطنين لمبعجه ورئيسهم المتش؟ ومتات ورئيسهم ولد اعلي.

أما كنتة وكانوا أصلا منفصلين إلا أنهم الآن في إيالة المختار بن عيدَّة ولديهم 900 بندقية وينقسمون إلى ثلاثة بطون هي أهل سيدي حامد ورئيسهم محمد الأمين والمتعنبرين ورئيسهم ولد سيداتي وأهل الشيخ ورئيسهم عبد الله.

ولدى أولاد اللب 150 بندقية ورئيسهم عبد الله بن اعلي الذي ساعدني على الهرب. ومهما كانت هذه القبيلة قليلة العدد فإنها من أحد القبائل شوكة وأحيانا تتصل بالأمير وتارة تنفصل عنه.

أما العبيد ولبحيحات فهم قوة القصر، وللأولين 80 بندقية ورئيساهما سيدي ولد بلال وأحمد ولد طيفور. وتكون المجموعتان قوة واحدة تشمل قوة الدفاع الخاص بالأمير ولهما تأثير قوي عليه ومن صفوفهما يختار مستشاريه الخاصين.

هذه هي قبائل آدرار. أما تيرس فهي عبارة عن سهول واسعة تنمو بها المراعي الخصبة وهي منتجع للجميع ويسكنها أساسا أولاد بالسباع ولا يبغون بها بدلا، وهذه القبيلة القوية لديها 1200 بندقية وهي من قبائل الشوكة والتجارة. وبطونها: أولاد احميده ورئيسهم سيدي امبارك وادميسات ورئيسهم الأغطف، وأولاد البقار ورئيسهم سيدي ولد عبد الله وأولاد عزوز ورئيسهم اعلي ولد محمد المختار. إلا أنهم كلهم يقبلون زعامة سيدي ولد عبد الله. وهذه القبيلة ضاربة في البداوة وتذهب في انتجاعها حتى الساقية.

ولأولاد ادليم، وهم من قبائل الشوكة، 250 بندقية ومسكنهم بتيرس كذلك وهم بطنان: أولاد أعمر ورئيسهم أحمد باب ولكويدسات ورئيسهم أمين وللأخير علاقة بالأسبان الموجودين بوادي الذهب ويتقاضى منهم امتيازا بسيطاَ كل سنة مقابل التجارة المحدودة التي يتعاملون من خلالها مع قبيلته.

أما واد نون فمجال رحب يقع في الشمال الغربي من أفريقيا وتسكنه قبائل لم أجد خبرا يوثق به عن قوتها العسكرية، ومن مسمياتهم قبيلة تكنة، أهل تلك البلاد وبطونهم أربعة: آيت لحسن رئيسهم دحمان، وآيت موسى رئيسهم الناظم وآزوافيط رئيسهم سيدي عالي وآيت جمعة ورئيسهم مولاي أحمد.

وقد عين السلطان المغربي دحمان ولد بيروك من آيت لحسن قائدا فهو الحاكم العام لواد نون.

ومنذ ثلاث أو أربع سنوات، وإثر سوء تفاهم معه تم تعيين قائد آخر أصله من حاحا (جنوب المغرب) وقد جعله السلطان على الخط الفاصل بين واد نون وجنوب المغرب. وقد وجد دحمان نفوذه يتقلص لأخذ ولد ناجم وهو أحد ذويه جزءا من الأرض وقد عينَ مؤخرا قائدا فصار معارضا خطيرا.

ويشيع أن دحمان أصبح يفكر في التفاوض مع قوة أوروبية يود أن يستند إليها إن أمكن ذلك.

ومن المؤمل أن وفاة الوزير ولد با أحمد أخيرا قد أزاحت ندا عنيدا لدحمان وعليه قد يستعيد نفوذه السابق في القصر العلوي وبالتالي هيمنته على وادنون.

بقي أن أذكر قبيلتين منفصلتين عن وادي نون إلا أنهما تنتجعانه أحيانا أو ترودان أودية الساقية الحمراء أحيانا أخري وتزرعان بها وهما العروسيون ويكوت، رئيس الأولي ولد دحماد ورئيس الثانية ولد يوسف.

إن جميع هذه القبائل متزمتون وحروبهم مستمرة ولشدة تزمتهم لا يمكن أن نستفيد منهم فدعاية قوادهم الزوايا تذهب إلى أننا لم نأت إلا لاحتلالهم بل أكثر من ذلك جئنا للقضاء عليهم.

فقط يمكن اعتبار كنتة وأولاد بالسباع وأولاد اللب قبائل ذات حكمة قد يمكننا إبرام علاقات معهم فالأولي والثانية قبيلتا تجارة وخيول والثالثة قريبة منا مكانيا فهي ترود بين منطقة الترارزه ومنطقة آدرار ترصدا للقوافل.

وإذا ما استطعنا كسب هؤلاء فإن مسافرينا المتفردين قد يتمكنون من التنقل بحرية دون تخوف ودون الحاجة إلى خفير.

لقد طلبتم مني سيدي الوالي العام معلومات حول الوضع الراهن للشيخ ماء العينيَــن وحول نواياه تجاه الحكومة المغربية وتجاهنا نحن وأن استعلم لكم عن الزوايا الذين قد نحتاج إلى التركيز عليهم أو جذبهم إلى صفنا.

يمكن أن أؤكد لكم أن الشيخ ماء العينين يحظى بتقدير كبير من لدن الحكومة المغربية فهو ممثلها وقد أنهي بناء السماره مقره حيث أبنية فخمة شيدت لاستقبال الجيوش التي أرسلها السلطان بطلب من الشيخ. لقد زار مراكش أخيرا في دعوة من السلطان ليحضر تعيين الوزير الجديد الذي عين محل الوزير المتوفى.

لقد تحسنت نواياه تجاهنا على الأقل خلال محنة ابلانشيه إذ لم يظهر أي فعل ضدنا بل لزم الحياد التام. هل لأنه كان مسافرا نحو المغرب ولم تسمح له الظروف بالاهتمام بنا؟ قد يكون ذلك. إلا أن رسائله التي أرسل للشيخ سعد بوه بعد اتفاقهما قد أرسلت إلينا ومضمونها أنه لم يعد يكِنُّ لنا ما كان يضمر سابقا. وقد أعطاني الشيخ سعد بوه الرسالة التي وصلته من أخيه وستجدونها مع هذا التقرير.

أما بالنسبة للزوايا الذين قد نعتمد عليهم فأتشرف بأن أذكر بداية الشيخ سعد بوه فصداقته وإخلاصه كشمس الظهيرة، ففضائل هذا الرجل تتجلي في الذكاء والحكمة وقد عاملنا بكل صراحة وأريحية وهي أمور لا تحتاج إلى بيان.

ثم بعده مباشرة يأتي الشيخ محمد فاضل(50) الذي كان عدونا أصلا إلا أن موقفه تغير وأحسبه صديقنا بالماضي أو قريبا من ذلك. فقبل قدوم بعثة ابلانشيه كتب إلى المختار بن عيدَّة يرجوه أن لا يتخذ منها موقفا عدائيا كموقف زوايا أطار وأن عليه عدم الأخذ بآرائهم في هذا الصدد. وعند مقدم الشيخ سعد بوه كتب إليه رسالة سلمت لي وستجدونها مع التقرير.

إن ما سنستفيده من تقربنا من الشيخ محمد فاضل سيكون عظيما: إنه زاو ذو تأثير كبير بآدرار وهم جميعهم تلاميذه وهو يُعنَي بشؤون البلد السياسية ولا تضمد جراح الحروب إلا بوساطاته ومن المؤسف أنه لا يذهب إلى سان لويس، وعلينا أن ندعوه وعلي كل حال فمن المستحب أن نكَونَ معه علاقة بواسطة الشيخ سعد بوه وهو أمر يسهل وصولنا هنالك بسرعة.

والآن وقد ذكرت كل من أظهر صداقتنا وبالتالي يمكننا أن نعتمد عليه فمن واجبي، سيدي الوالي العام، أن أسمي معارضينا المستميتين في مكافحتنا يوم كنا بآدرار. لقد كان جهلهم وتطرفهم وسوء نيتهم سببا في الفواجع التي ذكرت لكم.

هنالك جميع السماسيد سكان آدرار وإدوعلي سكان شنقيط وهم قبيلة من الزوايا والتجار وكثيرا ما حلوا بسان لويس ولا يمكنهم الاستغناء عنه حيث يعرضون بضائعهم ومنه يستجلبون تجارتهم. ورئيساهم ولد اعبيدي ومحمد ولد حبت وهم معروفون بتصلبهم الجشع وبفظاظتهم شأنهم في ذلك شأن أعيان السماسيد مثل سيدي أحمد بن عبد الرحمن وأخوه محمد السجاد وقد أقسموا أن يذهبوا هذه السنة إلى البلاط المغربي ويطلبون من السلطان احتلال آدرار وإرسال جيوش تحت إمرة قائد يعينه.

ومن المؤكد أن المختار ولد عيدَّة إذا لم يتمكن من إحكام السيطرة واحتواء هؤلاء الممانعين فإن تهديدهم هذا سيكون مصدر خوف. إن جميع محاولاتنا لإحكام السيطرة على هذه الأصقاع باءت بالفشل.

ثم إنه وخلال مقامي بآدرار لم أسمع بدخولنا في الصحراء واحتلال عين صالح من طرف لاَمي نظرا لانعدام وسائل الاتصال بل نظرا لقلة المسافرين في هذا الاتجاه.

وعند ذهابنا سمعت أن الجيش المغربي أرسل إلى ناحية فكيك لمراقبة الحدود حتى لا يتسرب الفرنسيون بداخلها.

هذه هي سيدي الوالي العام المعلومات التي استطعت الحصول عليها ومهما كنت سجينا ومجروحا فإنني آسف كثيرا على عدم القيام بما هو أكثر وأجدى.

ولكن تأكدوا سيدي الوالي العام أنه وفقا لتعليماتكم فلم أبخل بأي شيء، على الرغم من ضآلة جهودي لكي أؤكد وأثبت في كل مكان أن رغبتنا هي العيش في سلام ومحبة مع قبائل البيظان.

ولم يبق سيدي الوالي العام إلا أن أحدثكم عن الوضع التجاري والفلاحي لآدرار.

لقد كانت التجارة هذه السنة ضعيفة نظرا إلى كون القوافل التي تذهب إلى ولاته وتيشيت تذهب بالرقيق وتستورد الذهب والفستق السوداني لم تذهب لسببين:

لقد قطعت الطرق الرابطة بين هذه المدن وآدرار نظرا لوجود عصابات من أولاد الناصر الذين هم في حالة حرب مع مشظوف الحوض.

ثم إن اختطاف الساموري الذي كان يسهل النخاسة في هذه المناطق قد أجحف بهذه المضاربات إلى حد أن أهل آدرار لم يستطيعوا القيام بأي عمل في هذا المجال. لقد تذمروا كثيرا من هذه الحال وكلما سألتهم عن استعلامات تجارية يردون بأنه منذ أن قام رئيس النصارى بالقبض على المامي الساموري فإنه يمتنع عن بيع الرقيق في السودان.

ثم إن بيع الملح الذي يحمل عادة إلى السودان بكميات مهمة كان ضعيفا هذه السنة فكنتة وهم المسيطرون على بيعه مشغولون هذه السنة بالحرب التي يساندونها ويساهمون فيها مما هي الحال في السنة الماضية .

ونفس الشيء بالنسبة لسكان واد نون الذي يستجلبون القمح والذرة والشعير لآدرار وكذلك الفراش المغربي … الخ. فإنهم لم يعودوا آمنين نظرا لانقطاع الطرق جراء تعرض أولاد ادليم، فلم يأت من الشمال سوي عدد قليل من الناس يزعمون أنهم تلاميذ الشيخ ماء العينين وذلك ما يحميهم عادة من شر ذوي الشوكة.

لم يبق إذن من الأبواب المفتوحة سوي باب سان لويس، إلا أن التجار لم يستطيعوا الإفادة منه وخاصة قماش النيلة والأقمشة القطنية والسكر والأرز والرصاص والبنادق المشتراة من سان لويس، إذ لم يمكن بيعها بربح في آدرار نظرا لقلة المشترين.

أما الفلاحة فلم تكن أكثر ازدهارا هي الأخرى ما عدا غلات التمور التي اقتطفت هذه السنة في شهر يوليو وبكثرة أما غلات القمح والشعير والذرة التي يزرعها السكان، فلم تكن كمياتها الضئيلة تسد الحاجة المحلية. لقد كانت الأمطار نادرة وقد عم الجفاف وبدأت أسراب الجراد تظهر وتقضي على النبات.

إن هذه الأصقاع ذات الأراضي القاحلة والتي كثيرا ما تتعرض لهزات وتحطيم نظرا للحروب المستعرة بين القبائل، والتي يقودها أمير لا تعترف به جميعا، بل يرفضه البعض. كما أن التجارة بهذه الأصقاع مشلولة وبحاجة -علي ذلك الأساس- إلى هدوء وأمن حتى تزدهر. فلا بد من جعلها تحت وصاية صارمة تعمل الخير وتمتاز بالسخاء مثل تلك التي يزدهر في ظلها سينغالنا الجميل.

وكلي احترام وخضوع سيدي الوالي العام

خادمكم المطيع والمتذلل

توقيع: محمد بن ابن المقداد

 

27 – بسط الشيخ سعد بوه حججه في ضرورة إطلاق سراح الرهائن الفرنسيين الثلاثة وولد أبن المقداد في رسالة له بعنوان: “رسالة إلى حاكم الترارزة”وقد أحلنا عليها في الهوامش السابقة. وتتلخص حجج الشيخ سعد بوه في نقطتين: أولا كون فرنسا قوة عظمى مهيمنة ومن الأولى مهادنتها حقنا لدماء المسلمين وإبقاء على أموالهم وأعراضهم خاصة وأن قتل ثلاثة أشخاص لن يلحق أذى يذكر بهذه الدولة. إلا أن مفاوضي الشيخ سعد بوه من أهل أطار لم يقتنعوا بهذه الحجة ورأوا فيها لينا وتقربا من الفرنسيين. فعرض الشيخ حجته الثانية وهي حجة شرعية تقوم على أن هؤلاء الرهائن دخلوا آدرار بأمان من أمير البلاد ولا يجوز شرعا نقض الأمان خاصة إذا كانت السلطة هي التي أبرمته. وقد استصوب أهل أطار الحجة إلا أنهم طالبوا بقتل الفرنسيين قصاصا وثأرا لمن قتل ظلما من رفقة شنقيط. وعندها طلب ابلانشيه الصلح ودفع الدية فتراضى الجميع بتأطير من الشيخ سعد بوه. انظر: الشيخ  سعد بوه بن الشيخ محمد فاضل: رسالة إلى حاكم الترارزة، منشورة ضمن:

                   Chroniques de la Mauritanie sénégalaise p 100.

28 – هو المامي الساموري أمير واسولو (منطقة بأعالى نهري النيجر والسنغال وتمتد لتشمل أجزاء من غينيا وسيراليون وليبيريا) كان مجاهدا للوجود الفرنسي عرف ببطولته وشجاعته وقوة عقيدته. تسمى بأمير المؤمنين. قاتل الفرنسيين ست عشرة سنة أذاقهم خلالها الهزائم المتكررة وكانت علاقاته جيدة بالموريتانيين. أسره الفرنسيون يوم 22 سبتمبر 1898 وقد تم نقله إلى الكونغو حيث مات هنالك رحمة الله عليه. انظر:

   Paul Cafferal, Le Sénégal et le Soudan francais p 200.

29 – يعني سيديا ديوب وهو أحد أمراء منطقة شمامه بالسنغال وابن خالة الأمير اعلي بن محمد الحبيب أمير الترارزة. قاد سيديا ثورة عصيان مسلح ضد الوجود الفرنسي بالسنغال وخاصة منطقة شمامه وكان ذلك في نوفمبر 1869 ، وقد اعتقل سيديا في ظروف غامضة ونقل إلى الغابون حيث توفي هنالك. انظر:

Boubacar Barry, Le royaume du Walo P 29.

30 – يذكر الشيخ سعد بوه في رسالته المذكورة سابقا أن قيمة الديات التي دفعها الفرنسيون لأهل آدرار ألفان وثمانمائة (فرنك) ويشير ولد أبن المقداد إلى أن مقدار الدية أربعمائة بيصة (قطعة قماش)، مما يعني أن سعر قطعة القماش (البيصة)  يومها يساوي فرنكا واحدا. وأضاف الشيخ سعد بوه أن أهل آدرار التزموا بدفع دية عبد الله بن صمب نور وكانت 400 فرنك أي 59 قطعة من النيلَه.

31 – يشير الشيخ سعد بوه في رسالته المذكورة في الهوامش السابقة أن المال دفع إليه عندما زار سان ولويس بعد انتهاء قضية البعثة.

32 – الشيخ سيديا: المقصود به بابه بن الشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيديا الأبييري وهو العالم الذي بلغ درجة الاجتهاد والسني الذي أخمد البدعة والسياسي الذي ملأ الدنيا وشغل الناس. ولد بابه بن الشيخ سيديا في حياة جده الشيخ سيديا وعليه سمي. وكان بيته بيت السيادة والجاه والصيت الذائع في موريتانيا. حارب التقليد ودعا إلى اتباع السنة المحمدية وفتح باب الاجتهاد فألف كتابه المشهور إرشاد المقلدين عند اختلاف المجتهدين، وحذر من التأويل والتمثيل في العقيدة. وكان مثالا للجد والعمل والعقلانية والدعوة إلى التعلم. ويعتبر من أبرز فقهاء موريتانيا ممن لهم نظرية إصلاحية شاملة. وقد قاد تيارا قويا من العلماء والوجهاء وأرباب السياسة لما رأى تغلب المستعمر الفرنسي على أفريقيا الغربية وعلى بلدان المغرب العربي فدعا إلى مهادنتهم خاصة أن موريتانيا كانت تعيش تلك الآونة فوضى وسلبا ونهبا وغياب سلطة سياسية قادرة على بسط الأمن وإشاعة العدل. وقد أصدر بابه بن الشيخ سيديا فتوى مشهورة أكد فيها أن سيطرة المخالف في الدين والدخول في طاعته أولى للمسلمين لأن المدار في السياسة الشرعية منصبٌّ على المصلحة، فكلما كان الأمر أصلح المسلمين وأرفق بهم كان مطلوبا شرعا. ولبابه بن الشيخ سيديا مؤلفات تعكس اطلاعا واسعا وعمقا في الفهم وشمولية في النظرة. ومن بين تآليفه: شرح عقيدة أبي الحسن الأشعري وشرح عقيدة السلف ورسالة في التوحيد وتفسير آيات المعية وإرشاد المقلدين عند اختلاف المجتهدين (مطبوع) ورسالة في الحديث الموقوف ورسالة في الفرق بين القرآن والحديث القدسي والرباني والنبوي ورسالة في عدم جواز العادات السائدة في الأعراس بموريتانيا وأجوبة تتعلق بأحكام الرضاعة ورسالة في نبوية أحاديث تسوية الصفوف ورسالة في حكم وصل المرأة شعرها وأخرى في أهل الصفة ورسالة في جواز دفع القيمة في الزكاة وفتوى في الصلاة وما يقال فيها وفتوى في ما يقال في الصباح والمساء وأدعية الأكل والشرب وكتاب القبض والرفع في الصلاة ورسالة في حرف الضاد وكتاب في أنساب البيضان (إمارتا إدوعيش ومشظوف نشر بتحقيق إزيد بيه بن محمد محمود) وفتاوى عديدة ذات طابع سياسي وديوان شعر غزير. انظر: سيدي أحمد بن أحمد سالم وإبراهيم بن إسماعيل بن الشيخ سيديا: أعلام موريتانيا الجزء الأول ص 34.

33 – أي أحمد سالم بن اعلي بن محمد الحبيب الذي سبق التعريف به في البداية.

34 – لم نعرف أي أبناء الشيخ ماء العينين قدم إلى آدرار زمن وجود البعثة الفرنسية في أطار وإن كان ابنه الشيخ حسنَّا سيصبح مبعوثه في تلك المنطقة خلال فترة مقاومة الاستعمار. والشيخ ماء العينين بن الشيخ محمد فاضل: هو الشيخ الجليل العالم المؤلف المجاهد الذائع الصيت. ولد في الحوض شرقي موريتانيا يوم الثلاثاء 27 شعبان 1246هـ، أخذ عن والده القرآن والعلوم الشرعية واللغوية كما تصدر عليه في التصوف. ترك زاوية أبيه برسم الحج يوم 18 جمادى الأولى 1274هـ وله 28 سنة. استقر بالساقية الحمراء حيث بنى مدينة السمارة وقد ترك الشيخ ماء العينين تآليف كثيرة. انظر: سيدي أحمد بن أحمد سالم: تاريخ أهل الشيخ ماء العينين ومنطقة آدرار ص 5 وما بعدها.

35 – السلطان المعني هنا هو السلطان عبد العزيز بن الحسن الأول ملك المغرب يومها.

36 – لم يتأمر أحمد هذا بل مات في حياة أبيه وإن كان أخوه وسميه أحمد سيتأمر بعد ذلك بفترة.

37 – أحمد بن سيدي أحمد: هو أحمد بن سيدي أحمد بن أحمد بن عَيْدَّة، ثامن أمراء آدرار من أبناء عثمان بن لفظيل. وقد ربته أمه عزيزة بنت البرناوي بن سيدي أحمد بن الفظيل العمنية بعد مقتل أبيه سيدي أحمد سنة 1862هـ. وكانت عزيزة كما يقال امرأة عاقلة محنكة. وكان أحمدْ جميل المحيا ذكيا فارسا. وقد عارض ابن عمه أحمد بن امحمد زمنا فسكن في محصري الترارزة، وفي محصر البراكنة وهم أخوال أبيه سيدي أحمد حيث إن أمه بنت أحمدُّ بن سيدي اعلي بن المختار بن آغريشي. وقد تولى أحمد بن سيدي أحمد الإمارة بعد مقتل ابن عمه أحمد بن امحمد وكان عمره 38 سنة وقد استخلفه الأمير المقتول وهو في لحظاته الأخيرة وأوصاه بالأخذ بثأره، فشمر للحرب ضد إدوعيش وخاض معهم أياما سجالا. منها يوم آرزاك سنة 1308هـ أي 1890م، ويوم الطرْطَيْگه في نفس السنة، ويوم حمدون (واد سگليل) في سنة 1309هـ أي 1891م على إدوعيش ويوم فَرْع الكتان سنة 1310هـ أي 1892م على أولاد يحيى بن عثمان وغير ذلك من الأيام. وقد ظل أحمد بن سيدي أميرا حتى سقوط داره عليه سنة 1316هـ أي 1898م. انظر ابن حامد: جزء الأيام الحربية ص 26 وكذلك التاريخ السياسي ص 1460148. وانظر كذلك:

Ahmadou Mahmadou Ba, L’Emirat de l’Adrar Mauritanien de 1872 à 1908, 2° partie l’Emir de la guerre, Bulletin de la Société de Géographie et d’Archéologie, Oran, juin, 1932.

38 – أولاد عمني: فيهم بيت إمارة آدرار كان أصلا في أهل حمو ثم انتقل إلى أهل سيدي أحمد بن عثمان الذي ينحدر منهم أهل أحمد بن عيدة.

39 – من قبائل موريتانيا المشهورة يذهب المؤرحون إلى أنها من ذرية هقبة بن نافع الفهري فاتح أفريقية، ولكنتة امتداد في جميع موريتانيا بل وفي الجزائر والمغرب وبعض الدول الأفريقية مثل مالي والسنغال. وستطرق ولد أبنو المقداد إلى بطون قبيلة كنتة الموجودين في آدرار.

40 – أولاد بالسباع: قبيلة تنتهي بطونهم إلى عامر الهامل الملقب بالسباع وهو دفين جبل أضاض بسوس بجنوب المغرب ويذكر أنه كان عابدا صالحا وليا ذا كرامات مشهورة وهو من أهل القرن الثامن الهجري ويرفع النسابون نسبه إلى إدريس الأصغر. وتوجد قبيلة أولاد بالسباع في فضاء يبدأ من مراكش حتى مدينة اللوغا بالسنغال مرورا بالسوس والصحراء الغربية وإينشيري والترارزة. وأولاد بالسباع هم أول من ملك من قبائل البيضان في نهاية القرن التاسع عشر البنادق المعروفة عند البيضان “بالورْوارْ” ويعتبر لها امتلاكهم في ذلك الحين تطور نوعي بالنسبة للتسلح الفردي عند القبائل البيضانية. فقد مكنهم امتلاك الوروار من التغلب على سائر القبائل البيضانية التي كان تسليحها الفردي رديئا ومقصورا على نوعية قديمة من البنادق تعرف محليا “بالكشامات” وهي أسلحة نارية ذات طلقة واحدة تعبأ بدقيق الرصاص (البارود) وتوضع قطعتي قطن أو قماش صغيرتين عند طرفي دقيق الرصاص. أما الوروار فيعبأ بالأعيرة وتتميز “جعبة” بندقية الوروار بخطوط داخلية يطلق عليها البيضان “لوكشْ” ويقابلها بالفرنسية (Rayures). وبفضل علاقات أولاد بالسباع التجارية مع الفرنسيين وغيرهم استطاعوا تطوير السلاح الفردي لديهم وهو أمر لم يفعله سواهم. وتذكر بعض الروايات أن محمد الأمين بن النزيه السباعي من أولاد البگار هو أول من جاء بهذا النوع من السلاح. وقد جعل منهم امتلاك هذا السلاح قوة عسكرية مع مطلع القرن العشرين استطاعت أن تلعب أدوارا عسكرية وتجارية هامة. وللتوسع في أخبار أولاد بالسباع وبطونهم تمكن العودة إلى: عبد الله بن عبد المعطي السباعي في كتابه عن شرف أولاد بالسباع، وكذلك: المختار السوسي، المعسول ج 15 ص 265، وابن حامد، جزء أولاد بالسباع والرگيبات وتاگنانت ص 1. وانظر:

Commandant Frèrejean, Mauritanie 1903-1911, Karthala, p 68..

41 – يعني حرب كنتة وأولاد بالسباع التي اندلعت في نهاية القرن التاسع عشر بمنطقة آدرار وتيرس وسببها أن الشيخ سيدي امحمد الصغير بن الشيخ سيدي محمد الخليفة بن الشيخ سيدي المختار الكنتي قدم آدرار سنة 1280هـ – 1863م. واتصل بمحمد بن احمد بن عيدة المطالب بإمارة أبيه حينها فطار صيت الشيخ الكنتي وعظم جاهه وأطاعه أهل آدرار إلا أولاد أبي السباع فأوقع بينهم عند الخشيب سنة 1281هـ/1864م فمات منهم أربعون ثم أوقع بهم عند قليبات الفهود فمات منهم عدد فيهم امبارك بن المخيطير بن الخنوس الدميسي وفي سنة 1282هـ/ 1865م  حشدوا له فقتلوه وابنه ونهبوا محلته وهو يوم مشهور في آدرار عرف باسم “يوم قور اقنيفيده”. وقد تألب أولاد ابي السباع وأولاد اللب وأولاد ادليم وتكنة وبعض الرقيبات علي شيعة الكنتي من أهل آدرار فأوقعوا بهم عند تنواكه وهو يوم علب الرقاد علي قبائل آدرار فانهزموا وتفرقوا وهو عام الذريره. ولما سقطت الدار على الأمير أحمد بن سيد أحمد سابت بلاد آدرار فأوقع  أولاد أبي السباع بكنتة يوم ترين سنة 1317هـ/ 1889م، وكانت وقعة ترين أشهرا قلائل قبل مجيء ولد أبنو المقداد هذا إلى آدرار، وقد مات يوم ترين سيدي أحمد بن بابا بن عابدين رئيس كنتة آدرار في عدد منهم ونهبت أموالهم. ومات من أولاد أبي السباع عشرة فيهم محمد بن المخيطير بن الخنوسي الدميسي وأحمد بابا وسيدي امبارك ابنا الخرشي العزوزيان والغاظي بن امبارك ابن احمد فال وابن عمه امبارك بن عبد الله من أولاد احميده وعبد الجليل بن دياه من أهل سيدي عبد الله. وفي سنة 1318هـ أي 1900 وقع يوم تنكافوف وفيه اغتالت كنتة اعلي بن المختار السباعي من أهل سيدي السيد ومعه ابن أخيه سيدي أحمد بن امحمد بن محمد المختار. انظر المختار بن حامد جزء الحياة الحربية من موسوعة حياة موريتانيا ص 18.

42 – إيديشلي: إحدى قبائل آدرار المشهورة والتي لها مكانة هامة في تاريخ الإمارة.

43 – أولاد آكشار: إحدى مجموعات أولاد يحيى بن عثمان وهم بنو عمومة أولاد عمني وأولاد غيلان ويقال لهم مجتمعين مع أولاد عمني خاصة أولاد الجعفرية.

44 – مشظوف: الواقع أن قبيلة أكثرية قبيلة مشظوف موجود في منطقة الحوض الشرقي وإمارتهم هنالك، وتوجد منهم مجموعة بآدرار تعرف بمشظوف الساحل أو مشظوف آدرار وقد لعبوا أدوارا هامة في تاريخ منظقة آدرار.

45 – بكار ولد اسويد أحمد: بكار بن اسويد احمد: من أكبر أمراء تكانت بعد الأمير محمد بن امحمد شين وهو أطول أمراء إدوعيش مدة فقد عاش أميرا 56 سنة من عام 1256هـ أي 1849م حتى مقتله عند رأس الفيل بتفلة عام 1321هـ أي 1905م. عرف منذ صباه بتوقد القريحة والفروسية والتحمس إلى الحرب فكان لا يلهو مع الصبيان إلا بالألعاب التي تميل إلى  الحياة الحربية من ركوب الخيل والرمي عليها. وظل زعيم إدوعيش وأبرز امراء موريتانيا رغم شيخوخته حتى دخل المستعمر الفرنسي فهب بكار الذي بلغ من الكبر عتيا مناهضا للاحتلال ومقاتلا الفرنسيين . وكان كثير الصدقة عطوفا على الضعفاء ويروى عنه قوله: “لم تنته الصدقة حتى أذلتني” يعني أنها تطيل العمر وأن طول العمر أدى به إلى هذه الحالة السيئة.

46 – أولاد آكشار يطلق عليهم هم وأولاد أولاد عمني أولاد الجعفرية ورغم قلتهم فإن بأسهم وبسالتهم في الحروب أمر مشهور وبيت رئاستهم في أهل المعيوف.

47 – نغموشة: بطن من بطون أولاد غيلان ينتسبون إلى عمر بن غيلان وتنقسم نغموشة إلى عدة أفخاذ هي الحياينة ورئاستهم في أهل تكدي والعيايشة ومن أبرز أسرهم أهل امحمد بن النباري والهمامنة ومن أبرزهم أهل بودربالة والسمامنة ومنهم أهل هنون وأهل بولمساك والملالكة ومنهم أهل ميناط.

48 – هذا غير صحيح لأن رئاسة أولاد سلمون في أهل مكية أما أهل الديك فهم رؤساء الصيايدة مع أن الجميع أبناء عمومة، فأولاد سلمون فخذ من أفخاذ الطرش من أولاد غيلان والصيايدة فخذ منهم أيضا وقد خلط صاحب التقرير بين الفخذين.

49 – الذهيرات: إخوة نغموشة فهم بنو عمر بن غيلان ورئاستهم في أهل المالحة.

50 – الشيخ محمد فاضل: المقصود هو الشيخ محمد فاضل بن محمد بن اعبيدي القلقمي وهو الشيخ الفاضل والصوفي المربي ذو الكرامات الباهرة وذو التأثير القوي في آدرار. ولد بمنطقة كوش بالحوض سنة 1823م وقد درس بشنقيط وأقام بآدرار وخاصة بالجريف. وله علاقات خاصة بأولاد غيلان وأولاد بالسباع فقد كثرت تلامذته من هاتين القبيلتين. اتخذ الشيخ محمد فاضل بن محمد بن اعبيدي آدرار مستقرا له في منتصف القرن التاسع عشر. وعارض بنفوذه القوي محاولات الفرنسيين اختراق آدرار بواسطة البعثات الاستكشافية وخاصة بعثة بلانشيه التي تمت في صيف سنة 1900. وقد شكل هذا الشيخ صمام أمان لآدرار في فترة كانت تلك المناطق تعيش أزمات حادة وحروب دامية، إذ كثيرا ما فض الخصومات وأصلح بين المتنافسين وكان محل تقدير ورضى الجميع. وتوفي رحمه الله يوم 7 ربيع الثاني 1318هـ أي 3 يوليو 1900م.

لقراءة الجزء الاول :

رحلة ولد ابن المقداد إلى آدرار سنة 1900(ج1)د. سيد أحمد ولد أحمد سالم

صدقة جارية