أخبار عاجلة
الرئيسية / الرئيسية الاخبار / افتتاحية تابرنكوت: قراءات غير مجاملة للمشهد السياسي الموريتاني

افتتاحية تابرنكوت: قراءات غير مجاملة للمشهد السياسي الموريتاني

ما الذي جد يمكن أن يفاجئنا؟  

بنظرنا لا شيء يذكر سوى مغاضبة اشخاص من النظام القديم للسلطة الجديدة قد وجدوا أنفسهم خارج دائرة أولوياتها الإيجابية، و لا يبدو هذا  بحد ذاته غريبا على التاريخ السياسي الموريتاني، فلطالما كانت المسافاة متقاربة و متداخلة حيث تعيدنا ذاكرة الأحداث إبان الإطاحة بالرئيس المختار  أن غالبية الذين اعتمدت عليهم السلطة الانقلابية الجديدة كانوا ضمن نظام الرجل، و  لا يتغير الحال في “الديمقراطية الحديثة” إلا لينتج واقعا مقاربا فالسلطة  الجديدة دوما تعتمد على شخصيات كان لها وزن وموطىء قدم في النظام الذي ورثته ، أما من لم يسعفهم طموحهم أو مآربهم من أهل الحظوة من أهل النظام المنصرم،  فيتوجهون مرغمين و دون تردد إلى الضفة الأخرى حيث المعارضة ، و يجد هؤلاء من الترحيب ما يغنيهم عن جفاء السلطة، بالرغم من أن المشتركات قليلة بل ظرفية جدا، في طبخة موريتانية تتسم دوما بالغرابة المنطقية و عدم الوجاهة السياسية، إلا أنها تحدث.

و قليلا ما يبقى شخص في “حزب الدولة” بعد زوال النظام و الإطاحة برأسه فالولاء دوما للرئيس وليس للحزب فلا قيمة للمشاريع والرؤى، وإن بقي أشخاص فهم قلة أوصدت السلطة القائمة دونهم أبوابها السياسية،  كما حدث مرتين على الأقل، فالقاعدة العامة أن هل “المخزن” لا يحبون الخروج من عباءة النظام إلا  إذا ضاقت بهم السبل، فكثيرا ما تنظر “النخب الموريتانية” إلى التعيين على أنه نوع من الزعامة القبلية و تقوية العضد في المجتمع الأهلي قبل أن يكون أي شيء آخر،  فمن الطبيعي أن نجد  أؤلئك النخب لا يبرحون كنف السلطة يريدون الاستئساد بها على غيرهم من أبناءالعمومة والحيز الجغرافي….، و للعودة إلى موضوع الأحزاب ما يلفت الانتباه أن هنآك أحزابا سياسية تبدو في طريقها إلى الفناء السياسي مختارة ذلك الطريق  بيدها عبر سلسلة من الاخطاء التاريخية  هذه الأحزاب شاخت دون أن تكون وضعت آلية للتجديد فبدأت تأكلها الصراعات بين قياداتها البارزة ويتهددها الفشل البين رغم عراقتها وذلك سببه جملة من الأخطاء ، لعل الفردانية وغياب تحضير جيل ثان سببين بارزين، فلا يمكن أن يستمر أي حزب غير مؤسس و يفقد إلى الشباب،  و ليس غريبا أن يغيب بعض الزعماء المعارضين عن المشهد  لأن الحركية والخطاب القادر على الجذب والحماس فقدوا ولكن خيبات الأمل بالتأكيد تفقد الرجال عزيمتهم وصبرهم على شدائد المعارضة في السنين العجاف، ويبدو الآن خطاب السلطات الجديدة آسرا بحيث تضاءلت أصوات كثيرة  باستثناء  التيار الإسلامي الذي لا يجد حرجا رغم أجواء الانفتاح من السلطات في إرسال الرسائل أنه لا يزال حزبا معارضا، فالتماهي مع السلطة -رغم إيجابياتها وأفضالها و نواياها الطيبة- بدون مقايضة سياسية واضحة لا يمكن أن يكون فعلا سياسيا راشدا، و هو يرينا النضج السياسي للبعض وافتقار الآخر لذلك النضج المطلوب.

والحق أن محاولة مغاضبي السلطة  الاعتماد على حزب لم يكن شيئا مذكورا، هو مناورة قبل أن يكون قناعة و برنامجا، ويكفي أن تتطلع على اسم الحزب لتكتشف غرائب السياسة في هذا البلد الذي تملؤه المضحكات المبكيات،  فليس لهؤلاء رصيد نضالي و واقع الحال يقول أن موريتانيا ليست بأفضل حال، وذلك نتاج أفعال بعضهم،  فهو حزب بعث من مرقده إما لتقليل الخسائر الاقتصادية أو السياسة أو لكسب هوامش مناورةمع اصدقاءالأمس, وبرأينا أن السلطة في موريتانيا و حزبها قادران على تقليم أظافر -ليس هؤلاء فقط- ولكن لاعبين كثر وتحويل اهتمامات الرأي العام إلى نقاشات جدية، فالخطوات التي اتخذت لحد اللحظة على المستوى التنفيذي تبشر بشيء مختلف يدار بعقل وروية، و لكن إذا نجحت السلطة برهانات: الاقتصاد، واللحمة الوطنية، والأمن فكل ما سوى ذلك هين.

موقع تابرنكوت الاخباري الثقافي

صدقة جارية