أخبار عاجلة
الرئيسية / آخر الأخبار / أَمْغَـــــرْ/ حامد ولد المزروف

أَمْغَـــــرْ/ حامد ولد المزروف

لدينا في موريتانيا الكثير من الأسماء التي يحار المرء في معناها واشتقاقها، بل حتى أصلها هل هي عربية أم صنهاجية/ أمازيغية أم غير ذلك، ومن هذه الأسماء: “أمغر”، وهو لفظ نجده بكثرة في كتب الأنساب والتاريخ عَلَما أو جزءا من عَلَم مركب لرجال عديدين بعضهم من المعاصرين.
وفي محاولة للوقوف على أصل هذا الاسم وجدنا أن أغلب الناس يظن أنه علم أمازيغي وينفي البتة أية صلة له بالعربية الفصحى، وتفسيره عند أصحاب هذا الرأي: الشيخ أو الزعيم، ولهذا التفسير ما يسوغه في المعجم الأمازيغي (شفيق: “المعجم العربي الأمازيغي”، ج 1، ص: 34)، غير أنه بمجرد إجراء بحث بسيط في أمهات المعاجم والدوواين العربية يتبين للباحث أول وهلة بما لا يدع مجالا للشك أن هذا الاسم عربي قح قبل أن يكون صنهاجيا أو أمازيغيا، وكمثال على ذلك نستعرض أقوال أئمة اللغة حول الموضوع:
قال ابن فارس في “مقاييس اللغة” (1 / 339): “الْمِيمُ وَالْغَيْنُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى حُمْرَةٍ فِي شَيْءٍ” اهـ.
وقال ابن منظور: “وصقر أمغر: ليس بناصع الحمرة”.
قال أبو حاتم: “ويقال: الصقر أمغر في لونه. ويقال: أمغر الساقين، قال أبو خراش [وهو خويلد بن مرة الهذلي (ت: 15 هـ/ 636م) يصف صقرا]:
وَلَا أَمْغَرُ السَّاقَيْن ظَلَّ كأَنه
عَلَى مُحْزَئِلَّات الإِكام نَصِيلُ”

قال الخليل بن أحمد: “والأمغَرُ: الأحمرُ الشَّعر والجِلد [على لون المَغَرَةِ]، والأَمْغَرُ الذي في وجهه حُمْرةٌ مع بياض صافٍ”.
ابن سيده: “المَغَرُ حمرة ليست بالخالصة”، وفي الحديث: أن أعرابيا [وهو الصحابي ضمام بن ثعلبة السعدي رضي الله عنه] قدم على النبي صلى الله عليه وسلم، فرآه مع أصحابه فقال: أيكم ابن عبد المطلب؟ فقالوا هو الأمغر المرتفق؛ قال ابن الأثير: “أي هو الأحمرُ المتَّكىءُ عَلَى مِرْفَقِه، مأخوذٌ مِنَ الْمَغْرَة، وَهُوَ هَذَا الْمَدَرُ الْأَحْمَرُ الَّذِي تُصْبَغُ بِهِ الثِّيَابُ. وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهَا فِي الْحَدِيثِ. وقال الأزهري: أَرَاد بالأَمْغَرِ الأبيضَ [الْوَجْه، وَكَذَلِكَ الْأَحْمَر هُوَ الْأَبْيَض]، لِأَنَّهُمْ يُسُّمون الأبيضَ أحمَرَ. وَمِنْهُ حَدِيثُ الْمُلَاعَنَةِ «إِنْ جَاءَتْ بِهِ أُمَيْغِرَ سَبْطاً فَهُوَ لِزَوْجِهَا» هُوَ تَصْغِيرُ الأَمْغَرِ. وَحَدِيثُ يأجوجَ وَمَأْجُوجَ «فَرَموا بنِبالهم فخرَّت عَلَيْهِمْ مُتَمَغِّرَةً دَمًا» أَيْ مُحْمَرَّةً بالدَّم. وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ «أَنَّهُ قَالَ لجَرير: مَغِّرْ يَا جَريرُ» أَيْ أنشِدْ كلمةَ ابْنِ مَغْرَاءَ وَاسْمُهُ أوْس بْنُ مَغْرَاءَ، وَكَانَ مِنْ شعَراء مُضَر. والمَغْرَاءُ: تأنيثُ الأَمْغَرِ”، قَالَ أَبُو عُمَرَ: “قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْأَمْغَرُ الْمُرْتَفِقُ يُرِيدُ الْأَبْيَضَ الْمُتَّكِئَ، وَالْأَمْغَرُ هُوَ الَّذِي يَشُوبُ بَيَاضَهُ حُمْرَةٌ، وَأَصْلُ الْأَمْغَرِ: الْأَبْيَضُ الْوَجْهِ وَالثَّوْبِ، وَقَدْ يَكُونُ الْأَحْمَرُ كِنَايَةً عَنِ الْأَبْيَضِ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُعِثْتُ إِلَى الْأَحْمَرِ والأسود يريد الأبيض والأسود”.

المراجع:

  1. أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري
    (المتوفى: 170هـ): العين، تحقيق: د مهدي المخزومي، د إبراهيم السامرائي، دار ومكتبة الهلال، ج: 4، ص: 415-416.
  2. أبو علي القالي، إسماعيل بن القاسم بن عيذون بن هارون بن عيسى بن محمد
    بن سلمان (المتوفى: 356هـ): البارع في اللغة، تحقيق: هشام الطعان، مكتبة النهضة بغداد – دار الحضارة العربية بيروت، الطبعة: الأولى، 1975م، ص: 327.
  3. محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، أبو منصور (المتوفى: 370هـ): تهذيب
    اللغة، تحقيق: محمد عوض مرعب، دار إحياء التراث العربي – بيروت، الطبعة: الأولى، 2001م، ج: 8، ص: 126-127.
  4. أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي [ت: 458هـ]: المحكم والمحيط
    الأعظم، تحقيق: عبد الحميد هنداوي، دار الكتب العلمية – بيروت، الطبعة: الأولى، 1421 هـ – 2000 م، ج: 5، ص: 525، (مغر).
  5. أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي
    (المتوفى: 463هـ): التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد: تحقيق: مصطفى بن أحمد العلوي، محمد عبد الكبير البكري، نشر: وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية – المغرب، 1387 هـ، ج: 16، ص: 169.
  6. محمد بن مكرم بن على جمال الدين ابن منظور الإفريقى: لسان العرب، دار
    صادر – بيروت، الطبعة: الثالثة – 1414 هـ، ج: 5، ص: 181-182 (مغر)، وج: 11، ص: 664، (نصل).
  7. مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم
    الشيباني الجزري ابن الأثير (المتوفى: 606هـ): النهاية في غريب الحديث والأثر، تحقيق: طاهر أحمد الزاوى – محمود محمد الطناحي، المكتبة العلمية – بيروت، 1399هـ – 1979م، ج: 4، ص: 345، (مغر).
  8. محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، أبو الفيض، الملقّب بمرتضى،
    الزَّبيدي (المتوفى: 1205هـ): تاج العروس من جواهر القاموس، تحقيق: مجموعة من المحققين، دار الهداية، ج: 14، ص: 142- 143، (مغر).

صدقة جارية