أخبار عاجلة
الرئيسية / آخر الأخبار / ترجمة الشيخ العلامة محمد بن محفوظ بن مختار فال الشنقيطى رحمه الله(153)

ترجمة الشيخ العلامة محمد بن محفوظ بن مختار فال الشنقيطى رحمه الله(153)

ترجمة الشيخ العلامة محمد بن محفوظ بن مختار فال رحمه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

والحمد للله وصلى الله على نبيه الكريم.


وبعد ترجمة الشيخ/ محمد بن محفوظ.

هو العالم العلامة الأصولي المحقق الشيخ/ محمد بن محفوظ بن عبد الله بن حبيب الله بن المختارفال، من بني طالب أحمد، حُسَيْنِيُّ النسب، شنقيطيُّ الموطن والدارا.

ولد سنة: 1951 م، في الجنوب الغربي من صحراء موريتانيا، في منقطة بوتلميت تحديدا، وبها نشأ،

فأخذ القرآن الكريم في كتاتيب حيه الرُّحَّل، كالعادة الغالبةِ في الجل من أبناء تلك البلاد،

ثم من بعد ذلك انتقل لتحقيق القرآن رسما وتجويدا إلى محظرة الشيخ العلامة المقرئ/ عبد الودود بن حميه، الأبيري، رحمه الله تعالى.

وفي سنوات الجفاف العاتي، الذي ضرب البلاد في النصف الأول من عقد السبعين،

اضطرته ظروف العيش إلى ترك المحظرة، والانقطاع عن الدرس والدراسة، فالتحق بمسار التجارة الحرة، وبقي فيه إلى منتهى عقد السبعنيات.

وفي سنة: 1979 سافر لأداء فريضة الحج، ولم يلبث بعد عوته منها أن ولى وجهه إلى شأوه الأول، شأوِ الدرس والدراسة.

ففي إبرايل من سنة 1980 توارى شخصه، وانقطع ذكره،

ثم قد انتقل إلى محظرة الشيخ الحاج بن فحفو حفظه الله في كلَّاكه.

وفي هذه الرحلة مكث زهاء ست سنين، لم ينقطع خلالها عن الدراسة، ولم يبرح لزيارة أهل ولا مال، وإن زاره غِبًّا بعض الأهل، من الأبوين والإخوة والأصدقاء.
فعن الشيخ العلامة الزاهد المعمر الحاج ابن فحفو المسومي حفظه الله تعالى، أخذ النحو والصرف، والفقه المالكي،
ممثلا في واسطة عقد المختصرات الفقهية المالكية، مختصرِ خليل بن إسحاق المالكي رحمه الله.

ثم من بعد ذلك ارتحل إلى علامة الزمان عبقري الوجود الشيخ الأصولي المحقق عبد الله بن الأمام الجكني رحمه الله،
فتتلمذ في محظرته بمدينة كرو،
ومنه أخذ المتممات من أصول وقواعد ومصلح ومنطق وبيان وغيرك ذلك، وكان معيدَ تلامذته الأول، وقد أعجب هذا الشيخ به إعجابا، وحلَّ منه محلا بعيدا، فجازت الصلة بينهما صلة الشيخ بتلميذه، فكان شيخا له وصاحبا،

وعلى يديه تمرس في صناعة الفتوى، وفي درك صعاب النوازل والمشكلات،

وقد كان الشيخ عبد الله رحمه الله تعالى آية في العلم عامة، وكان في شأو الفتوى خاصة جوادا مضمرا لا يشق له غبارا، وينبوعا جموما لا تكدره الدكاء.

وبعد أن أتم الشيخ دراسته في رحلته هذه عاد إلى العاصمة انواكشوط، مطلع النصف الثاني من عقد الثمانين،
فأنشأ بها محظرته، محظرةَ دارِ الحديث، وبها تصدر للأفتاء وللتدريس، فقصده طلاب العلم من سائر النواحي للأخذ عنه، وذاع صيته بين الطلاب، حضريِّهم وآفاقيهم، وإليه آلت الشهرة في تدريس علم الأصول خاصة، مراقي السعود، فإليه فيه المنتهى فيه.

وخلال سنوات عودته الأولى إلى انواكشوط كان يختلف إلى الشيخ العلامة المتسنن، مفتى الديار الشنقيطية الإمام/ بداه بن البوصيري التندغي، وعنه أخذ الحديث والتفسير رواية ودراية.

وقد أسس الشيخ في سنة: 1996 م، مع ابن عمه وقِرْنِه الشيخ محمد عبد الله بن الشيخ محمد، المدرس بدار الحديث الخيرية بمكة المكرمة، معهدَ الإمام مالك بن أنس، فصار هذا المعهد ركنا يأوي إليه طلاب العلم، يفدون إليه من كل النواحي، وخاصة من بلدان جنوب إفريقيا، سنيكال ومالي والكِنَتَيْنِ وغانبيا وغيرها، ومنه تخرجت منه أجيال كثيرة، نفع الله بها، ونشر طلابُه الإسلام، وعلموا العلم في الأقطار،

وما زال هذا المعهد رغم الصعاب الجمة التي واجهته، يعطي ويجود بيد مدرار سخية.

وشيخنا محمد ممن نذر وقته للعلم، تعليما وتعلما، فعلمه في يومه وليلته غالبا أنه إذا أضحى فأتمَّ ورده من المصحف، ذهب إلى المعهد، وفيه بقي يدرس طلابه من شتى العلوم، إلى أن يدنو وقت صلاة الظهر أو يكاد، ثم يعود إلى بيته حيث مسجدُه ومحظرته، ثم بعد صلاة العصر يجلس لتدريس الناس وإفتائهم إلى أن تتوارى الشمس بالحجاب، ومن بعد المغرب يتفرد لورده من الصلاة والذكر، إلى أن يصلي العشاء، ومن بعد العشاء يعود إلى الدرس إلى أن يأتي على آخر طالب يبتغي الدرسَ، ولو تراخى الوقت عليه ما تراخى، بهذا عرفناه منذ عهد بعيد، لم يفتر عنه ولم يتغير، نسأل الله تعالى لنا له العافية والتثبيت والختم بالحسنى.

وبالجملة فهذا الشيخ ممن نحسب أن الله قد وضع له في الأرض قبولا، فما خالطه أحد إلا أحبه وأكبره، وفيه خلال حميدة لا تخفى على ذي عين، منها التواضع، والعطف والحلم ولين الجناب، والأدب الجم والخلق الرفيع.

ومن عجيب أمره أن جل أهل الساحة، على اختلاف مشاربهم وتفاوتهم في المنهج، يعدونه عيبة سر، ووعاء نصح.

وعلى يد هذا الشيخ تصدر جلة وأكابر كثيرون، منهم العلامة المؤلف الشيخ مختار بن العربي مومن، وهو إمام وخطيب ومدرس بدولة قطر، والشيخ محمد بن المصطفى البصادي، وهو مدرس بانواكشوط وإمام بها، والشيخ يونس بن حيدان المغربي، وهو مدرس بمراكش.

وقد ألف الشيخ مؤلفات عديدة، منها مؤلف في تحقيق القول في وجوب زكاة الأوراق، وهو تحقيق نارد، مفعم بنفائس المعقول والمنقول، ومنها شرح على المقصور والممدود، وشرح على السلم المرونق في علم المنطق، وشرح على الجزرية، ونظم في مبادئ الأصول، وهذه الخمسة مطبوعة، وله شرح البيقونية البيقونية، وشرح على نظم البلاغة الواضحة، لشيخه عبد الله بن الإمام، لم يطبعا، ومنها شرح على مراقي السعود وآخر على الكوكب الساطع، لم يفرغ من تبييضها بعد، وله نوازل ضمت شتاتا كثيرا من العلم، وفيها تحقيق لمشكلات كثيرة أعيت الفهوم.

مصدر الترجمة :الموسوعة الشنقيطية.

توفي في سنة 1442 ه رحمه الله تعالى آمين الدعاء

صدقة جارية